(بمناسبة يوم الشهيد الشيوعي )
ليوم الشهيد تحية .. وسلام ..!
هادي فريد التكريتي
' دمُ الشهداء أنت أعُز ملكا
وقاعُك أشرفُ الدنيا بقاعا '
(الجواهري )
كل
الشعوب على امتداد تاريخها النضالي ، قدمت الكثير من الشهدء ' الضحايا ' ، وصارت
دماؤهم الزكية ، المراقة على دروب النضال الوعرة ، زيتا يوقد مشاعل الحرية ، لإنارة
تلك الدروب ، ' فلا نصب ولا أعلام ' ، للمناضلين السائرين في هذا الدرب غير دمائهم
، ترشدهم لتحقيق أهدافهم الوطنية ، وفق مبادئهم السامية ، من اجل شعوبهم . ..
الحركة الوطنية العراقية ، قدمت الكثير من الشهداء ، على مختلف العهود ، ثمنا باهضا
لتحرير الوطن من الأجنبي واستقلاله ، كما خسر العراق الكثير من مناضليه على يد
حكامه 'الوطنيين ' ، إلا أن الحزب الشيوعي العراقي كان له النصيب الأوفى والأوفر '
حظا 'من الشهداء ، من واقع العداء للشيوعية ، الذي قرره حكام العراق غير الوطنيين ،
فالكثير من قادة الحزب الشيوعي ، تم إعدامهم دون ما جريمة مرتكبة ، سوى فكرهم وحبهم
لشعبهم ، وإنهم وطنيون ، قبل أن يكونوا شيوعيين ، حرموا من حق تشكيل حزب خاص بهم ،
ولم تمنح له فرصة للعمل السياسي العلني أسوة بالآخرين ، على الرغم من دعاوى نظام
الحكم الملكي ، بأنه حكم دستوري وديموقراطي .
14 شباط هو يوم الشهيد الشيوعي ، ففي هذا اليوم من العام 1949 تم إعدام الرفيق فهد
، سلمان يوسف ، سكرتير الحزب وقائده ، والرفيقين محمد الشبيبي وزكي بسيم ، حازم
وصارم ، عضوا المكتب السياسي ، وفي العام 1963 ، عام ردة شباط الفاشية ، تمت تصفية
الرفيق سلام عادل ، حسين أحمد الرضي ، سكرتير الحزب ، تحت التعذيب ، كما تم قتل
وإعدام المئات من الشخصيات الوطنية ، من قيادة ثورة 14 تموز الوطنية ، عبد الكريم
قاسم ووصفي طاهر والمهداوي وعبد الكريم الجدة وماجد محمد أمين وغيرهم ، إضافة
للعديد من أعضاء اللجنة المركزية وكوادر الحزب وأعضائه وجماهير الشعب ، ومابين شباط
1963 وحتى العام 1975 ، سقط الكثير من كوادر الحزب وقياداته مضرجين بدمائهم ـ على
سبيل المثال لا الحصر ـ الرفاق ستار خضير والخضري وغيرهم ، شهداء غدر وخيانة '
الحزب الحليف ' ، كما شملت التصفيات العديد من الكوادر و! القيادات ، لأحزاب
ومنظمات سياسية أخرى ، ومن أقطاب حكم لفترة سابقة ، مناهضة لحكم البعث .
أما شهداء الشعب العراقي ، من الحزب الشيوعي العراقي ، ومن القوى السياسية الأخرى
للفترة اللاحقة للعام 1975 وحتى سقوط الحكم الفاشي في العام 2003 ، بما فيهم شهداء
الأنفالات والمقابر الجماعية ، فهم كثر ولا يمكن حصرهم وتسميتهم ، فالشهداء كلهم
مواطنون عراقيون ، ومن قوى سياسية وشخصيات وطنية مختلفة ، ناضلوا واستشهدوا ، ضد
سلطة فاشية ودكتاتورية ، ومن أجل بناء عراق حر وديموقراطي خال من كل قهر واستبداد ،
فاحتراما لشهادة من أرخص دمه للوطن ، وقدسية لهذا اليوم العظيم ، وعدم تجزئته تحت
تسميات مختلفة ، الأحرى والأفضل تسمية هذا اليوم باسم ' الشهيد الوطني العراقي '،
أسوة بتسمية 'الجندي المجهول ' ، على سبيل المثال ، فهو للوطن وليس لحزب أو تنظيم
أو فئة مهما كانت ، فالكل ساهم والكل أرخص دمه ، فلا ينبغي أن تتفرق وتتكاثر أيام
ا! لشهداء ، بل ينبغي توحيدها .إن كنا صادقين وجادين في مسعى لوحدة الوطن ، ووحدة
شعبه ، فهذا يتطلب إعادة النظر ، فيما أقدمت عليه الحكومة ، وما انفردت به من توقيت
وتسمية ليوم الشهيد ، ب ' شهيد المحراب '، ولا يخفى من مغزى ودلالة طائفية لهذه
التسمية ، الأجدى لها دلالة الوطنية . فما فرضته من موقع السلطة ، فيه إنكار لشهداء
كل مكونات الشعب العراقي من القوى السياسية الوطنية والديموقراطية ، التي تخالف
الحكم في وجهة نظره ، وهذا الإنفراد من جهة واحدة بالتسمية ، لن يوحد الشعب ولا
أيامه ، ولا يحول دون أن تطلق القوى الأخرى أسماء تخصها ، أو تغير ما لم توافق عليه
، إن لم يكن اليوم فغدا .
تعدد قومياتنا وأدياننا وطوائفنا ، وتعدد أحزابنا وقوانا السياسية ، تفرض علينا أن
نعمل جاهدين ، بكل ما نملك من قدرة وسلطان ، على وقف نزيف دماء أبناء الوطن ، التي
تهدر بغزارة في كل يوم ، فلسنا بحاجة بعد لشهداء آخرين ، فلدينا ما يكفي منهم ،
وعلى الجميع ، كل القوى ، أن يتوجهوا، لتكريم الشهداء عن طريق بناء وحدة حقيقية
للوطن ولمواطنيه ، وبذل العطاء ، وبسخاء لعوائلهم ، وترسيخ تقاليد إقامة أواصر
علاقات وطنية صادقة وحميمية بين عوائل الشهداء ، بغض النظر عن القومية أو الدين أو
الطائفة، ودون أي اعتبار للفكر السياسي أوالتنظيم الحزبي ، فكل الشهداء الضحايا ،
هم من الشعب العراقي ومن أجله ، وعلينا تكريم هذا اليوم ، بما ينسجم والحالة
المقدسة للشهادة ، التي وحًدت بين الشهداء ، على مختلف قومياتهم وطوائفهم
ومعتقداتهم الفكرية ! والسياسية.!
1شباط 2006
موقع الناس http://al-nnas.com/