|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

 السبت  1 / 2 / 2014                    حسين فوزي                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

تحت طائلة الضغوط

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com


منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1920 وكل شيء مرهون باللحظة الأخيرة، محاولات التهدئة وتنظيم العلاقات مع دولة الانتداب في صيغة معاهدة، ومعالجة انفجار وثبة 1948، وصياغة دستور الجمهورية الديمقراطية بعد خلع النظام الشمولي، وتشكيل حكومة استعادة السيادة، وامثلة كثيرة كلها تحت ضغوط اللحظة الأخيرة.

في تجربة الشعوب الأخرى، حتى في افريقيا، هناك تحسب للعديد من الاحتمالات، ضمنها ضغوط اللحظة الأخيرة، بالتالي وضع صيغ ناضجة واضحة، يمكن القول انها تمهد لـ"الأسترخاء"، لكننا، ومنذ الأنقلاب على النظام الملكي، بتنا دوماً تحت المزيد من ضغط اللحظة الأخيرة. 14 تموز 58 جاء تحديد موعدها تحت ضغط اللحظة الأخيرة، وانقلاب 8 شباط 63 جاء تحت ضغط اعتقالات قيادات الإنقلابيين والخوف من تصفيات واسعة. اتفاق آذار 1970 جاءت صياغته تحت ضغط ابتعاد الشعب العراقي عن سلطة 17 تموز وسعيها لترسيخ نفسها، فكان مجرد خطوة نحو مسك السلطة وليس ضمان حقوق المكونات لترسيخ ركائز الديمقراطية.

إن اجراءات اللحظة الأخيرة حصيلة مجموعة ضغوط، بعضها خارجي، وبعضها الآخر مطامع مسك السلطة وعدم جعل الأمور تبدو وكأن البلاد في حالة انفلات، والمسؤولين عاجزون عن الإدارة، بالتالي فأن الكثير مما يتم التوافق عليه، بل وحتى تشريعه، تبرز خلافات تفسيره، بل وحتى الدعوة "الجريئة" لإعادة النظر فيه، بالأخص بعض المواد الأساسية في الدستور، دون الوعي بان الاقاليم ليست هدفاً مجرداً، وحين يغيب منهج الإدارة الصحيح تتعطل القدرة على تطبيق أي بند دستوري او قانوني.

ومسلسل الموازنة المكرر في الخلاف على المفردات ذاتها حلقة من حلقات حبس الأزمات لـ"اللحظة الأخيرة"، وزيادة نفخها، على الأخص عشية موسم الانتخابات. وفي السياق نفسه يجري توظيف قضية التسلل الكبير لـ"داعش"، وهو التسلل الذي ينبغي اصطفاف الجميع في مواجهته. لكن السؤال المهم: كيف يتحقق حشد جموع العراقيين لمواجهته ضد الجيوب المستجدة للتكفيريين والقتل الجمعي؟

من الضروري توفير السلاح والمعدات لجيشنا وقوات الأمن الداخلي، ومن الصحيح تبلور صوت مسؤول في التصدي لمحاولات إقامة دولة سلفية، لكن ألسنا بحاجة إلى جبهة أوسع من مواطني الأنبار، المواطنين المدنيين والعشائر، بوجه داعش؟ اليس من المطلوب العمل ليس فقط من اجل توفير وزارتي التجارة والصحة الغذاء والخدمات الطبية؟ اليس المطلوب معالجة اسباب التذمر لسد منافذ التحريض؟

ألا ينبغي ونحن نخوض "حرباً ضد الإرهاب نيابة عن العالم" ان نتجنب التورط في معارك جانبية مع شركائنا في السلطة، وقبلها الحلفاء التاريخيين؟

يبدو ان خيارات اللحظة الأخيرة عندنا متأتية من كوننا على حافة منزلق كبير، فهل يمكن ترصين خطواتنا بالإرتكاز على مسلمات تجربة نضال شعبنا، وعدم استسهال تهديد الحلفاء، وعدم استسهال الاستخفاف بالشركاء، كي تكون التعبئة وطنية كبرى، وضمان خطوات حقيقية نحو بناء دولة دستور وقانون، ليطمأن الجميع ويتفرغ للعطاء وليس التجاذب والتخوين؟!؟
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter