| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حاكم كريم عطية

hakem_atia@yahoo.co.uk

 

 

 

الأربعاء 4/3/ 2009



ظاهرة التزوير في العراق
(3)

حاكم كريم عطية

لقد سبق وأن ذكرت ظاهرة (سوق مريدي) كعلامة مميزة لمن يزاول مهنة التزوير ولمن يريد الحصول على أية وثيقة رسمية ما عليه ألا أن يتجول في هذا السوق وربما وجود الوسطاء والسائلين عن حاجتك تكفي لأستخراج ما تريد من الوثائق حيث أنها جاهزة ألا من أسمك وبعض المعلومات الأخرى لتصبح جاهزة خلال فترة زمنية بسيطة. وكان للمقولة الشهيرة التي يتداولها معظم الكتاب عن أحدى المجلات لدى مقابلتها أحد العاملين في هذا السوق حيث قال !!( أن السوق خرجت طلابا وأساتذة يفوق عددهم أولائك الذين خرجتهم الجامعات الرسمية أضافة ألى تخرج مسؤولين كبار ومديرين عامين يرتقون مناصب كبيرة في الدولة وهم يحملون شهادات مزورة وتخرجوا بشهادات سوق مريدي أو غير ذلك)!!

هذه المقابلة الشهيرة لها مدلولاتها وحيويتها أذ لا زال المغزى العملي منها معمول به في العراق الجديد وتشهد على ذلك عشرات التقارير من مختلف المؤسسات الرسمية وغير الرسمية حول ظاهرة التزوير وأنتشارها في المجتمع العراقي لقد كان لمردود التزوير المادي قيمة منخفظة نسبيا حيث كان يتم تقاضي نتيجة أستخراج جنسية أو شهادة جنسية من الوقت الساعة أو الساعتين وبكلفة تقدر ب10 الى 15 دولار وأن الجوازات تختلف كلفتها بأختلاف فئتها حيث يكلف جواز فئةS ب 95 دولار وفئة ب 250 دولار ويعتمد كل ذلك على مدى صعوبة الحصول على هذه الوثائق من مصادرها الأصلية.

لقد كان السبب الأساسي في بداية نشاط التزوير هو أما لغاية أثبات الخدمة العسكرية أو التعين أو السفر في مجالات أخرى ضيقة أما اليوم فقد أتسعت دائرة التزوير وتشير التقارير ألى أن اكبر مجال أكتشفت فيه مظاهر التزوير هو مجال التعين في وزارتي الداخلية والتربية ولقد بلغت فرصة التعين مع الوثائق المزورة مبلغ 10 أوراق أي الف دولار و17 ورقة أي 1700 دولار فهذا ما هو معمول به في ذلك الوسط حيث تسمى فئة المئة دولار ورقة وهذه الأموال توزع على المشتركين في عمليةالتزوير والتعين وهذا ما خلق عملية متكاملة في التزوير والفساد الأداري والمالي جيش من المستفيدين بات يهدد الدولة ومؤسساتها بالكامل ويسعى ألى أستخدام كل الوسائل لأستمرار الوضع الأستثنائي في البلاد وتقف خلف هذا الجيش عصابات الجريمة المنظمة والتي هي الذراع العسكري الضارب لجيش الفساد وذلك بتصفية المنادين بفضح المرتشين والمزورين المتجاوزين على المال العام وذهب ضحية هذه العصابات الكثير من المواطنين الشرفاء والكثير من موظفي لجان النزاهة والكثير من موظفي الدوائر المالية والعقود في دوائر الدولة المختلفة .

أما بخصوص الشهادات فقد وصلت أسعارها حسب المستوى التعليمي المطلوب والتخصص فشهادة البكالوريوس وصلت ألى 70-100 دولار والماجستير تراوحت أسعاره بين 350-500 دولار فيما وصلت أسعار الدكتوراه ألى أعلى من ذلك بكثير ويتراوح سعرها ما بين 700-1000 دولار وعن نوعية هذه الشهادات ومطابقتها للأصل فانها مطابقة تماما للأصل والفرق الوحيد فيها أنها غير مصدقة أو مسجلة لدى دوائر أصدارها ولكم أن تتخيلوا أذا ما وصل الحد بالمفسدين بتسجيل هذه الوثائق فتلك ستكون المصيبة الكبرى ونتيجة خطيرة من نتائج هذه الظاهرة .
من جانب آخر وقعت وزارة الخارجية في مأزق كبير عندما وافقت على تصديق الكثير من هذه الشهادات بدواعي السفر حيث لم يكن هناك أية معايير للتحقق من هذه الشهادات وقد أكتشفت هذه الشهادات قي وقت متأخر وأتخذت أجراءات جديدة تعتمد التصديق لدى المعتمدين لدى الكليات ومن ثم التصديق على الشهادات و لاأشك في أن المزورين لم يجدوا طريقة لتزوير هذه الكتب الصادرة من المعتمدين لغرض تصديق هذه الشهادات أو شراء ذمم المعتمدين في دوائرهم ويكفي أن أشيرألى أن التزوير حتى في البلدان التي تتبع الترقيم الألكتروني والعين السحرية وشبكات الكومبيوتر ووسائل التدقيق في المعلومات المتطورة تمر عليها الكثير من حالات التزوير وفي كل سنة تسعى البنوك ودوائر الجوازات والوثائق الرسمية الأخرى لأستبدال ووضع وسائل تحد من ظاهرة التزوير فكيف ببلد تعبث فيه عصابات النهب والسلب والفساد وفيه من المسؤولين من يرعى هذه الظاهرة وأستمرار ها لتحقيق أسرع وأكبر حجم من الفساد المالي على حساب قوت الشعب العراقي ومواطنيه .

لقد أزدهرت مهنة التزوير في أوقات مختلفة وحسب الحاجة لها ولم تتوقف هذه الظاهرة في أي وقت من الأوقات في العراق ألا أن الظروف الأستثنائية التي يمر فيها البلد جعلت من هذه الظاهرة أن تتسع وتشمل مرافق واسعة من الدولة العراقية ومؤسساتها الرسمية .

في بعض الأحيان أجبر المواطن العراقي على التزوير في بعض الحالات ففي أحلك الظروف السوداء التي مر بها العراق وكان على شفى الحرب الأهلية والصراع الطائفي حيث أزدهرت ظاهرة التزوير حين أصبحت الهوية مؤشرا للقتل والتصفية فحمل المواطن هويتين واحدة بأسم سني وأخرى بأسم شيعي للتخلص من السيطرات الطائفية والتي كانت تمارس القتل على الهوية وهنا يمكن أن أعدد الكثير من الظواهر والتي كان لكل واحدة منها دوره في التخلص من بعض التوجيهات الحكومية أو الأمنية فحتى ظاهرة الفردي والزوجي في سير المركبات كانت محل دراسة ووضع حلول لها من المزورين فيكفي أن تمتلك هوية صحفي الذي كان معفيا من نظام الفردي والزوجي في أستخدام المركبات لتتجول وتستخدم المركبة متى ما شئت وهذا ما سهل عمليات الأرهاب وسهولة تحركها وكذلك عصابات الأجرام ونشاطها الذي لم يتوقف وكانت حرية الحركة بالنسبة لهؤلاء ترتبط بتوفير الغطاء المناسب من الوثائق عن طريق التزوير وشراء الذمم من مصادر أصدار هذه الوثائق وأشير ألى ظاهرة تزوير لوحات السيارات وأستخدامها من قبل المواطن وعصابات الأرهاب وسأتطرق لحالات التزوير وانواعها وجالات أنتشارها وهذا ما سالقي الضوء عليه في الحلقة القادمة مفصلا.

أن عملية تغير النظام ودخول القوات الأمريكية والقوات المتعددة الجنسية العراق وفر الفرصة الذهبية لسرقة كل الأختام ومستلزمات التزوير لكل وثيقة رسمية من الدولة وهذا ما سهل أنتشار ظاهرة التزوير و ممارستها مقروننا بأنهيار المنظومة الأجتماعية والأخلاقية للمجتمع وعدم أنتباه الحكومات المتعاقبة لهذه الظاهرة وعدم أتخاذ أية أجراءات للحد منها على الأقل من قبل الدولة العراقية ومؤسساتها الأمنية والعسكرية لعدم وجد الأمكانية لذلك نتيجة الخطأ الكبير الذي وقعت فيه القوات المحتلة بحل كل تشكيلات القوى الأمنية والجيش والشرطة وخلق حالة من الفوضى وفرت الأرضية المناسبة والمناخ الملائم لأنتعاش ظاهرة التزوير في العراق وكان من نتائجها أن عملت على أرتقاء جيش من الفاشلين حيث أصبح للشهادة دور بارز في الحياة الأجتماعية والسياسية لأنها ببساطة توفر فرصة عمل وتبؤ منصب في ثنايا الدولة الجديدة ونخر البناء العراقي للدولة الجديدة حيث تقدم لعملية البناء جيش من الفاشلين أثبتت تجربة السنوات السابقة عجزهم على قيادة عملية التغيروالبناء في الوقت الذي كان الشعب العراقي وطبقاته المسحوقة ينتظر البرامج والمشاريع التي ترتقي وترفع من مستوى معيشتهم وتعيد بناء ماخرب من منظومة الخدمات والصحة وتوفير فرص عمل كريمة للعراقيين وفي الوقت الذي كانت ألوف مؤلفة من الخبرات العراقية تنتظر خارج الوطن لتأخذ دورها في عملية البناء والتغير ولا عجب أن ظهرت الأصوات التي اسست لظاهرة محاربة الكفاءات القادمة من خارج الوطن وبشتى الأساليب وعدم نجاح المؤتمرات التي عقدت لذلك والتي لم تتعدى الدعاية الأنتخابية وتزين وجه العملية السياسية في العراق و بقيت هذه الجموع بشهاداتها وخبراتها تتطلع لعراق تنطلق منه ندءات اعادة البناء الحقيقي والمشاريع والخطط والبرامج التي تتيح الفرصة لهم للمشاركةلأعادة بناء العراق ألا أن هذه المهمة تتعقد كلما تأخرت عملية معالجة الفساد والتزوير وجيش الفساد الأداري والمالي لأنهم ببساطة من أستفاد من عملية التغير وسيحاربون حتى آخر نفس في سبيل مواقعهم ومصالحهم وأمتيازاتهم والتي لم يحلموا بها يوما ما .

يتبع
 

لندن في 5/3/2009


¤  ظاهرة التزوير في العراق (2)
¤  ظاهرة التزوير في العراق (1)

 


 

free web counter