|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  1  / 1 / 2021                                 حازم كوي                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

المشاكل الخمس لمناقشة الاشتراكية اليوم

إنغار سولتي
ترجمة وإعداد: حازم كويي
(موقع الناس)

المشكلة الاولى تتمثل في إعادة التوزيع والتنظيم،والتي تؤثر بشكل أساسي على المفاهيم التي تعني "الاشتراكية" لنماذج دولة الرفاه الاسكندنافية،أي النماذج الديمقراطية الاجتماعية اليسارية.

في ظل ظروف الملكية الرأسمالية الخاصة لوسائل الانتاج، لايتم الانتاج فقط في "فوضى السوق"، إنماهناك أيضاً حدود لمدى "الحق في دخل العمل الكامل" طالما لم تتأثرالملكية الخاصة،فأن التخصيص لجزء من القيمة التي أنشأها العاملون بأجر(فائض القيمة) يظل قائماً، التي يستولي عليها الرأسمالي والمتعارضة في نفس الوقت مع حدود التصرف الخاص لرأس المال، ويُمكن أن يتهرب من السيطرة الاجتماعية (ليس أقلها بسبب بعض المرونة عند نقل رأس المال).

مفاهيم الاشتراكية التي يمثلها (بيرني ساندرز) أي التي تعتمد الى حد كبير على مفاهيم إعادة التوزيع مثل الاستغناء عن الثروات الكبيرة من خلال الضرائب،وضمانات الوظائف الوطنية،والاستثمارات العامة وعلى المفاهيم التنظيمية،مثل تدابير الحماية من الفصل من مكان العمل وفي مرحلة ما، يُطرح السؤال: كيف يمكن كسر هذه القوة الهيكلية لرأس المال؟

المشكلة الثانية هي حدود النمو الرأسمالي على هذا الكوكب المحدود.
على الرغم من راديكالية ساندرز،يُراود السؤال حول كيفية تنظيم النمو اللاحق، فالشركات الكبيرة ذات الادارة الذاتية للعمال تخضع أيضاً لمنافسة السوق العالمية الرأسمالية. لا يوجد فائض في القيمة يمكن لاصحاب راس المال الخاص تخصيصه كارباح.ولكن من أجل ضمان مستوى معيشي جيد للعاملين في (التعاونية)،يجب ان تنافس هذه الشركات وتنمو في السوق (العالمية).

وثالثاً كما أعتقد (جون هولواي) عام 2002 وآخرون على العكس، من أن التعاونيات ليست طريقاً للاشتراكية كما أنها ليست أستراتيجية مناسبة للتغلب على الرأسمالية ببطأ. لان الرأسمالية كانت تأريخياً مرتبطة بهؤلاء اللارأسماليين (هياكل الملكية التي كانت لا تزال خاضعة لقيود السوق العالمية) بوجودها المتوازي، وأستولت عليها تأريخياً مرارا وتكرارا،أي أعادت دمجها في النظام الرأسمالي.

المشكلة الرابعة، هي مسألة التجارة عبر الحدود الوطنية.
حددَ ماركس وإنجلز القانون الرأسمالي للتراكم والمنافسة باعتباره وسيلة للاشتراكية،رأس المال الكبير يقوم بمصادرة الملكية الصغيرة،ليصبح الحِرفي عاملاً في مؤسسة صناعية صغيرة،تَحلُ محلها شركة كبيرة، ويستبدل المزارع الصغير المهتم بزراعته،وصاحب المتجرِالصغير، ليحلَ محله إحتكار التجزئة عبر الانترنيت.وهكذا تمَ أستبدال المنافسة الفوضوية بين صغار الملاك بالتخطيط المركزي داخل أحتكارات القلة الرأسمالية، فالاشتراكية تعني دمقرطة الاقتصادعن طريق تحويل هذا التخطيط الخاص الى تخطيط مركزي ديمقراطي.

الاتحاد الاوربي مثلاً، والى حدٍ كبير غير ديمقراطي،يُعبر فيها وبأكثر من وسيلة عن مصالح الشركات ومجال سيطرتها، يطرح فيها السؤال المركزي عن كيفية امكانية تصور الاشتراكية في ظل هذه الظروف من التنشئة الاجتماعية العالمية: هل يتوجب على أشتراكية المستقبل أن تطور أشكالاًمن الاستقرار العالمي؟

هل المفاهيم والممارسات الحالية للتنظيم النقابي بسلسلتها العابرة للوطنية، أن تكون ربما فعلاً الشكل الاشتراكي العابر للوطنية؟وماهي الاجراءات التكميلية في أتجاه الدولة العالمية التي تتحكم فيها التعاونيات العابرة للحدود الديمقراطية في المجتمع العالمي؟

خامساً . مشكلة الاشتراكية في القرن الحادي والعشرين هي في الاحتكارات الرأسمالية الديجيتالية وقوة السوق المرتبطة بها.
كانت الفكرة الكلاسيكية للاقتصاد السياسي المتمثلة بـ (جون ستيوارت مل،ماكس فيبر،جون كينز،كينيث كالبريث،جوزيف شتيغلتس،باول كروكمان) والليبرالية الالمانية، على النقيض من الماركسية، بأن أمكانية أدارة نزعة الاحتكار، هو عن طريق خرق وتفكيك الاحتكارات الكبيرة .

وأجاب العديد من الاقتصاديين والسياسيين عن إبتزاز البنوك والمصانع الكبيرة للدول القومية لدورها المميز في السوق،وحينما تعلن عن إفلاسها ينهار النظام بالكامل،لهذا تقول الماركسية "إذا كانت هذه المؤسسات والمصانع والبنوك بهذا الحجم الكبير فلايمكن أن تكون ملكاً خاصاً،بل ملكاً للدولة"

مع ديجيتال "الثورة الصناعية الرابعة" ظهرت اليوم قواعد رأسمالية أحتكارية مشكلةً تحدياً خاصاً.
والخلاصة، إذا كان الغرض على سبيل المثال من تويتر، واتساب،فيسبوك،أمازون،غوغول، هو الاتصال والتواصل مع العديد من الاشخاص على وجه الارض، تكون الحاجة الى واحد من هؤلاء المزودين في العالم.

ومع ذلك فأن المطالبة بإضفاء الطابع الاجتماعي على هذه الاحتكارات العالمية مرتبطة بشكل عام بمسألة كيف يمكن تحقيق سيطرتها الديمقراطية عبر الوطنية طالما لا توجد دولة عالمية،وكذلك مسألة كيف يمكن ان تكون سيطرة الدولة على العالم ديمقراطية جذرياً بطريقة يمكن من خلالها إستبعاد إساءة أستخدام الدولة للبيانات.

في أشتراكية القرن الحادي والعشرين،لم يتم إعادة تشكيل أساليب إنتاج السلع الصناعية فحسب،بل أيضاً أسلوب الغذاء، ومدى أهمية إنتاج المواد الغذائية العابر للوطنية اليوم من الناحية الاجتماعية حين ينقل التوت الازرق في فصل الشتاء من (بيرو)و (المغرب)المُصدرالى المانيا.
ومع ذلك يجب أن تتناول المناقشة مسائل لامركزية الدورات الاقتصادية الزراعية على العكس من المنصات الرقمية،حيث يبدو حل المجموعات الزراعية العابرة للقارات إجراءاً معقولاً في جنوب العالم وخاصة في القارة الافريقية، ستكون مسألة اللامركزية بالتأكيد في سياق إعادة التوحيد وبشكل مؤقت على الاقل عن مراكز الرأسمالية الاوربية والاميركية، في الوقت نفسه فأن مسألة الاشتراكية لا تتعلق فقط بتحول نمط الانتاج،بل أيضاً في طريقة الحياة.

ويطرح السؤال ، ما هي أشكال الملكية التي لها معنى من حيث الاسكان، وهومحل مناقشات جارية في المانيا على سبيل المثال بمايتعلق في نموذج"إعادة" التشارك في المجموعات العقارية الكبيرة،لكي تفي الدولة بمهمة توفير مساحة معيشية ميسورة التكلفة للجميع.
وقد طالب (كينيت كوونرت)رئيس منظمة الشبيبة المرتبطة بالحزب الاجتماعي الديمقراطي الالماني، بتطبيق النموذج الكوبي، حيث تم بعد الثورة تخصيص الشقق والمنازل للمواطنين، لكن المشكلة الكبيرة في الرأسمالية تتمثل في الفصل الطبقي المكاني وتباعد الاحياء الغنية والفقيرة وكيفية التعامل معها.

والسؤال الآخر المهم، هو مسألة التكاثر الاجتماعي والمتعلق بتقسيم العمل،الانجاب،التسوق،الطبخ، الغسيل، التنظيف، تربية الاطفال ورعاية المسنين وما الى ذلك،المدفوعة الاجر، كونه عمل ضروري إجتماعياً. في الاشتراكية يجري تمويلها بالكامل كخدمات عامة (رياض أطفال ورعاية المسنين مجاناً..) أي خدمات أساسية عامة مجانية .

فالبشرية لا تحيا على الخبز والسكن فقط،هناك مجالات الحياة الاجتماعية الاخرى التي تثير الاسئلة،منها ما ذُكر بالفعل عن إتصالات الديجيتال. وما يتعلق بالتنقل؟حيث سيكون السؤال هو، عن أي أشكال التنقل التي يمكن أن تحُلَ محل التنقل الآلي الفردي أو البديل الزائف من التنقل غير الالكتروني.

الجواب ببساطة هو توسيع وبناء النقل العام المحلي المجاني وتحويل نقل البضائع والركاب الى السكك الحديدية . وبهذا سيكون مجتمعاً مستداماً بيئياً وأشتراكياً، سيتعين عليه تفكيك صناعة السيارات،لكن السؤال الذي لم تجرِ الاجابة عليه هو، كيف سيكون رد فعل المجتمع على سبيل المثال من الانتاج المكاني الرأسمالي وعن التحضر وإنبعاث الغازات؟.

والسؤال التالي يتعلق بإمدادات الطاقة، فالتفكير الايكولوجي في هذا الصدد يعني التفكير في القدرات التخزينية للطاقات المتجددة،وفي نفس الوقت إستخدام مفاهيم الطاقة اللامركزية،ومن المحتمل أيضاً ان تكون هذه المنطقة قائمة على هياكل الحكم الذاتي المحلي القوية،المعني بمجال التعليم والثقافة والتربية. التعليم الاشتراكي أمام تحديات كبيرة في تحقيق المُثل الاشتراكية، ومع ذلك يبدو أنه من المؤكد أن الاشتراكية تعتمد على مشاعية التعليم والثقافة،أي على التعليم بإعتباره منفعة عامة مجانية وإنتاج ثقافي حي ممول على نطاق واسع بإعتباره ربيعاً للابداع البشري.

توجد بالفعل إجابات قوية على كل هذه الاسئلة، حتى لوكانت قائمة الاسئلة المفتوحة طويلة.
وقد صَورها (بيرتولد بريشت) بشكل جميل للغاية "لقد لاحظت أننا نمنع الكثيرين من تعاليمنا كوننا نعرف الاجابة على كل شئ لصالح الدعاية، الا يمكننا من إعداد قائمة بالاسئلة التي تبدو لنا أنها دون حل؟"

ومع ذلك، فإن الحركة تنطبق بشكل أساسي على حقيقة لا يمكن دحضُها: فالنظام الاشتراكي كما تم تحديدهُ بإيجاز وفي توجهه العام المحتمل، لن يتحقق الا من خلال حركة تناضل من أجل هذا النظام بإسم "الاشتراكية" وليس التقدم التكنولوجي مثل الديجيتال،الذي سيقدم لما بعد الرأسمالية من الباب الخلفي للمجتمع،كما يقترح (بول ماسون).

وهي إشارة الى السؤال المركزي للاشتراكية في القرن الحادي والعشرين ومُمثليها:
من له مصلحة موضوعية في مثل هذا النظام، كونه الحامل الطبيعي للحركة الاشتراكية؟
أيُ التحالفات تؤدي الى سياسة اشتراكية ؟
ما هي السياسة الملموسة للاحزاب الاشتراكية؟
ما هي العلاقة بين السياسة الطبقية الجديدة والسياسة الشعبية والشعبوية اليسارية الذكية

وما هي مراحل النضال من أجل الاشتراكية في القرن الحادي والعشرين؟هل هناك مسار مباشر للاشتراكية البيئية في ضوء ضعف المنظمات الطبقية النقابية في (الغرب)،هل يمكن تصور مثل هذا الانتقال فقط من خلال منعطف "الصفقة الخضراء الجديدة" العالمية ؟

كيف يُنظر الى الانتقال الى الاشتراكية،على أنه تفكيك أو إعادة بناء أو ترويض الرأسمالية،أو مزيج يرقى إلى تآكل الرأسمالية كما يقترح (إريك أولين رايت) ؟ هل الثورة القديمة/ الانقسام الاصلاحي هي الطريقة الصحيحة للتفكير في الانتقال الى ما بعد الرأسمالية،أم أنها التحول في ميزان القوى الدولي كي يكون حاسماً ويفتح مجالاً للمناورة؟

ما هو الأفق الزمني للبديل الاشتراكي للرأسمالية العالمية؟ كيف تتعامل الحركة الاشتراكية في الازمة مع المشكلة المتمثلة في أنَ الحاجة الى بديل اشتراكي للرأسمالية كبيرة،ولكن يبدو أن هناك طريقاً طويلاً للغاية للوصول الى ذلك، قياساً بالسنوات القليلة التي تركتها البشرية، على الاقل تغير المناخ وإبقاءها تحت السيطرة على حد تعبير عالم السياسة (ليو بانيتش).

الاجابات على الشكل الملموس للنظام الاشتراكي لا يمكن تقديمها الا من قبل الاشتراكيين انفسهم الذين تتزايد أعدادهم في ضوء أزمة الحضارة التي قادت الراسمالية البشرية إليها.

الاشتراكية ضرورة موضوعية .الاشخاص انفسهم يقررون ما إذا كان سيتم تحقيق ذلك.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter