|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

 السبت  14 / 12 / 2013                    حسين فوزي                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

"علاكة" الغذاء والأرقام

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com


من الجيد تشديد نائب رئيس الوزراء السيد حسين الشهرستاني على ضرورة أن "تشمل خطة التنمية جميع انواع الحياة والاعتماد على بيانات احصائية حقيقية ومهنية تحاكي الواقع الموجود ولا تجامل السياسي المتصدي للعمل التنفيذي"، لكنه يقدم لنا ارقاماً احصائية تستدعي المراجعة، فـ"ارتفاع دخل المواطن إلى 6000 دولار، مقابل 1000 دولار قبلها، وزيادة معدل التنمية بنسبة 9%، على امل ارتفاعها إلى 10% خلال الخمس سنوات المقبلة. " والسؤال البالغ الاهمية: ما هي معدلات التضخم مقابل هذه الزيادة الورقية؟ ما هي معدلات زيادة الانتاج الزراعي والصناعي والخدمي، عدا السياحة الدينية؟ التي إن لم تصحبها زيادة في مجالات الانتاج فأنها تتحول إلى عبء على كاهل ذوي الدخل المحدود!؟

إن حديث عقلية علمية تتسم بدقة كبيرة له وزنه من حيث التبشير بآفاق رحبة لحياة المواطن، لكن مثل هذا التفاؤل في قراءة الأرقام يحتاج إلى عقول مساندة متخصصة بالتفاصيل، وليس عموميات الاقتصاد والتنمية، أي هيكلية رياضية مترابطة، بما يرسي اي استقراء للنمو على مسارات تنمية متوازنة، وليس مجرد ارقام ريعية، بكل ما تعنيه من تضخم خطير، فغالبية مواطني الدخل المحدود ليسوا معنيين باية ارقام احصائية، فهم يعيشون الواقع بما تستلزمه "سلة" (علاكة) الغذاء اليومي لأسرته، بجانب نفقات دراسة الأبناء، وعلاج طبي لن يلبي في المستشفيات العامة، وتوفير الكهرباء.

وبجانب كلفة "العلاكة" اليومية المتصاعدة بشكل يفوق قدرات ذوي الدخل المحدود، فأن عينة بسيطة اخرى هي "استمرارية" توفير الكهرباء للمواطنين، التي تردد بأنها ستكون لمدة 24 ساعة في كل الفصول، لكن عطلات التوصيل، ضمنها المحولات الفرعية المستهلكة، بينت ان حسابات الكهرباء الواقعية ليست كما هي في كل ما يعرض على السيد نائب رئيس الوزراء.

كل شيء على الورق جيد وحساباته منطقة مرضية، لكن "الأمطار" جنرال آخر مثلما جنرال الشتاء الذي لم يحسب حسابه نابليون في غزو روسيا، فهزمه. ولا يمكن لأحد تحميل الشهرستاني مسؤولية الأمطار ولا تردي الوضع الأمني وعمليات التخريب في ضرب عمود ضغط عالٍ هنا وانبوب نفط هناك، لكن القضية التي نتوصل لها جميعاً، أن التنمية وليس النمو عملية متوازنة، من شروطها الأمن والأستقرار، اللذان لن يتحققا بدون السلم المجتمعي، السلم الآهلي، القائم على التوافق من خلال تشريعات تنتصر لكل العراقيين. وأن تكون هناك زيادة بنسب معقولة حتى وإن كانت بنسبة 3-4% في الانتاج الزراعي، ونسب ربما اعلى في الصناعة. عندها فأن الدولارات في تحولها إلى دنانير تظل قادرة على الشراء بما يلبي الكثير من احتياجات العائلة العراقية، وتلبي الكثير من تطلع الاجيال في فرص تعليم افضل، ووظائف غير حكومية منتجة، وليس كضمان اجتماعي لسد الرمق، فرص تضيف للدخل الوطني في القطاعين الخاص والعام، بالتالي سيكون للارقام معنى آخر، يحسه المواطن في "علاكة" الغذاء وبناء اجيال افضل منا في المعرفة والمستوى المعيشي والصحي.


 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter