|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  27  / 4 / 2016                                 حسين القطبي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

البرلمان بحاجة الى معلم وعصا

حسين القطبي
(موقع الناس)

يقال ان الصف الخامس الابتدائي هو الاصعب على المعلمين، لان الطلاب في المرحلة العمرية تلك يمتلكون طاقة جسدية من الصعب حبسها، وتظهر على اوجها عندما يغيب المعلم عن الصف ولو للحظات...

جلسة البرلمان يوم امس اعادت لي الذاكرة البعيدة، فبالضرب على المنضدة وافتعال الضجيج، ثم رمي قناني الماء على بعض بدا البرلمانيون المحتجون وكأنهم اطفال مشاكسون.. بحاجة لمعلم يدخل عليهم وفي يده العصا لكي ينسحبوا لمقاعدهم..

فعلا، تخيلت لو كان صدام حسين هو الحاضر وليس حيدر العبادي، ويأخذ مكانه على المنصة، هل كنا سنرى نفس هؤلاء البرلمانيين يعترضون بهذه الطريقة الطفولية، الخالية ليس من الذوق فقط، وانما من الادب واللياقة، واقصد بالخصوص السيدات البرلمانيات من ذوات الاصول البعثية، هل كنا سنرى الاحتجاج نفسه، وبنفس هذا السلوك، من رمي الشتائم اللاذعة وقناني الماء باتجاه المنصة ام نرى الردح والقاء الهتافات وحتى الهلاهل، والرقص بالعبي؟!

الشعب في واد والسياسيون في واد اخر.. الشعب ينتظر ان يلتزم السياسيون بشعاراتهم.. والسياسيون يلعبون واحدة من احط جولاتهم في الصراع على المناصب الادارية.. سواء البرلمانية أوالوزارية...

والكل في قرارة نفسه يعرف جيدا ان تغيير الوزراء لن يحل المشكلة، واستبدال رئيس مجلس النواب د. سليم الجبوري، ايضا، لن يضيف للعملية السياسية اي جديد، لان المشكلة ليست في الاشخاص، بل في النظام، وبهرم السلطة وبالخارطة الحزبية للنواب انفسهم.

اذاً، فان سبب هذا الضجيج لا علاقة له بتوفير الخدمات، ولا اصلاح النظام، ولا الاستجابة لمطاليب الجماهير خارج المنطقة الخضراء.. وانما هي مساومات على المناصب، تتداخل فيها اصابع العصابات السياسية المتصارعة منذ فترة.

لنأخذ الوضع الحالي، الكابينة الوزارية تمر بأصعب ايامها، وفي اضعف حالاتها، وهذه الاحداث وفرت الفرصة المثلي للقيام بغزوة عليها، وغنيمتها من بين يدي السيد العبادي.

لذلك فالمطالبة بإقالة رئيس مجلس النواب هدفها هو الضغط من اجل افشال التصويت على الوزراء الجدد، لان ذلك من شأنه ان يطيل في عمر حكومة السيد العبادي... في حين ان المطلوب هو الاحتفاظ بنفس الوجوه الوزارية، واستبدال شخص السيد العبادي، حينها سيكون المرشح الابرز بالتأكيد هو السيد المالكي.. وهو الذي يحرك المعترضين ويمدهم بالمال والوعود من تحت الطاولة.

محاولة اثارة الغبار، والتعمية على المسار السياسي من قبل النواب المعتصمين، عن طريق حرف الحراك الشعبي، هي نوع من الضعط من اجل الحصول على مكاسب سياسية، وليس من اجل اصلاح النظام، او توفير خدمات، او اصلاح الوضع الامني...

وما يجب ذكره، ان هذه المحاولات لم تنحصر داخل البرلمان، وانما تعدته الى تصعيد التوتر مع الكورد في مدينة طوزخورماتو كوسيلة لاضعاف الحكومة، عن طريق اسقاط الدعم الكردي عنها، من جهة، ولاحراج التيار الصدري الذي مازال يراهن على شخص العبادي، من جهة اخرى.. هذا الاجراء الذي لم ينطلي لا على القيادة الكردستانية، ولا على الكتل الشيعية المنافسة لمجموعة السيد المالكي قاطبة، بما فيها تيار هادي العامري.

وفوق هذا فان هدوء السيد العبادي في قاعة البرلمان، وسعة صدر سليم الجبوري في التعامل مع شغب طلابه المشاكسين، كمعلم صبور فوّت الفرصة على الانقلابيين دون الحاجة لاستخدام العصا، وانصاع البرلمانيون، مثل طلاب الخامس الابتدائي، في الجلوس على مقاعدهم والاستماع للمعلم، عسى ان يكونوا قد استوعبوا الدرس، ويتصرفوا مثل الكبار في الجلسة القادمة.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter