|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  6 / 4 / 2016                                فلاح علي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

المؤتمر العاشر مهامه وطموحات الشيوعيين العراقيين
(1)

فلاح علي
(موقع الناس)

يتهيأ الشيوعيون العراقيون لعقد مؤتمر حزبهم العاشر في ظل ظروف يمر بها البلد في غاية التعقيد والخطورة من أزمات سياسية واقتصادية ومالية وامنية واجتماعية وقانونية وكأنها مستعصية عن الحل , لا سيما وان الارهاب يهدد مستقبل البلد وداعش لا تزال تحتل مدن عراقية , في ظل هذه المخاطر يشهد البلد حراك جماهيري سلمي غير مسبوق - منذ عدة عقود - بسعته وامتداده واستمراريته يطالب بالاصلاح والتغيير . لهذا يحظى المؤتمر العاشر بأهمية استثنائية نظراً لما ينتظر الشيوعيين من مهام .

ان مراجعة وتدقيق الوثائق واعادة صياغتها تحظى بأهمية استثنائية :
1-
نظراً لتهيئة الظروف ففي فترة التهيؤ للمؤتمر وأثناء عقده تنضج بيئة ملائمة لتطوير النقاشات على الوثائق المطروحة , وبعض هذه النقاشات يكون منطلقها نقدي لأجل التطوير . وتشمل هذه النقاشات ملفات وقضايا عقدية في سياسة الحزب ومواقفه , قد يتعذر الوقوف عندها في الظروف العادية لنشاط الحزب او في الاجتماعات . اي ان الدراسة والمراجعة والتدقيق الجماعي الواسع التمثيل للقاعدة الحزبية في المؤتمر , يكون ارضية فكرية وتنظيمية وسياسية صلبة يقف عليها الحزب للانطلاق نحو التجديد والوضوح والتغيير والحضور الجماهيري والسياسي الفاعل والمؤثر في المجتمع .

2- الوضوح في الوجهة التي تتبناها وثائق المؤتمر لها أهمية حيث تمّكن الشيوعيين من تعزيز وحدتهم السياسية والتنظيمية والفكرية , في نضالهم اليومي وفي مواجهتهم وتعاملهم مع اي منعطف وفي وضع حلول لأعقد مشكلات وازمات بنيوية كتلك التي يواجهها الشعب والوطن والوضوح في الوجهة والمواقف يعزز ثقة الجماهير بالشيوعيين وحزبهم .

3- ان اهم خطوة عملية يُنتظر التوقف عندها هي في ما يخص الوثيقة البرنامجية وهل هنالك قصور سياسي فيها, ام هنالك قصور في التاكتيكات والآليات ؟هذا اولاً وثانياً على صعيد النشاط في الجبهة الاجتماعية والاقتصادية وهو أهم نشاط عملي للحزب ومنظماته , لا بد ان يتوصل المؤتمر الى استنتاج هل ان منظمات الحزب تمكنت من اجتذاب وتعبئة الطبقات والفئات الاجتماعية وبالذات العمال والكادحين وصغار المنتجين والفلاحين والطلبة والشبيبة والنساء والمثقفين , اعتباراً من ان الوثيقة البرنامجية تعبر عن مصالحهم ومصالح الوطن وتتضمن اهداف ومهام . وأين يكمن الخلل في حالة وجود اخفاق في هذا النشاط . هل الخلل في الوثيقة وهذا يتطلب تدقيقها واعادة الصياغة ام في طبيعة النشاط الحزبي العملي بما فيه ضعف العامل الذاتي ..... الخ وهذا ما يمكن التعرف عليه من خلال دراسة وثيقة التقرير الانجازي .

4- وبما ان الحزب الشيوعي العراقي يسترشد في نضاله بالفكر العلمي الفكر الماركسي فأن الوثائق المطروحة للدراسة والتدقيق قد تم صياغتها في المؤتمر التاسع على هذا الاساس من الجانب النظري و على ضوء دراسة وتحليل الواقع الملموس للبلد , فأنها تجسد تطبيقاً للفكر الماركسي في الجانب العملي يستنتج من ذلك انه في المؤتمر يشخص الخلل على ضوء ظروف وواقع البلد , و يتم اعادة انتاج وثائق الحزب استرشاداً بالفكر الماركسي . من هذا نجد ان المؤتمر يوفر ارضية فكرية وسياسية وتنظيمية لأحتضان وتبني الوثائق من قبل كل الحزب .

5- ان اهم قضية في العمل الحزبي بعد اعادة انتاج الوثائق , هي تعزيز مبدأ الديمقراطية الداخلية و تدعيم وترسيخ منهج العمل الجماعي , وانهاء الفردية في العمل واعطاء دور للكوادر الشابة من كلا الجنسين , ويتكلل ذلك كله بتعزيز نهج تبني آليات عملية ملموسة في النشاط وانجاز المهام . والبحث عن النواقص والثغرات والعراقيل والصعوبات وتشخيصها بدقة من اجل تهيئة الامكانيات لمعالجتها او الحد من تأثيرها السلبي .

6- وهنالك اهم هدف من دراسة الوثائق هو التجديد والتطوير في التنظيم والسياسة والفكر . ويتجلى التطوير في الجانب التنظيمي بالتوجه العملي الجاد لتحويل الحزب الى حزب جماهيري, رغم انها مهمه صعبة بسبب ظروف البلد وأزماته المستعصية وغياب المؤسسات والقوانين الديمقراطية وفي ظل التدخلات الاقليمية . ومع هذا تبقى كل الخطط والبرامج والتوجهات تمنيات اذا لم يتم التطوير وبالذات في التنظيم وتحويل الحزب الى حزب جماهيري . للشيوعيين رصيد جماهيري في المجتمع في كافة طبقاته وفئاته الاجتماعية ولكن الحاجة الى خارطة طريق ، الى وضع استراتيجية تنظيمية تسهم في استنهاض كل الحزب لتحقيق هدف تحويله الى حزب جماهيري . ويكون من المفيد جداً في هذا الاتجاه التوجه نحو الشيوعيين في الداخل والخارج الذين تركوا الحزب لأسباب فكرية او سياسية او لموقف تنظيمي خاطئ او تعرضوا لمممارسات ومضايقات خاطئة وضارة في ظروف سابقة , ان توفرت قناعة للعناصر النوعية التي تمتلك التجربة والخبرة والمعرفة والحضور الجماهيري , فهذا رصيد جديد وزخم اضافي يعزز من حضور الحزب الجماهيري .

7- بالنسبة لوثيقة البرنامج اتعامل معها من منطلق محايد وليس كوني عضواً في الحزب , وبكل حيادية اقول انها تمثل المشروع الوطني الديمقراطي الوحيد المطروح الى الآن في الساحة السياسية العراقية. ولكن بحكم التزامي اتعامل مع الوثيقة في هذه الحالة من منطلق نقدي لأن للشيوعيين طموح كبير لتطوير سياستهم وفكرهم وتنظيمهم هذا أولاً وثانياً يرى الشيوعيون ان وضع سياسة صحيحة غير كافي وانما يتوجب ان يرافقها فعل عملي اي ممارسة بمعنى تحويل السياسة الى واقع الى فعل الى انجاز وهذه الوجهة هي التي تقرب من تحقيق الاهداف والمهام . من هذه المعطيات تكمن اهمية دراسة وتدقيق وثائق المؤتمر واعادة انتاجها و تكمن اهمية المؤتمر للشيوعيين .

قضايا ومنطلقات ومفاهيم بحاجة الى اعطائها اهتمام :
قبل ان أطرح بعض القضايا والمنطلقات والمفاهيم الهامة التي تحتاج الى اهتمام فكري وسياسي والى وجهة عملية , أرى ان هنالك قضية لا تقل أهمية ولها صلة مع هذه القضايا وفي تعبئة قوى الحزب نحو العمل والنشاط وهي :

القضية الأولى : هنالك تساؤلات عديدة وستطرح تساؤلات كثيرة في المؤتمر بعضها ذا طابع تنظيمي او سياسي او فكري او اعلامي .... الخ . الحاجة تتطلب تقديم اجابات واضحة , الوضوح هو الذي يستنهض امكانيات وطاقات الشيوعيين ويساعد على تعبئة الجماهير حولهم .

القضية الثانية : وهي القضايا والموضوعات والمفاهيم الهامة جداً والتي بحاجة الى إيلائها دراسة دقيقة والوصول الى مواقف او اجابات واضحة بصددها بأبعادها الفكرية والتنظيمية والسياسية والعملية , وهذه هي مهمة كل مندوب وتشكل اهم هدف من أهداف المؤتمر , وبعد التوصل الى وجهة صائبة وسليمة على ضوئها توضع خارطة طريق يسير كل الحزب ومنظماته وقاعدته وجماهيره بثبات ووثوق وشفافية ووضوح وبثقة عالية وبأندفاع نحو الاهداف والمهام التي تم اقرارها وتبنيها , كما انها ستعزز من وثائق الحزب وأدبياته بين جماهير الشعب وحلفاء الحزب وتعطي لها الروح والمصداقية والامل, ولا بد من الاشارة الى ان بعض من هذه القضايا والمنطلقات والمفاهيم بحاجة الى المعلومات الاحصائية الدقيقة لأهميتها هذا أولاً ، وثانياً ان هذه المنطلقات والموضوعات مترابطة مع بعضها بشكل ديالكتيكي ، وثالثاً انها تمثل جزأ هاماً من استراتيجية وتاكتيك الحزب .

ومن هذه الموضوعات والمنطلقات والمفاهيم التي تحتاج الى دراسة والى اجابات واضحة في الوثائق الحزبية منها :
1- شعار المؤتمر
2- واقع الطبقة العاملة العراقية
3- التاكتيكات والآليات ومنها التحالفات الطبقية والسياسية .
4- الحراك الجماهيري والنضال السياسي والمطلبي السلمي الجماهيري .
5- مهمة تحويل الحزب الى حزب جماهيري .
6- المحاصصة الطائفية والأثنية .
7- بناء الدولة

1- شعار المؤتمر : في المؤتمر تعطى اهمية للمناقشة في تحديد طبيعة شعار المؤتمر . رغم ان الشعار في مضمونه وفي بعده العملي هو مرتبط بالبعد السياسي اي بالخط السياسي للحزب , لكن محتوى الشعار له ابعاد اخرى ، بعد فكري وبعد تنظيمي , اي ان للشعار ثلاثة اركان اساسية سياسي وفكري وتنظيمي. ولكن بالعودة الى شعار المؤتمر التاسع فأنه قد افتقر الشعار الى البعد التنظيمي , واقتصر فقط على بعديه السياسي والفكري .
والشعار كان : دولة مدنية ديمقراطية وعدالة اجتماعية

رغم انه طرحت أكثر من صيغة للشعار لكن هذه الصيغة فازت بالتصويت . وبحكم ضغط الوقت إكتفت هيئة الرئاسة بـ (4 - 6) رفاق للحديث عن الشعار واقتراح التعديل على بعض الصيغ ثم عرضته للتصويت . وهو شعار من الجانب الفكري والسياسي صائب وسليم ويلبي حاجة الشعب والوطن , ولكن في الممارسة العملية أكدت التجربة ان اهمال الجانب التنظيمي في الشعار حوّل هذه الحاجة الى أمنية . وما يؤكد صحة ذلك أطرح السؤال التالي : من يبني الدولة المدنية الديمقراطية ومن يحقق العدالة الاجتماعية .

والدولة تقودها المحاصصة الطائفية والاثنية ، احزاب الاسلام السياسي وقوى قومية ، بعضها لا تؤمن بالديمقراطية ولديها مشاريع آيدلوجية معروفة والبعض الآخر لا يؤمن بالعدالة الاجتماعية , والشعار هو لحزب شيوعي خارج السلطة . هنا تحول الشعار الى أمنية ، اذ ان من يحوّل الشعار الى واقع هو من يرفع الشعار , اي الحزب ومعه حلفائه والجماهير الملتفة حول البرنامج والشعار .

من هنا يكمن الخلل في استبعاد البعد التنظيمي من الشعار . والمقصود بالبعد التنظيمي هو الحزب وتنظيماته وتطويرها. ما أثار الاستغراب في المؤتمر التاسع ان احد الرفاق المتحدثين وهو يعمل في مختصة مركزية هامة قال نريده شعاراً قصيراً . وان كانت الرؤية صحيحة في قصر الشعار ولكن القصر لا يشترط الغاء اي من الاركان الثلاثة للشعار. هي ليست رغبة بقدر ما ان الشعار يمثل معادلة علمية ومعرفة نظرية وعملية متكاملة ولن يكتمل الشعار الا بأبعاده الثلاثة , البعد السياسي والفكري والتنظيمي .

اذا لم يضع الشعار مهمة تطوير التنظيم وبكل وضوح وتعبئة كل الحزب حوله ، من ينجز هذا الشعار؟ ان من ملامح تطوير الجانب التنظيمي في الحزب هي في تحويله الى حزب جماهيري أي زيادة حجمه ودوره وفاعليته وتأثيره في المجتمع , بهذه الوجهة يمكن ان نصل الى هدف تحقيق الشعار وانجاز المهام من خلال تطوير التنظيم يستطيع الحزب بجماهيريته الدخول الى البرلمان او الى مجالس المحافظات مثلاً , و تزداد قدرته وامكانياته في الفعل والتأثير وفي الضغط الجماهيري السلمي .

(يتبع)


5-4-2016

 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter