|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

 الأحد  7  / 9 / 2014                    حسين فوزي                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

دولة اللحظة الأخيرة

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com


من يرجع إلى بدايات تأسيس العراق الحديث الموحد من الولايتين والموصل المضافة عام 1923، يلاحظ مجموعة من اللحظات الحرجة في تاريخه، بدءأ من موعد تتويج المرحوم فيصل الأول، الذي اراده في يوم بيعة الغدير، الذي كان يصادف يوم 23 آب 1921، وبين ما كان قد يؤجل التويج، وفي "اللحظة الأخيرة" تم التتويج في يوم بيعة الغدير نفسه لإصرار الأمير فيصل.

وفي عام 1923 حين كانت المعاهدة العراقية البريطانية ومصير الدولة العراقية على المحك، تم جمع النواب في "لحظة ليل استثنائي" للمصادقة على المعاهدة وفق معادلة فيصل الأول بأغلبية صوتين فقط في "اللحظة الأخيرة".

ومرة اخرى عادت لنا "اللحظة الأخيرة" عند أختيار رئيس مجلس وزراء الحكومة المؤقتة ووزرائه بعد خلع النظام الشمولي، مروراً بـ" اللحظة الأخيرة" لإستكمال الدستور وفق الجدول الزمني لإنتقال السلطة والاستفتاء عليه، وصولاً إلى "لحظة" تشكيل الحكومة الناقصة للولاية الثانية للسيد المالكي.

هذه "اللحظة الأخيرة" تعني حجم التضارب والتناقض وعدم الثقة بين القوى السياسية، وهي هوة كبيرة غير معهودة في الديمقراطيات العريقة، فحتى إيطاليا التي تعاني من اشكالات عديدة في تحقيق أغلبية نيابية، واحياناً إسرائيل، هناك مدد محددة يجري فيها جمع اغلبية نيابية أو العودة للشعب. لكن الاتفاق على تسمية رئيس الوزراء المكلف الحالي كان قضية استدعت طرح العطل الرسمية، وأخيراً استنفاذ حتى الدقائق الأخيرة من مهلة التكليف.

وها نحن مرة اخرى أمام ضغوط اللحظة الأخيرة، فكتلة اىحاد القوى الوطنية تطالب في وسائل الإعلام بنسبة 40% من مؤسسات الدولة، بدءاً من تشكيلة مجلس الوزراء، بغض النظر عن حجم الكتل ونسب السكان. والواضح توظيف بعض القوى السياسية "اللحظة الأخيرة" ورقة للضغط، بالأخص على التحالفات المشكلة للاغلبية التاريخية (الشيعة والكورد).

والمأساة أن هذه الضغوط تأتي فيما العراق يعاني من غزو اجنبي، مع أن العادة في الدول حين يتهدد الوطن والشعب، يتم القبول بالشراكة في القرار وليس اقتسام المقاعد، لإضفاء عمق وطني على القرار السياسي في "اللحظة الحرجة".

ومع أن الحشد الوطني من الأخوة العربية الكوردية قد تمكن من تحرير الكثير من النقاط الإستراتيجية العراقية، وارغام الظلاميين على التقهقر، فأن كسر حصار آمرلي وتحرير مناطق اخرى، يستدعي حشداً للجميع، سواء من خلال حل تظلمات المحافظات الساخنة، وبقية المطالب بشان الشراكة العادلة في القرار والموارد، أو الكف عن المطالب التعجيزية، لإنجاز حشد متماسك عام يسد كل منافذ اعداء العراق ويطرد داعش وإقامة السد الحصين بوجه أية هجمة على الدولة المدنية الإتحادية الديمقراطية من الخارج أو الداخل.

وهذه هي مهمة "اللحظة الأخيرة" لرؤوس السلطات الثلاث وبقية القادة السياسيين الذين ينبغي ان يشدوا أزرهم، في تاريخ الدولة العراقية ، وهي عند مفترق طرق خطير لاختراق الآزمة السياسية.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter