|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

 الأربعاء  14 / 8 / 2013                    حسين فوزي                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

لتسقط الفوضى

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com

بعد اخفاق عملية خليج الخنازير لإسقاط كاسترو في كوبا، حرص الرئيس كنيدي على تعزيز سلطاته في مواجهة "دولتين" داخل الدولة الأميركية: المخابرات المركزية الأميركية التي يديرها آلان دالاس مدعوماً من اخيه جون فوستر ومكتب التحقيقات الفدرالي بإدارة المومياء ادغار هوفر.

وعلى اثر النتائج الكارثية لحرب فيتنام تعززت سلطة الكونغرس مقابل سلطة الرئيس ووزارة الدفاع والأجهزة الأمنية.
كانت حقبة من تاريخ احدى اعرق الديمقراطيات، حيث وظف مكتب التحقيقات الفدرالي الحرب الباردة ليمارس اقسى السلطات داخلياً ضمن حرب صليبية "ضد الشيوعية الامتداد الطبيعي للمعسكر الشرقي"، حيث اقتحمت قوات ستالين العديد من "الديمقراطيات" في وسط اوربا واصلة ابواب اليونان، فيما كان النزاع على اشده في إيطاليا فوقفت واشنطن بجانب "عائلة" الدو مورو بأموال المخابرات المركزية ومعونات مشروع مارشال لـ "إنقاذ" أوربا من اعباء الحرب والدمار وألا تتحول إلى اليسار.
في إدارة الصراع ضمن الحرب الباردة برز اسم مكارثي وحربه المقدسة ضد الشيوعية وكل ما هو يساري، حتى وصل حداً احس فيه الأميركيون بأن المكارثية باتت تهدد اسس المجتمع الديمقراطي، فأنتحر مكارثي بكثرة الشرب بعد أن رفضه الناخبون.

نحن اليوم نعيش حرباً دامية، نهر الدم صار يزمجر فيها فائرا بأشلاء عشرات مئات الشهداء، فيما التكفيريون والعصابات المسلحة تتهدد وتتوعد، والعديد من الأطراف "الشريكة" في الحكومة اصطفت مع شركاء اخرين "مزدوجي" المهام بوجودهم في الحكومة وصوتهم ضدها، وتحميل المسؤولية لطرف حكومي وحده، دون أنفسهم فيما آلت له الأمور. والآنكى أن بعض الأطراف التي ما زالت حتى اليوم تحتكم في خلافاتها للسلاح، تجد الجرأة للحديث عن مسؤولية الخروقات الأمنية، في حين أن حملها السلاح أو التلويح به ذريعة لأطراف أخرى في التشكيك بسلطة الدولة واتهامها بأزدواجية المعايير في التعامل مع المواطنين.

كل تجارب الشعوب تعي الحكمة القائلة بأن مواجهة العاصفة تحتاج إلى تحكيم دور القيادة ودعمها، أما حالة اللوم والمطالبات باسقاط الحكومة في وسط العاصفة فيعني الضياع، وفسح المجال للمزيد من الاختراقات.

والمؤسف حقاً أن الدلائل تبين اننا لسنا في حكومة وحدة وطنية إنما خليط مصالح متضاربة، لذلك فالبعض شعاره "هد المعبد على الخصوم والعراقيين جميعاً".

وقد يكون من المناسب هنا سوق مثل خالد أبن الوليد عندما جاءه خطاب الخليفة عمر بن الخطاب بعزله، وبرغم كل ما هو عليه من أنفة قريشية واعتداد بالنفس، حفظ أمر عزله لحين انتهاء المعركة بالنصر.

فهل لدينا وعي بدروس التاريخ والتجارب الديمقراطية، في التمييز بين نظام مؤسسي ديمقراطي يعمل بانسيابية وبين هيكل دستور ديمقراطي بدون قوانينه ومؤسساته وما نعيشه من فوضى، في غياب رجال دولة وتضافر جهودهم؟؟ أم وصلنا حداً من شخصنة الخلافات ندمر فيه الوطن ونتفرج على ذبح العراقيين، مكتفين بتشخيص النتائج وليس السبب فنعمل على اسقاط الفوضى؟ّ!؟
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter