|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  26  / 4 / 2017                                 حسين القطبي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الجرح الدبلوماسي... اردوغان يأسف

حسين القطبي
(موقع الناس)

25 طائرة حربية تركية تقوم باعنف قصف جوي خارج بلادها، ولكن النتيجة هي قتل 6 بالخطأ وجرح 9 اخرين، تبين لتركيا لاحقا انهم ليسوا من مقاتلي حزب العمال الكردستاني، عدوها، وانما من بيشمركة جنوب كوردستان.

هذا ما دعى اردوغان لابداء اسفه علنا للصحافة في اليوم التالي، وذلك في لقائه مع وكالة رويتر، مبديا استغرابه من وجود البيشمركة الكردستانية في سنجار!؟

خطورة الفشل الذي مني به في ضرب سنجار تتمثل في انه اثبت، سواء للروس، او للامريكان، صحة رهانهم بالتخلي عن تركيا، ومن ثم الاعتماد على القوات الكردية في مقاتلة داعش في سوريا، والحشد والبيشمركة في العراق، وكذلك صحة قراءتهم لمزاج اردوغان، وعشوائية بعض القرارات غير المدروسة، التي يرتكبها.

ولا شك ان قرار الاعتماد على القوة الكردية في سوريا كان قد غير الخارطة العسكرية في المنطقة ككل، انحسر فيه الموقع التركي من حليف في محاربة الارهاب، الى الموقع المقابل، كداعم للارهاب، كونه يصر على لعب دور الخنجر في خاصرة القوى المحاربة لداعش، القوى التي حققت اكبر النجاحات العسكرية، وهي القوى التي تعاديها تركيا.

ولو قرأنا جيدا محاولة اردوغان القاء اللوم والمسؤولية في فشله على الاخرين، في هذا اللقاء، اذ بيّن بانه كان قد اخبر مسبقا، كل من كردستان وروسيا وامريكا، قبل الهجوم الجوي، فاننا نعرف مقدار الندم، ومحاولة الافلات من العقوبة. فهو على غير عادته، المعروف بكبريائه الفض، وتصريحاته التي عادة ما تكون متغطرسة، امام الصحافة، فانه باسفه هذا يعكس وعيه التام بان كل تساهل معه يبديه الغرب، او روسيا، فان ذلك بمثابة استهلاك لرصيد تركيا الدبلوماسي ككل.

حرق الاوراق المهمة، واستهلاك الرصيد الدبلوماسي، تسبب سابقا في تجاهل المطاليب التركية بالمشاركة في حملة تحرير الموصل، وثم حرمانها من الحملة الامريكية لتحرير الرقة، كما ان هذا الضعف الدبلوماسي زاد من اعتماد الامريكان على القوات الكردية، حصرا، في حملتها النهائية على الارهاب، وتجاهل حتى القوى الحليفة لتركيا على الخارطة السورية.

وياتي هذا بعد منع تركيا من مهاجمة مدينة منبج، السماح للكرد في العبور غرب الفرات، وقبلها اجبار تركيا على فتح منفذ لقوات البيشمركة من اجل فك الحصار عن كوباني.. الخ

اذا، في الوقت الذي حاول فيه الرئيس التركي، الطموح اكثر من اللازم، اظهار جانب اخر من عضلاته، عقب الاستفتاء الرئاسي الاخير، فانه كشف عن العكس تماما، هشاشة عسكرية، وخواء في رسم السياسات الستراتيجية، هذا غير خسارته المزيد من النقاط في تعامله دبلوماسيا مع اصدقائه، وداعميه.

من هنا نقرأ اسف اردوغان للصحافة، ومحاولته القاء اللوم على الاخرين، الحلفاء، على انها محاولة للتنصل من الفشل، وانها عملية لتجميل صورة تركيا في المجال العسكري، من اجل المحافظة على موقعها بين الحلفاء، اي، بمعنى اخر، محاولة لوقف النزيف في الجرح الدبلوماسي.





 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter