|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  28 / 2 / 2018                                فارس كريم فارس                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

سجل الرفيق حسان عاكف حمودي الامني

فارس كريم فارس
(موقع الناس)

الى الانصار الابطال وجماهير واعضاء وقيادة الحزب الشيوعي العراقي المجيد

لقد حصلت قيادة الحزب على مئات بل آلاف الملفات الامنية, اثناء وبعد سقوط النظام الدكتاتوري الفاشي ومن اغلب المحافظات وخاصة بغداد, سواء من خلال الاستيلاء المباشر عليها من قبل الاصدقاء والرفاق من ابنية الاجهزة الامنية او من خلال تبادل الملفات مع احزاب اخرى او من خلال بعض عناصر هذه الاجهزة كإعلان من قبلهم عن التوبة والندم.

كان الشهيد البطل الرفيق سعدون وانا وبأشراف مباشر من قبل الرفيق ابو داود المسؤولين المباشرين عن المجال الامني حين ذاك, لهذا كانت جميع هذه الملفات تسلم لنا, ونتيجة لعددها الكبير شكلنا لجنة لفرزها حسب الاهمية ونقلها لمكان آمن (اتذكر كان ضمن اللجنة الرفاق ناظم واسعد عرب وخالد واخرين), وفعلا تم فرز الملفات التي تخص المندسين والمتعاونين مع الاجهزة الامنية داخل الحزب, "ضمن الملفات التي حصلنا عليها"!!!!.

تم اكتشاف العديد من حالات التعاون والاندساس وقد اتخذت الاجراءات بشأنها, وحسب خبرة الحزب المتراكمة في هذا المجال, ولحد تلك اللحظة اي بعد اسابيع من سقوط النظام لم نكن قد حصلنا على ملفات ذات اهمية تخص الرفاق في قيادة الحزب, حتى اتصل بنا مصدرين .

المصدر الاول : هو المرحوم احمد الجلبي, حيث كانت لديه حسب قوله صناديق من الملفات تحكي عن اسطورة لا مثيل لها في كل العالم لنضال صعب وخطير لأعضاء وكوادر وعوائل الحزب الشيوعي العراقي (ما عدا من خانوا الحزب وهم قلة), حيث قضيت الليل بالنهار "والكلام لا زال للمرحوم الجلبي" للاطلاع على هذه الملحمة وانني انحني اجلالا لهم في الاصرار والصدق في مقارعة اعتى دكتاتورية وبالأخص كونهم في داخل الوطن. المهم بلقاء مع الشهيد البطل الرفيق سعدون مع المرحوم الجلبي تم الاتفاق على استنساخ كامل الملفات وفي بيته لأنه كان لا يرغب بتسليم النسخ الاصلية رغم المحاولات الكبيرة لأقناعه بذلك.

المصدر الثاني : اتصل بنا احد اصدقاء الحزب القدامى واقترح علينا اللقاء بعنصر كان يعمل في الشعبة الخامسة في مديرية الامن العامة وهو مستعد للتعاون في حال ان يطلب منه الحزب, وتم اللقاء وطلبنا منه الحصول على الملفات التي تخص الحزب وخاصة المؤتمنين والمتعاونين والمندسين والشفرات الخاصة بأرقامهم (حيث كانت بعض الملفات والتقارير تحتوي على ارقام وحروف واسماء مستعارة وليس الاسماء الحقيقية لهم), المهم مقابل مبالغ من المال استطاع هذا الشخص الحصول على ما كنا نريده وان لم يكن بشكل كامل. وكان من ضمن ما حصلنا عليه من ملفات ومعلومات صفحة الرفيق حسان عاكف حمودي, وكانت صافية ونقية كالبلور 24 قيراط, وتم وضع الملفات تلك تحت يد الرفيق ابو داود سكرتير اللجنة المركزية حينها.

هذا جانب من شهادتي للرفيق حسان, اما شهادتي الثانية هي كوني كنت موجوداً معه في نفس المعتقل مديرية الامن العامة في بغداد ولاحقا في نفس الغرفة الرهيبة التي تدعى (المشتمل) والتي نقلت اليها على السدية بأمر من المجرم (السيد العام) فاضل البراك بعد معاقبته للضابط الجلاد المسمى احمد نادر بالسجن 10 ايام وحلاقة صفر لكونه المسؤول عن تعذيبنا في تلك الليلة المشؤومة وحتى الصباح الباكر مما ادى الى استشهاد ابو كريم (الشهيد البطل مزهر هول الراشد) الذي اعتقلوه في نفس الليلة. وكان المجرم البراك يصرخ ويزبد ويعربد على الضابط ويقول: كيف يموت؟ لماذا قتلته؟ انه صندوق اسرار قيادة الحزب!! ذهب كل جهدنا سدى, ذهبت الاسرار والمعلومات معه!! المهم نقلت الى (المشتمل) هذا وكنت في حالة اغماء تام, ولم استيقظ الا على صوت الشهيد البطل نصير فؤاد وهو يقول بصوت خفيض: فارس انهض انا نصير, انهض ارجوك وزاح العصابة عن عيني, فرحت كالطفل عندما رأيته واغرقته بالقبل/ قال لا يوجد وقت, سينقلونني الى مكان اخر, ويجب ان تعرف ما يلي (كان الشهيد البطل نصير يعرف موقفي وصمودي حيث جعلونا نلتقي قبل ايام وانكر كل منا معرفته بالآخر) / قال لي الشهيد البطل نصير: انظر في الزاوية انه صباح الدرة (استشهد لاحقا), صامد/ الذي بجانبه الدكتور حسان عاكف, صامد/ هؤلاء الاثنين تستطيع ان تأخذ رأيهم في كل شيء/ حول التحقيق وكيفية الاجابة عن الاسئلة وماذا تفعل في المواقف الحرجة وتعرف ما يأتي من جديد عن الحزب. (من الجدير بالذكر ان عمري حينها لم يبلغ التاسعة عشر عاما).

لوحت بيدي للرفيقين وبادلاني الفعل نفسه, اما الذي بجانب حسان فهو الدكتور عبد الصمد نعمان والذي يرفض الحديث بسوء عن الحزب سواء بالإذاعة او التلفزيون واخيرا عرضوا عليه كتابة مقالة رفض ايضا لذلك هو باقي ويعذب و....../ الذي بجانبه العامل البطل محمود مطر من الحقد الكبير عليه كسروا قدمه في جولة التعذيب الاخيرة وهو صامد ايضا...... وهكذا.

ليس الان مجال ذكر الجميع في هذا (المشتمل) الرهيب وكان العدد بين 30 و40 شخصا اغلبهم من الشيوعيين واصدقائهم. وكان الشهيد البطل نصير قد حذرني من اشخاص اخرين كونهم الان متعاونين مع الاجهزة الامنية وعلمني كيف اتصرف معهم. وبعد خروجنا من المعتقل بعد قرار العفو العام وازاحة البكر من السلطة واستلام المجرم صدام السلطة, التقيت مع الشهيد البطل نصير واول شيء فكرنا به هو اللقاء مع الدكتور حسان وذهبنا الى مكان عمله فلم نجده وكنا نعرف مكان بيته ايضا حيث كنت صديقا لأخيه مناضل, وعرفنا منه ان حسان قد سبقنا في مغادرة الوطن".

كان الرفيق حسان اسطورة في الصمود وتحمل مختلف اشكال التعذيب القاسي والوحشي الجسدي والنفسي, وكان يصل الينا بعد كل جولة تعذيب مثخنا بالجراح, وكان لون جلده الابيض المحمر يتحول الى قطعة من السواد الداكن. ان المثل الذي ضربه حسان في الصمود والتحدي اثناء الاعتقال في عام 1979م وحفاظه على مبادئه وحبه للشعب والوطن والحزب امر لا شك فيه ابدا.

ولي مع الرفيق حسان شهادات ومواقف نضالية واخلاقية عديدة اخرى, رائعة وذات مغزى ثوري عميق سواء في بيروت او دمشق(التي التقيته فيها عام 1984 بعد تخرجي من الكلية العسكرية في اليمن). وكنت مع رأي الحزب في حينها بعدم وجود ضرورة ماسة لالتحاقه مع الانصار بسبب حداثة استشهاد شقيقيه الرفيقين البطلين الدكتور عادل وابو فيروز. الا انه انتقدني وقال لي بالحرف الواحد: هل تريد ان اعيش بقية حياتي على دماء اخوتي؟ انتهى لقاؤنا بالزعل لحين التقيته في لولان عام 1985م خلال انعقاد المؤتمر الوطني الرابع, قبلنا بعضنا وقلت له, ها سويتهة!!!. وفي كردستان وبعدها في بغداد اثناء عملنا السري في الداخل خلال الفترة من 1990 الى 1993م, آثر الرفيق حسان وعدد من كوادر وقياديي الحزب التوجه للعمل في بغداد على التوجه لخارج الوطن بعد عملية الانفال سيئة الصيت والضربة القوية لوحدات انصار حزبنا الشيوعي والاحزاب الاخرى. واثناء تواجدنا في قيادة الحزب منذ المؤتمر الوطني الخامس وما بعدها وكذلك ما بعد سقوط النظام, وكان للرفيق حسان مواقف مشرفة ومتميزة في كل فترة من هذه الفترات النضالية العصيبة لا مجال لذكرها في هذا المقال يمكن ذكرها لاحقا في مناسبات اخرى.

ومن المهم ان انوه هنا انه رغم علاقتنا العميقة, التي تعمدت في بحر من الصعوبات والمعاناة والمخاطر وفي خضم العمل النضالي والامل من اجل الافضل, الا انه لم نكن متطابقين في الرأي وفي عدد لا باس به من القضايا, بما يخص اساليب العمل, طرق التفكير وبعض المواقف التنظيمية والسياسية وحتى الفكرية في بعض الاحيان, فلكل واحد منا اجتهاده ورؤيته الخاصة, مما كان يدخلنا في نقاشات وصراع اراء مستمر, الا انه كنا مقتنعين ان كل ذلك وفي اطاره السليم, كان يخدم ويطور العمل التنظيمي والنضالي للحزب. هذا الخلاف والتباين في وجهات النظر, لا ولن يقلل ولو ذرة من كبر محبتنا واحترامنا واعتزازنا واحد للآخر.

لهذا كله كان من واجبي الاخلاقي والنضالي ان اشهد هذه الشهادات المختصرة عن الرفيق حسان عاكف حمودي, وهو يتعرض لتشويه سمعته النضالية والوطنية من قبل الخونة والمأجورين امثال صباح زيارة وغيره.
 

ستوكهولم 28/2/2018

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter