الجمعة 30 /3/ 2006
حوار هادئ وشروط نشر وخلق رفيــع
حبيب تومي / اوسلو
المقدمة
الحمامة تعود الى عشها ، وملكة النحل الى خليتها ، والفراشة المرتجفة تطبق اجنحتها الفائضة برقة وحنان ، تحط في احضان الزهرة الجميلة ، وتعلن عن نشوتها الأبدية بعد ان ارتوت من رحيق الزهرة ما انعشها وأسكرها .
تشرق الصباحات المنيرة فتدب الحياة في الكائنات . تعود الطيور الحزينة الى الغناء والى الأنتقال الرشيق بين الأغصان المتمايلة مع النسيم ، والزهور تتفتح ساكبة اريجها مع النسمات اللذيذة الآتية من الجبل القريب ، وفي السهل الفسيح تنبثق براعم الأشجار وتكتسي الأغصان بالأوراق الخضراء ، وتتراقص العصافير مغردة معلنة فرحها بقدوم يوم جديد . وبقي علينا في هذه الصباحات الجميلة ، ان نعلن انحيازنا الكامل نحو المحبة ، نحو صفاء القلوب .المرض
المرض ضد الحياة وهو يعمل على ايقافها ، ولهذا نكافحه آملين في استمرار حياة بدون مرض ، لقد اوقفني المرض عن رؤية اصدقائي وأحبائي وأحفادي ، لكن اقسى ما عانيت هو استحالة استمراري مع الحبر والقلم والورق ومن ثم غيابي القسري عن أعز ما املك في الحياة وهو كتبي الوفية الرائعة .
الكتب هي نهر الفكر والمعرفة ، وإن افتقدتها فإنك قطعت صلتك مع اجمل مباهج ومسرات الحياة .
في هذه الكتب ستقرأ عن سقراط العظيم الذي يعتبر اول شهيد لفلسفة حقوق الأنسان ، وحرية الفكر ، وسقراط احكم اهل يونان يقول : لا اعرف سوى شئ واحد وهو أنني لا اعرف شيئاً .
وأفلاطون اعتاد ان يقول : أشكر الله الذي خلقني يونانياً لا بربرياً ، حراً لا عبداً ، رجلاً لا امرأة ، ولكن فوق الجميع انني ولدت في عصر سقراط .
وقرأت في بطون الكتب ايضاً ، ان ما كان سائداً في حقب زمنية طويلة لغة مفادها :
ان القوة هي الحق ، وإن العدالة هي مصلحة الأقوى ، لأنه هو الذي يقرر ما هي العدالة ؟ ، والمقولة التي تقول : حفنة من القوة خير من كيس من الحق ، هي الفكرة المهيمنة الى يومنا هذا مع الاسف .
احترام شروط النشر .. والخلق الرفيع
الأستاذ أدور ميرزا يعطي لنفسه الحق في التعليق والرد على مقالات الآخرين ويعتبر ذلك امراً طبيعياً ، ولكن حينما نناقشه على ما يكتبه ، لا يجيب على اسئلتنا ، ولا يعلق شيئاً على النص ، ويكتفي بأن يذكّرنا بشروط النشر في عنكاوا ويرشدنا الى الخلق الرفيع ، ويبدو ان الأخ ميرزا فاته انه هو الذي بدأ بالتعليق على موضوع [ البيت الكلداني .. كيف نبني ؟ ] ولا أدري لماذا اثار حفيظة السيد ادور ميرزا هذا الموضوع بالذات ؟
ولماذا اعتبره امراً استفزازياً ؟ في حين ان وصايته على الآخرين واستخفافه بعقولهم وعدم احترامه لمشاعرهم القومية اعتبره واجباً وحقاً من حقوقه المشروعة ، ويذكرنا السيد ميرزا مرة اخرى مع الأسف بسياسة القطيع المكروهة من قبل الأحرار في عالمنا المعاصر .
ان الأختلاف في الرأي مسألة طبيعية بين البشر ومناقشة الآراء والأفكار تجري بين المثقفين ، وليس للأمر صلة بالخلق الرفيــع ، علماً انه هو الذي بدأ بطرح المسألة للمناقشة . وحبذا لو يبقي الأستاذ ميرزا الأوراق منفصلة عن بعضها وعدم خلطها ليستنى لنا رؤية ما يريد .
خلط اوراق الوحدة القومية مع تبرير لألغاء الآخر ، مع خلط امور المذاهب الكنسية مع الأسماء القومية مع تنظيره للأسماء القومية والمذهبية ... الخ أقول :
ان المصداقية والصراحة واحترام الرأي والرأي الآخر ، هي قواعد ينبغي على الكاتب ان يسلكها ، وهذه المسألة قاطبة ليست ذات صلة بمسألة شروط النشر او بمبدأ الخلق الرفيـع ، ان كان إبداء الرأي والحوار في حدود الفاظ وكلمات وأسلوب أدبي حضاري رصين ، ونحن والحمد لله لا نقبل على انفسنا وعلى الأخ ميرزا وكل الكتاب الخيرين على موقع عنكاوا والمواقع الأخرى لشعبنا ان نحيد عن هذا الطريق السليم .الأختلاف في الرأي
أخي ميرزا إن الأختلاف في الرأي يجب ان لا يخرجنا عن الطريق السوي ، واسمح لي ان اورد لك وللقارئ الكريم ما كان بين فولتير ( قصة الفلسفة 308 ) الذي آمن بالعقل دائماً ويقول : إننا نستطيع تثقيف الناس واصلاحهم بالخطاب والقلم . وما كان بين جان جاك روسو الذي لم يؤمن بالعقل الا قليلاً ، ويريد العمل ولم ترهبه مخاطرة زج البلاد في ثورة ، لقد حارب فولتير كتاب روسو ( العقد الأجتماعي ) ، ولكن نرى فولتير يهاجم السلطات السويسرية لمصادرتها كتاب روسو ( العقد الأجتماعي ) وإحراقه . وكان ذلك تمسكاً بمبدأ فولتير المعروف والذي يقول فيه : (( أنا لا اتفق معك في كلمة واحدة مما قلته ، ولكنني سأدافع عن حقك في الكلام وحرية التعبير عن افكارك حتى الموت )). وعندما هرب روسو من مئات الأعداء الذين كانوا يطاردونه ويحاولون الأعتداء عليه ، أرسل له فولتير دعوة صريحة كريمة ليقيم معه .
تحياتي