| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأربعاء 10 / 12 / 2014 فاضل پولا كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
العراق حقل من القمح
اجهضتْ سنابله حشرات السونةفاضل بولا
من على شاشة التلفاز اعلنها رئيس الوزراء العراقي السيد حيدر العبادي ، حرباً ثانية شعواء في داخل العراق على شبكات ، دأبت على امتصاص دماء العراقيين من خلال عملية نهب اموال الدولة على مدى عقدين من الزمن . وهي بذلك تمثل طيلة هذه الفترة ، جبهة ثانية في حملة الهجمة المدمرة التي تضرب العراق منذ سقوط نظامه السابق .
ازاح السيد رئيس الوزراء في كلامه من على المنبر الكربلائي ، الستار عن طابور ممن اطلق عليهم شعب العراق اسم (الفضائيين) وهم مجرد اسماء وهمية ، تستخدم في القيود الرسمية ، او من اولئك العاملين في القطاع المدني او العسكري ، يتم انصرافهم الى اعمال خارج دوائرهم تاريكين رواتبهم لمسئوليهم باتفاق الطرفين . هؤلاء هم من العناصر المشاركة في عملية تخريب مدمرة يقودها مسئولون في المؤسسات الحكومية الرسمية ، عسكرية منها ومدنية . وكان أول رقم تم كشفه عن هذا الطابور ، هو خمسون الفاً ـ حسب الوارد في كلام الرئيس ـ من اولئك المدونة اسماؤهم في القيود كعاملين في مختلف قطاعات الدولــة ، وخاصة القطاع العسكري . وهذا العدد من النصابين لا حضور ولا وجود عملي له في مهامه الوظيفية . ويتقاضى رواتب هــؤلاء ، مسؤولــون فــي قطاعــات الدولــة الذين يمثلــون شُلل لشبكــة (ماﭭـيَـويـّـة) خطرة . وأفاد الرئيس في كلمته بأن الرقم الذي كشفه عن الفضائيين يُعــدّ غيضٌ من فيض .
وإزاء ذلك آل على نفسه التصدى لهذه الظاهرة بكل ما تتيسر من الوسائل ، لكشفها ووضع القبضة على مستورها ومكوناتها ، ومن ثم الضرب على أيادي عناصرها بقوة ، مهما كانت مواقعهم ومقاماتهم .
ومثل هذه الخطوة الجريئة لا شك انها تتطلب الكثير من الجهد ، ليس من رئيس الدولة فحسب بل من جميع الفرقاء في العملية السياسية ومن الأحزاب والكتل ، وأن يصار في ذلك الى طرح شامل لهذه الوقفة في جميع القطاعات الحكومية ، من الدوائر والمؤسسات والجامعات والمدارس وكذلك من منظمات المجتمع المدني وغيرها .
ليت لهذا الموقف أن يكون بمثابة وثبة لشعب العراق ، بالوقوف صفاً واحداً في دعم هذا التصدي ومؤازرة هــذه الخطوة الجريئـــة ، في البحث عــن مئات المليارات من امواله المنهوبة مــن قبــل حيتان ( الفرهدة ) لابــل مافيــا خطــرة تعشش فــي المؤسسات العسكريــة والمدنيــة للدولــة ، وتأخذ امتداداً الى ابسط الدوائر ، ثم تمتد جذورها الى خارج العراق تواصلاً مع وكلاء تبيض الأموال في البنوك ، وهكذا تتكامل العملية لتسهم بمشروع تدمير البلد .
لقد فرضت المكاشفة نفسها ، لتأهيل الدولة في مقاومة هذا الوضع الخطر الذي يهدد البلاد . ونتمنى على المسئولين ومعهم كل مكونات الشعب العراقي ، أن يوحدوا الكلمة والصفوف لجرف هذه الخيسة من وسط المجتمع وقطع دابرها ، لتنظيف العراق من رجس اولئك الأشرار واذنابهم الذين ينخرون بالبلد بهذه الطريقة الخبيثة ، ويلحقون افدح الأضرار بميزانية الدولة ، وبالتالي بالدخل القومي للفرد العراقي ، وخاصة ابناء الطبقة الفقيرة الذين يعيشون في لجة المعاناة وقساوة الظروف الأمنية .
وحول هــذه الوقفة الجريئة من لدن السيد رئيس الوزراء ، تدور اخبـار محاولات خبيثـة لإستهدافه . ومهما كانت صحة ذلك ، فهذا الأمر فلابد منه . لأن هذه العصابات الضالعة لسنين بتدمير اقتصاد البلد دون اي قصاص يردعها ودون اي وازع يوقفها ، ستكون بالمرصاد لمن يمسها ، وهي تعمل طيلة هذه السنين دون وجل او خوف . ويوماً بعد يوم تزداد خبراتها وزبائنها وعملاؤها وكأنها تعمل في العلن وليس في الخفاء .