|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

 الأربعاء  20 / 11 / 2013                    حسين فوزي                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

لسعة قلم

ليس المقاعد بل الإرادة الواعية

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com


تتواصل التغطية الإعلامية بشأن الانتخابات المقبلة، في مناقشة نظام احتساب المقاعد وفق سانت ليغو المعدل، والقضية الرئيسة التي يركز عليها الإعلاميون ومن قبلهم السياسيون مع الأسف، هي قضية جني المقاعد في البرلمان.

والمؤلم تجاهل الغرض من اللجوء إلى نظام سانت ليغو المعدل تنفيذاً لحكم المحكمة الاتحادية في رفض مصادرة الكتل الكبيرة لاصوات الناخبين. والأكثر اهمية في الأصل السؤال الكبير بشأن جدوى عدد المقاعد التي تجنيها اية قائمة متنافسة، في ظل غياب البرامج الكفيلة بمعالجة مشاكل العراق، في مقدمتها قضية السلم الآهلي الممزق، والقتل الجمعي للمواطنيين بسبب التسلل الإجرامي في ظل تفكك النسيج الاجتماعي الوطني وانحسار الثقة إلى حد كبير بين القوى الاجتماعية.

من ناحية اخرى فإننا سمعنا برامج لولايتين حكومتي وحدة وطنية، لكن الوحدة الوطنية تصدعت اكثر فأكثر، وحتى القوى الحقيقية التي كانت متمسكة بالوحدة الوطنية بحكم ظروفها الخاصة، خصوصاً في الإقليم، لم تعد ترى في البرامج الوطنية ما كانت تصبو له، على الأقل من خلال التنكر للإتفاقات المبرمة بين الكتل الرئيسة. وهو الأمر الذي انعكس بشكل الفوضى الأمنية.

وهكذا يبدو من الملح بالنسبة لـ”المنظرين” والمواطنين التركيز على اهمية توفر الإرادة الحقيقية الواعية لإستعادة الوحدة الوطنية والسلم الآهلي، ومن ثم مواصلة عملية البناء، وليس الضياع في مهب ردات الفعل في مواجهة هجمات القتل الجمعي.

ومن المؤكد فإن الإرادة الحقيقة في اخراج العراق من أزمته لا تستدعي التصميم وقوة الشخصية وحدهما، بل قبل هذا عقلية متفتحة مدركة لأسباب الأزمة والتصدي بشجاعة لمعالجتها بدون تمييز وإقامة العدل على الجميع، ورفض اي شكل من أشكال حمل السلاح خارج مؤسسات الدولة الشرعية، وأي شكل من التحريض الطائفي أو التعصب القومي، بغض النظر عن طائفة المحرض أو منطقته.
والمؤلم حقاً أن غالبية الإعلاميين ممن يلبون “توجيهات” مؤسساتهم يحرفون كل المناقشات عن أهمية الانتخابات المقبلة، من ضرورة تمثيل عادل لإرادة المواطنين، وتكاتف الجميع بهمة عالية لمعالجة ازمات الدم والكراهية الطائفية وتخريب العلاقة بين المكونات القومية، والبطالة المبطنة وتداعي الاقتصاد الوطني نحو الاعتماد على عوائد النفط، وانحطاط التعليم والخدمات الطبية والرعاية الاجتماعية، وازمة السكن، والمجاري، والعجز امام الإفادة من نعمة الله في بركة المطر وزيادة رصيدنا من مخزون المياه، وغيرها كثير، فأن كل الطروحات تركز على من يحصد عدداً اكبر من المقاعد، فيما الاعداء يحصدون اطفالنا وشبابنا وكفاءاتنا وبقية المواطنين.

إن انحرافاً بهذه الدرجة عن التناول الصحيح لقضية الانتخابات في سياق تجسيد إرادة البناء ضمن المؤسسة الديمقراطية، يبين إلى اي مدى يتم اغراقنا بالنتائج والتعتيم على الأسباب الكارثية التي تدفع بنا إلى المزيد من التراجع في كل المجالات، وفي مقدمتها الوضع الأمني والمعيشي، بغض النظر عن الأرقام المسيسة لوزارة التخطيط.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter