|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 السبت  8  / 2 / 2014                                 فهيم السالم                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الذكرى الموجعة ل8 شباط 1963

فهيم السالم

على مر السنين بقي الشعب العراقي ويبقى يستذكر المأساة الموجعة والنكسة الكبيرة التي ألمّت بالشعب وطلائعه الوطنية حيث فقدت إبن الشعب البار الشهيد عبد الكريم قاسم ورفاقه الشجعان وكوكبة من خيرة قياديي الحزب الشيوعي العراقي وعلى رأسها الشهيد سلام عادل وقتل ظلماً وعدواناً أما غدراً أو أثناء التعذيب المئات من الأباة الشجعان كما زج في السجون الألاف من الأبرياء وطرد وفصل من الوظائف عدد كبير من أفضل الكوادر العراقية.

هنا أستعرض ما كتبت بهذه المناسبة على مر السنين .

بعد خمسينَ وعامْ
إذ (حطّت اللهَ على صدرها   وخوّضت في الدمِ حتى الحزامْ)
بعدَ خمسين وعام
لا يزال الجرحُ نفاثّاً ولا زلنا ننامْ
والضيمُ نفس الضيم والوهمُ نفسُ الوهم
والحكمُ في أيدي اللئامْ
بعدَ خمسينَ وعام

في العام المنصرم مرت الذكرى الخمسين فكتبنا (يا بلادي):
 
يا بلادي
في الذكرى الخمسين الأليمة لمأساة شباط 1963
عصر الهمُّ فؤادي
فبلادي لم تعد تلك البلادِ
كان لي فيها عيونٌ وجداولْ
كان لي فيها عيونٌ وجدائلْ
كانَ لي فيها منازلْ
لم تعد أرضَ السوادِ
جاءها البعثُ مليئاً بالعطايا
أثخنوها بجراحٍ ودماءٍ وسبايا
سلّموها كل معتوهٍ وقاتلْ
أكرموها بالصواريخ وآلاف القنابلْ
والملايين على درب الحدادِ
غادر البعثُ وجائتنا البشائر
أن أحفاد شهيد الناس نجوى كل ثائرْ
والملايين التي عاشت أفانين المهازلْ
سوف تشبعْ
سوف تقرأ
سوفَ تحلمْ
سوف يُمحى من ضمير الناس مجهولٌ وجاهلْ
وإنتهينا
أن مجهولاً  وجاهلْ
بعد عشرٍ ضعن في درب العنادِ
يحكمون الأمة الثكلى كأسراب الجرادِ
عصر الهم فؤادي
رغم آلاف البواسلْ
عبّدوا دربَ الجهادِ
بعد خمسين عزاءً باحترابٍ وأرتدادِ
سوف أبقى دامع العينين أبكي
يا بلادي

سيدني
8 شباط 2013

بعد خروجنا من العراق أوائل1996 ووصولنا إلى بر الأمان بدأنا نتنفس بعضاَ من نسيم الحرية في أوطاننا الجديدة رغم الخوف المخيم علينا وخصوصاً على أهلنا الرهائن داخل العراق فكتبنا في الذكرى الأليمة الخامسة والثلاثين:

الحلم واٍرم ذات العماد
8شباط 1998

ماذا ستمسك يا فؤادي من بقايا ألفِ ليلٍ من سهادْ
ماذا ستمسكُ ،هل رمادْ ؟
أم سويعاتٍ تقضّي ناسياً معنى الرقادْ
ماذا ستقبض يافؤادي والبقايا بعضُ شوقٍ بعضٌ هجرٍ واٍبتعادْ
ماذا ستقبض والبقايا قومُ عادْ
قد غادروها غادروها،أِرمُ المحزونة الثكلى تنادي والعمادْ
أين العمادْ؟ لا ماءَ في هذي الديارْ
اٍلاّ ليطفئ ألفَ نارْ
اٍلا لضايَ اللاهب المكنون في أمدٍ سحيقْ
اٍلا اٍشتعالَ دمي حريقاً في حريقْ
ماذا ستقبض والبقايا قومُ عادْ ،قد غادروها والعمادْ
بحرُ من الملح المريعْ
 وهاجسٌ أن أركب المهر الذي في كلِّ ليلٍ يعبرُ الفلواتِ نحوَ أبي وأمي والبلادْ
كانت بلاد، كانت بلادْ، كانت بلادْ
تلك التي قد غادروها هائمينْ
ماذا ستقبض يافؤادي غيرَ ريحْ
وحكايةٌ مكرورةٌ عما يرادْ ولا يرادْ
ماذا ستقبض غير ريحْ، تركتكَ منهزماً جريحْ
والآن جيشٌ من جرادْ، يدمي فؤادكَ والحقيقةُ تستعادْ وتستعادْ
أين العمادْ؟ بحرُ من الملح الذي يسفي وعاصفة ٌومهري يعبر الفلوات نحو مدينتي
والمهرُ أبيضُ ،أبيضُ والماءُ ياعجبي فراتْ
وأنا سواد الرحلة العجفاء يغمرني فلا يراني كل من مثلي تسربل بالسوادْ
لكنما روحي تردد في عنادْ
فلتركب المهرَ الذي في كلِّ ليلٍ يعبرُ الفلواتِ نحوَ أبي وأمي والبلادْ
ستراهما.....شبحان ينتظران جنب النهرِ في ليلٍ طويلْ
ويتمتمان، يتضرعان علّ الفجر يأتي حاملاً فرح اللقاءْ
وأنا سواد الرحلة العجفاء يغمرني فلا يراني كل من مثلي تسربل بالسوادْ
لكنما أبوايَ مثل الشيخ مثل المهر مثل حنين روحي في بياضٍ يرفلونْ
والبدر ينزعُ جلدهُ ويلبسني ثياب النور والحي العظيمْ
بعصاهُ أمسكُ باليد اليمنى  أرددُ أيها الرب الرحيمْ
وعمادي الماء الفراتْ،هاأنت بأسم الحي يغمركَ النعيمْ
والنورُ أبلجُ مايكونْ، والكونُ يغرقُ في سكونْ
لكنما أبناءُ عادٍ بالحقيقة يسكرونْ ،ومن قرونْ كانوا جميعاً يضمرونْ ويعرفونْ
الماءُ أسودُ من مدادْ، ما يكتبونْ
الماء أحمرُ من ظنونْ
ها أنت تسكنك الشياطين التي تدري بما بعد الجنونْ
والناس حولكَ يركضونْ يركضون يركضون
تالله ما التفتوا كأن خافهمُ الجحيمْ
وأنا بعصاهُ أمسكُ باليد اليمنى  أرددُ أيها الرب الرحيمْ
ماذا تخبأ ؟ هل جحيمٌ آخرٌ يسفي كبحر الموت في وجه الجميعْ
كم مرة ماتوا ولكن الشفيع
نجّاهمُ ،ماذا تخبأ والربيعْ ،يأتي ولا يأتي وسوطٌ من عذابْ
يبقى يلحّ بأن يراهم يركضونْ وسيركضون
حتى واٍن كانوا على صلبانهم شدوا بحبلٍ من جنونْ
سيركضون سيركضون سيركضونْ
الموت خبزهمُ والخوفُ زادٌ للطريقْ
تركوكَ وحدكَ لا صديقَ ولا رفيقْ
حتى يعيدكَ للسهادْ
اٍن كنتَ تحلم يافؤادْ
بعصى المزكى والعمادْ
والناسُ في أرم العظيمةِ يقبضونْ
ما يكتب الشعراءُ من بعدٍ سحيقْ
كلمات شوقٍ لن ترد عن الرقيقْ
ماذا ترد عن الرقيق؟ والموتُ خبزهمُ وزادٌ للطريقْ
ماذا ستمسك يا فؤادي من بقايا ألفِ ليلٍ من سهادْ
ماذا ستمسكُ ،هل رمادْ ؟ والنارُ تحرق ما يراد ولا يرادْ
اٍرم العظيمة لن تنادِ والبلاد ما عادت بلادْ
فلتصرخوا مثلي حدادْ
ولتهتفوا مثلي حدادْ
ولتصمتوا مثلي حدادْ
 
أوكلاند
8 شباط 1998

قبل هذا التاريخ بسنتين كتبت من عمان قصيدة (إلى كل الأمهات العراقيات- إلى حبيبتي أم تحسين)  لم تكن سياسية إنما أرخت في 8 شباط 1996 رمزاً لمعاناة الأمهات العراقيات وفيها مزج مؤلم بين الحنين إلى الأم الوطن :

أماه لا تبحثي عنّي فإني راقدٌ بين الضلوع
أماه لا تسألي عني فكلُّ مصيبتي أَني وَلوعْ
بكِ مثلما رَجْعٌ حزينْ
من أغنياتِ الريف يكوي داخلي خلَلَ السنينْ
(ياويلْ....أنا الياويلْ) مِثلُ الآخرينْ
أسرجتُ أشرعتي ولكنَّ الحنينْ
آواه يقتلني ولكنَّ الحنينْ،داءٌ يداهمني فأصمِتُ لا أقولْ
آواه يا قمَري أيدرِكُنا الأفُولْ
أم نلتقي يوماً لوعدٍ لن يطولْ
لا تبحثي عني فإني مدركٌ معنى الغيابْ
لا تسألي عني فإنّي للعذاب مدى العذابْ
لا تغضبي مني فعندي من سقامي ألفُ معنى أو جوابْ
ياويلَ روحي أسرجت للخيلِ حبلاً من سرابْ
واجتاحها ضمأٌ يعانقها ويغرقُ في الضبابْ
أماه إني هاهنا ملقىً على شوق الطريقْ
أدري بأن مساقة العشق التي كانت لنا يوماً سيأكلها الحريقْ
أماه خوفي أن أُصابْ
يموماً بما يغتالُ ذاكرتي ويجعلني أهابْ
حتى من الذكرى ولكني وَلوعْ
بكِ مثلما عشتُ السنيتَ بجانحيكْ
سائلتُ روحي ألفَ آنْ
هل تستريحْ ، وأنت تطوي الأرضَ بحثاً عن ملاذْ؟
هل تستريحْ وأنت تركَبُ ألفَ ريحْ
هل تستريح وأنتَ كالطير الذبيحْ
ملقى على شوقِ الطريقْ
هل تستطيع وأنتَ تطوي الأرضَ بحثاً عن ملاذْ
هل تستطيع أن تنتمي للبحر أو للريح أو حتى لغربتكَ العقيمة؟
سائلتُ روحي هل جريمة، أن لا أقول بأنني أهوى الرجوعْ
لا تبحثي عني فإني راقدٌ بين الضلوعْ
إني أحنُّ وخاطري أبداً ولوعْ
أبداً ولوعْ

عمان
8 شباط 1996


قبل هذا التأريخ لم أكتب عن مأساة شباط لحوالي 30 عاماً وهي الفترة من 1968 وحتى خروجنا من العراق لأسباب معروفة والقصائد القليلة التي كتبتها خلال هذه الفترة كنت أحفظها وأتلفها لأسباب معروفة.

إمنا كتبت قصيدة شعبية عام1968في الذكرى الأليمة الخامسة لمأساة شباط وهذا هو نص التقديم والقصيدة كما كتبتها آنذاك :

وِتضِلْ تِردِسْ   

مهداة الى وطني وطليعته :
بقيت هذه القصيدة في دفتر الذاكرة لما يزيد عن أربعين عاما" واسلوبها واضح التأثر بمظفر النواب وها هي ترى النور لتقول أن ظلم السنين منذ شباط الأسود لم يمنعنا من أن نردس ونظل نردس ونهزج بحب الوطن والناس

من  تِشرِكْ شَمسَكْ وَرْدَهَ اتطِكْ
و كَليبي   بَحِسْنَكَ         مِتْعَلَكْ
ومِنْ  تِجفلْ وَركات    اورودكْ
لا اتظنْ أحبابك ناسيتكْ
جا وين الحسْ توّك تردِسْ  بالحزن امحزّمْ   تاليتك
من تشرك شمسكْ جوبيّة
تتلكفْ  فرحتنه     الدنية
ومن تصفنْ خيلك تتعثّرْ  وتظلْ خفكاتك    تتنطرْ
هيمة وسودة ونجمة وهلهولة وحنيّة
فرحة وحب وشوك امنعثرْ
لاتوكفْ عمري وتانيتكْ
جا وين الحسْ توّك تردِسْ  بالحزن امحزّمْ   تاليتك
شمعة اكلوب الناس انشعلتْ
ضوّتْ نوبة وظلمت نوبة لاجن ما ظلّتْ مكلوبه
هيلْ امطشرْ ورد او عنبرْ
وكلوب الناس اتضويلكْ
روح ابزودك واردسْ اردسْ  بالحب امحزم تاليتكْ
يامه اتشوّكنه الصعداتكْ
بدمنه اتغنينه    بغنواتكْ
وطاحتْ وادم, تتلاله اكمار ابظلماتكْ
احنه البجية واحنه الفرحة وطحنه وكمنه
و ضوّتْ نوبة وظلمتْ نوبة لاجن ما ظلّتْ مكلوبه
واحنه الدنية الظلّت تردسْ واتظلْ تردسْ

5شباط 1968


وهكذا تنطوي السنين وتظل المأساة وتبعاتها ناراً تكوي العراقيين الأخيار أينما كانوا وأينما حلّوا
 


8 شباط 2014
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter