|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  10 / 6 / 2016                               د. حسام آل زوين                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



لرحيل الاعلامي والصحفي المعروف جلال الماشـطة
وللـذكــر الطيب في عنـوانه

شمعةُ نــورٍ أنطــفأت

د. حسام آل زوين
(موقع الناس)

شـمعةُ نورٍ اخرى انطفأت من شـموع البيت العراقي المتوهجة ، بيت الثقافة ، الادب ، الفن ، الصحافة والمعرفة العراقية ، شمعة بتكوينها الاصيل وعبقها الوطني انارت الوسط بضيائها الساطع طيلة العقـود ، شـمعة انطفأت بهـدوء .. . لقد انهل ابو فارس من ينابيع الادب والثقافة السوفياتيه الغنية ، وكغيره من تلك الشموع العراقية قـدمها بابداع حـزماً بل وفيضاً من تلك الروائع القيمة ...في الترجمة ، الصحافة والاعلام ، رحل الماشـطة بهدوء كهـدوئهِ الجميل .

جلال الماشـطة عراقيٌ وطنيٌ شهمٌ ، كريمُ النفس هادئ الطبع ، جميل المعشر واللقاء ، له حضوره المميز بأوسـاط الجالية العراقية ؛ المقيمين والمثقفين العراقيين والعـرب في موسـكـو . وعلاقاته الطيبة مؤطرة بالـود والاحترام والتقدير والمحبة والتواضع .

التقيته بمنتصف السبعينات في احدى المناسبات للجالية العراقية ؛ أنيق لطيف جميل الحديث والخلق والاخلاق ، يمرر انتقاده بمزح هادئ خفيف ذو دلالة نابتة ، يحب العراق والعراقيين ؛ ... ذات يوم ، كنا مجموعة من البيشمركة الانصار للتو خرجنا من كردسـتان بعد توقف الحرب العراقية الايرانية في 1988 ومن خلال المرور بموسـكـو عن طريق الصليب الاحمر بطريقنا التوجه الى جهة اخرى ، المكـوث لسويعات خرقنا الالتزام بالتعليمات والتوجيهات بعدم التواجد خارج الفندق ، ونزولا لرغبة بعض الانصار (من جماعة جبـر) لرؤية الساحة الحمراء ومرقـد لينين (نحن الان قد خرجنا من الموت ... اي مهما كلف الامر ؛ ولو انطبقت السماء على الارض لا نحيد الا لنزور الساحة الحمراء والحاج ابو لحية ، وليكن ما يكن من عقاب أو انتقـاد) ، التقينا الاخ جلال الماشـطة بمحض الصدفة عند مدخل دار التقدم للكتب بموسـكـو وبحقيبته اليدوية المنتفخة ، وبذاكرته شخص البعض منا ، باعتزاز رحب اجمل الترحيب ، تبادلنا التحيات ومقططفات الاخبار حول الوضع في العراق ، شرحنا له الموقف ، ولتلهفه لسماع الاخبار عن الوطن ؛ تعهد بان يرتب جلسة سريعة ، نقل الموجودين الى الساحة الحمراء ، تمشينا بعض الشيئ . ذرف بعضهم الدموع ، رتب الحجز في مطعم موسكو عند مدخل الساحة الحمراء ، تناول الانصار طيب المأكولات والشراب غير تلك التي كانت تطهى في كردستان لسنين ، دب الحديث وشجونه عن التجربة لساعة متأخرة من الليل ، اوصلنا الى الفندق ، كان المسؤلون بالانتظار لنقلنا الى المطار ، حينها تبلعم الانتقــاد خجـلا . كم احبه الانصـار لحسن ضيافته وأستقباله والرعاية والاهتمـام ولتقصيه الاخبـار لهذه الساعات المعدودة وكم ترك انطباعا جميلا لمثقف رائع جميل ، هو جلال الماشطة .

ابو فارس ؛ برحليك فاجـأت الجميع اصدقاء ومعارف .. قريب .. وبعيـد ، برحيلك .. لم ترحل .. وان رحلت فلن ترحل ؛ فانت موجود في كل قلوب المحبين اوحتى في قلب من التقاك .. وانت تعلم بان الرحيل هو خسارتنا التى لا تعـوض ياجــلال في هذا الزمن الاغبر .

عشت ابو فارس وقدمت فيضك من الابداع ؛ الرحمة والغـفـران ، الصبر والسلون للاهل جميعا والذكـر الطيب دوما ، في جنان الخلـود ايها الهادئ الجميل .

سلاما لك وسلاما لمن تزورهم في نفس الجنان ... غائب طعمة فرمان .. عباس علي هبالة ابو ليلى .. أبو علي ، أحمد النعمان واخرين ... اخرين تلقاهم من خيرة الناس ... اصدقائك وزملائك الرائعين الطيبين بدون اسـتثناء ، ولتأريخ طويـل .

تبقى خالـدة تلك هي ذكــراكم .


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter