نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هادي فريد التكريتي

hadifarid@maktoob.com

 

 

 

 

الأربعاء 1/2/ 2006

 


 

(بمناسبة يوم الشهيد الشيوعي )


ليوم الشهيد تحية .. وسلام ..!



هادي فريد التكريتي



' دمُ الشهداء أنت أعُز ملكا                  وقاعُك أشرفُ الدنيا بقاعا '

                                                                                      (الجواهري )

 

 

كل الشعوب على امتداد تاريخها النضالي ، قدمت الكثير من الشهدء ' الضحايا ' ، وصارت دماؤهم الزكية ، المراقة على دروب النضال الوعرة ، زيتا يوقد مشاعل الحرية ، لإنارة تلك الدروب ، ' فلا نصب ولا أعلام ' ، للمناضلين السائرين في هذا الدرب غير دمائهم ، ترشدهم لتحقيق أهدافهم الوطنية ، وفق مبادئهم السامية ، من اجل شعوبهم . ..

الحركة الوطنية العراقية ، قدمت الكثير من الشهداء ، على مختلف العهود ، ثمنا باهضا لتحرير الوطن من الأجنبي واستقلاله ، كما خسر العراق الكثير من مناضليه على يد حكامه 'الوطنيين ' ، إلا أن الحزب الشيوعي العراقي كان له النصيب الأوفى والأوفر ' حظا 'من الشهداء ، من واقع العداء للشيوعية ، الذي قرره حكام العراق غير الوطنيين ، فالكثير من قادة الحزب الشيوعي ، تم إعدامهم دون ما جريمة مرتكبة ، سوى فكرهم وحبهم لشعبهم ، وإنهم وطنيون ، قبل أن يكونوا شيوعيين ، حرموا من حق تشكيل حزب خاص بهم ، ولم تمنح له فرصة للعمل السياسي العلني أسوة بالآخرين ، على الرغم من دعاوى نظام الحكم الملكي ، بأنه حكم دستوري وديموقراطي .

14 شباط هو يوم الشهيد الشيوعي ، ففي هذا اليوم من العام 1949 تم إعدام الرفيق فهد ، سلمان يوسف ، سكرتير الحزب وقائده ، والرفيقين محمد الشبيبي وزكي بسيم ، حازم وصارم ، عضوا المكتب السياسي ، وفي العام 1963 ، عام ردة شباط الفاشية ، تمت تصفية الرفيق سلام عادل ، حسين أحمد الرضي ، سكرتير الحزب ، تحت التعذيب ، كما تم قتل وإعدام المئات من الشخصيات الوطنية ، من قيادة ثورة 14 تموز الوطنية ، عبد الكريم قاسم ووصفي طاهر والمهداوي وعبد الكريم الجدة وماجد محمد أمين وغيرهم ، إضافة للعديد من أعضاء اللجنة المركزية وكوادر الحزب وأعضائه وجماهير الشعب ، ومابين شباط 1963 وحتى العام 1975 ، سقط الكثير من كوادر الحزب وقياداته مضرجين بدمائهم ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ الرفاق ستار خضير والخضري وغيرهم ، شهداء غدر وخيانة ' الحزب الحليف ' ، كما شملت التصفيات العديد من الكوادر و! القيادات ، لأحزاب ومنظمات سياسية أخرى ، ومن أقطاب حكم لفترة سابقة ، مناهضة لحكم البعث .

أما شهداء الشعب العراقي ، من الحزب الشيوعي العراقي ، ومن القوى السياسية الأخرى للفترة اللاحقة للعام 1975 وحتى سقوط الحكم الفاشي في العام 2003 ، بما فيهم شهداء الأنفالات والمقابر الجماعية ، فهم كثر ولا يمكن حصرهم وتسميتهم ، فالشهداء كلهم مواطنون عراقيون ، ومن قوى سياسية وشخصيات وطنية مختلفة ، ناضلوا واستشهدوا ، ضد سلطة فاشية ودكتاتورية ، ومن أجل بناء عراق حر وديموقراطي خال من كل قهر واستبداد ، فاحتراما لشهادة من أرخص دمه للوطن ، وقدسية لهذا اليوم العظيم ، وعدم تجزئته تحت تسميات مختلفة ، الأحرى والأفضل تسمية هذا اليوم باسم ' الشهيد الوطني العراقي '، أسوة بتسمية 'الجندي المجهول ' ، على سبيل المثال ، فهو للوطن وليس لحزب أو تنظيم أو فئة مهما كانت ، فالكل ساهم والكل أرخص دمه ، فلا ينبغي أن تتفرق وتتكاثر أيام ا! لشهداء ، بل ينبغي توحيدها .إن كنا صادقين وجادين في مسعى لوحدة الوطن ، ووحدة شعبه ، فهذا يتطلب إعادة النظر ، فيما أقدمت عليه الحكومة ، وما انفردت به من توقيت وتسمية ليوم الشهيد ، ب ' شهيد المحراب '، ولا يخفى من مغزى ودلالة طائفية لهذه التسمية ، الأجدى لها دلالة الوطنية . فما فرضته من موقع السلطة ، فيه إنكار لشهداء كل مكونات الشعب العراقي من القوى السياسية الوطنية والديموقراطية ، التي تخالف الحكم في وجهة نظره ، وهذا الإنفراد من جهة واحدة بالتسمية ، لن يوحد الشعب ولا أيامه ، ولا يحول دون أن تطلق القوى الأخرى أسماء تخصها ، أو تغير ما لم توافق عليه ، إن لم يكن اليوم فغدا .

تعدد قومياتنا وأدياننا وطوائفنا ، وتعدد أحزابنا وقوانا السياسية ، تفرض علينا أن نعمل جاهدين ، بكل ما نملك من قدرة وسلطان ، على وقف نزيف دماء أبناء الوطن ، التي تهدر بغزارة في كل يوم ، فلسنا بحاجة بعد لشهداء آخرين ، فلدينا ما يكفي منهم ، وعلى الجميع ، كل القوى ، أن يتوجهوا، لتكريم الشهداء عن طريق بناء وحدة حقيقية للوطن ولمواطنيه ، وبذل العطاء ، وبسخاء لعوائلهم ، وترسيخ تقاليد إقامة أواصر علاقات وطنية صادقة وحميمية بين عوائل الشهداء ، بغض النظر عن القومية أو الدين أو الطائفة، ودون أي اعتبار للفكر السياسي أوالتنظيم الحزبي ، فكل الشهداء الضحايا ، هم من الشعب العراقي ومن أجله ، وعلينا تكريم هذا اليوم ، بما ينسجم والحالة المقدسة للشهادة ، التي وحًدت بين الشهداء ، على مختلف قومياتهم وطوائفهم ومعتقداتهم الفكرية ! والسياسية.!

1شباط 2006