|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  5 / 3 / 2017                                فارس كريم فارس                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



استراتيجية تركيا ازاء العراق
(1)

فارس كريم فارس
(موقع الناس)

على الرغم من فقدان تركيا احد وظائفها الاساسية بانتهاء مرحلة الحرب الباردة باعتبارها البوابة الجنوبية لحلف الأطلسي أثناء تلك الحقبة الا أنها بقيت تحتفظ بأهميتها الاستراتيجية نظراً لموقعها الجغرافي المتمركز على مفترق القفقاس والبلقان والشرق الاوسط وهي منطقة جذب ونفوذ فهي دولة شرق أوسطية ودولة مطلة على البحر الاسود وبحر قزوين والبحر الابيض المتوسط وتهتم بتوفير الأمن ليس لنفسها وإنما للمناطق المجاورة.

ومع ان رفض تركيا السماح لاستخدام للولايات المتحدة أراضيها خلال حرب العراق عام 2003 قد أدى الى انخفاض قيمة تركيا في الحساب الاستراتيجي للولايات المتحدة الا أنه في الحقيقة لاتزال تركيا تتمتع بأهمية جيوستراتيجية في الشرق الاوسط بفضل الموقع الجغرافي لتركيا والتمتع بمستوى عال من التحديث السياسي والديمقراطية والعلمانية والاسلامية المعتدلة والهيكل السياسي والانتعاش الاقتصادي, كما ان تركيا لا زالت جزء من نظام الشرق الاوسط المنظم أمريكياً وتركيا حليف عسكري واقتصادي رئيسي للولايات المتحدة انها دولة قوية تقع مباشرة على تخوم الشرق الاوسط الغني بالنفط.

ان تركيا يمكنها من لعب دور فاعل في التفاعلات الإقليمية لاسيما وان تركيا تحتل المرتبة (34) في العالم من حيث المساحة والمرتبة (19) في العالم من حيث عدد السكان وتتمتع بقوة عسكرية ضخمة بالإضافة الى عضويتها في حلف الناتو. وتكمن الأهمية أيضا من الدور الذي تؤديه تركيا في المنطقة تحقيقاً لمصالحها وزيادة لنفوذها ووزنها الإقليمي الى جانب مصالح خارجية تتعلق بالتحالف العربي خصوصاً وان هذا الدور استمرت تركيا في ممارسته خلال مدة الحرب الباردة والتي شهدت تطوراً ملحوظاً في علاقات تركيا بدول المنطقة.

أن الموقع الجيوستراتيجي الذي تتمتع بها تركيا يؤهلها ويفرض عليها الاهتمام بالاعتبارات الإقليمية وبما يبعد عنها أي شكل من أشكال التهديد ألامني لأراضيها من ناحية ويعود عليها بمنافع اقتصادية شتى سواء في أطار علاقات تجارية أو مرور مواد الطاقة عبر اراضيها من ناحية ثانية ويمنحها مجالاً أوسع للحركة والبحث عن النفوذ الإقليمي الدولي من ناحية ثالثة. ولاشك ان وصول حزب العدالة والتنمية الى هرم السلطة عام 2003 وسعيه الدؤوب في أحكام سيطرته على تفاصيل صنع القرار وتمكنه من فرض خطابه على الساحة السياسية بصيغة الحداثة وتبنيه قضايا الشارع التركي والقدرة على تحرير مشروعه الإصلاحي قد أكسبه قبولاً أوربياً.

ان حزب العدالة والتنمية قد انبثق داخل حزب الرفاه، واستطاع زعيمه رجب طيب اردوغان ان يشكل تيار حداثي ليصبح متوافقا مع واقع النظام السياسي العلماني وبدأ أردوغان بانتقاد علني لحزب الرفاه وسعى الى أيجاد شرعية جديدة للحركة في الخارج, فجاء شعار المؤتمر التأسيسي للحزب في 14 أب 2001 تحت عنوان (العمل من اجل كل تركيا واستقطاب مختلف شرائح المجتمع) كما اعلن زعيم الحزب في هذا المؤتمر موقفه من العلمانية والإسلام إذ يعد العلمانية مبدأ أساسي للسلم الاجتماعي وأعطى تصور واضح للعلمانية الذي يعتمد على حياد الدولة تجاه المعتقدات الدينية كما اكد اردوغان على مرجعية (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) و(الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان والحريات الاساسية). وفي هذا الإطار أكد مسؤولو الحزب على البعد الجامع للحزب بقولهم (ان حزبنا ليس حزباً دينياً ونحن نعمل على ضمان تمثيل الجميع وفي عداد مؤسسيينا محجبات وسافرات ملتحون وغير ملتحين ان الحزب السياسي ليس وسيلة للتبليغ بل للخدمة، بخدمة هدفنا التطبيق والعمل على تعميم مفهوم جديد في السياسة).

وبذلك فان برنامج الحزب لا يتعارض مع النظام السياسي المتوارث منذ تأسيس الدولة التركية بعد الحرب العالمية الأولى القائم على مبدأ العلمانية وهذا ما يفسر قدرة الحزب على تجاوز اي شكوك توجه أليه من أنصار العلمانية لاسيما انه لم يتبنى أية توجهات تدعوا الى تطبيق الشريعة الإسلامية وتأتي السياسة الاقتصادية التي اعتمدها حزب العدالة والتنمية في أشاعه جو الثقة والتفاؤل داخل المجتمع التركي والقطاعات الاقتصادية إذ صاحب تحسين الأداء الاقتصادي انخفاض معدلات التضخم وتراجعها في عام 2004 الى نسبة 30 % فيما ارتفعت معدلات النمو الى 5.9 % كما أدى إجراء الحكومة التركية برفع قيمة الليرة التركية بداية عام 2005 أمام الدولار الأمريكي برفع ستة أصفار من الليرة إذ ارتفعت قيمتها بشكل كبير ازاء الدولار.

واقتصاديا وحسب الارقام الرسمية فان الدخل القومي التركي بلغ 143 مليار دولار عام 2003 وارتفع عام 2004 الى 180 مليار دولار ليصل الى 400 مليار دولار عام 2006. اما معدل النمو الاقتصادي الذي وصل عام 2001 الى نمو سلبي قدره 9.5 % ارتفع عام 2002 ليصل الى 7.9 % فيما سجل عام 2004 رقما قياسيا اذ ارتفع الى 9.9 % وفي عام 2006 بلغ معدل النمو 6 %. وارتفع معدل الدخل الفردي من (2589) دولار للفرد منذ مجيء حزب العدالة والتنمية الى حدود (19000) دولار في عام 2015. أن حكومة حزب العدالة والتنمية رفعت الدخل القومي الى 800 مليار دولار، خلال الـ 13 عاماً الأخيرة. بدءاً من استلام العدالة والتنمية لمناصب الحكم في البلاد. وأن حجم الصادرات كان 36 مليارا فقط، وأنهم أوصلوه إلى 160 مليار دولار، كما أن عدد السكان الذين يعيشون عند خط الفقر في تركيا حاليًا، أقل من 5 % من إجمالي عدد السكان، وقبل 10 سنوات كانت هذه النسبة 16%".

ووفقا للتقرير الصادر من مركز (سترانفور) فان الاقتصاد التركي هو احد العوامل التي ستسمح لتركيا باستعادة دورها الإقليمي الذي كان سائداً قبل 90 عاماً ففي عام 2006 حققت تركيا المركز ال18 للدول الاعلى نمواً في العالم من حيث الناتج المحلي الاجمالي. ويشكل الاقتصاد التركي حسب التقرير اعلاه اكبر اقتصاد إسلامي على الاطلاق متفوقاً على الاقتصاد السعودي وبات يشكل الاقتصاد الإقليمي الاكثر ديناميكية واذا ما اضيف الى كل ذلك موقع تركيا الجغرافي ودوره في ان تضم تركيا اكبر شبكة نقل و مرور للطاقة في العالم يقودنا الى ان الدور التركي الإقليمي سيتصاعد حتما لاستعادة حالته التاريخية ولو بشكل بطيء.

لقد كانت الفرصة مواتية للسياسة التركية للأخذ بزمام المبادرة والتركيز في توجهها نحو الجنوب وتكييف سياستها الخارجية بما يتناغم مع الواقع الدولي والإقليمي ويحقق لها موقعاً فاعلاً ومؤثراً في الساحة الإقليمية، وبما يجعل تركيا قادرة على قيادة المنطقة والاستفادة من التآكل الاستراتيجي العربي وغياب أية قوة قادرة على ايجاد نوع من التوازن في التوجهات الإقليمية المختلفة.

ان اهمية تركيا ازدادت في الاستراتيجية الامريكية بعد ان اختارت الولايات المتحدة العالم الاسلامي كساحة مواجهة لها في اطار حربها المعلنة على ما يسمى بالإرهاب بغزوها افغانستان والعراق بين عامي 2001-2003 حيث تزايدت الحاجة الامريكية الى الدور التركي ليس من منطلقات عسكرية فحسب وانما حضارية وثقافية وسياسية واقتصادية في المقام الاول. ان السياسة الامريكية التي اعتمدها بوش الابن في أطار حملته العسكرية على افغانستان والعراق ومحاصرة اطراف رئيسية اخرى مثل ايران وسورية والعمل على اضعافهم قد ساهمت بفتح الطريق امام تركيا للامتداد إقليميا من خلال دفع تركيا باتجاه تخفيف التوتر بين هذه الدول وبين تركيا وسهل سبل التعاون معها.

وعليه فان العلاقات التركية- الامريكية في زمن الرئيس الاسبق جورج دبليو بوش قد اتسمت بعدم الاستقرار بسبب انتهاج حكومة اردوغان سياسة إقليمية مستقلة حيال الكثير من قضايا المنطقة والتي لا تنسجم غالبا مع السياسة الامريكية لاسيما سياسة بوش العدائية في المنطقة والتي تعد السبب الرئيسي الذي يكمن خلف معاداة الشعب التركي وشعوب المنطقة وشكل العامل الاكثر حضوراً في تصاعد حدة العداء بينهما وسببا كافياً لتوتر العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. غير ان هذا التأزم في العلاقة التركية الامريكية قد تم ملافاته والتأكيد على اهمية الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وتركيا, والواقع ان قيام البرلمان التركي برفض طلب الادارة التركية للسماح بدخول القوات الامريكية عبر الاراضي التركية الى شمال العراق عشية الغزو الامريكي للعراق عام 2003 كانت نقطة تحول تاريخي بالنسبة لتركيا بأثبات قدراتها على عدم الانسياق وراء السياسة الامريكية الساعية للعدوان على الشعوب من ناحية وضعف قدرة واشنطن للضغط على تركيا من ناحية ثانية. ورغم هذه الحقائق التي لا يمكن تجاهلها فانه لا يمكن لتركيا ان تلعب دوراً فاعلاً ومهماً في معالجة قضايا المنطقة وحلها دون الرضا الامريكي ودون الاتفاق بين واشنطن وانقرة على مبادى اساسية لذلك الدور ودون رؤية مشتركة وتعاون في الجهود بينهما.

ومع ذلك فان وصول باراك اوباما الى البيت الابيض قد ساهم في تخفيف حدة الخلافات بين تركيا والولايات المتحدة حيث كان اختيار تركيا كأول بلد اسلامي يتم زيارته له يدل على مدى اهتمام الادارة الامريكية الجديدة بالدور التركي الإقليمي حيث تحدث الرئيس الامريكي اوباما يوم 6 نيسان 2009 بقوله (ان الولايات المتحدة ستواصل دعمها لتركيا لما لها من دور مركزي) و(ان الولايات المتحدة وتركيا تسعيان لخدمة العديد من الفرص والازدهار لشعبينا وخاصة عندما يتعلق الامر بالطاقة ويمكننا زيادة التجارة والاستثمار بين بلدينا) وقد دعا اوباما الى قبول تركيا في عضوية الاتحاد الاوربي بقوله (دعوني اكون واضحاً فان الولايات المتحدة تؤيد بشدة مساعي تركيا لكي تصبح عضواً في الاتحاد الاوربي).

والواقع ان التوجه الامريكي اثناء فترة اوباما حيال تركيا منح حكومة اردوغان حرية المناورة والحركة باتجاه انتهاج سياسات إقليمية فاعلة ومؤثرة طالما تكن تلك السياسات متناغمة مع التوجه الامريكي ازاء المنطقة حيث تتوخى الادارة الامريكية دوراً رئيسياً لتركيا في الشرق الاوسط وفي الجوانب التي تخص القضايا والتحديات التي تواجه الولايات المتحدة ومنها ما يلي:
1. دور متميز في الوضع العراقي.
2. استعادة الولايات المتحدة زمام السيطرة والاستقرار في افغانستان.
3. تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة وايران.
4. التخفيف من الدعم السوري والايراني لحزب الله في لبنان وحماس في غزة.
5. تعزيز النفوذ الامريكي في اسيا الوسطى.
6. ايقاف انجراف تركيا نحو التعاون الاستراتيجي مع روسيا.
7. توفير طرق انابيب نقل موارد الطاقة الهائلة من حوض بحر قزوين باعتبار تركيا ممر العبور الى الاسواق العالمية.

ومنذ انتهاء الحرب الباردة وبعد احتلال العراق عام 2003 وما حصل من تغيير فيه لاسيما اضعاف قدرته العسكرية والسياسية والاقتصادية فقد شكل هذا الحدث واقعاً متغيراً رئيساً في جيوسياسية المنطقة الامر الذي اتاح للقوى الإقليمية الساعية الى تحقيق دور إقليمي معترف به، وما يرتبط من تأشير هذه المساعي الإقليمية يأتي في سياق الانقسام والصراع بين مختلف القوى الإقليمية للسيطرة على المنطقة غير المستقرة والمعقدة بسبب التدخلات الإقليمية والدولية. وفي ظل غياب اي قوى عربية على الساحة الإقليمية فان فراغ القوى الإقليمية قد اغرى الدول غير العربية كـ ايران وتركيا على ملئه، وبسبب طبيعة الخطاب الايراني وعلاقة ايران المتوترة مع الغرب كان لتركيا حظا اوفر في مد دورها الإقليمي لاسيما انها تسعى الى منافسة ايران بخلق قاعدة مصالح مشتركة معها. كما لم تتأزم العلاقات الإسرائيلية- التركية الى حد المواجهة وتصبح عائقاً امام حكومة اردوغان عند تبنيها موقفاً قوياً وعادلاً ابان العدوان الإسرائيلي على غزة وبعده.

ان الفراغ الإقليمي الناشئ عن غياب قوى إقليمية فاعلة (دولة العراق) قد فسح المجال للسياسة التركية بمزيد من التحرك الإقليمي الفعال للمحافظة على الاستقرار من خلال ادامة التواصل مع جميع الاطراف الإقليمية وبشكل متوازن. تحديد الدور الإقليمي التركي من قبل الادارة الامريكية فهي قد تعتمد على تركيا بشكل كبير في اسيا الوسطى والامريكيون الان يتحدثون عن (اسيا الوسطى الكبرى) فيما يغيب (الشرق الاوسط الكبير او الجديد) وبالتالي ستشكل تركيا منصة الانطلاق الى تحقيق ذلك وستكون بمثابة ركيزة الاستراتيجية الامريكية تجاه اسيا الوسطى.

ان فشل المحاولات التركية بالانضمام الى الاتحاد الاوربي سيكون عائقاً امام بروز اي دور إقليمي تركي. وازدياد حساسيات القوى الإقليمية الاخرى مثل ايران، مصر، السعودية سيحد من فاعلية الدور التركي في منطقة الشرق الاوسط. ان عدم قدرة تركيا على تحقيق الموازنة في علاقاتها بين (إسرائيل) وتعاطفها مع الحركات الاسلامية لاسيما حركة حماس – ولاحقا الاخوان المسلمين- يفقدها خاصية التوازن في العلاقة بين المعتدلين والمتشددين في المنطقة أذ ان وقوفها على مسافة متساوية منهما يجعلها في موقع موازن على نحو يدعم دورها الإقليمي.

ان عدم قدرة تركيا على الإمساك بورقة العراق التي تعد من اهم الأوراق التي تحتفظ بها ايران حاليا وتسعى الى استخدامها لدعم نفوذها الإقليمي وانتزاع اعتراف امريكي بهذا النفوذ وليس من مصلحة تركيا ترك هذه الورقة بيد ايران، واذا لم تراجع تركيا حساباتها الضيقة وغير الدقيقة على هذا الصعيد فان العقدة الكردية ستظل العقبة امام دورها الإقليمي لامحالة. ان جذور القضايا العالقة بين العراق وتركيا وما هي التطورات التي حدثت حول هذه القضايا بعد صعود حزب العدالة والتنمية الى السلطة والاحتلال الامريكي للعراق ، تحدد الاستراتيجية التركية ازاء العراق, وهذه تتمثل في ثلاث قضايا رئيسية وهي: قضية المياه, وقضية كركوك والاقلية التركمانية في العراق, والقضية الكردية.

اما فيما يخص قضية المياه هناك حقيقة مهمة وهي: ان خلال الخمسة عشر عاماً القادمة من القرن الحادي والعشرين ستصبح المياه أهم وسيلة للضغط السياسي ، أي بمعنى سيكون هناك صراع على المياه. ويمكن رد الاسباب والدوافع وراء نشوب النزاعات بشأن المياه واحتمالات تحولها الى صراع مسلح الى مجموعة اسباب منها:

1. وقوع معظم منابع المياه خارج الاراضي العربية ، خاصة النيل ودجلة والفرات .
2. تناقص النصيب النسبي للدول العربية من المياه بسبب التلوث والتصحر والتملح والهدر ، إذ إن 97% من مجموع المياه المستهلكة تستخدم في الزراعة .

وتحاول تركيا إضفاء الصفة التركية على النهرين ، وهذا ظاهر جلياً عن طريق تصريحات ومواقف المسئولين الاتراك ، ومن ذلك تصريح رئيس الوزراء تركيا السابق سليمان ديميريل في العام 1990 قائلاً: ((ان لتركيا السيادة على مواردها المائية ويجب ان لا تخلق السدود التي تنشأها تركيا على دجلة والفرات أي مشكلة دولية ، وعلى الجميع ان يدرك ان لا نهر الفرات ولا نهر دجلة أنهار دولية ولكنها أنهار تركية وحتى عبورهما الاقليم التركي ، فالنهر لا يمكن عده نهراً دولياً إلا أذا كان يشكل الحدود بين دولتين او أكثر ولكل دولة الحق في استغلال مواردها المائية كما تشتهي ، وليس لأية دولة أخرى الحق في الاعتراض على ذلك)). كما تصر تركيا انه يجب النظر الى حوضي دجلة والفرات على انهما حوض واحد ، وأنهما رافدان لنهر واحد وهو شط العرب ، وتعتقد تركيا : ان مشكلة شحة المياه بالنسبة للعراق يمكن حلها اذا قام الاخير بتمويل مياه نهر الفرات من مياه نهر دجلة بواسطة قناة الثرثار.

وترى تركيا في عدم القبول بالطرح السوري والعراقي بضرورة الاعتراف بحقوقهما المكتسبة في نهري دجلة والفرات أمراً لا غبار عليه وذلك بحجة ان هذا المبدأ غير معترف به دولياً. وتعد تركيا المياه سلعة تجارية، وهذا ما أعلنه وزير الدولة التركي المسئول عن مشروع جنوب شرق الاناضول (
GAP) حين قال: ((أن تركيا ستباشر في عرض مياهها في (بورصة المياه) لبيعها للدول العربية والشرق الاوسط ، لأنها ليست مستعدة لإعطاء مياهها دون مقابل ولذلك ستعمل على تسويقها في أسواق البورصة العالمية.

وتستخدم تركيا سلاح المياه لغرض تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية واستراتيجية ومحاولة الضغط على العراق وأيضا سوريا عن طريق المطالب الاقليمية (الموصل وكركوك ولواء الاسكندرونة) وأوضاع الاقليات (التركمان) وأمن الحدود والحركات المسلحة (حزب العمال الكردستاني) فهي تصر على عقد اتفاقيات تعاون سياسة شاملة على مختلف الاصعدة تختلط فيه الارض والماء والسياسة.

وعليه يمكن القول إن تركيا تحاول تحقيق مشاريعها المائية على نهري دجلة والفرات دون النظر الى مصالح دول الحوض مخالفة بذلك القواعد القانونية الدولية التي طرحت مبدأ الانتفاع المعقول والعادل لمياه المجرى المائي الدولي، والذي يفرض على تركيا عدم إجراء أي تعديل او تغيير على الاوضاع الطبيعية لنهري دجلة والفرات إلا بعد التوصل لاتفاق مسبق مع شريكتيها العراق وسوريا. وان حل قضية المياه يتطلب وجود أرادة سياسية حقيقية لدى تركيا وتوفر مبدأ (حسن النية) لتحقيق أتفاق نهائي وعادل لتقاسم مياه نهري دجلة والفرات قسمة عادلة ، وتكفل هذه القسمة حق شركاء تركيا كافة القواعد القانونية والاعراف الدولية.

يتبع
 


 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter