|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

الأثنين  15  / 6 / 2015                    حسين فوزي                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الجهل بـ "هيبة الدولة" ورئيسها

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com


يقول المفكر غوستاف لوبان في كتابه "روح الجماعات" المنشور عام 1895 إن "الهيبة شرط اولي من شروط من يتولى السلطة"، ومما يساند هذه الهيبة الشخصية البحتة، الجاذبية، عوامل اخرى منها المال والأصل والسجل الشخصي من البطولات والمنجزات.

وإذا ما كان الراحل الكبير فيصل الأول قد تمتع بـ"هيبة" نسبه إلى آل البيت، فهو ايضاً واحد من الحلفاء الشجعان المتنورين لبريطانيا والغرب، بجانب فطرته الثاقبة في "سوس" الأمور، فكان بحق مؤسساً تاريخياً.

وكانت شجاعة ونزاهة وحب الفقراء للفريق الركن عبد الكريم قاسم عوامل مهمة في "صوغ" هيبته، بجانب حرصه على التعامل مع الرجال، فلم يكن بوسع من تأمروا عليه انكار هيبته التي خافوا اكتساحها لنصرهم وهو اسيرهم.
لكن رئيسين جاءا بعده، الأخوين عارف، لم يحفظ التاريخ منهما سوى طيبة عارف الثاني وسلميته.

وبعد خلع الشمولية، لم يسجل التاريخ لمسة قيادية لمن تربعوا على رئاسة العراق إلا للرئيس السيد جلال طالباني، بحكم اصوله الصوفية المتجردة، وهمه الإنساني، ووعيه الصادق بمستلزمات النهوض بكردستان عبر ترسيخ الديمقراطية في العراق وتقدمه، وشخصيته الدمثة المرحة، وقدرته اختراق الخصوم إلى تعاط شخصي ودي في احلك الظروف.

ولم يكن السيد فؤاد معصوم بمعزل عن الكثير من مواصفات رفيق دربه وقائده مام جلال، فكلاهما من اصول دينية عريقة متصوفة، وكلاهما همهما معاناة الإنسان العراقي وبقية المنطقة.

كلاهما اضاف لرئاسة الدولة هيبة نسجتها شخصيته التاريخية، فيما لهيبة المنصب توصيفات، في مقدمتها انه "يمثل" سيادة البلاد و"رمز" وحدتها. وهو بموجب الفصل الثاني من الدستور، المادتان 66 و67 المقدم على مجلس الوزراء، وبقية السلطة التنفيذية، ويسبقه مجلس النواب بصفته الجمعية ممثلاً للشعب مصدر الشرعية.

وما اقدمت عليه وسائل الإعلام، الرسمية وغير الرسمية، فضيحة كبرى، بتجاهلها ابعاد هيبة منصب رئيس الدولة، والهيبة الشخصية لمعصوم. فما نشر بأنه "يحمل رسالة شخصية من رئيس (مجلس) الوزراء إلى رئيس الإقليم" خطأ سياسي قبل ان يكون بروتوكولياً، فلرئيس الدولة في الأصل رؤيته الشخصية، في أداء مهمة الحرص على وحدة البلاد ومكوناتها. ومعصوم شخصياً هو الأجدر، بعد طالباني، على أداء هذه المهمة.

والمطلوب من المتعاملين مع الإعلام والسياسة الوعي بأن من مهام رئيس الدولة العمل على جمع الشمل وتوحيد الطاقات الوطنية، وهي المهمة التي تصدى لها الرئيسان طالباني ومعصوم حتى قبل ولايتيهما، وكان الأجدر ان تقول وسائل الإعلام بأن "الرئيس معصوم توجه للسليمانية واربيل لجمع الكلمة كردياً وعراقياً"، وهو في كل الأحوال ارفع، رسمياً وشخصياً، من ان يكون ناقل رسائل لأي كان، مع كل الأحترام العميق للسيد العبادي، لأنه "الساهر على ضمان الألتزام باالدستوروالمحافظة على استقلال البلاد".
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter