|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

 الخميس  23 / 1 / 2014                    حسين فوزي                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

اركان الدولة

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com


عندما يقال بأن فيصل الأول باني الدولة العراقية الحديثة، ومحمد علي باشا باني الدولة المصرية الحديثة، وستالين باني الدولة السوفيتية، وجيفرسون باني ركائز الشرعية الدستورية والقانونية وضمان حرية المعتقد الديني في الولايات المتحدة، فأن هذه التوصيفات تأتي من طبيعة الدور الكبير لكل منهم، بغض النظر عن الفرق الهائل بين ابو التشريع الأميركي جيفرسون وبين ستالين في انتهاك حقوق الإنسان وتصفية حتى رفاقه.

واليوم نحتاج بشدة إلى بصمات رجال دولة تبني فوق بعضها لإستكمال بناء الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية، بناء يمكن القول بأن العمل على تسييد "دولة القانون" كان بصمة مهمة فيه. ومراجعة اجتثاث البعث في "المساءلة والعدالة" ورفض وصاية المسلحين على المواطنين، والكف عن نهج العقوبات الجمعية الانتقامية، وملاحقة الأفراد المتهمين بأية جرائم زمن الشمولية بالقضاء، بصمات اقتراب من قيم المواطنة، وليس على طريقة محاكمات 1948 بعد وثبة كانون حين كان رئيس المحكمة العسكرية يقول "من أبو عقال إلى المفرع سجن 10 سنوات"!!

وضمن الحاجة إلى رجال دولة وملاك مساند لهم، ينبغي الحديث عن العلاقة بين القوى السياسية بمنتهى دماثة المسؤولية، وليس بالتجني، الذي يزيد من التوتر، فيما قوى التكفير والقتل الجمعي تتسلل وتصعد ضربات اثيمة للجميع. وينبغي أن يكون الحديث عن القضاء والملاحقة القانونية منوطاً بالمعنيين مهنياً، بكل ما يعرف عن رجال القضاء من دقة وتحفظ في منطوقهم، وليس زج القضاء ومهامه في المعترك السياسي، بجانب التشكيك بمسؤولين سياسيين من أركان الدولة، سواء راق لنا وغيرنا ذلك أم لا. فالرئاسات الثلاث هي من اركان الدولة، بقدر ما يعنيه التزام المكلف بالمهمة من حرص على الدستور والقانون والمصلحة الوطنية والعامة والابتعاد عن التكسب، لذلك فأن للرئيس طالباني لمساته في لم الشمل وكسر جليد الخلافات المتراكمة، ولرئيس الوزراء لمسته في مفاهيم حكومة الوحدة الوطنية وتسييد القانون في ولايته الأولى، وللرئيس النجيفي لمساته بقدر توليه مهام عمله رئيساً لكل الكتل وساعياً إلى توافقها. لذلك فاي حديث عن اي من "دولهم" ينبغي انطلاقه من احترام المهمة والشخصية التي تتولاها، التي لم تأتِّ لها من فراغ، إنما بفعل اصطفافات اجتماعية بجانب المواهب الشخصية.

إن استسهال التعريض بأي مسؤول عام، بدون أدلة، والتجرؤ على الحديث بلسان القضاء، يعد عملاً من اعمال الدلالين في الأسواق العامة، وليس حتى عملاً من اعمال دلالة العقارات، بكل ما يعنيه من استخفاف برموز الدولة، وتصعيد اهوج ضار، في ظرف نحن احوج ما نكون فيه للوقوف خلف ابنائنا في القوات المسلحة، والوقوف وراء كل من يسعى للم الشمل، سواء من خلال وثيقة الشرف للسلم "الاجتماعي"، أو اللقاءات والمباحثات التي نشهدها بين بغداد واربيل، وحتى الأستماع لرأي الأصدقاء، سواء في طهران أو "واشنطن"!؟! وبغيره نصدع اركان الدولة.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter