|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأثنين  5 / 8 / 2013                                فلاح علي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

تحالفات التيار الديمقراطي الى أين ؟

فلاح علي

عند الاعلان عن البدء لتأسيس التيار الديمقراطي العراقي قبل اكثر من اربع سنوات , سرعان ما تضافرت حينها جهود احزاب ومنظمات وأعضائها وشخصيات وجماهير واسعة , وعقدت مؤتمرات لها في داخل الوطن وشكلت فروع للتيار في محافظات العراق عدا كردستان ، اضافة الى ان فروعه تشكلت في غالبية بلدان العالم .

وانطلاقاً من فهم جماهير وفئات واسعة من الشعب العراقي لفكر وسياسة وتصورات التيار وتوجهاته واهدافه,تولدت آنذاك قناعات ومؤشرات ومعطيات تؤكد ان التيار الديمقراطي سيكون قطب سياسي واجتماعي ثالث في البلد . فرغم الاختلافات الفكرية والسياسية و اختلاف التوجهات الاقتصادية والاجتماعية , الا ان قوى التيار وشخصياته اتفقت على برنامج نضالي خطوطه العامة هي : النضال السياسي السلمي الجماهيري لتفكيك وانهاء المحاصصة الطائفية والقومية , اي تغيير نظامها السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والاثنية وبناء نظام ديمقراطي حقيقي يؤسس لدولة مدنية ديمقراطية مع ضمان الحقوق والحريات ... الخ وعلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي هو تطوير الاقتصاد الوطني والتخلص من الاقتصاد الريعي , وانهاء التبعية الاقتصادية للرأسمالة المتوحشة ولصندوق النقد الدولي , ومن اجل توفير العيش الكريم للشعب ومساواته في العمل والتعليم والصحة والسكن وتوفير الخدمات وهذا يتم من خلال سن قوانين للضمان الاجتماعي والصحي . وتطوير الريف مع ضمان حقوق المرأة , ويهدف التيار الى تحقيق العدالة الاجتماعية ... الخ من هذا تأتي اهمية تأسيس التيار الديمقراطي بالنسبة لفئات واسعة من الشعب العراقي . كما وضع التيار آليات ديمقراطية للعلاقة بين اطرافه ولنشاطه السياسي الجماهيري وحدد خطابه السياسي , بعد ان وضع توجهاته ومهامه واهدافه .

بناء التحالفات لتحقيق الاهداف :

ان تحقيق الاهداف او البرنامج السياسي يتطلب من التيار الديمقراطي , اختيار وتحديد نوعية وطبيعة تحالفاته السياسية والاجتماعية , وبلا شك على ان تكون هذه القوى الديمقراطية واليسارية النواة والمحرك لهذه التحالفات . ويهدف التيار من هذه التحالفات الى تجميع القوى ليصبح التيار قوة شعبية جماهيرية من خلال تفاعله مع الحركات الاجتماعية والعمالية والنسائية والنقابات المهنية والثقافية والطلابية والشبابية في الريف والمدينة والحركة الفلاحية .... الخ . وبهذا يكون للقوى الديمقراطية تأثير سياسي وفعل تغيير وقوة ضغط جماهيرية, على ان تكون قوة الضغط الجماهيري هذه قادره ايضاَ على ايصال ممثلي التيار الى قبة البرلمان .

كما هو معلوم ان التحالفات تقام على ضوء دراسة وتحليل واقع المجتمع وحاجاته والمرحلة التاريخية التي يمر فيها الشعب العراقي ومهام المرحلة , مع تقييم للقوى السياسية وطبيعتها ورؤيتها وبرامجها السياسية التي ترغب في التحالف مع التيار او الانضمام اليه . فالتحالفات كانت حاضرة في تصور وفكر وسياسة قوى التيار الديمقراطي الاساسية وبالذات الحزب الشيوعي العراقي , وقد تكون التحالفات مرحلية كالمشاركة في تحالف لخوض الانتخابات البرلمانية او انتخابات مجالس المحافظات ,او آنية كالقيام باضراب او تظاهرة او اعتصام من اجل مطاليب... الخ.

وهنالك تحالفات استراتيجية بعضها ذات طبيعة طبقية كتحالف العمال والفلاحين مثلاَ ومعهم كل شغيلة اليد والفكر , اضافة الى التحالفات ما بين القوى السياسية , وعادة ما تكون هكذا تحالفات هي الاقوى والأمتن والأكثر ديمومة وقوة وصلابة لتحقيق مهام النضال الوطني التحرري والديمقراطي ، ولست بصدد الحديث عنها في هذه الموضوعة .

التيار الديمقراطي من اسمه يفترض ان يضم القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية وحتى الليبرالية وشخصيات اسلامية او قومية ومستقلة تؤمن بالديمقراطية وتنشط ايضاً لمكافحة التطرف والثقافة الظلامية في المجتمع وتناضل من اجل الحداثة والتقدم والحرية والديمقراطية ...الخ .

مع من تحالف التيار الديمقراطي :

في انتخابات مجالس المحافظات تحالف التيار الديمقراطي في عدد من محافظات العراق مع الصرخيين وهم تنظيم ديني حالهم حال احزاب الاسلام السياسي , وقد سميوا بالصرخيين نسبة الى آية الله السيد الحسن الصرخي مؤسس هذا التنظيم الديني . انهم يتبعون ولاية الفقية او المرشد, ويسعون لبناء الدولة الدينية ,ولديهم خطاب متشدد ومتزمت من بناء الدولة الدينية . وبهذا فأنهم قطعاَ لا يؤمنون بالديمقراطية ولا بالدولة المدنية الديمقراطية . في الوقت الذي نجد فيه ان احزاب دينية فشلت في قيادة الدولة في بلدانها , اضافة الى ما اكدته تجارب الشعوب هو انه لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل ان هنالك حزب ديني قد تبنى الديمقراطية كفكر وسلوك وممارسة وادارة دولة ومجتمع , قد تظهر مجاميع او شخصيات من الاسلام السياسي هي الاكثر وعياَ وتفهماَ لحاجات الشعب والوطن ,في هذا البلد او ذاك او مجموعة من البلدان تؤمن بالديمقراطية وتخرج من احزابها الدينية الاسلامية التي تنبذ الديمقراطية وتنضم الى القوى الديمقراطية  .

ان عملية الحراك هذه متواصلة في المجتمعات ولكن بشكل نسبي مرتبطة بعوامل عدة , اما كتنظيم او حزب من احزاب الاسلام السياسي يتبنى الديمقراطية فجأة قيادة وقاعدة فهذا من المستحيل ووهم تقع ووقعت فيه قوى التيار الديمقراطي عندما فكرت في خطوة التحالف او عوّلت عليها .

اذن هنا يطرح سؤال : كيف تحالف التيار الديمقراطي مع الصرخيين كتنظيم ديني في عدد من محافظات العراق ؟

بلا شك ليس لديّ جواب على هذا السؤال , التوضيح والاجابة متروكة للتيار الديمقراطي او لفروعه في المحافظات التي تحالفت مع الصرخيين وعلى اي برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي تحالفت. ولا بد من الاشارة هنا اني قد تلمست لدى بعض قواعد التيار الديمقراطي والناس المستقلين ممن التقيتهم في داخل الوطن وفي عدد من المحافظات وخارج العراق او الذين اتصلت معهم , ان هنالك رفض وعدم قبول لهذا التحالف , وكانت وجهات النظر متطابقة وتؤكد على ان هذا التحالف الذي تم في انتخابات مجالس المحافظات كان له اضرار على الحضور الجماهيري وعلى سياسة ومواقف وتوجهات وشفافية عمل ونشاط التيار الديمقراطي حاضراَ ومستقبلاَ . وبهذا فأن التحالف الانتخابي كان خطأ استراتيجي وليس تاكتيكي , ممكن ان يكون هناك اتفاق مؤقت معهم على مسيرة جماهيرية او اعتصام وتبني مطاليب ، اي اتفاق ذا طبيعة اجتماعية اقتصادية , او اي نشاط ذا طبيعة سياسية يحمل شعارات ومطاليب محددة ,اما التحالف السياسي الانتخابي فهو خطأ وذلك لأختلاف الاهداف والفكر والرؤى والمواقف والتوجهات ولعدم قناعتهم بالديمقراطية .

لنرى بعض من مواقف الصرخيين ورؤيتهم حول بناء الدولة :

حصلت على كراس (صادر من المركز الاعلامي لمكتب المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد الصرخي الحسني (دام ظله) هذه العبارة مثبته على الكراس) ولا يوجد للكراس سنة اصدار وعنوان الكراس هو : (الحركة الاصلاحية بين الايثار والانتهازية – الصدران والخميني والنظرة الشمولية) والكراس يتضمن جواب آية الله الصرخي الحسني على هذين السؤالين انقل ادناه بعض ما جاء في الكراس من اجوبة :

1- فيما يخص بناء الدولة يؤكد آية الله الحسني الصرخي على دولة العدل الالهي . وذلك من خلال حديثه عن الطواغيت عبر التاريخ الى الآن فيقول (حتى طواغيت هذه الأمة وعلماء النفاق يبقى المكر والنفاق والانتهازية فيها حتى ظهور المعصوم عليه السلام وتحقيق دولة العدل الالهي المباركة .) (1) .

2- يؤكد آية الله الصرخي على ولاية الفقيه في الحكم . من خلال حديثه عن نوعين او صنفين من الولاية (الولاية الحسبية المالية ويعتبرها مهادنة ومنعزلة ومتقوقعة وولاية عامة وولاية فقية ويعتبرها نافعة ومصلحة ومتفاعلة مع المجتمع) (2) .

الاستنتاجات على ضوء جواب آية الله الحسني الصرخي وما جاء في الكراس وموضوع البحث:

لقد قرأت الكراس ثلاث مرات ومن خلال النقطتين السابقتين من قول آية الله الصرخي باعتباره مؤسس الحركة الصرخية وهي تنظيم ديني وعلى ضوء  قراءتي للكراس وموضوع المقال (التحالفات) توصلت الى الاستنتاجات التالية :

1- ارى من وجهة نظري ان دولة العدل الالهي لا تبنى او تقام في الارض , وهذا ما تؤكده الكتب السماوية وتجارب الشعوب والعلوم والقوانين الانسانية, واذكر اني سمعت ذات يوم قول للسيد الشهيد آية الله محمد باقر الصدر وكان جواب على سؤال وجه له:

السؤال : سيدنا ما هو رأيك في الشيوعيين ؟ اجاب السيد آية الله محمد باقر الصدر بالنص التالي : ان الشيوعيين يريدون بناء الجنة في الارض ونحن نقول لهم الجنة في السماء . هذا كان نص جواب آية الله الشهيد محمد باقر الصدر . وبهذا الجواب اكد انه عالم دين عادل وغير ظالم ومنصف قال الحقيقة الصادقة عن نضال الشيوعيين العراقيين . واكد ان الجنة هي في السماء وهي تمثل دولة العدل الالهيه . اما جنة الارض فهي دولة العدالة الاجتماعية التي يناضل من اجلها الشيوعيون واليساريون وكل قوى التيار الديمقراطي وليس الصرخيين واحزاب الاسلام السياسي .

2- دعوة الصرخيين الى ولاية الفقيه او ولاية المرشد , نرى ان هذا النهج او التوجه يؤكد انهم ليسوا مع بناء دولة المواطنة وانهم غير ديمقراطيين , وليسوا مع فصل الدين عن الدولة .

3- من خلال قراءتي للكراس تيقنت ان الصرخيين هم طائفيون حالهم حال احزاب الاسلام السياسي الاخرى .

4- من يقرأ الكراس يتيقن ان آية الله الحسني الصرخي في صراع مع الحوزة وهو يطمح اليها , وهذا حق له وليس لي شأن به من هذا انه رجل دين محترم . اذن لماذا يؤسس حزب سياسي ؟. في حديثه عن الحوزة صنفها (الى حوزة ساكنة وحوزة ناطقة او ما يسمى بالحوزة الصادقة والحوزة الانتهازية الكاذبة او ما يسمى بالحوزة الكلاسيكية والحوزة الحركية المتفاعلة الفاعلة او ما يسمى بالحوزة الحسبية حوزة ولاية المالية وحوزة الولاية العامة وغيرها من تسميات .) (3) .

5- الصرخيين مع الحجاب المتشدد للمرأة وبهذا يكون موقفهم من حقوق المرأة ناقص.

6- بما ان فترة زمنية قصيرة
تفصلنا عن الانتخابات البرلمانية ، وهي حوالي سبعة شهور ارى من وجهة نظري ان امام التيار الديمقراطي مجال واسع لدراسة وتقييم هذا الخطأ ذا الطبيعة الاستراتيجية الذي وقع فيه , واعادة النظر في التحالفات وطبيعتها  .
الساحة العراقية مليئة بالقوى التي نلتقي واياها على ارضية سياسية وبرنامج انتخابي , رغم انها قوى صغيرة لكنها ناشطة في المجتمع وتوجهاتها وبرنامجها قريب من قوى التيار الديمقراطي كالقوى اليسارية والوطنية والليبرالية وشخصيات وطنية لها حضور اجتماعي , وارتباطاً بموضوعة الأنتخابات فلا بد من مبادرات وانفتاح لتجميع هذه القوى في وحدة عمل ونشاط مشترك. وهذه مهمة كل القوى الديمقراطية واليسارية والليبرالية وليست مهمه حزب دون آخر .

7- فرغم وجود اختلافات آيدلوجية وسياسية فيما بين هذه القوى , الا انه توجد امكانية لاتفاق القوى اليسارية والديمقراطية على برنامج الحد الادنى , وان تعذر ذلك فيكون العمل باتجاهين . الاتجاه الاول هو التيار الديمقراطي وانفتاحه على القوى والشخصيات الوطنية والليبرالية اضافة للقوى الديمقراطية . والاتجاه الثاني هو التنسيق والعمل المشترك مع القوى اليسارية تمهيداً لتوحيد الاتجاهين لخوض الانتخابات البرلمانية .

8- ارى من وجهة نظري ان هناك بعض من القوى بحاجة الى ثورة الوعي ومنها قوى يسارية وديمقراطية, ان دراسة الواقع وظروف البلد ومخاطر المرحلة ,   ومعرفة ما ينتظره الشعب والوطن منها من رسم توجهات وانجاز مهام وتلبية حاجات , هذه من مهام ومستلزمات خوض النضال السياسي الجماهيري , من هذا يفترض ويتطلب من هذه القوى اعادة النظر في تفكيرها وتوجهاتها . ونرى ان بعض هذه القوى يتبنى الماركسية في رسم سياسته وتوجهاته البرنامجية والفكرية , وكما هو معلوم ان الماركسية تتبنى الموقف الطبقي والاممي والديمقراطي وتؤكد على التعدد والتنوع والانفتاح . الا اننا نجد ان هذا الحزب او التنظيم في هذه القومية او تلك من الناحية العملية منعزل عن الشأن العراقي وكأنه لا يهمه انتصار او فشل بناء الديمقراطية في العراق , بقدر ما يهمه الشأن القومي . مع تبني سياسة قومية منعزلة منغلقة تابعة . (ملاحظة اني هنا اتحدث عن الموقف السياسي لحزب ماركسي ولا امس المشاعر القومية والانتماء القومي) .

و بنفس الوقت نرى ان هناك قوى يسارية تتبى سياسة ومواقف متطرفة وتتمسك بكل ما هو نظري في الماركسية وكأنها تريد اعادة استنساخ تجارب سابقة . المرحلة التي يمر بها البلد تطالب هذا التنظيم او ذاك باعادة النظر في مواقفه المتطرفه من المشاركة في العملية السياسية, والنضال السلمي من اجل انتصار الديمقراطية , واتخاذ موقف ايجابي من مسألة وحدة العمل والنشاط المشترك للقوى اليسارية والديمقراطية , وبدراسته للواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والقومي وتطوراته ومعرفة حاجاته في هذه المرحله . بهذا ستعيد هذه القوى النظر بمواقفها ,عند ذاك ستجد نفسها في مواقعها الطبيعية في ساحة النضال السياسي الجماهيري على طول البلاد وعرضها , وفي وحدة العمل والنشاط المشترك مع القوى اليسارية والديمقراطية من اجل انتصار الديمقراطية في العراق .

9- تعلمنا تجارب التاريخ انه لا يوجد الى الآن تنظيم او حزب ديني من احزاب الاسلام السياسي قيادة وقاعدة قد تحول الى تبني الديمقراطية كفكر وسياسة وبرنامج وسلوك وممارسة وتوجه وادارة نظام حكم . هناك شخصيات وافراد في هذا البلد او ذاك ,تمكنوا بوعيهم من نبذ احزاب الاسلام السياسي والتحول الى الديمقراطية . هذه التجربة تؤكد على الخطأ الفادح في تاكتيك التيار الديمقراطي في التحالف مع الصرخيين

10- ان وحدة العمل والنشاط المشترك بين القوى الوطنية الديمقراطية واليسارية والليبرالية وشخصياتها المستقلة والاجتماعية في هذه المرحلة, ستفعل النضال السياسي الجماهيري وتوسع قاعدة تفاعلها مع نقابات العمال ومنظمات المجتمع المدني والاتحادات المهنية والطلابية والشبابية والمنظمات النسائية في الريف والمدينة , وبهذا ستكون هذه القوى قادرة على شل يد السلطة في حالة قمعها لاي تظاهرة مطلبية جماهيرية سلمية, وستكون المبادرة في الشارع بيد هذه القوى .


4-8-2013


(1) آية الله الحسني الصرخي . الحركة الاصلاحية بين الايثار والانتهازية – الصدران والخميني والنظرة الشمولية . المركز الاعلامي لمكتب المرجع الديني الاعلى آية الله العظمى السيد الصرخي الحسني . ص 15 .
(2) آية الله الحسني الصرخي . مصدر سبق ذكره . ص – 10 .
(3) آية الله الحسني الصرخي . مصدر سبق ذكره . ص- 5 .




 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter