موقع الناس http://al-nnas.com/
حوار هادئ وشروط نشر وخلق رفيــع
حبيب تومي / اوسلو
الخميس 30 /2/ 2006
المقدمة
الحمامة تعود الى عشها ، وملكة النحل الى خليتها ، والفراشة المرتجفة تطبق
اجنحتها الفائضة برقة وحنان ، تحط في احضان الزهرة الجميلة ، وتعلن عن نشوتها
الأبدية بعد ان ارتوت من رحيق الزهرة ما انعشها وأسكرها .
تشرق الصباحات المنيرة فتدب الحياة في الكائنات . تعود الطيور الحزينة الى الغناء
والى الأنتقال الرشيق بين الأغصان المتمايلة مع النسيم ، والزهور تتفتح ساكبة
اريجها مع النسمات اللذيذة الآتية من الجبل القريب ، وفي السهل الفسيح تنبثق براعم
الأشجار وتكتسي الأغصان بالأوراق الخضراء ، وتتراقص العصافير مغردة معلنة فرحها
بقدوم يوم جديد . وبقي علينا في هذه الصباحات الجميلة ، ان نعلن انحيازنا الكامل
نحو المحبة ، نحو صفاء القلوب .
المرض
المرض ضد الحياة وهو يعمل على ايقافها ، ولهذا نكافحه آملين في استمرار حياة
بدون مرض ، لقد اوقفني المرض عن رؤية اصدقائي وأحبائي وأحفادي ، لكن اقسى ما عانيت
هو استحالة استمراري مع الحبر والقلم والورق ومن ثم غيابي القسري عن أعز ما املك في
الحياة وهو كتبي الوفية الرائعة .
الكتب هي نهر الفكر والمعرفة ، وإن افتقدتها فإنك قطعت صلتك مع اجمل مباهج ومسرات
الحياة .
في هذه الكتب ستقرأ عن سقراط العظيم الذي يعتبر اول شهيد لفلسفة حقوق الأنسان ،
وحرية الفكر ، وسقراط احكم اهل يونان يقول : لا اعرف سوى شئ واحد وهو أنني لا اعرف
شيئاً .
وأفلاطون اعتاد ان يقول : أشكر الله الذي خلقني يونانياً لا بربرياً ، حراً لا
عبداً ، رجلاً لا امرأة ، ولكن فوق الجميع انني ولدت في عصر سقراط .
وقرأت في بطون الكتب ايضاً ، ان ما كان سائداً في حقب زمنية طويلة لغة مفادها :
ان القوة هي الحق ، وإن العدالة هي مصلحة الأقوى ، لأنه هو الذي يقرر ما هي العدالة
؟ ، والمقولة التي تقول : حفنة من القوة خير من كيس من الحق ، هي الفكرة المهيمنة
الى يومنا هذا مع الاسف .
احترام شروط النشر .. والخلق الرفيع
الأستاذ أدور ميرزا يعطي لنفسه الحق في التعليق والرد على مقالات الآخرين ويعتبر
ذلك امراً طبيعياً ، ولكن حينما نناقشه على ما يكتبه ، لا يجيب على اسئلتنا ، ولا
يعلق شيئاً على النص ، ويكتفي بأن يذكّرنا بشروط النشر في عنكاوا ويرشدنا الى الخلق
الرفيع ، ويبدو ان الأخ ميرزا فاته انه هو الذي بدأ بالتعليق على موضوع [ البيت
الكلداني .. كيف نبني ؟ ] ولا أدري لماذا اثار حفيظة السيد ادور ميرزا هذا الموضوع
بالذات ؟
ولماذا اعتبره امراً استفزازياً ؟ في حين ان وصايته على الآخرين واستخفافه بعقولهم
وعدم احترامه لمشاعرهم القومية اعتبره واجباً وحقاً من حقوقه المشروعة ، ويذكرنا
السيد ميرزا مرة اخرى مع الأسف بسياسة القطيع المكروهة من قبل الأحرار في عالمنا
المعاصر .
ان الأختلاف في الرأي مسألة طبيعية بين البشر ومناقشة الآراء والأفكار تجري بين
المثقفين ، وليس للأمر صلة بالخلق الرفيــع ، علماً انه هو الذي بدأ بطرح المسألة
للمناقشة . وحبذا لو يبقي الأستاذ ميرزا الأوراق منفصلة عن بعضها وعدم خلطها ليستنى
لنا رؤية ما يريد .
خلط اوراق الوحدة القومية مع تبرير لألغاء الآخر ، مع خلط امور المذاهب الكنسية مع
الأسماء القومية مع تنظيره للأسماء القومية والمذهبية ... الخ أقول :
ان المصداقية والصراحة واحترام الرأي والرأي الآخر ، هي قواعد ينبغي على الكاتب ان
يسلكها ، وهذه المسألة قاطبة ليست ذات صلة بمسألة شروط النشر او بمبدأ الخلق
الرفيـع ، ان كان إبداء الرأي والحوار في حدود الفاظ وكلمات وأسلوب أدبي حضاري رصين
، ونحن والحمد لله لا نقبل على انفسنا وعلى الأخ ميرزا وكل الكتاب الخيرين على موقع
عنكاوا والمواقع الأخرى لشعبنا ان نحيد عن هذا الطريق السليم .
الأختلاف في الرأي
أخي ميرزا إن الأختلاف في الرأي يجب ان لا يخرجنا عن الطريق السوي ، واسمح لي ان
اورد لك وللقارئ الكريم ما كان بين فولتير ( قصة الفلسفة 308 ) الذي آمن بالعقل
دائماً ويقول : إننا نستطيع تثقيف الناس واصلاحهم بالخطاب والقلم . وما كان بين جان
جاك روسو الذي لم يؤمن بالعقل الا قليلاً ، ويريد العمل ولم ترهبه مخاطرة زج البلاد
في ثورة ، لقد حارب فولتير كتاب روسو ( العقد الأجتماعي ) ، ولكن نرى فولتير يهاجم
السلطات السويسرية لمصادرتها كتاب روسو ( العقد الأجتماعي ) وإحراقه . وكان ذلك
تمسكاً بمبدأ فولتير المعروف والذي يقول فيه : (( أنا لا اتفق معك في كلمة واحدة
مما قلته ، ولكنني سأدافع عن حقك في الكلام وحرية التعبير عن افكارك حتى الموت )).
وعندما هرب روسو من مئات الأعداء الذين كانوا يطاردونه ويحاولون الأعتداء عليه ،
أرسل له فولتير دعوة صريحة كريمة ليقيم معه .
تحياتي