|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأثنين  4 / 8 / 2014                                فلاح علي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

من صنع ظاهرة داعش ودولتها المزعومة

فلاح علي

لم تكن داعش هي الظاهرة الوحيدة التي تمثل التطرف الاسلامي في العراق, حيث سبقها على الساحة العراقية ولا تزال حركات اسلامية عديدة متطرفة تحمل فكر ظلامي تكفيري. وارتباطاً بظاهرة داعش فانها لم تأتي من فراغ , اذ كانت تعمل منذ عام 2004 ضمن مجاميع ارهابية صغيرة , وانضمت الى القاعدة وكانت بأمرة ابو مصعب الزرقاوي وحمزة المصري وغيرهم من عتات التكفير والارهاب , وخلفهم ابو بكر البغدادي بعد ان اطلق سراحة من السجن , لاحقاً بدأنا نسمع في اواخر عام 2012 واوائل عام 2013 بظاهرة داعش وتبين انه تنظيم ارهابي دولي . هنا يطرح سؤال : من صنع ظاهرة داعش ودولتها الاسلامية المزعومة التي اعلنت عنها في غزوتها الاولى على مدينة الموصل ؟ ان الاجابة على هذا السؤال من وجهة نظري تكمن في الوصول الى معرفة العوامل والاسباب التي اسهمت في تكوين بيئة ملائمة لنمو ظاهرة التطرف وانتاج تنظيمات اسلامية متطرفة وظاهرة داعش مثالاً .

من الاسباب والعوامل التي ساعدت على صناعة ظاهرة داعش هي :

أ- عوامل واسباب دولية :
1- التدخلات العسكرية
والحروب التي اقامتها الولايات المتحدة الامريكية وحلف الناتو, في عدد من البلدان مثل افغانستان والصومال والعراق وليبيا ... الخ , كان لها تأثير في بروز ظاهرة التطرف في تنظيمات الاسلام السياسي , لا سيما وان هذه الحروب لم تحقق اهدافها وشعاراتها , حيث ادّعت امريكا في وسائل الاعلام في حربها على العراق انها :(ستحقق الديمقراطية وتضمن حقوق الانسان) ولكن في الواقع العملي اكدت تجربة العراق وتجربة شعوب هذه البلدان ان ما انتجته هذه التدخلات العسكرية والحروب ، هو الفوضى وغياب وضعف دور الدولة ومؤسساتها وتنامي الفكر المعادي للديمقراطية وحقوق الانسان ونمو التطرف والارهاب بكل اشكاله ..

ملاحظة هامة : في هذا الصدد لا بد من الاشارة الى الموقف الوطني التاريخي المبكر الذي أعلنه الحزب الشيوعي العراقي للشعب وللعالم في بيانه المترجم الى عدة لغات في عام 2002 : الذي اكد فيه (ان الحرب والتدخل الخارجي لا تأتي بالنظام الديمقراطي الذي يريده الشعب) . لهذا كان موقف الحزب الشيوعي صائباً انطلق من المصالح العليا للشعب والوطن عندما رفع شعاره في البيان (لا للحرب لا للدكتاتورية) .

وها هي تجربة العراق تؤكد صحة فشل التدخلات الخارجية والحروب .. وبالعودة للعامل الخارجي الدولي : لقد أيقنت شعوب الشرق الاوسط والعالم ان حروب الولايات المتحدة الامريكية قد فشلت في تحقيق اهدافها , وهذا ما جنته الولايات المتحدة على نفسها لاحقاً , اذ أن هذا الفشل في تحقيق الاهداف المعلنة شكل اخفاق للدبلوماسية الامريكية ,لا سيما وان هذا الاخفاق ترافق مع ظهور متغيرات في الساحة الدولية , منها بروز روسيا كقطب دولي ومواصلة الصين تطورها الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري لغرض اقامة عالم جديد متعددد الاقطاب . وتم اقامة اتفاقيات تعاون اقتصادية وعسكرية مع عدد من البلدان وتجمعات اقتصادية مثل بريكس ومنظمة شنغهاي ... الخ لمواجهة مخاطر نظام العولمة الامريكية. في ظل هذه المتغيرات الدولية وفشل حروبها الخارجية من تحقيق الاهداف المعلنه مُنيت الولايات المتحدة بتراجعات وفشل في عدد من الملفات في صراعها مع روسيا منها على سبيل المثال : منعها من نصب الدرع الصاروخي في بولونيا ونصب الرادار في جيكيا , وتمكنت روسيا من وقف تمدد الناتو شرقاً , ومن تحقيق نجاح في الحرب في جورجيا لأضعاف التواجد والنفوذ الامريكي فيها واستقلال اوسيتا وافخازيا , ازاء هذا التراجع , فقدت الدبلوماسية الامريكية قدرتها على صياغة التاكتيكات والاستراتيجيات السليمة . ومن تجليات ذلك :
- انها تخلت في بداية احداث الربيع العربي عن دعم حلفائها حسني مبارك في مصر وحكام تونس . واقامت تحالفات مع حركات الاخوان المسلمين في هذين البلدين لغرض تطبيق النموذج التركي في الحكم , وقدمت الدعم لهم ومكنتهم من الوصول للسلطة . ولكن بعد فشل هذه الحركات الاسلامية في حكم تونس ومصر , دخلت الدبلوماسية الامريكية في فوضى رافقها ضعف مواقعها في منطقة الشرق الاوسط الذي ملأته روسيا والصين ودول اوربية اخرى . لا سيما بعد نجاح روسيا والصين ومن خلال مجلس الامن من منع امريكا والناتو من التدخل العسكري في سورية , واستقلال القرم وانضمامها الى روسيا بعد ازمة اوكرانيا .. الخ .

وبما ان الولايات المتحدة الامريكية دولة امبريالية لها مصالح استراتيجية , فمصالحها تدفعها الى ممارسة التاكتيكات القصيرة الامد لخلط الاوراق وارباك الوضع السياسي والأمني في منطقة ما ,اي ان هذه التاكتيكات تخلق فوضى . هذه الفوضى في منظور المصالح الامريكية تساعدها من العودة ثانية الى المنطقة والتأثير فيها بقوة , رغم انها تدرك ان هذه الفوضى المصطنعة تساعد على ظهور ونمو وتكاثر الجماعات المتطرفة مثل داعش ، وبالعودة الى التاريخ نجد ان ظروف ومسببات انتاج ظاهرة داعش من قبل الجانب الامريكي لا تختلف عن ظروف وعوامل انتاج ظاهرة القاعدة في افغانستان في بداية ثمانينات القرن الماضي لمواجهة الاتحاد السوفياتي في افغانستان , من مؤشرات ذلك : بعضها يمكن ملاحظته عند رصده اعلامياً بصدد ظاهرة داعش ودولتها المزعومة يلاحظ هنالك تهويل اعلامي امريكي غربي اقليمي من ظاهرة داعش ودولتها المزعومة الهدف من هذا التهويل هو لاثارة الخوف والذعر لدى الشعب العراقي وشعوب المنطقة من ظاهرة داعش وغزواتها لغرض الاحتماء بامريكا لحمايتهم من داعش. كما يلاحظ ان الولايات المتحدة سكتت عن كل الجرائم التي قامت بها عصابات داعش في سورية وعن جرائمها في غزوتها الاولى لمدينة الموصل وتأسيس دولتها المزعومة فيها , هذا الصمت الامريكي والغربي والاقليمي شجع داعش على توسعها وتمددها لمناطق اخرى من العراق , وعلى تنفيذ اجندتها وجرائمها في تهجير وطرد السكان الاصليين لمدينة الموصل من الكلدان والسريان والآشوريين , وقد تهجر ابناء الاديان والقوميات الاخرى من المدينة , وستفرض قوانين لا انسانية انطلاقاً من فكرها التكفيري الظلامي , مع الاشارة انه صدر قبل يومين قرار من مجلس الامن في يوم 31-7-2014 اعتبر ان داعش تمثل اكبر تهديد على بلاد الرافدين .

في ظل هذه الفوضى التي صنعتها الدبلوماسية الامريكية في منطقتنا ومناطق عديدة من العالم , نجدها تدّعي بأنها الدولة القادرة على محاربة الارهاب . في حين أكدت التجربة انه حتى الارهاب , توظفه امريكا لخدمة مصالحها الاستراتيجية ومصالح حلفائها فهي تحاربه وفق طريقتها ، تقدم له تنازلات ومساومات وتجد له حلول في مناطق بالشكل الذي يناسبها وتمنعه وتحاربه في مناطق اخرى دون ان تقدم له تنازلات , لهذا نجدها اليوم تدعم ارهاب حليفتها اسرائل على غزة حيث تقتل الطائرات الاسرائيلية يومياً مئات الفلسطينيين من اطفال ونساء وشيوخ وتحرق الطائرات بيوت الشعب الفلسطيني , في حين نجد الكونكًرس الامريكي قد اتخذ قرار لدعم اسرائيل باكثر من 150 مليون دولار لتعويض خزينها العسكري , كما انها صامته على اقامة داعش دولتها المزعومة وارهابها في سورية والعراق .

2- التدخلات الاقليمية :
اضافة للعامل الدولي فان ما يجري في العراق هو انعكاس لصراع اقليمي , وهذا الصراع كما اختير له بان يكون على الارض العراقية فهو موجود ايضاَ على الارض السورية واللبنانية وفي اليمن ومناطق اخرى , بلا شك هنالك حقيقة يعرفها الجميع ان ايران حصلت على تمدد وتوسع في النفوذ في العراق وسورية ولبنان بعد الاحتلال الامريكي في عام 2003 . السعودية في الوقت الذي تخشى فيه من هذا التوسع والتمدد الايراني , لانها تعتبره احد التحديات الجيوسياسية العديدة التي تواجهها . من هنا ان السعودية تفكر اولاً لحماية امنها من التحديات التي تجري في المنطقة وثانياً في ان يكون لها دور اقليمي وهذا الدور الاقليمي لن يتححق من منظورها الا بعد وقف التمدد والتوسع الايراني . وما تؤكده المعطيات ان ما تقوم به السعودية من اجل الحد من النفوذ الايراني وايقاف تمدده وتوسعه , هو ما تقوم به الآن من اعمال تأخذ طابع مواجهه غير مباشرة مع ايران في مناطق نفوذها وبأدوات محلية .

 من هذا فان مصلحة السعودية في صراعها هذا تكمن في تحويل الصراع السياسي في العراق الى صراع طائفي ورغم ان هذا الصراع الطائفي يخدم مصالح واجندة طهران ايضاً . وفي نفس الوقت استخدمته السعودية في سورية ولبنان . ان كلا النظامين مقتنعان ان الصراع والفرز الطبقي في العراق لا يخدم مصالحهما واجندتهما , وانما يخدم مصالح الشعب العراقي وقوى اليسار والديمقراطية. لهذا نجدهم في صراعهم على النفوذ لجأوا الى اثارة الصراع الطائفي في العراق . رغم ان ايران تتعرض الى ضغوطات من خلال ملفات عديدة منها : برنامجها النووي ومن خلال الحصار الاقتصادي الذي كان مفروض عليها , وفي تورطها في الصراع في لبنان وسورية وافغانستان والعراق وغيرها من الضغوطات الكثيرة . المعطيات تؤكد ان السعودية ستستمر في تأجيج الصراع والشحن الطائفي وفي دعم كل التنظيمات المسلحة المتطرفة من الطائفة الاخرى ومنها ظاهرة داعش , لكي تحقق اجندتها في صراعها الاقليمي مع ايران على حساب امن الشعب العراقي والسوري واللبناني وعلى حساب مصالح الشعوب وامن بلدان المنطقة . لهدف اضعاف النفوذ الايراني, ومع قناعة السعودية ان هذا التوجه يكلفها اعباء مالية كبيرة, لكنها تمكنت من تمديد وتوسيع حدود دولة داعش المزعومة وبضوء اخضر امريكي بعد ان كانت في مدينة الرقة السورية واوصلتها الى حدود ايران من جهة ديالى . يترافق ذلك مع طموحات تركيا في التناغم والتعاون مع السعودية في تقديم الدعم اللوجستي للحركات المتطرفة وحسب طلب السعودية وقطر, للحد من النفوذ الايراني الذي يلامس حدود تركيا . كما ان للاتراك اجندات اخرى هي للوصول الى تحقيق مشروعهم ودورهم الاقليمي في منطقة الشرق الاوسط الجديد, بانهم قوة اقليمية قادرة على ان تأخذ دور المركز الاقليمي في منطقة الشرق الاوسط . كما ان اراضيهم اصبحت ممراً لتسويق النفط والغاز الى اوربا , فأنهم يهدفون ايضاً الى تحقيق هدف استراتيجي آخر من هذا الحضور وهذه القوة وهذا الدور فأنهم يريدون ان يكونوا عضواً في الاتحاد الاوربي . لا سيما ان الحكومة التركية من خلال حزبها حزب العدالة والتنمية تسعى لتقديمه بانه يقدم النموذج الحضاري للاسلام المعتدل الذي يؤمن بالديمقراطية. ولكن في الواقع فشل هذا النموذج في تقديم هذه الصورة . بلا شك ان من مصلحة اسرائيل كعامل اقليمي تكمن في وجود وتنامي هذه الفوضى في ضمن حدودها وفي المنطقة , وان اسرائيل في الواقع تسهم في نشر هذه الفوضى وفي خلق وتنامي الصراعات الطائفية والمذهبية والدينية والقومية , مع استمرار غياب الموقف العربي الموحد وذلك لخدمة اجندتها وهي تدرك تماماً ان هذه الفوضى تفسح لها المجال اكثر في ادامة احتلالها للاراضي الفلسطينية والعربية , ويعزز رفضها لأعطاء حقوق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة أو الدولة الموحدة مع رفض حق العودة . ان فوضى التدخلات الخارجية والاقليمية في الشأن الداخلي العراقي هي من الاسباب التي ساعدت على ظهور الجماعات المتطرفة مثل القاعدة وجبهة النصرة وداعش وحصولهما على دعم مالي ولوجستي .

ب- عوامل داخلية :
1- نظام المحاصصة الطائفية والأثنية :
لا بد من التذكير هنا باستنتاج الحزب الشيوعي العراقي التي اكدت التجربة صحته وخزنته ذاكرة الشعب العراقي ويتجلى الاستنتاج الذي اكده الحزب (ان نظام المحاصصة الطائفية والاثنية هو سبب في كل الأزمات السياسية في البلد) هذا درس عملي استراتيجي لما انتجه فكر الحزب . ان نظام المحاصصة الطائفية الذي انتجه لنا الاحتلال الامريكي , قائم على نهج طائفي ولا يخلو من الشوفينية والتعصب القومي . فأن طبيعة هذا النظام الطائفي شكلت عامل معوق لتطور العملية السياسية وتراجعها وأدخل البلد في نفق الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية وما اكدته التجربة التالي :

أ- ان نظام المحاصصة لم يؤسس لبناء الدولة المدنية الديمقراطية , وهنا تكمن احد اهم مخاطر نظام المحاصصة الطائفية والاثنية على مصالح الشعب ومستقبل الوطن . فتم بناء مؤسسات الدولة على اساس المحاصصة , التي استشرى فيها الفساد المالي والاداري وعدم الكفاءة , وتم بناء الجيش والامن على اساس طائفي بعيداً عن المهنية والكفاءة والمصلحة الوطنية .. وظهور الميليشيات , وبروز الخطاب السياسي الطائفي وما رافقه من شحن طائفي . ساهم في تفكك النسيج الاجتماعي واضعاف الوحدة الوطنية وتم عمداً تشويه واضعاف الديمقراطية ومبادئها ..

ب- في ظل نظام المحاصصة الطائفية والأثنية برزت هويات ثانوية وجرى اضعاف الهوية الوطنية وعدم اعتماد مبدأ المواطنة, وتم ممارسة الاستبداد والهيمنة والغاء الآخر من قبل الكتل الكبيرة , وما نتج عنها من تضييق على الحقوق والحريات وعدم المساواة بين المواطنين مع غياب الخدمات وعدم وجود قوانين للضمان الاجتماعي والصحي واتساع ظاهرة البطالة ساعد ذلك على اتساع ظاهرة التهميش في المجتمع العراقي وبالذات بين الشباب .

ج- في ظل نظام المحاصصة الطائفية والاثنية اصبح العراق ساحة مفتوحة للتدخلات الدولية والاقليمية والانحياز العلني لأقطاب المحاصصة لهذا الطرف الاقليمي او ذاك , هذا التدخل الاقليمي اثر سلباً على امن الوطن والمواطن مع تنامي ظاهرة التطرف والارهاب وفقد الامن والامان والاستقرار . ان طبيعة نظام المحاصصة يحمل خميرة للأستبداد والشمولية والغاء الآخر والتضييق على الحقوق والحريات وتهميش الديمقراطية , وهذا يضر بمصالح الشعب ومستقبل الوطن ويساعد على نمو واتساع التنظيمات الاسلامية المتطرفة مثل داعش ونمو الارهاب .

2- المنظومة الفكرية للتنظبمات الاسلامية وبالذات المتطرفة منها :
تتمثل المنظومة الفكرية لاحزاب الاسلام السياسي في الغاء الآخر ومصادرة الحقوق والحريات وهذه سمة مميزة للفكر الشمولي الاستبدادي الاقصائي , كما ان هذه المنظومة الفكرية تؤمن بممارسة الخطاب السياسي الطائفي , وتؤكد على ابراز نقاط الخلاف والحضور الدائم للتاريخ الدموي القديم , لتغذية الحقد والكراهية ضد الآخر . ومن هنا نجد ان هذه المنظومة الفكرية تهيئ بيئة لنمو ثقافة التطرف الفكري والوصاية على عقول الآخرين , والأدعاء بامتلاك الحقيقة ومن لم يتفق معهم فهو باطل . هذه هي من سمات الفكر المتطرف , وقطعاً ان هذا الفكر المتطرف يلجأ الى التكفير والارهاب كآليات يؤمن بها لتحقيق توجهاته الظلامية . لهذا فأن من اهم التحديات التي تواجه الشعب العراقي وقواه الوطنية واليسارية والديمقراطية والليبرالية , ومستقبل البلد والعملية السياسية, هو التشدد والتطرف الفكري والديني .لأن المتطرفين ليس فقط لا يؤمنون بالديمقراطية والحقوق والحريات والرأي الآخر او انهم اقصائيون وانماهم لا يترددوا عن ارتكاب ابشع الجرائم بحق الناس باسم الدين . هذه البيئة المتطرفة في الفكر الديني هي التي اسهمت في انتاج داعش واخواتها المتطرفات , اضافة الى الدعم الاقليمي والدولي ..

الأستنتاجات :
1- ان داعش تؤمن بالغزوات والتوسع ولا تؤمن بالحدود , كما ان منظومتها الفكرية لا تؤمن بحقوق الانسان وحرياته وحقوق الاديان والقوميات , ولا تؤمن بالفيدرالية وبحق تقرير المصير للشعب الكوردي من هنا يكمن الخطر في التباطؤ في تحرير الموصل والمناطق التي احتلتها داعش , والخطر لن يكمن في تهديدها لمحافظات العراق ومنها العاصمة بغداد , وانما الخطر سيواجه كوردستان وحكومة الاقليم , ان لم توجه لهم ضربة سريعة بالتنسيق مع البيشمركة والقوات المسلحة ورؤساء العشائر والحراك الشعبي لطردهم من الموصل , فانهم في حالة توطيد اقدامهم سيمارسون غزواتهم لأختراق كوردستان , لا سيما انهم بدأوا بامتلاك القوة الاقتصادية من خلال السيطرة على نفط الموصل وبيعه في السوق السوداء باسعار بخيسه وبعضه يهرب من خلال تجار ويسوق عبر تركيا , اضافة للدعم المالي الذي يقدم لهم من دول اقليمية , كما انهم بدأوا بتكوين قوة عسكرية والحصول على الاسلحة , حيث في خطبة الخلافة دعا الارهابي ابو بكر البغدادي كل ارهابيي العالم للاقامة وممارسة الارهاب من ارض الموصل , كما انهم بدأوا بالزام واجبار الشباب على التطوع مع داعش وتم تخريج دورة عسكرية اولى منهم . من هنا تكمن اهمية الوحدة الوطنية , والاتحاد الفيدرالي لعراق ديمقراطي موحد مستقبلي لمواجهة خطر داعش وكل اشكال التطرف والارهاب , لا سيما وان سمة العصر الآن هي اقامة اتحادات فيما بين الدول كالاتحاد الاوربي , والاتحاد الفيدرالي فيما بين الكيانات القومية في الدولة الواحدة ذات النظام الاتحادي الديمقراطي ..

2- ما تؤكده المعطيات على الارض ان هنالك تناقض وعدم حسم في الموقف الاقليمي والامريكي من قضية دولة الخلافة الاسلامية المزعومة , فبين سكوت امريكي خليجي وتناقض المواقف التركية وفشل دبلوماسيتها , ان هذه المعطيات تدفع باتجاه الخشية من ان هذه الاطراف الاقليمية والدولية كونها ترغب في اطالة أمد الازمة العراقية , كما كان لهم دور في اطالة الازمة السورية , ان هذا الاحتمال مرتبط باجندة الولايات المتحدة ان كانت تهدف الى تعريض العراق والمنطقة لمزيد من الفوضى ثم بعد ذلك تخضعها لصفقة تسوية مع اطراف دولية مثل روسيا واطراف اقليمية مثل السعودية وايران وقطر وتركيا , لا سيما ان روسيا والصين ومعهما غالبية دول العالم موقفهم ضد دولة الخلافة الاسلامية وضد الفوضى الامريكية في المنطقة . من هذا فان مصالح الوطن تدفع باتجاه الاعتماد على العامل الداخلي العراقي , حيث يصبح قوة حاسمة في الصراع مع داعش ودولتها المزعومة وكل اشكال التطرف والارهاب , عند وضع مصالح الشعب والوطن فوق المصالح الذاتية , وتتجلى قوة العامل الداخلي بالموقف الوطني الموحد وبأختيار رئيس وزراء معتدل منفتح على كل قوى واطياف الشعب العراقي يؤمن بالديمقراطية , على ان يتخذ اجراءات سريعة سياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية تسهم في تعزيز الوحدة الوطنية , وتساعد على عزل داعش عن محيطها الاجتماعي الواسع وتقليص حلفائها , ليسهل طردها من الموصل ومناطق العراق الاخرى , وتخليص الشعب والمنطقة من شرورها وارهابها وجرائمها وفكرها الظلامي التكفيري ومعها كل قوى الارهاب .

3- ان الانتصار الحقيقي للشعب العراقي بعد انهاء ظاهرة داعش ودولتها المزعومة وتطهير الموصل ومحافظات العراق الاخرى من شرورها وارهابها وجرائمها , يكمن في خلاص العراق من نظام المحاصصة الطائفية والاثنية المدمر للوحدة الوطنية , وبناء الدولة المدنية الديمقراطية , ونظامها الديمقراطي الاتحادي , واعتماد مبدأ المواطنة وضمان العيش الكريم لكل ابناء الشعب العراقي . ولتكن هذه الدورة البرلمانية قادرة في ان تأخذ على عاتقها القيام بتشريعات قانونية ذات طبيعة ديمقراطية وفق الدستور تنهي والى الابد نظام المحاصصة , وتضمن استقلال القضاء , واستقلال مفوضية الانتخابات وتشرع قانون للاحزاب وقانون انتخابات ديمقراطي يكون العراق فيه دائرة انتخابية واحدة , ان نظام الدائرة الانتخابية الواحدة ينهي التحالفات الطائفية ويخلص الشعب من شحنها الطائفي وبهذا يتعزز النسيج الاجتماعي العراقي , ويساعد على اقامة تحالفات سياسية وطنية وديمقراطية , وان نظام الدائرة الانتخابية الواحدة هو الاكثر عدالة ويضمن الحق الانتخابي والمساواة بين جميع القوائم المتنافسه , ويساعد على بروز كفاءات وطنية على مستوى البلد كممثلي للشعب في البرلمان . ويحافظ على الوحدة الوطنية والسلم الاهلي وينهي الطائفية السياسية .
 


3-8-2014



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter