|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 السبت  22  / 6 / 2013                                 حازم كوي                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

في المانيا
أتساع الهوة بين الغنى والفقر

ديرك هيرشل *
ترجمة : حازم كويي

الجهد المبذول في العمل اصبح بلاقيمة ،فمن يعمل عملا شاقا يبقى على الارجح فقيراً .العاملون في دور الرعاية الاجتماعية رجالاً كانوا ام نساءاً ،وكذا البائعون على الحاسبات او غيرهم يشتغلون لاكثر من 50 ساعة في الاسبوع ،ومع ذلك فأن الراتب الاسمي الشهري لايتعدى 1500 يورو، في نفس الوقت يحصل رئيس احدى مصانع السيارات على 45 الف يورو في اليوم ، ويعادل راتب رئيس البنك الالماني (انو شيان) السنوي عمل ممرضة المستشفى لمدة 170 عاماً.

سابقاً كان ينظر الى الغني ،ذلك الذي يقدم مجهوداً كبيراً ،حيث اصبحت الآن في عداد قصص الخيال ،فالهوة بين الذين يحصلون على رواتب ضخمة مقابل الرواتب الفقيرة اصبحت لاتقاس بمستوى الكفاءة والخبرة المختلفة ،من منطلق وقت العمل او المسؤولية ،فالمقرر لهذا الشئ على الاكثر هو الملكية،السلطة الاقتصادية ،الاصل الاجتماعي والنسب.

فالغنى يستند على العمل الاجتماعي ، اما الآن فأرباح صاحب معمل او مؤسسة تعادل كافة مستخدميه وعماله مجتمعة. هذه الثروة التي اساسها الاستغلال والتي لا يمكن تبريرها بأي شكل من الاشكال.في حين ان الحلاق او صاحب المتجر الصغير يعيش على كسب فقير .

فعائلة كواندت او بورشه المالكة ،تستطيع في ليلة وضحاها جني ارباحها من الاسهم وارتفاع اسعارها دون ان يحركوا اصبعا واحدا،وينطبق نفس الامر على مالكي العقارات الذين يجنون ارباحا طائلة من الايجارات وارتفاع الاسعار ،شاكرين في الوقت نفسه سياسة الحكومة المنحازة لهم في مشاريع تطوير المدن او السياسة السكنية .

والشكل الاكثر تطرفاً من الدخل غير المكتسب هي الورثة،ففي كل سنة وفي جميع انحاء المانيا يتم توريث 260 مليارد يورو ،حيث تنتقل الثروة الى الشباب وحتى الشيخوخة والمستندعلى مبدأ ماثيوس ،فمن لديه، يتم اعطاءه اكثر ،ثروة تهبط لهم من السماءوابرزهم (دين كواندتس ،فون فنك،ألبرشت يونيون).

فالهوة تتسع بين النجاح الاقتصادي والجهد الفردي .الغني يجعل الاخرين يعملون له ،وهو بكل بساطة صاحب الحظوظ .فعدم المساواة الاجتماعية تجعل القليل يصلون القمة ،لكن من يعمل بقساوة لايستطيع الوصول اليها،في السنوات الاخيرة اصبح حظ الطامح الى الغنى في انخفاض حيث زادت مخاطر الانزلاق الى الاسفل .قليلون هم من ينجح في وظيفة ،يكون راتبه فيها ،من يستطيع القول انه غني ومتمتع نوعا ما.

فالنجاح في الدراسة والتأهيل يعتمد على الحالة المعيشية للوالدين،فاذا كان الطفل ينتمي لعائلة من الطبقة العليا ،يكون اكثر حظاُ في المعرفة والذكاء باربع مرات من الطفل المنحدر من ابوين ذوي مستوى اجتماعي فقير والذي يريد اكمال مرحلة الاعدادية فقط.

الوعود الكبيرة المنطلقة عن (اقتصاد السوق الاجتماعي) اصبحت لاقيمة لها ،فالكثيرون من المؤهلين وفي اختصاصات متعددة لايستطيعون الحصول على رواتب تناسب عملهم ،اضافة الى قلة الحظوظ في تبوأ منصب حسب الكفاءة ،فنحن نعيش الآن في مجتمع ،تقدم الغالبية انجازا عاليا في الخدمة، مقابل القلة التي تتمتع بالانجازات المالية.

فالرأسمالية اجتماعياً عمياء ، وهذا ليس بالشئ الجديد ،لان المعطيات اثبتت انها دخلت في طي النسيان.

السياسة ذات الطابع الديمقراطي يجب ان تنظم العمل ،الرأسمال والارض بشكل عقلاني ،حيث يكون فيها الانجازا مقيماً ومكافئاً بالاجور ،حيث النجاح الاقتصادي يكون الى جانب الرفاهية العامة.
 

* ديرك هيرشل : عضو في نقابة فيردي ،كبرى النقابات الالمانية ،مسؤول عن السياسة الاقتصادية.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter