|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  5  / 2 / 2015                                 حاكم كريم عطية                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

مستقبل الدولة العراقية والمليشيات

حاكم كريم عطية

في الشهر الماضي كتبت عن عدد المليشيات وذكرت أن عدد المليشيات الشيعية المعلنة في البلد هي 42 عدا العصابات والمجاميع الخاصة بالأغتيالات وهذا العدد يقابله بالمثل عددا من المليشيات السنية وعذرا لهذه التسميات التي لا يمكن تجاوزها ولكنه واقع الحال في العراق وتطور الظروف والمؤشرات تؤشر لدور كبير للمليشيات في السيطرة على مفاصل مهمة في البلد والسير نحو تهميش مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية مدعومة من دول الجوار وخصوصا أيران وتركيا وسوريا والسعودية وتبعية معظم المليشيات الشيعية لأيران لا بل أن الكثير من منتسبيها هم من الحرس الثوري الأيراني وقياداته العسكرية وممن عمل في المليشيات التي شاركت في تصفية الكثير من منتسبي الأحزاب السياسية ورموز الثقافة والعلم أيام الثورة الأيرانية هذه العلاقة وأدارتها بالشكل الذي يضمن سيطرة أيران عليها وأستخدامها في الكثير من المهمات وتوجيهها لوضع البلد بالأتجاه الذي يخدم مصالح أيران وسياستها في المنطقة هذه العلاقة هي العمود الفقري الذي تستند له هذه المجاميع المسلحة وهي تعتبر من الشروط المهمة لأستمرار العمل والدور الموكل لها في العراق فخطوط الأنسحاب مؤمنة والدعم المالي وتوفير السلاح مضمون وهي من أهم شروط أستمرار وتواجد المليشيات على أرض الواقع كل ذلك في ظل تزايد أعداد العاطلين عن العمل وعدم توفر الفرص الحقيقية لمعالجة حالة البطالة والفقر والأمراض الأجتماعية وهو ما يوفر العنصر البشري الباحث عن لقمة العيش والباحث عن فرصة المجد الضائع في بلد أصبح الجهلة وغير المؤهلين في مراكز القرار والحكم وهي حالة مشوهة وفرت للجيل الجديد المثال السيء لمستقبله وتأمين حاجاته الأجتماعية والمادية لذلك أنتعشت المليشيات وزادت أعدادها وتوسعت وأصبحت مؤسسات يمكن أن تغير الخارطة السياسية في البلد أذا ما نجحت في جر البلاد ألى حالة الأحتراب الداخلي وأشعال نار الفتنة الطائفية مرة أخرى وهو ما حذرنا منه سابقا من أن هذه الطروف التي تتوفر للمليشيات والمجاميع المسلحة لتكرار التجربة اللبنانية ودور المليشيات والمجاميع المسلحة في تمزيق لبنان وأيصاله ألى حافة الهاوية الطائفية والتي كرست لوشم هذا البلد الجميل في منطقة الشرق الأوسط ليصبح تجربة خطيرة في القضاء غلى دور الدولة !!! يجب أن تأخذ الدول الباقية العبرة منها وفي العراق أستطاع هذا البناء المليشياوي أن يثبت أقدامه ونفذ الكثير من الجرائم وأوصل البلاد ألى ما يسمى بالحرب الأهلية الطائفية وكلفت العراق آلاف الضحايا والمعوقين وحرم البلد من فرصة البناء والتقدم الأقتصادي والأجتماعي وأصبحنا بلدا تلعب فيه الأشاعة والتخلف والسحر والشعوذة والجريمة وغياب الشخصية ذات الشعور الوطني وعدم الأكتراث وتسليم كل مايحدث في العراق لما كتبه الله لنا مما كتب على الجبين!!!وهي تبريرات لما يحصل في البلد وأصبحت من مزايا المجتمع العراقي الحديث لحقبة دخول المحتل الأمريكي وتولي زمام الأمور في البلاد لقوى وأحزاب الأسلام السياسي فهل من مخرج للحالة التي وصل أليها الوضع الأمني في العراق والذي تلعب المليشيات دورا اساسي فيه . هذه المظاهر حذرت منها كل القوى الحريصة على مستقبل العراق في أقامة الدولة المدنية فيه وكذلك الكتاب والعلماء والمختصين الأمنيين ومنظمات المجتمع المدني وكان التحذير يتلخص في عدم توفير الفرصة للمليشيات في البلاد وأن ينحصر السلاح بيد الدولة فقط ولذلك كانت عمليات الدمج والأحالة على التقاعد لما يسمى بالمليشيات والمجاميع المسلحة السابقة ولكن يبدو أن كل ذلك كان لفتح الباب على مصراعيه لتوفير فرصة عمل وتقدير خدمات منتسبي المليشيات السابقة ولكن عمليا بقيت هذه المجاميع بغض النظر عن مهماتها الجديدة تدين بالولاء للمليشيات التي ترعرت وتربت في أحضانها ألا ما ندر من الأحزاب والمجاميع المسلحة التي كانت تعي خطورة أستمرار وجود المجاميع المسلحة في البلاد .أعتقد أننا في وضع لا نحسد عليه اليوم بعد أن توفرت قرصا كبيرة لأيجاد حلول لهذه المظاهر الخطيرة في البلد واليوم بدأنا نشهد بداية الطريق للأحتراب على مناطق النفوذ وما جرى في منطقة الكرادة مثالا صارخا على ذلك وهو ما سيجر البلاد الى ما لاتحمد عقباه وأعلان مجلس الوزراء وأتخاذه القرار لجعل الكرادة منزوعة السلاح لا يعالج ظاهرة وجود المليشيات في العراق والكرادة لا يمكن أعتبارها أهم من الشعلة ومدينة الثورة والأعظمية وحي العدل والى أخره من مناطق بغداد ناهيك عن أجزاء كبيرة من العراق تلعب المليشيات فيها الدور الحاسم في أدارتها رغم وجود مجالس محلية وقوى أمنية وعسكرية لا يمكن معالجة ظاهرة المليشيات بنزع السلاح في منطقة الكرادة فقط فالعراق كله على مشارف الحرب والتصفيات الطائفية والحل يكمن في أن يلعب الجيش والقوات المسلحة الأمنية الدور الرئيسي في البلاد وهو حل لا يملكه العبادي ومجلس وزرائه لا بل وحتى التحالف الوطني بكل أطرافه ولا أمكانية تطبيقه فقد أصبحت هذه المجاميع وهو ما حذرنا منه مرارا مؤسسات لها أمكانيات وعلاقات ودعم مادي ولوجستي وتعرف كيف تكمم الأفواه وتخيف أحزاب بكاملها وترسل رسائل تحذير ومستعدة أن تفجر الوضع في العراق في أية لحظة ترتأيها الدول والأحزاب الداعمة لها .

والأهم من ذلك العمل على معالجة ظروف البطالة وتوفير فرص عمل لجيل الشباب والأهتمام بالصناعة الوطنية وتحسين ظروفها وظروف العاملين فيها وحمايتها من منافسة المنتوج الأجنبي ومعالجة ضعف الأعلام والدولة في التحذير من دور المليشيات في أضعاف هيبة الدولة وكذلك خلق ظروفا ملائمة لأيواء كل الخارجين عن القانون وبلطجية النظام السابق وأجهزته الأمنية وعدم جعل أطار الحشد الشعبي لأيواء كل المجاميع المسلحة التي تريد جر العراق والعودة به لظروف الأقتتال الطائفي وبالتالي تمزيق العراق وتحويله ألى كانتونات ومناطق نفوذ للمجاميع المسلحة على الطريقة اللبنانية والتي أدت بلبنان ألى ما هو عليه الآن أن معالجة ظاهرة المليشيات لا ينفع معها التطبيل الأعلامي فقط بل يجب أن يتزامن ذلك بحشد كل القوى الخيرة والحريصة على مستقبل البلاد ولا يكفي معالجة مشاكل البلاد داخل التحالف الوطني أو الحشد الشعبي والقوى التي تقف ورائه بل يجب أشراك كل القوى الخيرة داخل وخارج العملية السياسية لتخليص العراق من الخطر القادم وهي رسالة أوجهها أولا لرئيس الوزراء العبادي لا تجعل الكرادة عراق آخر وتعامل مع العراق كوحدة واحدة وليكن النداء لتخليص العراق من هذا المرض السرطاني قبل فوات الأوان.

 

لندن في 3/1/2015
 



 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter