|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

 الثلاثاء  3  / 2 / 2015                    حسين فوزي                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

خطوات اقليمية للتغيير والتقدم

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com


من يتابع الخطوات التي اقدم عليها ملك السعودية الجديد يلاحظ مجموعة من الملامح المهمة، في مقدمتها ان الأمير الملكي محمد ابن نايف صار ولي ولي العهد، وهو أول امير سعودي من احفاد الملك عبد العزيز، وهي نقلة شبابية نوعية، بالأخص عندما نعلم ان الأمير محمد من اشد المحاربين للقوى الظلامية الإرهابية، حد انهم حاولوا اغتياله، ليس فقط لكونه يحاربهم بشدة، بل ووضع برنامجاً يشجع على التراجع عن التطرف والتزمت، من خلال التثقيف والحوار والحرص على الأتصال بالشباب المتشدد ومناقشته من خلال "لجان المناصحة". ويطيب لـ"حلفائنا" الأميركيين تسميته بـ"جنرال محاربة الإرهاب". وعموماً يمكن القول ان هناك اكثر من نقطة التقاء بينه وبين الجهد العراقي والعالمي لمحاربة التطرف التكفيري.

كما ان العديد ممن يتحدثون بلهجة متشددة ضد السعودية يجهلون حقيقة ان المرحوم الملك فهد ومن بعده الملك عبد الله اخذا بالكثير مما طرحه "الأمراء الأحرار" الذين كانوا قد انشقوا رسمياً عام 1962، وهم الأمراء الملكيون ابناء الملك عبد العزيز آل سعود، طلال رئيساً للحركة ومشاري و بدر وتركي وفواز ضمن قيادتها الرئيسة.

وكان الملكان فهد وعبد الله من محبي العراق وداعيان للتغييرات التدريجية السلمية في دولة قامت على الدين، وهي مركز الحرمين الإسلاميين الرئيسين، الكعبة وقبر سيدنا الرسول محمد. وهذان الملكان عملياً اقرب كثيراً إلى فكر "الأمراء الأحرار"، لكنهما من الحنكة والفطنة ما دفعهما إلى الحرص على تجنب اية مواجهات علنية وصراعات سافرة مع التوجهات المحافظة المتشددة. كما ينبغي الأشارة إلى انه ومنذ تصفية "الأخوان" المتمردين على الملك عبد العزيز عام 1928لم يعد التعامل مع الشيعة على انهم "كفار"، دون ان يعني هذا نيلهم حقوق المواطنة كاملة، مع ملاحظة حقيقة ان زعماء بارزين للطائفة الشيعية كانوا اصدقاء للملكين الأخيرين.

وجاءت المراسيم الملكية بتشكيل حكومة الملك سلمان وكبار المسؤولين في الدولة، ضمنها مؤسستا الأفتاء والدعوة للمعروف والنهي عن المنكر، تعبيراً عن توجه يتسم بقدر ملحوظ من المنهجية العلمية لشخصياتها من حملة شهادات علمية رفيعة في تناول ثوابت الدين، وترجيح مبادئ التيسيير والرحمة والتسامح وليس التشدد، مع التشديد على ملاحقة الفساد في الدولة. وهي توجهات تسنجم وكل طروحات الحليف الأميركي وبقية الغرب المهدد بالإرهاب.

ويبدو بأن السعودية بعاهلها الجديد تحرص على التحديث والتخفيف عن المواطنين داخلياً، وهي اقليمياً اوضح وأشد تمسكاً بحيوية شباب ولي ولي العهد في محاربة الإرهاب، وهو امر يعني المزيد من الانفتاح على العراق ولبنان وإيران ومصر، برغم كل ما يبدو عليه المنظور السياسي من تباين في توجهات هذه الدول، بالتالي المؤمل ان يجري استعجال حسم المعركة ضد الإرهاب وداعش، بدعم المصالحة الوطنية العراقية واستكمالها بتوقيتات سريعة، بالأخص ان تم تمكين السيد حيدر العبادي من مواصلة منهجه في تنفيذ الاتفاق السياسي العراقي الذي "وَّلدَ" حكومته.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter