|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  1 / 5 / 2015                                 فاضل پولا                                كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

التصدي لتقسيم الوطن
نجده في اعادة لحمة الأمة العراقية

فاضل بولا

الحديث عن تقسيم العراق ليس جديداً وليس مقصوراً على جهات اجنبية فحسب ، بل كان لمثل هذا الحديث صدى بين ابناء الشعب العراقي ، مصدره الكثير ممن غالبهم اليأس في وجود مخرج للأزمة السياسية التي تلحق افدح الأضرار في عموم البلاد . وفي هذا ، لم يتوان حتى اولئك العاملون في القطاعات الرسمية والسياسية من التطرق الى تقسيم العراق الى اقاليم ، كحل للخروج من ربقة الصراع الدموي المريع والتطاحن الطائفي المضني بين ابناء الشعب المنقسم على نفسه اصلاً ، وتنهش به الكوارث على اشكالها دون انقطاع ، لا بل بتصعيد مخيف منذ عام 2006 والى يومنا الحاضر .

العلة هي في الشعب العراقي نفسه قبل غيره ، لا شك بأنَّ حالة المزق التي وصل اليها ، تتيح لتدخلات اقليمية ودولية . وتكون بلاده عرضة للتلاعب في مصيرها ، وذلك بعد عجزه عن حل المعضلة التي يدور حولها فرقاء االعملية السياسية اولاً وثانياً التكتلات المدنية وكذلك الدينية الدائرة حول محور الطائفية .

واليوم تتسابق الأقلام في ادانة مشروع القانون الأمريكي حول تقسيم العراق بعد الوصول الى درجة العجز في حل مشكلته . وثمة صوت من البرلمان العراقي يطالب يغلق السفارة الأمريكية وطرد سفيرها من العراق .

المجابهة لسد الطريق اما المشاريع الخارجية لإختراق العراق ، لا تُحمَلُ على الغضب والإحتقان واطلاق التهديدات على عواهنها والبلاد تعاني من الإنقسامات الرسمية والمدنية . واعلامها الرسمي والصحفي زاخر بالإشاعات والتأويلات والتقولات والتطير ، حيث تصدر التصريحات والكتابات بمعزل عن التأني والتماهل للوقوف على حقيقة الأمر . واحياناً تكون حملات مفبركة لتسفيه وتخوين زيد من الناس وملاحقته بمختلف الطرق .

لماذا نتفاجؤ أن يكون العراق ــ وهوعلى حالته المزرية ــ موضع اختراقات وتدخلات اجنبية ، الا يصح قول المثل " تـحــد السكاكين دائماً على الثور الصريع "..؟

إذا كان العراقيون جادين في الوقوف بوجه المشاريع الأجنبية الطامعة في بلدهم او اللاعبة بمقدراته .! ما عليهم الاّ رصّ صفهم الوطني ، وشحذ قواهم لإنهاء الصراع في ما بينهم على مدار عقد من السنين. ترى ماذا يتوقعون وماذا ينتظرون من دول اجنبية ، غير الحلول التي تصب اولاً في مصلحتهم هم .

لقد اختبر العراقيون التناجز والتباعد والإقتتال ، وفسحوا المجال لدخول الأجنبي في شأنهم الوطني ، ليشعل نار الفتنة بين ابناء الشعب الواحد ، حيث شق صفوفهم وإستدرجهم لحرب طاحنة ، زعزعت كيانهم واستقرار بلادهم . لعله يحدث هذا لأول مرة في تاريخ الدولة العراقية منذ تأسيسها .

وبالنتيجة ، استقطبَ هذا الصراع وتمخضَ عن هجمة بربرية منظمة ما بين الداخل والخارج .. ازلامها وحوش كاسرة ..أعلنت نفسها دولة اسلامية على اراضٍ تمثل ثلث مساحة العراق . وبغض النظر عن تفاصيل هذا الحدث التاريخي المدمر الذي انكشفت كل مفردات تكوينه ومناصرته ودعمه . اليوم يذيق العراقيين مرارة القتل الجماعي والتخريب ومس القيم والتجاوز على الأصول والكرامة ، والقيام بشرعنة كل ما في جعبته مما هو مرفوض في عالم اليوم ، كما ويلحق الدمار في كل مناطق تواجده في العراق .

وبالنتيجة ، انكشف هذا التنظيم لدى الكثير من العراقيين المخدوعين به . وإثر ذلك ، بدا يتوالد اصطفافاً شعبياً جديدأ وشعوراً بواجب النهوض بوجه هذه القوى الضالة لتطهير العراق من براثنها .

ويتجلى ذلك في ما حصل في تحرير صلاح الدين وما يحصل اليوم بمشاركة مقاتلي الحشد الشعبي الى جانب القوات المسلحة وأبناء العشائر في محافظة الأنبار . وعسى أن يكون في ذلك ما يدرؤ الصدوع بين ابناء الشعب الواحد .

إذاً السبيل الوحيد لخروج العراق من مأزقه ، هو الإعتماد الكلي على مشروع المواطنة المؤدي الى الحصانة الحقيقية للعراق واستقلاله وسيادته . وعلى هذا الأساس تقوم وحدته ، ولم يبق متسع للتدخل في شئونه والحديث عن التلاعب في خارطته السياسية .



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter