| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حاكم كريم عطية

hakem_atia@yahoo.co.uk

 

 

 

السبت 28/2/ 2009



ظاهرة التزوير في العراق
(2)

حاكم كريم عطية

على ضوء نشر الحلقة الأولى من مقالي ظاهرة التزوير في العراق وردني بعض الأيميلات من الأصدقاء والرفاق حول ما كتبت وقسم منها كان على صفحات الحوار المتمدن فلقد علق السيد (المنسي القانع) وأنا أتفق معه حول ما ذهب أليه من أن العلة منا وفينا ولكنني لا زلت أعتقد أن دخول القوات الأمريكية وأحتلال العراق بهذه الطريقة وحل جميع المؤسسات الأمنية والجيش كان من الأسباب التي ساعدت في أنتشار ظاهرة التزوير والفساد في العراق أضافة ألى مشاركة قسم كبير من ضباط الجيش الأمريكي في عمليات السرقة والتزوير في عقود أعادة البناء والأعمار ولعل تقديم الكثيرين منهم ألى التحقيق في أختفاء أموال الكثير من العقود التي تخص عملية أعادة الأعمار في العراق اضافة ألى أن دخول هذه القوات خلق معها طبقة الكمبرادور التي ارتبطت مصالحها بمصالح المحتل وهذه الطبقة أيضا لعبت دورا كبيرا في أستشراء ظاهرة الفساد والتزوير في العراق .

كذلك كان هناك تعليق من الأستاذ سعد السعيدي حول غياب دور وزارة العدل وخصوصا بعد أستقالة وزيرها قبل عامين وأنا أتفق معه تماما لما ذهب أليه من أن دور الحكومة ضعيف في تطبيق القانون وفرضه بحق المفسدين والمزورين وهذا ما كنت أنوي التطرق أليه في الحلقة الثانية من الموضوع ولكني أسجل شكري لهما على ملاحظاتهم .
لعبت عوامل كثيرة في أستفحال وأنتشار ظاهرة التزوير في العراق وهناك أسباب كثيرة لعبت دورا في ذلك أريد أن أتطرق لقسم منها في هذه الحلقة وهي

1- ضعف الشعور بالمواطنة
2- سياسة المحاصصة
3- بقايا رموز النظام السابق ومؤيديه في العراق
4- دور القوى الوطنية في فضح هذه الظاهرة

1- الشعور بالمواطنة
يعتبر هذا العامل من العوامل المهمة في أنحياز المواطن العراقي للعملية السياسية الجارية في العراق ورغم أن هذا العامل قد تم أضعافه ألى الحد الذي لم يعد المواطن العراقي غي المسيس يمتلك أي مشاعر وطنية نحو بلد أسمه العراق نتيجة سياسة النظام السابق ومديات الأضطهاد والقهر والحرمان مما جعل نسبة كبيرة من العراقيين تفقد الشعور بالمواطنة بل وتشعر أن العراق تحول لجحيم لا يطاق وقد دللت قوافل الهجرة وترك العراق في أول فرصة سنحت للعراقيين وكذلك أحصاءات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الأنسان خلال حقبة حكم النظام السابق ولذلك عندما حدث التغير وأحتل العراق من قبل القوات الأمريكية وحلفائها وجاء رهط الأحزاب التي رافقت عملية التغير المشوهة هذه لم يشعر المواطن بعد مرور أشهر من أن شيئا قد تغير خصوصا بعد أنهيار الدولة العراقية ومؤسساتها وتحول قطاعات واسعة من أبناء وبنات الشعب العراقي الى عاطلين عن العمل وأزدادت أوضاع الطبقات الفقيرة بؤسا وحرماننا ونسيت فرحة التغير وسقوط النظام أضافة ألى الجريمة الكبرى في أدخال نظام المحاصصة الطائفية وتكريسه في العراق والذي كان جوهر برنامج الأحزاب الدينية سنية كانت أم شيعية وهذا ما ضاعف فقدان الثقة بعملية التغير وعدم أحساس المواطن العراقي بوجود الأحزاب السياسية القادرة على تغير هذا الواقع ولاسيما أن دور الحزب الشيوعي العراقي كان لا يرتقي ألى دور النضال المطلبي والذي كان يعرف عنه في فترات زمنية سابقة وهذا ما أضعف دور الحزب والقوى الديمقراطية والعلمانية الأخرى في البلاد .

ومع دخول البلاد مشارف الحرب الطائفية الأهلية كانت مديات فقدان الثقة لدى المواطن العراقي في أعلى مستوياتها مما جعل أية خطوة تخطوها الكتل السياسية في العراق محل شك من أنقاذ العراق وأخراجه من محنته وهو ما خلق وضعا أستثنائيا لم يعرفه العراق من قبل وافرز مظاهر غريبة في المجتمع العراقي وعن المواطن العراقي كان من بيتها ظاهرة التزوير والفساد الأداري والمالي .

2- سياسة المحاصصة تعتبر سياسة المحاصصة الطائفية جريمة من أبشع الجرائم بحق الشعب العراقي وقواه الوطنية وسيسجل التأريخ هذه الحقبة السوداء بحق أحزاب الأسلام السياسي في العراق ومن أتاح الفرصة لدخول هذه السياسة التأريخ السياسي العراقي فلقد جلبت هذه السياسة الويلات على الشعب العراقي خلال فترة سنوات قليلة ووضعت العراق على مشارف حرب أهلية أعطى الشعب العراقي التضحيات الجسيمة بالأرواح ما لم يقدمه في تأريخه السياسي وكانت مظاهر القتل وبشاعتها لا توصف خلفت ورائها الألاف من الضحايا والأيتام والأرامل وخلفت أثار نفسية لن تمحى من أذهان العراقيين وأجيالهم لعقود طويلة من الزمن الآتي وستلقي بضلالها وأثارها على المجتمع العراقي .

أن تكرار ممارسات النظام السابق ولكن بشكل واسع ومتعدد كان له نفس الأثر السيء على المواطن العراقي العادي أذ سرعان من أنتهينا من نظام دكتاتوري لشخص واحد وحزب واحد أصبح لدينا دكتاتوريات متعددة ولها مرجعيات متعددة وكان كل حزب أو كتلة سياسية لها دكتاتوريتها الخاصة مع حصة من الكعكة العراقية فمن ينهب نفط الجنوب ومن يحكم وزارة النفط ومن جعل من الوزارات ممالك لهذا الحزب أو ذاك مما زرع حالة اليأس وفقدان الثقة لدى المواطن العراقي وأصبحت ظاهرة الفساد والتزوير والسرقة ظاهرة مشاعة للكل يبدعون فيها كما يشاؤون مما جعل ظاهرة التزوير والنهب والسرقة ظاهرة لها جيشها ونظامها وسلطتها التي غالبا ما كانت فوق سلطة القانون كان لتأثير سياسة المحاصصة الطائفية الأثر السيء في حياة العراقيين لكن للأسف لم تكشف هذه الظاهرة بجرأة ولم تستعمل كسلاح لفضح من أجرم بحق الشعب العراقي وبحق بلد أسمه العراق بل مضينا بتمني النفس بأستمرار العملية السياسية وأحتمالية تطورها في الوقت الذي لا يمكن أن تستمر عملية سياسية صحيحة في ظل ظروف مشوهة وفي ظل كتل لا تفكر بغير مصالحها ومستعدة للتضحية بالعراق وشعبه في سبيل ذلك .

3- بقايا النظام السابق ومؤيديه في العراق لقد سقط نظام صدام حسين عام 2003 ومعه أنهار حزب البعث وتوزع منتسبيه على جهات كثيرة لبس قسم منهم العمامة وأطلق لحيته وحمل مسباح تماشيا مع الموجة الأتية مع المحتل وهذا ما كان مصدر الخطر على أية عملية سياسية في العراق ما لم تتم معالجته بشكل ديمقراطي أذ أن دخول هؤلاء بين ثنايا الكتل السياسية وخصوصا الدينية منها وفر حماية ذاتية لهم وجعل منهم خلايا نائمة لأجنحة حزب البعث يحركها متى ما شاء ولقد عمل الكثير من هؤلاء على تشجيع وتغذية مظاهر الأرهاب وتوفير القاعدة المادية له دون أية مشاعر بالأسى على الضحايا وكان همها الوحيد وما يزال تخريب أية تجربة سياسية في العراق وكان تغلل هؤلاء كبيرا نتيجة الفراغ الذي حصل بعد السقوط ونتيجة أنتهاج بعض أجنحة حزب البعث مبدأ التقية في السياسة والتغلل داخل الأحزاب والكتل الجديدة وكان للكتلة الصدرية دورا كبيرا في توفير الغطاء اللازم لهؤلاء وكذلك ما يسمى بالكتل التي تمثل الطائفة السنية وفي الكتل السياسية الدينية عموما .

ونتيجة لذلك عملت أعداد كبيرة من هؤلاء على أشاعة روح اليأس لدى الناس وتوفير الأرضية للدفع نحو الحرب الأهلية الطائفية في العراق وكذلك أشاعة روح عدم الثقة بالدولة والتحولات الجديدة مستغلين حالة عدم التماسك التي عاشتها الحكومات العراقية المتعاقبة وكذلك أستغلال الكم الهائل من الأموال التي تم الأستيلاء عليها قبيل سقوط النظام لدعم هذه المظاهر وقد عمد هؤلاء ألى تغذية مظاهر التزوير والفساد ونشرها وجعلها مظهرا من مظاهر الوضع الجديد مستغلين ضعاف النفوس ومن جاء ليحقق مصلحة شخصية في ظل وضع شاذ عملت على ديمومته العملية السياسية نفسها نتيجة السياسات الخاطئة في بناء الدولة ومؤسساتها وسيستمر هذا الحال مع أستمرار هؤلاء داخل المؤسسات الحكومية المدنية والعسكرية وهم ذراع أجنحة حزب البعث والخطر المحدق بالعملية السياسية وعنصر هام في أستمرار فساد النفوس والذمم وأستشراء حالة الفساد في العراق.

4- دور القوى الوطنية في فضح هذه الظاهرة لقد حذرت القوى الوطنية ومنها الحزب الشيوعي العراقي منذ بداية ما يسمى بمجلس الحكم من مظاهر عديدة كانت قد صاحبت تشكيل مجلس الحكم وتولي بريمر أدارة البلاد ومن ضمن ما حذر منه الحزب ظاهرة التزوير والفساد في العراق وخطورة ذلك ألآ أن الوسائل سواء كانت أعلامية أو عن طريق ممثليه كانت ضعيفة ولا ترتقي لحجم المشكلة وكان لأنضمام الحزب للعملية السياسية والقبول بها نتائج أثرت كثيرا على أدائه في محاربة الفساد في العراق وكان في أحيان كثير يغض النظر عن مشاكل خطيرة وجرائم أقتصادية وحالات نهب وفساد كبيرة كون الفاعل ينتمي لكتلة كبيرة وهذا ما تكرر في الوقت الذي كانت الجماهير تنتظر من الحزب الموقف الحازم من هذه الظواهر وغيرها وكانت تعول على تبني الحزب النضال المطلبي الشعبي لا النضال البرلماني بعضوين فقط وهذا حال التيار الديمقراطي بشكل عام أذ لم يكن دور الأعلام أو التمثيل في المؤسسات التي تشرف على أداء الحكومة موفقا في تعرية وفضح جرائم الفساد والتزوير وسرقة المال العام وما زال الضعف يكتنف أعلام التيار الديمقراطي ولا يوازي الأمكانات الهائلة لأحزاب الأسلام السياسي مما جعل هذا الصوت لا يسمع من قبل المواطن العادي بل أصبح الصوت الذي يملك الفضائية والتقنيات المتطورة هو المسموع والذي للأسف كان بوقا للدعاية الطائفية وللحزب والكتلة ومصالحها أن دور التيار الديمقراطي وعلى رأسه الحزب الشيوعي العراقي يعتبر من الأدوار المهمة في العملية السياسية العراقية ومعالجة الظواهر الشاذة فيها وأعتقد آن الأوان للحزب وبقية قوى التيار لمراجعة الوسائل والأمكانات لمعالجة الوضع في العراق وتبني النضال المطلبي للجماهير المتضررة ومن الطبقات الفقيرة لتعود نضالات الشيوعيين المطلبية لتكون العمود الفقري لنضالات هذا الحزب ولنكن حزب المعارضة التي تفضح مظاهر الفساد وسياسة المحاصصة وضيق الأفق القومي والشوفيني ولنعمل على أستقلالية هذا الصوت المطلبي فلقد خسرنا الكثير من تجربة العمل السابقة وآن الأوان لأن تكون تجربتنا هذه محل دراسة متأنية للخروج بصيغ وبرامج عمل أفضل تقربنا من الجماهير لخوض الأنتخابات البرلمانية المقبلة .

 

لندن في 26/2/2009


¤  ظاهرة التزوير في العراق (1)
 


 

free web counter