|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  19 / 6 / 2013                                د. هاشم عبود الموسوي                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

من ملفات التعاون التركي الأسرائيلي *

اعداد : د.هاشم عبود الموسوي *

في عام 1991 بدا نشاط سياحي إسرائيلي كثيف الى تركيا ‘ حيث زار تركيا في هذه السنة 6 الاف سائح ‘ وحاول الكيان اليهودي حث مواطنيه ‘ عبر الدعاية المكثفة ‘ على السياحة في تركيا . وتجدر الأشارة هنا الى ان السياحة الاسرائيلية الى تركيا اسهمت كثيرا في دعم الاقتصاد التركي ‘لاسيما في الاوقات الحرجة ‘ التي رافقها الغاء السفر السياحي للاوربيين عامة والالمان بصورة خاصة لاسباب متعددة . وتركيا من طرفها استثنت الاسرائيلين من رسوم التاشيرة ‘ تشجيعا لهم ‘ الامر الذي ‘ مع سواه من العوامل ‘ جعل عدد السواح الاسرائلين يصل عام 1997 الى 300 الف ووكان يتوقع ان يصل الى 400 الف في عام 1998 .

في ايلول \ سبتمبر 1991 ‘ اقترح شمعون بيريس معادلة للشرق الاوسط مفادها : إقامة سوق شرق أوسطية مشتركة ‘ يمكن ان تتم على اساس التكامل بين التكنلوجيا الاسرائيلية والاموال الخليجية والعمالة المصرية والمياه التركية .

في المرحلة التي تسلم ترغوت اوزال الحكم في تركيا ( 1984 – 1993 ) ‘ اخذ الاخير ينحو سياسة متوازنة لبلاده في الشرق الاوسط ‘ مستلهما المصالح التركية في المقام الاول . فتركيا ‘ حسب رأيه هي الدولة الوحيدة المؤهلة بلعب دور قيادي في الشرق الاوسط . وبذل اوزال جهدا كبيرا لكي تصبح تركيا مثالا يتحدى به في هذه المنطقة وجدد اوزال طروحاته على اعقاب انطلاق قطار السلام في الشرق الاوسط في مدريد عام 1991 . الا ان ذلك لم يمنع بان تكون الزيارة الاولى لرئيس اسرائيلي الى تركيا في عهده ‘ فقد قام حاييم هرتزوغ في تموز \يوليو 1992 بزيارة اسطنبول . وبموت اوزال المفاجئ قدمت مرحلة جديدة في علاقات تركيا الشرق اوسطية .

الاتراك قادمون ‘ ويبدو ان اطماعهم لم تغفل لحظة واحدة عن سحر الشرق . اما المتغير الوحيد فهو انهم سيدخلون المنطقة من باب اسرائيل . هذا الانذار المبكر الذي اطلقه الخبير الاستراتيجي العربي الدكتور غبد الرحمن رشدي ‘ ان القوة العسكرية التركية تبحث عن عقد قران جديد مع اسرائيل يحقق لها حلم العودة الى سحر الشرق ودفئه . فهي تعد جزءا مهما من استراتجية حلف الشمال الاطلسي . والدور التركي ينطلق من مفهوم إعادة تشكيل المنطقة غلى فكرة " الشرق الاوسط " وليس " العالم العربي " ‘ ولهذا اختارت لها شريكا يتلائم مع أهدافها ومعاديا للعرب. وهذا المخطط يستهدف الغاء الكيان العربي وتجميده . وغاية اسرائيل هنا تحقيق حلم الصهيونية " اسرائيل الكبرى " . . والعرب مشغولون .

وفي الاونة التي تلت ذلك بعد ان بدأت العلاقات التركية مع اسرائيل تتحسن . إثر اتفاقبات كامب – ديفيد وبعدها غزة واريحا ومن ثم اتفاقية الاردن مع اسرائيل ( وادي عربة ) واطروحات شمعون بيريز باقامة شرق اوسط جديد يكون فيه لاسرائيل حصة الاسد ‘ اخذت تتحسن لتحصل تركيا على حصتها من المشاريع الاقتصادية التي ظنت انها ستغمر المنطقة ‘ هذا من جهة ‘ ومن جهة اخرى لتستطيع المؤسسة العسكرية التركية القيام بالدور المنوط بها في المنطقة وذلك بالتعاون مع اسرائيل بتشكيل حلف جديد شبيه بحلف " بغداد " . وبعدها أخذت تتحسن صورة اليهودي في وسائط الاعلام التركي ‘ بعد ان كانت بين حين واخر تفوح منها اخبار عن تعامل هذا اليهودي او ذاك مع أحد أجهزة المخابرات التابعة لاسرائيل ‘ تترافق مع إنتقادات عنيفة توجه اليهم حيث اخذ يعود اليوم الحديث عن الدور الوطني لليهود الاتراك في بناء الدولة التركية ومدى إخلاصهم وتفانيهم من أجل ذلك . ومن جهتها لم توفر وسائل الاعلام التابعة للوبي اليهودي الجهود من اجل اقناع الراي العام بالدور الوطني لليهود . فهذه صحيف " شالوم " الناطقة باسم اليهود في اسطنبول تشير على لسان احد محرريها الى إعتبار ان المجازر التي يتهم الارمن الاتراك القيام بها بانها مجرد " لغو وكلام " وانه " شئ لم يثبته التاريخ " . وهذا صحافي وكاتب اكاديمي هو تشيتين يتكين يحاول ان بظهر الدور الوطني الايجابي لليهود والمساندة للدولة والوطن ‘ على عكس ماهو عليه الامر في موقف الارمن واليونانين الاتراك . يقول يتكين ان معظم اليهود ساندوا تركيا خلال الحرب العالمية الاولى وإظهروا إن هذه الارض هي وطنهم . ورأى أحد المؤرخين اليهود إن الانتصارت التي احرزتها الامبراطورية العثمانية على الدولة المسيحية هي " عقاب الهي " ‘ ان كان اليهود يعيشون اوضاعا صعبة داخلها ‘ وان " الله اوكل للدولة العثمانية مهمة تحرير اليهود من الظلم المسيحي " .

تمثلت المرحلة الجديدة في سياسة تركيا بعد اوزال بقدوم سياسيين جدد يرون إن اسرائيل وتركيا سوية بمقدورهما لعب دور في الشرق الاوسط الجديد . وكان عراب هذا الدور هو حكمت تشيتين ‘ وزير الخارجية التركي انذاك .
في 16 تموز \ يولية 1992 ‘ تجاوز كل من اوزال ‘ رئيس الجمهورية التركي ورئيس وزرائه سليمان ديميرل خلافاتهما ‘ وحظرا سوية حفلة اقامته الجالية اليهودية في قصر دولة باغجي في اسطنبول . بمناسبة الذكرى ال 500 لقدوم اليهود من اسبانيا الى تركيا .

في نيسان \ ابريل 1993 ‘ قام وزير الخارجية الاسرائيلي " شمعون بيريز " بزيارة لتركيا اجتمع من خلالها مع كافة القادة الاتراك وطرح مسالة تزويد اسرائيل بالمياه التركية .

في ايلول \ سبتمبر ‘ 1993 وقعت تركيا اتفاقية مع اسرائيل ‘ تقضي بإقامة مجلس تجاري ثنائي من اجل مناخ افضل من التعاون بين الدولتين . وكان قد طرح في مجرى هذه الاتفاقية عدد من المشاريع المشتركة المقترح العمل بها ‘ منها تحسين طائرة روسية ومشروع ري في جنوب تركيا ومشاريع مشتركة في المواصلات السلكية والللا سلكية وفي حقول الطب والكترونيات والزراعة والبيئة .

في خريف العام 1993 ‘ تم تبادل السفراء بين اسرائيل وتركيا ‘ اثر زيارة قام بها وزير الخارجية التركي حكمت تشتين الى تل ابيب في ايلول \ سبتمبر من العام ذاته .

في كانون الثاني \ يناير 1994 ‘ زار الرئيس الاسرائيلي ( حاييم وايزمن ) انقرة ‘ وكان لهذه الزيارة صدى كبير للجانب الأسرائيلي ‘ لدرجة ان دبلوماسيا في السفارة الاسرائيلية في انقرة وصف لقاء الرئيسين التركي والاسرائيلي وتحت العلمين الاسرائيلي والتركي ‘ بانه " مثل الحلم " ولم يتوقع احد ذلك قبل سنة .

في تشرين الثاني \ نوفمبر 1994 ‘ قامت طانسو تشيلير ‘ رئيسة الوزراء التركية ‘ بزيارة لإسرائيل ‘ وقعت خلالها اكثر مجموعة من الاتفاقيات السياحية والتجارية والعسكرية بين البلدين ‘ وشكلت خلال الزيارة لجان للتعاون الاستراتيجي بينهما . إلا أن هذه الزيارة تعكرت بعض الشئ عندما قامت تشيلير بزيارة " قصر الشرق " ‘ اذ وصف رابين هذه الزيارة بأنها تمرين غير عادي . وهنا شكك بوجود سبق تاريخي دبلوماسي لذلك . بان يقوم رئيس حكومة يزور بلد صديق بدعوة رسمية ‘ بصورة مناقضة لرأي مستضيفه بزيارة مكان هو موضوع خلاف سياسي حاد .

ارتفع حجم التبادل التجاري بين تركيا واسرائيل من 2. 187 مليون دولار في عام 1992 الى 304 مليون دولار عام 1994 .

في عام 1995 زار اسرائيل بولند أجاويد ‘ رئيس حكومة تركية أسبق والرئيس الحالي لها ( 1999 ) ‘ وتحدث في هذه الزيارة عن أهمية العلاقة مع اسرائيل بقوله : " ان تركيا بحاجة الى اسرائيل الآمنة واسرائيل بحاجة الى تركيا الآمنة " .

في 20 ايار \ مايو 1996 ‘ تعرض الرئيس التركي سليمان ديميرل لمحاولة اغتيال بهدف الاحتجاج على الاتفاق العسكري بين تركيا واسرائيل .

في اذار \ مارس 1996 ‘ قام الرئيس التركي سليمان ديميرل بزيارة الى اسرائيل طرح خلالها مجموعة من قضايا التعاون المشترك ‘ ووضعت خلال هذه الزيارة أسس البنية التحتية للعلاقات الاقتصادية . ووقع الطرفان أربع اتفاقيات بهذا الشان . وكان ديميرل قد صرح قبل مغادرته انقرة متوحها الى تل ابيب قائلا : " نشأت العلاقات بين تركيا واسرائيل ما لم تحلم بها الأخيرة منذ تأسيسها عام 1948 ‘ واستمرت دون انقطاع . ونحن نعلق على أهمية توسيعها وتنوعيها لتشمل كافة الميادين " . أما الاتفاقيات الاربعة التي وقعت بين تركيا وإسرائيل ‘ فقد شملت الجوانب التالية :
1 – التجارة الحرة .
2 – منع الازدواج الضريبي .
3 – تشجبغ الاستثمارات بين البلدين وحمايتها .
4 – التعاون العلمي والتقني والصناعي .

وبفضل هذه الاتفاقيات ‘ شهدت السنوات التي بعدها اتفاقات متعاظمة في التجارة والاعمال المشتركة بين البلدين .


*
مستل من كتاب لم ينشربعد لكاتب المقال بعنوان :
العلاقات التركية الأسرائيلية منذ تأسيس الدولة التركية و حتى مطلع القرن الحادي والعشرين
 

 

* رئيس قسم هندسة العمارة / الجامعة الملكية البريطانية / أربيل

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter