|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |

     
 

 الأحد  12  / 10 / 2014                    حسين فوزي                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

لمسة رئاسية احوج ما نكون لها

حسين فوزي
h_f_alsahi@yahoo.com


لطالما اعتاد مواطنون كثر، حتى بعض "المثقفين"، على القناعة بحاجة "العراق الصعب" إلى "دكتاتور" ليتمكن منه(!!؟)، وهم في تنظيرهم يطمحون في "دكتاتور عادل" مثل المرحوم جمال عبد الناصر.

واعتاد كثيرون عدم انصاف أي مسؤول سياسي يكون رقيق الحاشية دمث التعامل مع المواطنين، فنحن منذ زمن الحجاج اعتدنا قطع الرقاب وغليظ الكلام. لذلك لم يحرك أحد ساكناً عند اقصاء العسكريين المفكر القانوني الكبير عبد الرحمن البزاز. ولم يدرك غالبية السياسيين التسامح الذي كان عليه قائد تموز الفريق قاسم في تعامله مع خصومه ورفضه الإنصياع لـ"اعدم.. اعدم.. جيش وشعب وياك". كما "اننا" سهلو الأنقياد لمن يلقي لنا بأي عطايا، مسقطين عليها توقعات كبيرة، دون الوعي بان هذه العطايا المحدودة فخ كبير يجرنا إلى الانصياع تدريجياً للشمولية.

اغلبنا اقرب لمعكوس الحكمة الشعبية القائلة "أمشي وراء من يبكيك وليس من يضحكك"، فالمقصود بمن يبكيك بمن يصدقك ومن يدعوك للعمل المثابر للبناء.

إن من يريد بناء دولة مؤسسات ليس من يزيد الرواتب دون خطة إنتاج سلع وخدمات، فهذه الزيادة يبتلعها ارتفاع الأسعار، والخطابات الرنانة العاطفية هي حالة انعدام توازن في منزلق مجهول، والخطابات الهادئة دعوة للوعي بواقعنا المرير وتحري سبل الخروج منه. لذلك مطلوب منا جميعاً الوعي بأن كل الخطب الرنانة ومكارم زيادة الرواتب والعطايا تحولت في الأخير إلى كارثة الحروب الخاسرة ومكرمة طبق بيض "الحمام" والدجاجة "المسلولة".

نحن احوج ما نكون إلى رئاسات دولة فيها عمق التفكير اعلى صوتاً من الشعارات ثم التنفيذ، وشعارات تدعو إلى عمل بناء دؤوب، وليس الهروب إلى الأمام من ازمات التعارض بين بنية المجتمع ومطامع الأستحواذ على كل السلطات. ويعني بناء دولة معاصرة الحد من التطلعات الإستهلاكية المجردة والتفكير في مستقبل ابنائنا واحفادنا، في ما سنتركه لهم من بنى تحتية منتجة، ضمنها تطوير قدراتهم الذاتية ليكونوا اهلاً للألفية الثالثة، وليس مجرد مستخدمين للجات والسلع الإستهلاكية دون القدرة على تحويل مجتمعنا إلى مجتمع منتج وليس "منتظراً" لعوائد النفط كذلك الجالس تحت نخلة فاتحاً فمه بانتظار سقوط تمرة ناضجة.

مثل هذا المجتمع من ملامحه المبكرة ثلاث رئاسات لم تعد تراهن على الشعارات في "سحر" المواطنين، ومثل هذا المجتمع، ولأول مرة، نرى فيه زوجة رئيس الجمهورية تشاركه رسمياً نشاطاته في المحافل الدولية. مجتمع،نتطلع له، حيث تكون زوجة رئيس الدولة يد عطاء لـ"الأيتام والمساكين واهل السبيل"، وليس ضمن "مرض النجومية"، مثل زوجات رؤوساء عرب، لكن لمسة امومة انسانية متجردة من أي مطامع سوى طموح من عاش في منفى السماوة بتقديم الأفضل للعراقيين..

السيدة روناك مصطفى بعض ملامح وعد في المجتمع المدني السلمي الرحوم، انتظرت طويلاً ان اجد صداه في إعلامنا وتفسير موضوعي لابعاده، لكنهم منشغلون في "أولياء العطايا" وليس الملامح الإنسانية التي نحن احوج ما نكون لها.

وعسى ان تحث مبادرة الرئيس هذه على تمكين المرأة من دور اكبر في قيادة مؤسسات الدولة.. عسى!!؟
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter