|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

 الأربعاء 17/10/ 2012                        حسين فوزي                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

اسبقيات الوعي

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com

لن يبنى وطن بالكلمات الرنانة، يبنى برؤية عبقرية ممنهجة الأسبقيات، لتأتي الخطب الموضوعية لتبصير المواطن بالمهمة، والخطب الحماسية لتحفيز البناء.

نحن اليوم احوج ما نكون إلى لم الشمل، والوعي بهذه الحقيقة الكبرى يدفع الغالبية للتعويل على عودة رئيس الجمهورية السيد جلال طالباني، كونه شخصَّ مبكراً اسبقيات ما يجمع كل العراقيين، وما فعله في "توسيع" مجلس الحكم، بعض وعيه للحقائق العراقية، برغم تعنت الأميركيين، فكانت لمجلس الحكم بعض تأثيرات صياغة إرادة عراقية.

و لم الشمل الذي يسعى له الرئيس طالباني ركيزة أساسية للأمن الداخلي والوطني، الإطار العريض لإستيعاب الجميع وتطمينهم لحقيقة المصالحة الوطنية، فالتعاون الشامل لإرساء البلاد وفق القيم الدستورية في دولة مدنية، مدنية ديمقراطية اتحادية، ورفض الإلتفاف على الدستور، ووهم القدرة على إقامة تحالفات سياسية تتخطى الإرادة الوطنية التي صاغت الدستور، وتوافق أربيل الأولى، حيث كانت زعامة التحالف الكوردستاني، الطرف المقرَّب بين الجميع، فصيغت بنود ضمان تطبيق الدستور، ضمنها المادة 140، وإعادة النظر بـ"المساءلة والعدالة"، لتغلب العدالة، وألا يتحول القانون الإنتقالي إلى "فزاعة" عند كل خصام أو اختلاف سياسي، حد أن البعض بات يطالب بمساءلة حلفائه في المعارضة.

وفي سياق هذا النهج المدمر يتعامل البعض مع مكونات الشعب الدينية والقومية والطائفية، وفق معايير لا تخلو من التشكيك والتلويح بالقسر والأستقواء بسلاح الدولة. فالحديث عن الجيش العراقي، ضمنه قوات البيشمركه، ينبغي تناوله من منطلقات وطنية دستورية، وليس طروحات ساذجة في احيان كثيرة، فمن الحقائق أن كل السلاح لن يأتي في ولاية السيد المالكي الراهنة، لكن من الحقائق ايضاً ان التسليح الروسي والتشيكي والأميركي، ليس لمقاومة الإرهاب، فالإرهاب لا يحتاج السلاح الثقيل، إلا إاذ وفق نظرية الرئيس د. محمد مرسي الذي اعلن قيادته عمليات سيناء بالدبابات والطائرات المقاتلة، فأستمرت العمليات المستهدفة للجيش المصري الشقيق. إن النواب الكورد في لجنة الأمن والدفاع أيدوا تسليح الجيش وفق معايير مهنية سياسية تهدف إلى إقامة جيش رشيق متطور يصمد أمام هجمات خارجية، لكن هذا الطرح المسؤول ينبغي أن تقابله خطوات سياسية محسوبة لا تستفز ولا تباغت، كما اعتاد قادة النظام المخلوع في استهداف قادة القوى السياسية والمكونات القومية، بدءاً من محاولة اغتيال المرحوم ملا مصطفى بارزاني مطلع السبعينات بعد اتفاق آذار، ومن قبلها مهاجمة منطقة بارزان زمن المرحوم عبد الكريم قاسم.

يعلمنا التاريخ ونضال الشعوب أن الاغتيالات والحملات العسكرية أو التعريض بالقادة السياسيين الذين لا يتفقون مع السلطة لن يجدي، فها هو السيد جلال طالباني رئيس العراق والسيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان، برغم أن النظام الشمولي أعلن عفوا عاما عن "المسلحين الكورد" عدا طالباني وبارزاني.
 
ترى هل هناك وعي استراتيجي لمسار التاريخ؟!؟

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter