|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

 الأحد  18 / 8 / 2013                    حسين فوزي                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

درس الدم

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com


إن كانت المعايير هي "دكتاتورية الأغلبية" أو سلطة التأديب والتهذيب فأن ما يجري في مصر ينسجم مع معايير قمع الاخر وفق ذريعة أنهم يعرقلون "المسيرة".

وذكرت سابقاً أن بعض القيادات الشيوعية التاريخية مثل روزا لوكسمبرغ تحفظت على معايير "دكتاتورية البروليتاريا" ومفاهيم "الديمقراطية الشعبية" التي تقصي وتصادر حقوق الاقلية. وقد توقعت في نبوءة تاريخية، جرى التعتيم عليها من قبل "الرفاق الأيديولوجيين"، من أن "ما يجري في دولة السوفيتات يصادر الديمقراطية بشكل متزايد لإقامة سلطة أقلية أو حكم شخص واحد."

وما يجري في الشقيقة مصر، سواء ايام رئاسة مرسي، أو ما بعد خلعه، مأساة تتعارض مع قيم الثورة المعاصرة، التي شهدنا ربيعها الحقيقي في دول المعسكر الأشتراكي، حيث تصدت الجماهير لسلطة لم تعد قادرة على تلبية طموح الإنسان في حرية التعبير وفرص حياة أفضل، وليس "تقنين" نمط من الحياة، من المؤكد أنه افضل كثيرا من البطاقة التموينية التي نكبنا بها بعد المغامرات العسكرية للدكتاتورية.

إن جماهير 30 حزيران المصرية تريد استرجاع التطبيق العملي لقيم الثورة التي أطاحت بالرئيس مبارك، وقد كان هناك وسطيون مهنيون منهم محمد البرادعي، يتمسكون بقيم الحرية والعدالة ورفض اقصاء الآخر، برغم أن الأخوان وسلطة مرسي كان من اهدافهم اقصاء الوسطيين، بل وحتى اجبارهم على مغادرة مصر.

ومع كل الفارق بين الأفكار والقيم التي حكمت طروحات لوكسمبورغ بشأن مستقبل ثورة اكتوبر، فأن البرادعي رجل القانون المتخصص والخبير المتمرس بالعلاقات الدولية، دعا إلى تحري حلول سياسية للأزمة مع الأخوان بعد خلع مرسي. لكن بعض الذرائعيين ممن لا يعرفون إلى اين يدفع بهم تيار "شطب" الآخر وتحويل العمل السياسي إلى تصفيات وقمع، كما هو اغلب نهج أنظمة الدول "المتقدمة" في اجترارهم الماضي وليس صنع احلام المستقبل. لكن البرادعي كان له حلم أن تقام دولة مؤسسات يحكمها القانون المدني وليس الاجراءات الاستثنائية، وهو هنا مع بعض الفارق اقرب ما يكون إلى المرحوم أ. د. عبد الرحمن البزاز، فكلاهما يسعى إلى اشاعة قيم "دولة القانون واحترام حياة الإنسان وحريته ومعتقده."

والمهم هنا أن "تزوير" إرادة المواطنين والتوريث اسقط الرئيس مبارك، والاقصاء أسقط الرئيس مرسي، ولا أظن ان قتل الاخوان سيمنع تداعي الأزمة في مصر. فهل في الإمكان استلهام كل الخبرات المتراكمة للبحث عن علاج لأزمة القتل الجمعي للعراقيين، انطلاقاً من مفتاح اصلاح النظام السياسي استرشاداً بما تم التوافق عليه، شريطة احتكام الجميع لمعالجات سلمية وليس مزاولة العمل السياسي والتلويح بالسلاح أو التمرد في الوقت نفسه؟

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter