|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

 السبت  24 / 8 / 2013                    حسين فوزي                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الضباب

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com


بعد وفاة الرئيس عبد الناصر تولى الرئيس السادات السلطة في مصر، وتحت وطأة الضغوط الشعبية كان السادات يعلن عن قرب حسم تحرير الأراضي المصرية، ثم يعود ليتحدث عن ضباب يحول دون الحسم.
حتى صار الحديث عن التحرير أقرب إلى "كذبة نيسان" دائمة في مقاهي مصر وفكاهتها اللاذعة. لكن القيادة العسكرية الوارثة لتراث الشهيد عبد المنعم رياض ووزير دفاع بحق هو الفريق الأول محمد فوزي، واصلوا الأستعدادات ليستكلمها مخطط العبور الحقيقي الفريق البطل سعد الدين الشاذلي، في حساب كل شاردة وواردة في الاقتحام، فكان انتصاراً لإرادة التحرير وتفاوض يستمع فيه الإسرائيليون إلى مصر، لأن الحديد ساخن، ولم يعد في وسع القيادة الإسرائيلية التعكز على ما صورته من العجز المصري والعربي والإسلامي.
كان هناك هدف تصدت له الإرادة المصرية، وادركت القيادة السياسية بعد محادثاتها المتواصلة مع كيسنجر درساً مهماً لخصه بأن "الحديد لا يطرق وهو بارد"، فزاد هذا الدرس الكيسنجري من القناعة بالحاجة إلى طرق عسكري. وكانت القوات المسلحة وكل اجهزة اسنادها أمام تحدي استرجاع الكرامة، فتحقق انتصار المقاتل المصرى على خط بارليف والمخابرات الإسرائيلية وكل ما قيل عن احدث المعدات الغربية.
والأساس في انتصار العبور المصري هو وضوح الهدف في ضمير كل مقاتل ومواطن مصري: الإرادة في تحرير الأرض واستعادة مصر لكل الفرص التي ضاعت نتيجة فقدان الأرض والاستخفاف العربي والدولي.
نحن في العراق نخوض حرباً من نوع آخر، هي مواجهة القتل الجمعي التكفيري التدميري، ومحاولة إعادة عقارب الزمي للوراء.
وكل ما يجري من هجمات على السجون والأحياء السكنية للعرب والكورد والتركمان وبقية المكونات، استهداف لحلم عراقي في بناء دولة ديمقراطية اتحادية، حلم مع الأسف يسهم بعض السياسيين من ضمن النظام بالنيل منه، من خلال عدم الوعي بالمعنى الحقيقي لحاكمية الدستور ومضمونه بحماية الوحدة الوطنية بالتوافق الوطني.
ولا ينبغي تحميل طرف لوحده من الأحزاب الشيعية أو السنية أو غيرهما مسؤولية الوهن والأختراق الخطير الذي تتعرض له العملية السياسية، فالمسؤولية مشتركة، "تضامنية" كما قال رئيسنا طالباني، لأن كل طرف، أو على الأقل من يحسب على هذا الطرف أو ذاك، يتباهي بكيل الإتهامات للأخرين، وليس البحث عن المشتركات التي جمعت القوى السياسية في ميثاق بناء دولة وصفها الدستور.
والمؤلم أن كل طرف من موقعه يتصور انه لم يعد بحاجة للاخرين، فكان التنافر الثغرة التي حرص القتلة على توسيعها لتنفيذ عمليات اكبر.
ولست هنا بخصوص الدفاع عن أحد، لكن واهم من يتصور أن لقوى الآغلبية مصلحة في كسر السجون أو القتل الجمعي، دون ان يلغي هذا وجود متواطئين يتأمرون على سلامة العراقيين ومؤسسات الدولة وسط الأطراف المتنافرة موظفاً ضباب النزاعات.
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter