|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء  5 / 11 / 2014                                فلاح علي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

استراتيجية امريكا لمواجهة داعش ما بين غموض الاهداف والادوار
والبحث عن المصالح
(4)

فلاح علي

4- من ناحية تقديم الدعم للمعارضة المعتدلة :
ورد في الاستراتيجية الامريكية فقرة تشير الى تقديم المساعدات والدعم للمعارضة المعتدلة للنظام في سورية , وبهذا الخصوص تم الاتفاق في مؤتمر جدة لدول التحالف بتدريب ما يقارب 4 الى 5 ألاف مقاتل في السعودية ويتوقع ان يرتفع العدد الى 10 ألاف مقاتل ورصد لهم الكونغرس الامريكي 500 مليون دولار . ونقلت وكالات انباء ان تركيا تريد تدريب 2 ألف مقاتل على اراضيها او في المنطقة الآمنة التي تطالب بأقامتها . ان كل من يطلع على هذه الفقرة الواردة في الاستراتيجية الامريكية, والاجراءات والآليات العملية المعلنه من قبل دول التحالف لتنفيذها تثار لديه عدد من التساؤلات منها :
1- الا يعتبر هذا العمل ارهاباً دولياً لا سيما وان هذه الدول تساهم في خرق القانون الدولي فتقوم بتدريب وتسليح وتأهيل وتقديم الدعم العسكري واللوجستي والمالي والاعلامي لمجاميع معارضة وتزجهم للداخل السوري لأسقاط النظام لدولة مستقلة ذات سيادة وعضو في الامم المتحدة ؟

2- هل ان محاربة داعش تمر من خلال اسقاط النظام في سورية ؟

3- ما هي معايير المعارضة المعتدلة المدعومة من دول والمضمونة الولاء لها ؟

4- من يضمن ان المقاتلين الذين سيتم تدريبهم لن يكون من بينهم من جبهة النصرة او الجبهة الاسلامية او من داعش ؟

5- هل ان الولايات المتحدة وحلفائها الاقليميون يفكرون في انتاج ماركة جديدة من داعش اكثر اجراماً وفتكاً وتدميراً وارهاباً من داعش الحالية لتسويق اجندتهم الاخرى غير المعلنة لأن داعش الحالية انكشفت مهمتها وان دورها على وشك الانتهاء؟

6- هل ان النظام في سورية هو اكثر خطراً على مصالحهم ومصالح شعوب منطقة الشرق الاوسط من داعش ومن مخططات اسرائيل العدوانية ؟

هذه تساؤلات مشروعة وهناك العديد من التساؤلات التي تؤشر الى عدم وضوح في اهداف الاستراتيجية الامريكية .

هل ستقلب المعارضة المعتدلة الطاولة بوجة امريكا وحلفائها من صانعي داعش؟
1- بسبب العنف المسلح وبفعل التدخل الخارجي الاقليمي والدولي في الشأن الداخلي تعرضت سورية تقريباً للدمار الشامل ولا توجد بنى تحتية في كافة المجالات , وتعرض الشعب السوري الى مآسي يصعب وصفها من (ضحايا وشهداء وفقدان اهل وابناء وجرحى وسجون ومعتقلات وتعذيب ومرض وجوع وحرمان وتهجير ولجوء في مخيمات دول الجوار ... الخ) ورافق ذلك مزايدات ومتاجرة وابتزاز بقضايا الشعب السوري من قبل هذه الدول التي لها مصالح واجندات اقليمية ودولية والتي أوصلت الازمة السورية الى طريق مسدود بفعل مصالحها واجنداتها .

2- في ظل هذا الدمار الذي تعرضت له سورية وفداحة مآسي الشعب السوري وفي ظل استمرار التدخل الاقليمي والدولي وصراع المصالح الاقليمية والدولية , وفي ظل هيمنة وبسط نفوذ الاسلام السياسي المتطرف كجبهة النصرة والجبهة الاسلامية وجند الاسلام وداعش وتمددها في سورية والعراق . انطلاقاً من ذلك ان مصالح سورية وشعبها تفرض في هذا الظرف الخطير على المعارضة المعتدلة المسلحة ان تتخذ موقفاً يسجل لها تأريخياً لتغيير التوازن الداخلي في سورية لصالح الشعب وتقلب الطاولة بوجه امريكا وحلفائها الاقليميين ولتجنب سورية وشعبها من شرورهم وشرور ادواتهم المحلية ارهابيو داعش وأخواتها .

اذن ما هو المطلوب من القوى المسلحة المعتدلة اتخاذه :
انطلاقا مما ذكر اعلاه ارى المطلوب من المعارضة المسلحة ان تحكم عقلها الوطني في اطلاق مبادرة وطنية سياسية تتبنى فيها موقفاً يكمن في الاعلان على تبني الحل السلمي للأزمة السياسية و استعدادها للحوار مع النظام السوري باشراف الامم المتحدة . ارى ان هذه المبادرة ان اطلقت من قبل القوى المسلحة المعتدلة في هذا الظرف الخطير بالذات ستفرض على النظام القبول بها وستدفعه للموافقة على اعلان هدنة ووقف العمليات العسكرية فيما بينهما . واعلان موافقته على الحوار لا سيما وان الحرب انهكت النظام وأنتجت مآسي للشعب ودمار للوطن وستشجع اطراف دولية واقليمية محايدة للعمل على انجاح الحوار السلمي من خلال الامم المتحدة . اضافة الى ذلك ان خطوة المعارضة المعتدلة المسلحة للحوار سوف يدعمها ويساندها الشعب السوري بكافة قواه الوطنية والديمقراطية واليسارية والليبرالية والمستقلة وكافة طبقاتة وفئاته الاجتماعية, وارى انه مجرد الاعلان عن المبادرة سيظهر ظرف جديد داخلي سوري على الارض يرتكز لقاعدة جماهيرية شعبية واسعة ويحمل ديناميكيات الضغط والتأثير على الحكومة لاجبارها على نبذ العنف والدفع باتجاه تهيئة مستلزمات انجاح الحوار الداخلي من اجل ايجاد حل سلمي للازمة السياسية واجراء التغيير الديمقراطي الذي يناضل من اجله الشعب السوري . وبلا شك يوجد في صفوف المعارضة المسلحة من يفكر بالحوار . ان تبني اسلوب الحوار والحل السلمي الداخلي سوف يسجله التاريخ موقفاً وطنياً بامتياز للمعارضة المسلحة المعتدلة في هذا الظرف بالذات, لتبنيها الآليات النضالية السلمية الوطنية المشروعة قانونيا .

القضاء على داعش لا يتحقق بالأستراتيجية الامريكية وتحالفها الحالي فقط :
يلاحظ على الارض رغم مرور اكثر من شهرين على بدء تنفيذ الاستراتيجية الامريكية لمواجهة داعش من خلال القصف الجوي في سورية والعراق الا ان داعش لا تزال تسيطر على العديد من المدن وتشكل خطراً على مدن اخرى ومستمرة في هجماتها في مناطق عدة وعلى سبيل المثال على كوباني ومحافظة الرمادي رغم دحرها وانكسارها في جرف الصخر وزمار وربيعة وسلمان بيك ... الخ

وبالعودة للمرحلة الاولى لمحاربة القاعدة في افغانستان وضعت امريكا استراتيجية لمحاربة الارهاب بعد احداث 11/ ايلول 2001 حيث رافقتها حملات واسعة ومتنوعة عسكرية وسياسية واعلامية ودبلوماسية ومالية .....الخ . ولكن في النتيجة اكتفت الاستراتيجية لاحقاً بملاحقة وقتل اسامة بن لادن وكأنه هذا هو هدف الاستراتيجية بأغتيال الرئيس لهذا التنظيم . اما التنظيم الارهابي المسمى القاعدة فقد تكاثر وتوسع وها هي بنات القاعدة ، المجموعات الارهابية ، داعش واخواتها ينتشرن بشكل غريب في منطقة الشرق الاوسط ومناطق اخرى . وارتباطاً بالاستراتيجية الحالية لمحاربة داعش اعلنت امريكا ان محاربتها تستغرق عدة سنوات وهذا مؤشر على ان الاستراتيجية الامريكية لمحاربة الارهاب تعتمد على اسلوب او آلية الاستنزاف الطويل المدى , وهذا من اهم ثغرات الاستراتيجية لأنها ليس لديها هدف بالقضاء على داعش وهنا يكمن عقم الاستراتيجية .

الاستنتاجات :
1- لا يمكن القضاء على داعش بالوسائل العسكرية فقط , فلا بد من العمل على القضاء على آيدلوجيتها وتجفيف المنابع الفكرية لها وانهاء الدعم المالي والامدادات الاخرى , ويلاحظ ان هذا التوجه غير وارد في الاستراتيجية الامريكية الى الآن الا اذا حصل تعديل لاحق على الاستراتيجية وتطويرها باتجاه امتلاكها لكل مستلزمات المعركة ضد داعش والقضاء عليها .

2- لمحاربة داعش وكل الحركات الارهابية لا بد من تشكيل تحالف دولي حقيقي , تكون فيه شراكة ما بين الامم المتحدة المتمثله في مجلس الامن والمجتمع الدولي وشعوب البلدان وحكوماتها التي تتعرض للارهاب , وعلى ضوء ذلك لا بد من وضع استراتيجية ذات طبيعة كونية تتوفر فيها كل الوسائل والمستلزمات المادية لمحاربة الارهاب , وترتكز على استمرار الصراع مع القوى الارهابية بكل الوسائل لأجل القضاء عليها , وان لا يتم تقييد الاستراتيجية في بلد واحد او بلدين كالعراق وسورية اي ان تكون ذات طبيعة كونية على الصعيد العالمي فهي تهم مصالح كل الدول وكل شعوب العالم .

3- لا بد من حل ازمات كل بلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية .

4- لا يمكن القضاء على الارهاب الا باجراء اصلاحات ديمقراطية واعتماد مبدأ المواطنة والقيام بمصالحات وطنية داخلية وتوطيد الجبهات الداخلية للبلدان وتعزيز الوحدة الوطنية وانهاء المنابع الفكرية والمالية والحاضنات الاجتماعية للتنظيمات الارهابية , بانهاء الطائفية السياسية وخطابها السياسي المدمر للنسيح الاجتماعي وللوحدة الوطنية , وانهاء نظام المحاصصة الطائفية والاثنية في العراق .

5- كما يتطلب القضاء على ظاهرة داعش وكل القوى الارهابية المتطرفة ، الاعتماد على القوى الداخلية الوطنية المتمثله في القوات المسلحة والاجهزة الامنية ومتطوعي الشعب ودعم هذا الجهد الوطني القادر على دحر داعش . مع تواصل الدعم الدولي المتمثل بالمساعدات الاستخباراتية والقصف الجوي والاستشارة والتدريب والتسليح .

6- وما تؤكده تجارب الشعوب في محاربة الارهاب انه يشترط في هذا الجهد الوطني تخليصة من رؤيتين :
- الاولى : عدم التفكير باستخدام قوات برية اجنبية لأنها تساعد على نمو التطرف ولا تقضي على الارهاب اضافة الى انها تعد انتهاك للسيادة الوطنية.
- الثانية : تخليص هذا الجهد الوطني من تواجد الميليشيات معه لأن الميليشيات هي اصلاً خارج القانون , وانها تنشأ وتنمو في الفوضى والتطرف وغياب القانون فهي بنفس الوقت تثير الشحن الطائفي , وبهذا فهي لا تساعد على القضاء على الارهاب وان اسهمت بتحرير قضاء او ناحية فأنها غير قادرة على انهاء ظاهرة التطرف والارهاب . ومن اجل تعزيز السلم الاهلي ينتظر الشعب من الحكومة الجديدة اتخاذ قرار عاجل بحل جميع الميليشيات وايجاد فرص عمل لمنتسبيها . واعادة هيكلة القوات العسكرية على اسس الكفاءة والمهنية والوطنية .

7- اعلان الولايات المتحدة الامريكية ان محاربة داعش تستغرق فترة زمنية طويلة ,هو احد المواقف غير الواضحة في الاستراتيجية الامريكية ويثير الكثير من التكهنات المشروعة منها :
- هل ان امريكا تهدف باستراتيجيتها هذه الى استنزاف داعش ام استنزاف النظام في سورية ؟ تمهيداً لأضعافه وبالتالي يسهل اسقاطه من وجهة النظر الامريكية وحلفائها الاقليميين ارتباطاً بفقرة تقديم الدعم للمعارضة المسلحة المعتدله .

- ام انها تهدف على المدى البعيد لتهيئة مستلزمات وضع خارطة جديدة لمنطقة الشرق الاوسط , من خلال تفردها بمحاربة داعش والحركات الارهابية الاخرى ومسكها بهذه الورقة لتنفيذ اجنداتها ومصالحها ومصالح حلفائها ومنهم اسرائيل وعلى حساب مصالح الشعوب والاوطان .

ومع هذا تبقى الاجندات الامريكية غير سهلة التحقيق في منطقة الشرق الاوسط ومناطق اخرى من العالم بسبب التوازنات الدولية والاقليمية الجديدة .


4-11-2014


- استراتيجية امريكا لمواجهة داعش ما بين غموض الاهداف والادوار والبحث عن المصالح (3)
- استراتيجية امريكا لمواجهة داعش ما بين غموض الاهداف والادوار والبحث عن المصالح (2)
- استراتيجية امريكا لمواجهة داعش ما بين غموض الاهداف والادوار والبحث عن المصالح (1)


 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter