|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

الأربعاء  22  / 4 / 2015                    حسين فوزي                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

لنساند حيدر العبادي ضد ماري انطوانيت

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com


لم تكن المرة الأولى التي يتعرض فيها العراق إلى انحسار كبير في عوائده النفطية، فبعد وقف الحرب العراقية الإيرانية شهدت اسعار النفط انخفاضاً كبيراً، فكان من ذرائع الشمولية لتبرير مخططها العبثي في تمزيق الصف العربي وغزو الكويت، بكل ما ادى له من انهيار "قيم" الامن القومي، والأعتماد على القوى الكبرى بدلاً من الثقة بـ"الأخوة العربية".

ومع ان حجم الإنفاق كان في الأصل مضغوطاً، عدا ديون المعدات العسكرية ومشاريع التصنيع العسكري ضمنها اسلحة الدمار الشامل، فان الرواتب الشهرية كانت منخورة بفعل التضخم حد ان المواطن بالكاد يتمكن من شراء بضع مواد غذائية، لكن القبضة الدموية لأجهزة النظام حالت دون تبلور السخط الجماهيري في نشاط جمعي، بحكم العسكرة التي شملت كل شيء، حتى القيادة السياسية للبلاد التي أُخضعت لتراتبية عسكرية مستوحاة من النازية. لذلك تحول خلع النظام الشمولي إلى إرادة شعبية تتجاوز المطالبة بالديمقراطية وحرية الرأي والتعبير والتعددية الحزبية إلى حق المواطن في لقمة خبز تتخطى مكرمة طبق البيض والدجاجة المسلولة.

ونواجه حالياً ظرفاً مشابها، لكن في ظل دولة مدنية ديمقراطية تضمن حق الرأي والتعبير والتظاهر والتجمع السلمي، بالتالي فأن المواطنين قد ينتظرون قليلاً، لكنه لن يطول، ما لم يشهدوا مشاركة المسؤولين في تحمل الأعباء الناجمة عن هذا الظرف الطارئ الذي قد يستمر فترة. لذلك فأن الرئاسات الأربعة تواجه مسؤولية تاريخية في وضع خطة شاملة للحد من الإنفاق تؤدي إلى تعديلات ضرورية في قانون موازنة 2015، أو على الأقل المناقلة بين ابوابه، بقصد الا يترك العبء على كاهل الدخول الدنيا. وينبغي انطلاق هذا الاجراء من مراجعة لكل هيكل الرواتب وتعديلات تقتطع من مستحقات الدرجات العليا، في اصل الرواتب والمخصصات والحمايات و"اللوازم" الأخرى، بما يطمئن بان شد الحزام يشمل الجميع.

وإذا ما كانت انتفاضة شباط 2011 السلمية قد اتخذت بعداً سياسياً اجتماعياً يطالب بمعالجة الأزمة السياسية، وفشل الحكومة بمعالجتها وفق البرنامج الذي ادت بموجبه يمينها الدستوري، فأن الأزمة هذه المرة تتخطى الوضع السياسي، وهي اعمق بكثير، بالأخص واجزاء مهمة من الوطن محتلة من القوى الظلامية.

عسى ان تصطف القوى الوطنية المدنية الديمقراطية وكل الفاعلين في العملية السياسية وراء رئيس الوزراء لإنجاز عمليته الجراحية الصعبة في بتر الإمتيازات، لكي لا يكون في موضع يشبه ما كان عليه لويس السادس عشر، الذي ادرك الحاجة إلى اصلاحات جذرية، لكن اصحاب الإمتيازات المترفين تتصدرهم زوجته الملكة ماري انطوانيت، قاوموه حتى حلت الكارثة.

وبحكم متابعة شخصية لسلوك السيد حيدر العبادي فأن العراقيين يتوقعونه ألا يستكين لأية ضغوط، ويضع نصب عينيه فقط مصلحة العراق الموحد الاتحادي في إشاعة العدالة عبر توزيع عادل للموارد، فيقدم بدعم من بقية الرئاسات على عمليته الجراحية الكبرى.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter