|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

 الخميس  15  / 5 / 2014                    حسين فوزي                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الأغلبية والتوافق

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com


تعني الأغلبية في الديمقراطيات العريقة صيغة من التوافق الوطني على الاحتكام إلى إرادة الناخبين والأنصياع الكامل لها والمعارضة المسؤولة. وينطلق حكم الأغلبية من الوعي باحترام الدستور والقانون وعدم تجاهل تطلعات "الأقلية"، بالتالي فأن الأغلبية تنصاع إلى الدستور والقانون في الأحتكام إلى قيم المواطنة، بجانب الإلتزام بالنزاهة والشفافية ضمنها عدم محاباة الطائفة والعشيرة والحزب واتباعه و"مموليه".

وفي البلدان حديثة التجربة الديمقراطية، فأن صيغ الحكم التوافقي البسيطة: مشاركة الجميع في التربع على كراسي الحكومة، هو حالة مؤقتة، شأنها شان العدالة الانتقالية، لا يمكن استمرارهما لأكثر طويلاً، بعدها يعود القضاء المدني الإعتيادي بدون اجتثاث او مساءلة،عدا الجرائم ضد الإنسانية، وهذا يشمل حملات الإبادة ضد كوردستان وقمع الانتفاضة الشعبانية.

وإذا ما كان البعض يصر على عدم انتقالية ملاحقة اطراف النظام الشمولي، عدا الجرائم ضد الإنسانية، فأن البعض له كل الحق في تصور أن الحكم "التوافقي" ما زال له مبرراته. لذلك فمن المطلوب عشية انتظار نتائج الإنتخابات الراهنة اقدام الحكومة والبرلمان المنتهية ولايتهما، على اجراءات وفق مشورة فقهاء في إيجاد مستلزمات إنهاء مظاهر الإجراءات الإنتقالية، لإن هذا النهج يعني نقل البلاد إلى حالة طبيعية بعد "ثورة" خلع النظام الشمولي، بالتالي يصبح الحديث عن حكومة اغلبية حالة طبيعية، بالأخص في حالة تنفيذ البنود الدستورية الملحة: استكمال تنفيذ المادة 140، التي طرح السيد جلال طالباني قبل توليه الرئاسة واثناء توليها، حلولاً موضوعية تحرص على معنى التوافق الوطني في ضمان الحقوق المهدورة لمواطنين في "المناطق المتنازع عليها"، بكل ما يعنيه من عدم تجاهل ضمانات لائقة لمن زجهم النظام الشمولي في مخططه لتغيير ديموغرافية مناطق معينة، كوردستانية أو "عربية".

من المهم برهنة السياسيين على وعيهم لإلتزامات الأغلبية والأقلية وفقاً للدستور والقانون، من اجل توفير نقلة موضوعية مسؤولة في بناء الدولة الديمقراطية. ومن مستلزمات الإطمئنان إلى هذه الخطوة تسريع مستلزمات تشريع قوانين الأحزاب، وعدالة توزيع موارد الدولة، وإعادة النظر قبلها في قوانين الإستثمار والشركات وفك قبضة الحكومة عن الاقتصاد الوطني بدعم القطاع الخاص في استكمال بنى تحتية مهمة وتقبل الفكر الإبداعي للقطاع الخاص في كل مجالاته، ضمنه القطاع المصرفي بعيداً عن قبضة مصارف الحكومة الثلاث.

هذه هي بعض ملامح البيئة المناسبة لتقبل حكومة الأغلبية، خصوصاً عندما لا يكون الشعار "تصفية الحساب" إنما استرجاع سلطة دولة القانون، وتجنيب اهلنا في الأنبار وغيرها المزيد من المعاناة، ونبذ المرتزقة نهازي الفرص والمليشيات المسلحة.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter