|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

 الثلاثاء  30  / 9 / 2014                    حسين فوزي                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

عالجوا الأسباب وليس الرواتب فقط

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com


ليس قطع استحقاقات الإقليم، وعدم استلام الموظفين والمتقاعدين والمستفيدين من نظام الرعاية الإجتماعية لحقوقهم، وتداعي القدرات الشرائية لمواطني الإقليم، وانحسار الطلب على السلع عدا ضروريات الحياة، هذا التقشف المفروض كله من معطيات الخلل في العلاقة بين الحكومة الإتحادية والإقليم، وهو خلل ممارسة العقوبات الجمعية ضد كوردستان، الحرب غير معلنة وغير شرعية بغض النظر عن كل المبررات.

إن ما يعانيه مواطنو كوردستان يؤشر حقيقة بالغة الخطورة وهي ان اية طموحات في ظروف غير مؤاتية، بل الأصح ان توتير العلاقة مع بغداد لن يكون في كل الأحوال في مصلحة شعب كوردستان، تماماً مثلما أن توتير بغداد علاقتها مع الإقليم يعني وأد طموحات الجنوب والوسط.

وبالطبع فان من الأخطاء الجسيمة التي الحقت ضرراً باهلنا في كوردستان و"اطلقت" العنان لعسكرة المجتمع في بغداد وبقية ارجاء العراق، الخطاب المتشنج للسلطة التنفيذية، ورموزها الرئيسة: رئيس الوزراء ونائبه، بجانب بعض المتحدثين غير المسؤولين ممن يحاولون استرضاء "ولي الأمر" والمزايدة.

إن الحديث عن صرف رواتب موظفي الإقليم لا يعني شيئاً في رسم سياسة الدولة، فهو مجرد اجراء تنفيذي منعزل ما لم يتم تغيير جذري في اسلوب تعامل بغداد مع اربيل، وتشخيص اربيل بأن الدولة العراقية الحالية كيان دستوري وقانوني وسياسي "ملزم" دولياً، وقبله ملزم "محلياً". كل شيء بين أطراف هذه الدولة ينبغي ان يتم بالتشاور وصياغة قرارات مشتركة، سواء اكانت لتعزيز وشائج الدولة الإتحادية أو "تفكيكها"، في ظل حقيقة ساطعة هي ان كل الظروف ليست مواتية بعد لإقامة دولة كوردستان الكبرى ونواتها كوردستان العراق.

ينبغي وعي مسؤولي بغداد وكوردستان أن الشرخ في علاقتهما يعني عملياً فسح المزيد من المجال لقوى متعددة، كان بعضها مفاجآة ليس للطرفين فقط بل حتى للحلفاء الكبار، واشنطن ولندن. ولكي لا نكرر ما عشناه جميعاً منذ نهاية عام 1961، بكل خسائر الموارد والطاقات والأرواح، من الضروري المبادرة إلى صياغة علاقة واضحة شفافة تعتمد رؤية معاصرة للعلاقة بين مركز السلطة الاتحادية وبقية الدولة، ليس الإقليم وحده بل حتى المحافظات، بدءاً من البصرة المظلومة المحلوبة دوماً، مروراً بمحافظات ينهشها غياب فرص العمل وتطوير البنى التحتية: محافظة المثنى، ومعاناة ذي قار و"ميشان" العريقتين المهملتين سابقاً. وهي امور ادت إلى ارضية صالحة لأية مليشيات لولا بعض جهود مسؤولين محليين.

الأصل اليوم ليس دحر داعش وحدها، وليس مشاركة المحافظات الغربية في الحكومة، إنما المشاركة في القرار، يعني سلطة الجميع لخدمة الشعب، وليس سلطة بسماركية، لذلك فأن مطالب قوانين المجلس الاتحادي وعدالة توزيع الموارد والنفط والغاز، والمحكمة الاتحادية لدولة مدنية، وقانون الأحزاب، واستكمال المادة 140 بجدية واخلاص، واحترام خصوصيات المناطق المتنازع عليها ضمنها كركوك، من كل الأطراف ونبذ المزايدات، الطريق العملي للخروج من أزمتنا الحالية، ضمنها الاحتلال الظلامي، ومنع تكرارها..

فهل من رؤية استراتيجية عربية كوردية ديمقراطية بعيداً عن المزايدات والمكاسب الحزبية الضيقة؟!؟
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter