|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

 الأثنين  25 / 11 / 2013                    حسين فوزي                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

لسعة قلم

وداعاً أيها المتفاني

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com


برغم قانون حماية الصحفيين وحقوقهم، فالحقيقة الكبرى هي ان غالبية الصحفيين، شأن بقية العراقيين العاملين في القطاع الخاص أو شبه الرسمي، يعانون من “تشغيل” جائر لساعات تتخطى طويلاً ساعات العمل المتعارف عليها في قانون العمل.

لكن بعض الصحفيين، من اصحاب القضايا المعنية بالإنسان وحقوقه الديمقراطية، سواء على صعيد الحريات العامة والخاصة، ام الحقوق المشروعة لمكونات المجتمع، يقدم الكثير في عمله، من حيث النوعية في افضل أداء، وفي المجال الكمي من حيث تكريس نفسه للعمل بغض النظر عما يتقاضاه من اجر، يجد العقائديون، سواء اكانوا افراداً ناشرين او قوى سياسية لها وسائل إعلام، في هذا التفاني حالة منسجمة مع الالتزام الفكري والتضحية من اجل الوطن والإنسان والديمقراطية والحقوق القومية، لبناء دولة العراق والإقليم على ركائز المؤسسات والقيم الديمقراطية المعاصرة.

وقد كان زميلنا عبد الهادي مهدي، ابو حسن، بحق احد الإعلاميين الذين كرسوا كل طاقاتهم ليل نهار، من اجل الرسالة التي نذر نفسه لها منذ كان صبياً في خانقين. ورحل نائب رئيس تحرير “الاتحاد” وهو في مكتبه، الذي كان يغادره فقط من اجل ان يحظى بلحظات من نور الشمس، إن تذكر حاجته لشيء من اشعتها. وبقدر ما كان يتابع مفردات صفحات الاتحاد، كان يسرف في التدخين وتناول الشاي، مع اقل قدر من غذاء يناسب رجلاً يستهلكه العمل المكتبي.

رحل عبد الهادي مهدي وزملاؤه يتذكرون رقة تعامله وصراحة تناوله للموضوعات، مع اقصى درجة من الحرص على تجنب ما يسيء للوحدة الوطنية في كردستان والعراق، مستلهما افكار أمين عام الاتحاد الوطني ومقررات الحزب في عدم هدر اية فرصة لتعزيز تماسك العراق والإقليم.

اعطى الرجل جل ما يستطيع، ولم يكن قد ادخر لنفسه أو اسرته شيئاً يستحق الذكر، عدا سمعة الصحفي المتفاني من اجل المبادئ والقيم المهنية.

وما قدمه الراحل “ابو حسن” يضع في المقابل كل من عرفه، وكل معني بالقضية التي قدم دمه قطرة قطرة من اجلها، أمام واجب يتخطى تقديم العزاء وتكريم ذكرى الراحل، إلى واجب حماية الحقوق غير المرئية للرجال والنساء الذين يتفانون من أجل رسالة إعلامية ملتزمة.

إن رحيل الزميل عبد الهادي مهدي يضع الجميع في الدولة العراقية، ضمنها الإقليم، امام سؤال كبير عما يحق لمن كرس دمه حبراً لقلمه، وتسخير كل خلية من عقله لملاحقة الصراع من اجل القضايا المركزية في اجواء قاسية ترهب الكثيرين.

وعسى قافلة الراحلين، من زملاء شهاب التميمي، وعشرات الصحفيين العراقيين، ان تحث على ضمانات حقيقية للعمل الصحفي، بدءاً من ساعات عمل لا تزيد عن 7 ساعات، ورواتب مجزية، وبيئة عمل لائقة ضمنها مطعم نظيف، ووقف اي شكل من اشكال التدخل السياسي أو الدعائي في عملهم.

وسيظل رحيل كل زميل يوما قادما، لكن هل نستطيع نحن الباقون بعدهم من تكريم ذكراهم وحماية اسرهم بشكل لائق؟!؟

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter