|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  10  / 8 / 2021                                 حكمت حسين                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



إسألوا منظمات الخارج أو غوغل

حكمة إقبال
(موقع الناس)

الى الرفاق في اللجنة المركزية للحزب
وأخيراً حسمَت غالبية واضحة من رفاق الحزب الشيوعي العراقي الموقف من الإنتخابات القادمة لصالح المقاطعة لأسباب عدة منها عدم توفر القناعة بأن الانتخابات القادمة ستؤدي الى التغيير المطلوب، وهنا بدأت مهمة جديدة أمام منظمات الحزب لشرح خلفيات القرار وآفاق التعامل مع العملية الإنتخابية والسياسية مستقبلاً، وهذا الموضوع متروك للمعنيين بإنجازه على الشكل المطلوب.

أود مناقشة فكرة مهمة في موقف الحزب للمشاركة في أية انتخابات لاحقة تتعلق بالقانون الإنتخابي ذاته، وهو حجر الأساس في أية إنتخابات وفي أي وقت قادم.
يطرح الحزب في وثائقه المُعلنة والداخلية، وآخرها في نهاية الشهر الماضي، رؤيته للقانون الإنتخابي ويختصرها كما يلي: "نطالب ان يكون العراق دائرة واحدة وقائمة مفتوحة، ويمكن في حال تعذر ذلك القبول بالمحافظة دائرة واحدة".

لا أدري لماذا تحصر قيادة الحزب رؤيتها في هذين الإقتراحين؟؟ وكلاهما غير مكتملين لتحقيق عدالة حقيقية في إحتساب الأصوات وبالتالي تحقيق العدالة في التمثيل النيابي لأصوات الناخبين.

- يمكن لفكرة أن يكون العراق كدائرة واحدة ان تحدث خللاً في التمثيل المناطقي لعموم العراق، فتكون مشاركة عالية في محافظة أو أكثر ان تحصد أصوات وبالتالي مقاعد أكثر على حساب محافظة أو أكثر تكون نسبة المصوتين متدنية لعدد السكان في تلك المحافظة، وينتج لنا برلمان مشوه من حيث التركيبة المناطقية، وربما بالتالي التركيبة التي يطلق عليها "المكوناتية".
ويبدو ان الحزب واثق من عدم تحقق هذه الفكرة بالقول "ويمكن في حال تعذر"، فقدمَ الاقتراح الآخر.

أما مقترح إعتبار المحافظة دائرة واحدة، لاحظنا في الإنتخابات الأربع السابقة قد أنتجت فقدان الأحزاب المدنية الصغيرة لأصوات مؤيديها في المحافظات التي لا يبرز فيها مرشح قوي يحصل على مقعد واحد في محافظته، وتجربة الحزب في انتخابات 2014 و 2018 دليل على ذلك، حيث انتقلت أصواتنا الى غيرنا.

ما هو الحل إذن؟؟ انا أدعو اللجنة المركزية للحزب للبحث في التجارب الإنتخابية وقوانينها في بلدان الديمقراطيات العريقة، وأرجو ان تساهم منظمات الخارج، اذا كانت قادرة، لتقديم خبرة تلك البلدان وتضعها أمام رفاق الحزب عموماً ودراسة البديل المناسب بما يضمن عدم فقدان أي صوت إنتخابي يحصل عليه الحزب الشيوعي العراقي، أو حتى الأحزاب الأخرى، بسبب نظام توزيع الأصوات.
وبالطبع يمكن الإعتماد على محرك البحث غوغول لتقديم كل ما يتعلق بالنظم الإنتخابية.

عندما وضع عالم الرياضيات الفرنسي أندرية سانت لييغو نظام فرز الأصوات الانتخابية، لم يكن يخطر بباله ان يأتي برلمان العراق ويتلاعب بطريقة تقسيم الأصوات (1-3-5-7)، ولو عاد للحياة الآن ما تراه يقول لأعضاء برلمان العراق الذين تلاعبوا بنظامه وقاموا بتغيير جوهر فكرة نظامه الحسابي، الذي كان يريد به ان يمنح كل الكتل والقوائم ، كبيرها وصغيرها حق التمثيل، معتبراً ان هذا حق طبيعي للناخبين. جماعة برلمان العراق اختاروا التلاعب لمنع أي كتلة، غير الكتل والقوائم الكبيرة والمتحاصصة فيما بينها، والتي تمتلك سلطة السلاح والمال الفاسد وتغلفها بالدين والطائفة، من الحصول على مقاعد برلمانية بتشتيت اصوات ناخبيها عبر نظام الدوائر.

تعتمد الديمقراطيات الراسخة في اوربا مثلاً نظام سانت ليغو أو نظام هونت، نسبة الى الحقوقي البلجيكي دانيا هونت، ويُعتبر عند بعض البلدان أكثر دقة في توزيع الأصوات (1-2-3-5) وهذا يعتمد على توزيع البلد جغرافياً وإدارياً. وفي الدنمارك اعتمد هذا النظام حتى عام 1920 حينما استبدل بنظام سانت ليغو ، وجرى اعادة العمل به منذ 2007 بعد تغيير تركيبة التقسيم الاداري ودمج المدن وتقليص عددها. ولكن المهم ان كلا النظامين يؤمن توزيع عادل للأصوات، يتم فيه جمع اصوات الأحزاب الأصغر ليصار الى تمثيلها اذا تجاوزت التعبة الانتخابية.

حتى تتحقق العدالة يجب ان يكون هناك نسبة 40% من مقاعد البرلمان يتم حسابها على ان العراق دائرة واحدة، وستحقق هذه النسبة تمثيل الأحزاب الأصغر من الأحزاب الفاسدة والمتنفذة، ونسبة 60% ستحقق التوزيع الجغرافي المطلوب لممثلي الشعب .
وكذلك أصوات المكونات الدينية والأثنية الأخرى يجب ان تحتسب على ان العراق دائرة واحدة بحيث لا تضيع أصوات بعضهم ممن لا يسكنون في المحافظة التي حدد المقعد فيها، (مثال مقعد الكورد الفيلية حُدد في محافظة واسط فقط).

أما ما يتعلق بقرار المقاطعة، وقد أقرتها أغلبية رفاق الحزب الآن، فيجب ان تتحول الى حركة احتجاجية واسعة ضد الإنتخابات غير العادلة، تنطلق من تأمين قاعدة جماهيرية واسعة من شرائح وفئات الشعب المتضررة، وأن تتجاوز الإحتجاج الداخلي الى الفضاء الدولي.

اسألوا يا رفاق عن خيارات اخرى للقانون الإنتخابي غير ما وردت اعلاه، أستشيروا ذوي الخبرة المهنية والأكاديمية في الأحزاب الصديقة في دول عرفت الديمقراطية الحقيقية قبلنا بعقود، وليس هناك ما يعيب التعلم منهم، خدمةً للشعب والوطن، وإطرحوا بديلا جديداً للقانون الإنتخابي وطالبوا المجتمع الدولي بدعم الخيار الجديد، معتمدين على ان 28 دولة اوروبية وامريكا قد أصدرت بياناً في الشهر الماضي في مجلس الامم المتحدة لحقوق الإنسان أدانت فيه تعرض الناشطين الى الإغتيال والخطف، ويجب علينا استثمار هذا البيان في نشاطنا اللاحق، ولا نكتفي بنشره في صحافتنا فقط.

ومثلما طرحنا وسنواصل، مشاريع وثائق مؤتمر الحزب القادم للنقاش العام، أقترح ان يُطرح موضوع القانون الإنتخابي للنقاش العام أيضاً، وإقامة جلسات حوار حزبية وأكاديمية لتعميق النقاش نحو الصيغة الأفضل، لتكون هدف نضالي مهم لبناء الديمقراطية في العراق.

على الحزب التفكير بالجدوى عند كل اجراء سياسي حتى تكون القرارات ليس مجرد رد فعل وإنما ادراك الواقع وآفاقه المستقبلية.




10 آب 2021
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter