|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

 السبت  18 / 1 / 2014                    حسين فوزي                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

"فتوق" السلطة

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com


عندما لا يكون السياسي صاحب قرار يتفق على الكثير، أو على الأقل لا يعلن رفضه لما لا يقبله، ويكتفي بابداء التحفظ، وإبقاء الباب مفتوحاً للتوصل لـ"توافق"، لكن عندما يصبح السياسيون في موقع القرار فأن الموقف يختلف تماماً، خصوصاً في اغلب البلدان النامية.

والسياسي المحنك من يدرك عملياً وليس بالشعارات بأن السلطة هي اداة للتحقيق أو تهيئة البيئة للمنتظر. وكلما توهم السياسي بأنه صاحب القرار وحده، ابتعد عن مرتكزاته الداعمة لسلطته، وتوريطه في المشاكل ذاتها التي اودت بغيره، أو اضعاف شعبيته وافقاده الكثير من حلفائه.

وما عشناه في المناطق الساخنة لأهلنا من "اهل السنة" احد معالم الخلط بين التكفيريين وأيتام النظام السابق، وبين ملاك وظيفي توارثه النظام السابق، أو بالأصح ملاك وظيفي وجد نفسه في قبضة سلطة احادية ثم شمولية رافضة لأي شكل من اشكال التعددية عدا اللون الزيتوني!؟ والخلط بين مواطنين متضررين من تدني الخدمات وبين محرضين ضد النظام السياسي القائم الحاقدين على بناء دولة ديمقراطية اتحادية. والخلط بين دعاة القتل الجمعي والتكفيريين وبين متذمرين حد اشهارالسلاح احياناً، سواء بفعل تحريض اعداء الدولة أو سوء تصرف موظفين يجهلون معنى الدستور والقانون.

لهذا نعيش الأزمة الاحتجاجية المستمرة في الانبار وبعض المناطق الساخنة الأخرى، التي كلما بدت آفاق حقيقية لحلها حدث "فتق" آخر من ملاكات صغيرة، واحياناً مع الأسف من مسؤولين رفيعين.

كما أن الأزمة المالية مع الإقليم تأتي من تصور بأمكانية وجود شيئ يمكن بقاءه مستوراً في عالم الشفافية، وحقيقة ان ليس في العراق من سر على مر العصور، بحكم طبيعة الشخصية العراقية، بجانب أن الشفافية في العالم لم تعد تبقي سراً أي اتفاق، بجانب وسائل الإعلام العالمية المتفنذة الراصدة، كل بحسب اختصاصها، ضمنها انتاج النفط، في أية بقعة من العالم وكيفية التعامل معه ومصير موارده.

وفيما يبدو أن شركات اقليمية وأطراف اخرى تستفيد من التأزيم في العلاقة بين بغداد والأٌقليم، فأن الضبابية في الانتاج والعوائد، وقياس الانتاج والضخ، كلها تؤدي إلى المزيد من التأزيم في العلاقات بين طرفين رئيسين من ركائز الدولة الديمقراطية الاتحادية. خصوصاً في ظل غياب قانون للنفط والغاز، وآخر لعدالة توزيع الموارد، بجانب عدم وجود تعداد سكاني يحل قضية مستحقات الإقليم والمحافظات، ضمنها المحافظات الساخنة التي يوظف المحرضون مستحقاتها لزيادة السخط ضد السلطات الاتحادية والمركزية.

إن كل ما يحدث من تأزيم من خلال إثارة المزيد من المشاكل يلقي بالعراق في دوامة عاصفة متنامية تطحن المواطنين، وهي مطحنة لن ينجو السياسيون منها، تماماً كما كان الفريق الركن عبد الكريم قاسم وحلفاؤه ومعارضوه الديمقراطيون، وحتى اعداؤه الرافضين لـ"جمهورية الزعيم"، لتسحقهم سلطة ما بعده، سواء اكانوا حكاماً أو محكومين.
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter