|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الثلاثاء 3/12/ 2012                            هادي جلو مرعي                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

غمزة عين يابو حسين

هادي جلو مرعي 

صديقي أبو حسين طرد من مدينته في تخوم ديالى عندما كان العراقيون يدفعون ثمن إنتمائهم الطائفي وجاء الى حيث أسكن في أطراف بغداد الموغلة في البؤس والحرمان وسكن في قريتنا الوادعة في دار تشبه الزنزانة في حجمها وضيقها وحرجها وقلة الراحة فيها ،لكنه إعتمد أغنية تراثية غناها كاظم الساهر قبل بداية الألفية الثالثة،تقول في بعض منها ،

إشجابرك على المر

غير الأمر منه

ماخايف من النار نار العشك جنه
 

إشتغل أبو حسين سائقا لسيارة حمل صغيرة (على باب الله ) مضت الأمور طيبة وقد أحبه أهل القرية وإعتادوا عليه ،كان طيبا للغاية ودودا يألف ويؤلف ويساعد الناس قدر المستطاع الى أن جاء اليوم الأسود حين قام رجال المرور الأشاوس في حملة بطولية ناجزة بإحتجاز سيارته لمخالفة مرورية بحجة ( رقم الشاصي ممسوح ) لم يكن أبو حسين يدري بعملية التقفيص المتعلقة بهذا النوع من المخالفات فقد إستطاع أحد المواطنين إنقاذ سيارته من الحجز ونفسه من القهر والحزن وكثرة المراجعات بأن دفع رشوة مقدارها 2500 دولار وخرج مع كلمات طيبة من ضابط المرور وشرطي المرور اللذين إعتذرا إليه بعد أن تم تحصيل المبلغ كاملا .
 

راحت سيارة أبي حسين الى الحجز في أبو غريب أو في الحصوة ،لا أعلم بالضبط، وصار يراجع الدوائر المرورية المختصة لفك الحجز ومرت الأيام وصارت أسابيع ثم تطورت الى خمسة أشهر وقد تعطل رزق عياله ولم يعد منشغلا سوى بكيفية إنقاذ السيارة التي تلقى بسببها عدة دعاوى مرورية بحسب الضوابط المرعية في دوائر المرور وتطلب منه أن يأتي بكفيل يكفله ،وفي آخر لقاء قال لي،والله ياأبا حسن لولا الكفيل لتركت السيارة فقد دفعت حتى اللحظة ستة آلاف دولار إستدنتها من هذا وذاك عدا ماأملك في منزلي مما إدخرته لأيام الدنيا السوداء،وصرت أتنقل من دائرة مرورية الى أخرى ومن محكمة الى أخرى أيضا حتى قررت ترك السيارة ومبلغ الستة آلاف دولار الرشوة التي دفعت طوال الأشهر الخمسة الماضية لكنني تراجعت فإذا تركت المعاملة فإن الكفيل سيكون في مرمى نيران المرور وسيتورط خاصة وغن السيارة لم يعد لها قيمة بعد ان دفعت مبالغ طائلة كرشى بينما سعرها يقرب من التسعة آلاف دولار وهو مبلغ ميت بعدما دفعت من رشى.

طيب ياأبا حسين،وماذا بعد؟ قال،والله ياأبا حسن وصلت والحمدلله الى خط النهاية فقد كادت المحكمة أن تحكم بالإفراج عن سيارتي لولا أن القاضية قررت التأجيل فقد ذهبت أمس الى دائرة مختصة في ( أبي غريب ) كما يسميه المصريون ودخلت على فتاة جميلة (لابسة ستريج ) والى جوارها شاب وفي يدها (أمري وأمر إلي خلفوني ) وقلت لها ،الله يخليك والله تعبت طوال هذه الشهور فما كان منها إلا أن غمزت بعينها لزميلها كما كانت تفعل المطربة (سميرة توفيق) بعد نهاية كل مقطع غنائي وقالت،إنتظرإشوي ،ثم طلبت مبلغ مائة ألف دينار عراقي توسلتها لتخفضه .

ملاحظة أخيرة، قد يكون أبو حسين فك الحجز عن سيارته ،لكن عمليات الحجز المبرمج مستمرة على قدم وساق في بلاد العراق ،وغمزة عين يابو حسين.

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter