|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  15  / 12 / 2019                                 حازم كوي                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

مئة عام على أغتيال المناضلة الشيوعية روزا لوكسمبورغ

كيف تنظم التظاهرات.. كيف تستعيد الجماهير القيادة

ميشائيل بري
ترجمة: حازم كويي
(موقع الناس)

تحت راية ماركس
في آخر خطاب لروزا لوكسمبورغ عند انعقاد المؤتمر التأسيسي للحزب الشيوعي الالماني في 31ديسمبر 1918 قالت فيها (أيها الرفاق ،اليوم نعيش اللحظات التي نستطيع القول فيها، نحن الآن مرة أخرى مع ماركس، تحت رايته) و كانت واضحة ،أيَّ ماركس تَعنيه والمقصود ،ماركس عام 1848وليست تصورات الحزب الاشتراكي الديمقراطي الالماني وأستراتيجيتهِ الاساس لسنوات 1880و1890،الذي اختلف فيه الطرفان بنظرتهما الى العلاقة بين الاهداف القصيرة والطويلة الامد.

كان برنامج الحزب الشيوعي الالماني بالنسبة لروزا لوكسمبورغ هي العودة لاستراتيجيةٍ ،تكون الاهداف الثورية والنضالية من اجل اصلاحات ملموسة وثابتة لاتنفصل بعضها عن بعض (اذا أردنا توضيح برنامجنا وكمهمة مباشرة للبروليتاريا فهي تتلخص ببضع كلمات ،الاشتراكية كحقيقة وأفعال، والقضاء على الرأسمالية كما كان موقف ماركس وأنجلز عام 1848واللذان لم ينحرفا عن المبدأ ،حيث اصبحت ماهية الماركسية الحقيقية واضحة،والاخرى التي جعلت من نفسها ماركسية رسمية انتشرت في صفوف الاشتراكيين الديمقراطيين والتي تركزت على الاصلاحات البرجوازية).

إن روح الماركسية الحقيقية التي دعت اليها روزا لوكسمبورغ عام 1918 هي تحويل الفكرة العظيمة للهدف النهائي للاشتراكية الى دوامة في الحياة السياسية اليومية ،مضيفة لها صيغة عام 1903 (كانت هناك سياسة برجوازية يقودها العمال قبل ماركس ،وكانت هناك أشتراكية ثورية في فترة ماركس والتي تمثلت في نفس الوقت بسياسة واقعية ثورية بالمعنى الحقيقي للكلمة)
عندما تشكل الحزب الاشتراكي الديمقراطي بعد أتحاد اللاساليون والايزناخيون عام 1875 واصبح برنامج أيرفورت عام 1891 برنامجاً رسمياً للحزب،يوضح في أستراتيجيتهِ تحقيق اهداف طويلة وقصيرة الامد تحت ظروف الوضع غير المستقر نسبيا في اوربا.

أستراتيجياً حدث لاول مرة عام 1880 عندما قام ماركس الى جانب أنجلز وزعماء حزب العمال الفرنسي ،الذي تم تشكيله حديثاً من قبل غول غولد وبول لافارغ ،وضعت فيها المسودة التي تم التمييز فيها بين الحد الاقصى والحد الادنى من البرنامج ، تَمثلَ الاقصى في عودة جميع وسائل الانتاج الى الملكية العامة (ماركس 1880) ،في حين ركزَ برنامج الحد الادنى على متطلبات الاصلاحات الديمقراطية والاجتماعية وتوسيعها لتخدم في الاعداد للاستيلاء على السلطة ،يتوجب فيها على الحركة العمالية استخدام كل الوسائل لتحقيق الاهداف الشيوعية ،ومنها على سبيل المثال حق الاقتراع العام لكشف ادوات الاحتيال التي تُمارس لتحويلها الى اداة للتحرر الاجتماعي.

وقد رأت روزا لوكسمبورغ في تطوير هذه الديمقراطية الاجتماعية كبرنامج تكتيكي والذي كتبه فريدريك أنجلز بعد وفاة ماركس في مقدمة كتاب (الصراع الطبقي في فرنسا 1848ـ1850)

من جانب آخر كان الاشتراكيون الديمقراطيون لايرغبون بإثارة النزاعات المسلحة ضد القيصر ،بل أن يظلوا معارضة ثابتة ضد سلطته.

وكان موقف أوغست بيبل كما هو فريدريك أنجلز يتمثل بالعداء والقتال ضد الرأسمالية (نظام لايستحق الرجال والقروش)،وأستندت هذه الاستراتيجية لفرضية واضحة، كون الازمات الاقتصادية والحروب العالمية المحتَملة ستُغرق النظام البرجوازي في كارثة خصهُ أنجلز بعبارة (يوم القرار)ولايعني ذلك موقف الانتظار الهادئ ،بل الاستعداد النشط وتعزيز تلك القوى وتعبئتها واستخدام كلمة (تراكم العنف) بمعناها الجدي ،يتوجب فيه للهدف القريب ، أن يكونَ في خدمة الهدف الاشتراكي البعيد .

وحاجج أوغست بيبل في مؤتمر الحزب الاشتراكي الديمقراطي عام 1891بقوله (يعمل المجتمع البرجوازي بجدٍ لسقوطه ولانحتاج الا الى اللحظة التي يتعين علينا فهم العنف الذي يمارسونه...نعم انا مقتنع بان تحقيق أهدافنا النهائية قريبة جداً ..والبعض في هذه الصالة سوف لايعيش تلك الايام. أن تطور العلاقات الاقتصادية وأستمرار التسلح الحربي، سيخاطب فيها البعض نفسه ،أن الحرب لاتأتي اليوم أو غداً بل بعد غد،والذي سيدمر بالتأكيد مجتمع اليوم دون استطاعة احد انكارهُ ،ليقوده الى الكارثة).

لم ينجح تكتيك أنجلز عندما حلت الكارثة عام 1914(المقصود الحرب العالمية الاولى) وأنقياد الاشتراكيين الديمقراطيين الى قلعة القيصرحيث الغرض والسبب واضحان ،هو تقويض الثورة. ولم يعُد من الممكن في بروسيا السعي للنضال من أجل تنشيط امكانية الاقتراع العام أو ضد السياسات الامبريالية والعسكرية المتزايدة الاتساع.

روزا لوكسمبورغ كانت نزيلة السجن عام 1918 ،واصبحت حساباتها مع التكتيكات القديمة اكثر حدةً ،وذلك عندما قامت القوات الالمانية بقمع الجمهورية السوفيتية في فنلندة حيث كتبت (الاعمال البطولية للفلنديين كانت القشة الاخيرة لحساب قدماء الاشتراكيين الديمقراطيين والاممية الثانية).

ولم يكن البرنامج التكتيكي لفريدريك أنجلز عام 1895 متوافقاً مع عصر الامبريالية ،الاشتراكيون الديمقراطيون حوروا المسارات وتحولوا الى حزب يدعم النظام ليصبح الاستحقاق بمثابة الطاعون.

النقد الذي مارسته روزا لوكسمبورغ أزاء أنجلز ،بيبل وكاوتسكي حفزها لنقد ذاتها في نفس الوقت واكتسبت بصمتها في الاشتراكية الديمقراطية الالمانية على وجه التحديد، أنها دافعت عن الاستراتيجية القديمة بحزم ضد تنقيحات برنشتاين ،وتوصلت الى تحالف مع قيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي ،ليس مع بيبل فقط ،الذي ادركَ في المناقشة ، أنه لايمكن فصل النظرية عن الاستراتيجية داعما من جانبه روزا واليساريين الآخرين في الحزب الاشتراكي الديمقراطي .

وتساءلَ أدوارد برنشتاين عن جميع الافتراضات التي يقوم عليها برنامج أيرفورت والاستراتيجية القديمة ،محاولاً في البداية ان يوضح بكل الاحوال من أن وسائل الانتاج تتركز بايدي قلة من الرأسماليين،بل هناك حركات قوية مضادة لتركيز رأس المال وأنه لايمكن الحديث من أن البرجوازية الصغيرة،الفلاحون والطبقة الوسطى تختفي ببساطة ليحدث استقطاباً للتركيب الطبقي كونه شئ مستبعد، وعلى العكس من ذلك كان تقسيم المجتمع في الماضي أبسط فيما يتعلق بمستوى الدخل والانشطة المهنية وبدرجة عالية ومتمايزة ورأى والحديث لبرنشتاين ،أن هناك اتجاهاً واضحاً نحو الديمقراطية ومنها على المستوى الاقتصادي.

لكن روزا لوكسمبورغ عارضت ذلك بشدة ،لانه لم يكن هناك اي دليل على وجود أتجاهات للتخفيف عن تناقضات المجتمع الرأسمالي ،فالاستقطاب واضح بين قسمين متنافسين ومتعارضين ،هما الطبقة الرأسمالية والبروليتاريا ،وحين يؤدي الامر الى اختفاء الطبقة الوسطى ،تكون أستجابة البرجوازية القيام بأصلاحات وتنازلات عندما يحوم حولها خطر ثورة أجتماعية ،وحال زوال المخاطر تتراجع عن أصلاحاتها وفيها ستواجه النقابات والمنتديات الديمقراطية والاجتماعية صعوبات جديدة.

ما الذي يحولنا بعد ذلك في كفاحنا اليومي الى حزب اشتراكي ؟
انها فقط علاقة الاشكال الثلاثة من النضال الى الهدف النهائي والذي يشكل روح ومضمون كفاحنا الاشتراكي ،لجعله صراعاً طبقياً لدولة مجتمع المستقبل ،يتوجب التقدم الى الامام والمعني به الاستيلاء على السلطة السياسية و هذا التصورمرتبط بشكل وثيق ،كون المجتمع الرأسمالي متورط بتناقضات مستعصية ،ستؤدي في النهاية الى حدوث أنفجار تلعب النقابات معنا دوراً فيه.

وتسخرُ روزا من برنشتاين بقولها (لتحويل بحر المرارة الرأسمالية الى بحر من الحلاوة الاشتراكية عن طريق اضافة الصودا الاصلاحية الاجتماعية في القناني.)

وبالرغم من تطور الاصلاحات الاجتماعية والديمقراطية ،سيبقى الجدار عاليا وثابتا بين الراسمالية والمجتمع الاشتراكي ،هذا الجدار الذي سيجري تحطيمه من خلال المطرقة الثورية والمعني بالسلطة السياسية للبروليتاريا.

لقد اظهر تصرف الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الحرب العالمية الاولى لروزا لوكسمبورغ ،انه في حرب العصابات ضد التحريفية ،لم يتحقق سوى (نصر باهظ الثمن) .ولفترة طويلة بجانب كاوتسكي ،كانت الشرعية البرلمانية هي السياسة الوحيدة التي من خلالها تمنح وتكرس للتحضير للثورة الاشتراكية ،وفي الوقت نفسه فأن الحزب الاشتراكي الديمقراطي لم يعارض الاوليغارشيين والبيروقراطيين. ولم يتحقق أمل روزا لوكسمبورغ ،بأن تستعيد الجماهير امورقيادة الحزب لاقبل ولا بعد عام 1914 ومطالبتها بالنضال الحازم وتنظيم الاضرابات الجماهيرية من اجل الجمهورية, ضد القيصروحاشيته بتدخلاتهم في أمور الحزب والسيطرة عليه،وعملت جاهدة لتنوير العمال وعدم أطلاق النار على اخوانهم الطبقيين في حالة نشوب الحرب ووجد هذا فعلاً استجابة كبيرة بين أعضاء الحزب وليس في مراكزسلطته.

ولم تحظ روزا لوكسمبورغ بشعبية كبيرة بين العمال الاشتراكيين الديمقراطيين كما كان الحال في عام 1914،لكنها كانت بلا سلطة في الحزب ، وخرجت بأستنتاج ،أن في الحزب الاشتراكي الديمقراطي حركة عمالية منظمة تنظيماً جيداً جلبت قوة عاملة منضبطة في الحرب العالمية الاولى .

ماكس فيبر كان على حق عندما تنبأعام 1907(ان الاشتراكيين الديمقراطيين على المدى البعيد ليسوا هم الذين استولوا على المدن أو الدولة بل ...الدولة استولت على الحزب).

في النقاش حول برنامج وأستراتيجية الحزب الشيوعي الالماني الذي تشكل حديثاً ،وضعت روزا لوكسمبورغ امام انظارها أستراتيجية ماركس وانجلز في (البيان الشيوعي) ،وأستراتيجية الحزب الاشتراكي الديمقراطي . ووجدت الفرق قبل كل شئ ، أنه على عكس نهاية عام 1847 وبداية عام 1848 ،حيث افترض فيها ماركس وأنجلز بعد هزيمة كومونة باريس ، أن لدى البروليتاريا الآن مسافة غير محدودة كي تتحقق الاشتراكية وتصبح حقيقة.

وكان واضحاً عام 1918 ،أن البرنامج الفوري من البيان الشيوعي وبرنامج عصبة سبارتاكوس متطابق الى حدٍ كبير وخلقت عواقب الحرب العالمية الاولى وضعاً له احتمالين ،أما الفوضى او الخلاص من خلال الاشتراكية.
من المستحيل تماماً ان تجد حلولا تقدمية للازمة الرأسمالية ،حيث استنتجت في هذا الموقف (بالنسبة لنا لا يوجد الآن حد أدنى أو أقصى للبرنامج ، فالاشتراكية هو الحل كحد أدنى والذي يجب ان يُفرض اليوم)

ففي خطابها عند تأسيس الحزب الشيوعي الالماني افترضت روزا ، ليس الاستيلاءعلى السلطة السياسية مباشرة ،بل المبدأ الجديد الذي وجد صوته الثوري مسموعاً ،هي مجالس العمال ،الذي يجب التركيز عليه (علينا اليوم أن نركز على مجالس العمال وليس من الضروري أن تتحد المنظمات من خلال الجمع بين النقابات القديمة والحزب،بل على قاعدة جديدة تماماً،مجالس العمال والنهوض بها بشكل كبير بهيكل جديد بالكامل لاتشترك بالتقاليد التقليدية القديمة).

وبدلاً من الهجوم العام اقترحت روزا أستراتيجية جديدة لانشاء عناصر مجتمع جديد من حضن القديم (يجب ان نسأل انفسنا عن قضية الاستيلاء على السلطة ،والسؤال هو ماذا نعمل وما يمكن وماينبغي لمجالس العمال والجنود في اتحاد المانيا القيام به لنقوض الدولة البرجوازية من تحت ولجعل السلطة العامة في كل مكان وعدم الفصل بين الادارة و التشريع ،بل توحيدها بايادي مجالس العمال والجنود وبخطوات متعاقبة والضغط على الدولة البرجوازية حتى الاستيلاء على جميع المناصب والدفاع عنها بالاسنان والاظافر).وكما رأتهُ كبرنامج للمرحلة الاقتصادية للثورة لتحل محل المرحلة السياسية .

بعد الحرب العالمية الاولى في اوربا والتي احدثت تحولاً زمنياً من ثورات وأزمات و أنهت عصر الاشتراكية الديمقراطية الماركسية الارثودوكسية ،التي وَلَدت الانشقاقات بين الاشتراكيين والحركات العمالية،ومنها فصاعداً تغيرت مسألة الاستراتيجية والتكتيك للتغلب على المجتمع البرجوازي الرأسمالي تماما وبشكل جديد.

واستطاعت روزا الاشارة الى مجموعة من الاصلاحات الثورية التي لم يتم حلها ضمن المفهوم القديم ،حيث شرعت في عملية البحث من اجل إيجاد أجابات جديدة تماماً وعلى اسس جديدة ،لكن أغتيالها اوقف فجأة عملية البحث.

كتب الفيزيائي الالماني غوستاف روبرت كيرشهوف أنّ (النظرية الجيدة هي الشئ الاكثر عمليةً). الماركسيون في اواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين أفتقروا الى مثل هذه النظرية التي كانت ستتمكن من توجيه سياسة واقعية ثورية في أوقات الاستقرار النسبي وأوقات الازمات الكبيرة ،في علاقة نشطة ومثمرة بين النظرية والممارسة الجيدتين.

الماركسية كما تقدرها عاليا روزا لوكسمبورغ ،فشلت في التطبيق العملي ،ولكونها ماركسية رائعة قامت بدراستها بالنقاط الثلاثة التالية:

من أجل نظرية عملية للاشتراكية.
أولاً: كان لحظر صورة ماركس تأثير مُدمر،ولم تكن هناك نظرية اشتراكية تستحق غير أسمه ،وترك تركيزه الافتراضي الثوري للسلطة السياسية أسئلة ملموسة للتنظيم الاشتراكي في مجتمع معقد (بلد المستقبل الضبابي.ماركس.)

ففي مجلة (العصر الحديث) وهي اهم دورية ماركسية في ذلك الوقت ،لم تجد مقالا ولسنوات طويلة حول السؤال عن كيفية تشكل الاقتصاد والسياسة في ظل ظروف تناقضات المجتمع الجديد؟

وتبعاً لقول نسب لماركس ،بأن نقاشا كهذا من شأنه أن يقلل اليقين بالنصر ،ولو كان الامر كذلك فهو يشيرالى الضعف الهائل في الرؤية الاشتراكية وانها لايمكن ان تخضع بوضوح لأي نقد دون الفكرة الشاحبة التي آمنت بها.

في لحظة الثورة لم يكن لدى عصبة سبارتاكوس برنامج تصميم أيجابي ومقنع كان يمكن ان يصبح أغلبية ، واليوم اصبح واضحاً،أنه بدون رؤية أشتراكية مقنعة بديلة للرأسمالية ،فلايمكن أن تكون هناك سياسة يسارية فعالة ،وكان هناك وهم آخر وضعه أوغست بيبل بقوله (اذا كانت السلطة السياسية في أيدينا ،فسيكون الامر بديهياً أكثر)

ثانياً: ما بعد الرأسمالية
يجب مراجعة نظرية ماركس للرأسمالية.
لقد أعتقدت روزا لوكسمبورغ (عام 1913) أن حدود التوسع للاسواق الرأسمالية ستكون العائق المطلق لها والتي يجب عليها كسرها.

وقد رأى كاوتسكي الحدود في المركزية المفرطة للامبريالية المتطرفة،وأفترض جميع الماركسيين أن وضع الانتاج الرأسمالي سيصاب بأزمات خطيرة لدرجة انهيارها الحتمي ، وان البروليتاريا هي الوحيدة القادرة على الادارة بعد افلاسها وستعمل على دمج واخضاع مبادئ التنشئة الاجتماعية التي تتجاوز الراسمالية بمجتمع تضامني.

من الناحية النظرية لم يتم التفكير لظهور شركات تحت الهيمنة الرأسمالية من خلال النظر للارتباط العضوي بين استخدام رأس المال وأساليب الانتاج غير الرأسمالية ،حيث كانت روزا لوكسمبورغ اول من مهد الطريق لذلك مع ادوارد برنشتاين بالسؤال حول كيفية تبرير استراتيجية السياسة المعاصرة في الرأسمالية وما بعدها ،أي استراتيجية التحول المزدوج للنظرية الرأسمالية،والتي لم يجر الاجابة عليها حتى يومنا هذا.

ثالثاً: سياسة الربط الطبقي
أفترض ماركس وأنجلز ، انه يجب على البروليتاريا أن تَعي مصالحها الطبقية ليصبحوا الفاعل الرئيسي للثورة الاجتماعية ،والذي ثبت خطأهُ .

التحولات الحقيقية تنشأ كما تُرينا التجارب التأريخية من خلال الربط بين مختلف الحركات السياسية والاجتماعية ،والتي لكل منها مصالح مختلفة تماماً ومتناقضة ايضاً كما يُشار الى ذلك في (الى الامام ـ الى الخلف).

وهنا يمكن أعادة صياغة ما كتبهُ لينين ،(أنَّ الذي يتوقع ثورة عمالية خالصة ،هو ثوري في الكلام).

المطلوب هو سياسة ربط طبقي قادرة على توحيد الجماعات التي تعمل الرأسمالية على بقاءها منقسمة وأن تكون متضامنة مع بعضها .فالامر يتعلق بموقف ثوري جديد دون تأثير التناقضات الموجودة ،التي تمر علينا جميعاً،فالطاقةالثورية والانسانية السخية هو المتنفس الحقيقي للاشتراكية ،وبهذا المعنى لعمل روزا لوكسمبورغ في علاقتها الثورية العميقة والانسانية كتبت فولكر كايسا (لقد قادت روزا لوكسمبورغ رغم تناقضات الحياة الملموسة التي تمر بنا جميعا حياةً جميلة وبقدر ما قادتها الحياة الحقيقية الثابتة الى الموت)

لماذا ، وكيف اثبتت الثورة الاجتماعية 1917/ 1918،كونها غير واضحة، هوصحيح بلا شك ،حيث ركزت روزا لوكسمبورغ بمساهمة مهمة في الماركسية العملية ،لكن النظرية الماركسية قبل ذلك لم يتم الترويج لها فحسب ،بل جعلت من تطويره كنظرية تحررية فعالة أكثر صعوبة .

اليوم وفي نهاية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين يحتاج اليسار في ألمانيا وفي أوربا وكل العالم أيضاً الى نظرية قابلة للتطبيق من أجل سياسة واقعية ثورية ،تتصدى للتحديات الحضارية ومن هيمنة رأس المال والبدء بعملية التحول الاجتماعي والايكولوجي .

فالذين يغامرون بالخروج الى البحر ،يعتمدون على البوصلة بطاقم متضامنٍ ،لهم القدرة على وضع الاشرعة ضد الريح التي تهب على السفينة .

ويمكن التعلم من روزا لوكسمبورغ في مجال النظرية والممارسة السياسية والحياة الشخصية.

 

 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter