|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الخميس 2/5/ 2013                                فلاح علي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

رؤية حول النتائج التي حصل عليها التيار الديمقراطي
في انتخابات مجالس المحافظات

فلاح علي

في البدء لابد من تثبيت ملاحظة هو ان مقالتي هذه  ان لا يفهم منها انها تدخل ضمن عملية تقييم لنتائج الانتخابات , بقدر ما هي رؤية تعكس في محتواها ملاحظات وانطباعات وتقديرات تعبر عن وجهة نظري  . فرغم ان الانتخابات جرت في ظل تفاقم الازمة السياسية في البلاد وما رافقها من مخاطر ومن تصعيد اعلامي و سيادة ثقافة الشد والتوتر والشحن والتعبئة الطائفية , وحتى التدخلات الاقليمية . وبهذا ففي ظل هذه الاجواء فأن الحملات الانتخابية غاب او ابتعد عنها التنافس الانتخابي الديمقراطي القائم على اساس البرامج السياسية والخطط , وحل محلها وسائل وآليات لا ديمقراطية استخدمت في الحملات الانتخابية ومنها على سبيل المثال , المال السياسي والشحن الطائفي والتأثير العشائري واستغلال مؤسسات الدولة والمواقع والصلاحيات فيها والوعود والهدايا التي قدمت لاستقطاب الناخبين  كانت هذه الوسائل هي السائدة في الحملات الانتخابية وبالذات من قبل الكتل الكبيرة وكتل الاسلام السياسي. الا ان التيار الديمقراطي تمكن من حصد عدد من المقاعد وعددها ما بين 11 الى 12 مقعد في 12 محافظة التي جرت فيها الانتخابات . وهذا يعد نجاح للتيار الديمقراطي قياساً لانتخابات الدورة الماضية , لا سيما وانها كانت الانتخابات الاولى للتيار. ولأجل تسليط الضوء على نتائج هذه الانتخابات , فلابد من معاينة ومعرفة اولاً القوة التصويتية للتيار الديمقراطي او الرصيد الجماهيري لهذا التيار , وذلك من خلال نظره سريعه على الجدول التالي المنشور في موقع الطريق وموقع الناس .

اصوات التيار الديمقراطي

يلاحظ ان هذه القوة التصويتية سواء على صعيد كل محافظة او المجموع النهائي لعدد المحافظات التي جرت فيها الانتخابات , انها من وجهة نظري متراجعة عما هو عليه في انتخابات عام 2005 لا سيما في بغداد  وواسط والبصرة وذي قار وميسان , ولم يكن آنذاك في تلك الفترة قد تأسس التيار الديمقراطي , من هذا فلا بد من ان تكون النقطة الثانية والاساسية هي في البحث عن الاسباب التي ادت الى انخفاض نسب التصويت للتيار الديمقراطي . ان كان العزوف عن المشاركة في الانتخابات هو سبب جوهري واساسي في انخفاض نسب التصويت وبالتالي في انخفاض عدد اصوات التيار الديمقراطي , نتيجة الوضع الامني او اليأس الذي اصاب المواطن من عجز الحكومة وكتلها في مجالس المحافظات من توفير الخدمات وتهيئة فرص متكافئة للعمل او عدم القضاء على الارهاب والفساد والتمييز بين المواطنين على اساس الانتماء السياسي..... الخ من الاسباب . الا انه لا بد من وجهة نظري من البحث عن الاسباب الاخرى , رغم اني لا ادخل هنا في عملية تقييم للانتخابات , بقدر ما هي وقفة مستقبلية لا سيما وان الانتخابات  البرلمانية على الابواب وستكون في عام 2014 , وهي هامة جداً للشعب ولقوى التيار الديمقراطي في ظل توالي الازمات السياسية المستعصية والخطيرة التي يمر بها البلد . صحيح في هذه الانتخابات تراجعت مواقع دولة القانون والتيار الصدري والاصلاح وهذا درس بليغ لهم , الا انه تصاعدت نسبة المجلس الاسلامي ( قائمة المواطن ) , لاسباب لست بصدد ذكرها , الا انه ستعود التحالفات فيما بينهم من جديد لغرض المحاصصة ولأحكام قبضتهم على مجالس المحافظات , ويلاحظ تصاعد في نسب صعود كتل صغيرة اخرى ’ اضافة الى مستقلين ولكن ما يهمنا هنا هو التيار الديمقراطي .

ما هي اسباب تدني اصوات التيار الديمقراطي  :

ان البحث عن الاسباب هو قضية هامة ومشروعة تطرح سواء من قبل سياسيين او مختصين او من قبل مواطنين حريصين على التيار الديمقراطي وعلى تطوره ومستقبله الانتخابي  , ويرتكز السؤال على مبرر موضوعي هو ان الاصوات التي حصل عليها التيار الديمقراطي لا تتناسب وحجمه الجماهيري على صعيد كل محافظة , ان كان العزوف عن الانتخابات هو احد الاسباب الموضوعية , لكن الضرورات النضالية والانتخابية تتطلب عدم  التعكز على العزوف و ان لا نعتبره السبب الجوهري , لانه هناك كتل اخرى تضررت من عزوف الناخبين ايضاً ,فلابد من البحث والدراسة لمعرفة الاسباب الاخرى و النواقص والثغرات والاستفادة منها في الانتخابات البرلمانية القادمة , من وجهة نظري ارى ان هناك مجموعة من المعوقات او الثغرات والنواقص العملية الميدانية بحاجة الى ان يقف عندها التيار الديمقراطي لتذليلها او لتقليل تأثيرها السلبي ومنها :

1- نوعية المرشح وخصاله وتميزه في وسطه الاجتماعي : ان الترشيح الى الانتخابات من وجهة نظري بالنسبة للكتل الصغيرة وبالذات بالنسبة للتيار الديمقراطي الذي يعاني من  الحصار الاعلامي ونقص في الامكانيات مع التهميش السياسي الذي فرض عليه من قبل الكتل الطائفية والقومية, فلابد من ان تخضع عملية الترشيح لشروط وضوابط تراعى فيها مصلحة التيار الديمقراطي في هذه المنطقة او تلك . لان الانتخابات بحاجة الى قوة تصويتية جماهيرية , ان كان المرشح معروف في وسطه الاجتماعي وله حضور جماهيري ويتميز بخصال وصفات تؤهله لجمع اصوات واستقطاب نسبة جيدة من اصوات الناخبين في المنطقة المذكورة لا سيما اذا كانت لديه مبادرات , هذا يساعد القائمة او الكيان على تعويض النقص في الامكانيات الموضوعية . بلا شك هناك رغبات ذاتية جامحة تتواجد لدى الشخص تدفعه الى الترشيح للانتخابات . ولكن مصالح القائمة او الكيان او التيار الديمقراطي ومستقبله وتأثيره الجماهيري ومن اجل الفوز في الانتخابات هي فوق الرغبات الذاتية للاشخاص او الاعضاء . هنا يأتي دور مركزة المعايير والضوابط  والشروط والسمات والصفات الجوهرية التي  يتطلب مراعاتها عند الموافقة على اختيار المرشح  , وواحدة منها الحضور الجماهيري للشخص او العضو المرشح الذي يتم تبنيه كمرشح عن القائمة لكي يكون بحق جدير بتمثيل التيار او القائمة المعنية . لان الرغبة الذاتية ليس لها قيمة على الواقع  , لا سيما وان الانتخابات هي جماهيرية , ولمنافسة كتل كبيرة بيدها الاعلام والمال السياسي وقوة القرار السياسي . اني هنا اتكلم بشكل عام ولن احدد مرشح بعينه , لو عدنا قليلاً الى الوراء ونصل الى انتخابات البرلمان لعام 2010 نجد ان مرشح قائمة اتحاد الشعب في بغداد الرفيق ابو داود لوحده جمع 22 الف صوت , وفي الجدول اعلاه نجد ان مجموعة احزاب وقوى قد جمعت في الانتخابات الحالية لمجالس المحافظات بمجموعها 17359 صوت ونفس الشيئ ينطبق على المحافظات الاخرى ذات النسب المنخفضة او التي حصلت على مقعد واحد. هنا يطرح سؤال هل العزوف عن الانتخابات لوحده هو السبب الذي تضرر منه التيار الديمقراطي ؟ لا سيما وان هناك كتل وقوائم اخرى قد تضررت من عزوف الناس عن الذهاب الى التصويت ومع هذا حصل بعضها على نسب عالية .

2- الامكانيات المالية : تعتبر من المستلزمات الاساسية للحملة الانتخابية وبالذات في ظل غياب قانون الاحزاب الذي يحدد سقف متقارب للصرف على الحملات الانتخابية , مع مساهمة الدولة بنسب مالية للمرشحين لتغطية الحملات وهذه يحددها القانون المنتظر تشريعه . في الحملات الانتخابية لمجالس المحافظات الحالية نجد هناك كتل واشخاص صرفت مليارات الدنانير العراقية على حملاتها الانتخابية , في الوقت نفسه نجد هناك اشخاص مرشحين ضمن التيار الديمقراطي لم يتمكنوا من صرف بضعة ملايين من الدنانير العراقية , لا بل صرفوا على حملاتهم الانتخابية من رواتبهم المحدودة لهذا كانت حملاتهم الانتخابية ضعيفة , وهناك بلا شك وجوه جماهيرية بامكانها الفوز في الانتخابات في هذه المنطقة او تلك لو تمكنت من ترشيح نفسها لكن الذي منعها هو وضعها الاقتصادي الذي يحول دون تغطية الحملة الانتخابية.

3- الاعلام : رغم ان الاعلام يرتبط بشكل او بآخر بالامكانيات المالية , لا سيما وان التيار الديمقراطي دون غيره لا يمتلك وسيلة اعلام جماهيرية التلفاز كما تملكه غالبية الكتل الكبيرة , وهذا امر معروف في ظل الحصار الاعلامي  الجماهيري (التلفاز) المفروض على مرشحي التيار الديمقراطي كما في الانتخابات التي سبقتها . لكن هناك نشاطات اعلامية تحتاج الى مبالغ محدودة ومنها على سبيل المثال عمل صور للمرشح لغرض توزيعها او لصقها على الجدران او عمل اعلانات للبرنامج الانتخابي او اعلانات في التلفزيون ,حتى هذا الجانب الاعلامي البسيط  ظل يعاني منه غالبية مرشحو التيار الديمقراطي بسبب شحة امكانياتهم المالية . وقد تكون اللقاءات بالناس لا تكلف كثيراً كعقد الندوات او زيارة الناس في الارياف  وعقد ندوات فيها او زيارة الاحياء في المدن والتجمعات السكانية فيها , هذه قد لا تحتاج الى اموال كثيرة , ولكن مع هذا كانت هذه النشاطات محدودة جداً وضعيفة وهذا قصور سجله مرشحو التيار على انفسهم . عدا المبادرة من هذا المرشح او ذاك من قوى التيار الديمقراطي , ولم تكن وجهه محددة من التيار وفق برنامج او خطة انتخابية , عدا ما تم انجازة بعقد ندوات في قاعات مغلقة والحضور عادةً يكون من منتسبي هذه التيارات او من جماهيرها  وهكذا ندوات جرت عادةً في مراكز مدن او اقضية ولم تصل الى عمق الارياف , ومع هذا يلاحظ ان التحرك الاعلامي الجماهيري كان فردياً على مستوى القوائم المنضوية في التيار او على مستوى اشخاص ولم يكن على مستوى التحالف الديمقراطي الذي نزل في قوائم موحدة على مستوى بغداد والمحافظات.

4- من اهم الثغرات في الحملة الانتخابية لقوى التيار الديمقراطي من وجهة نظري هو انعدام او ضعف التواصل مع الارياف والعشائر, وكأن التيار قد اعتبر مواقف الارياف والعشائر محسوم مسبقاً لصالح مرشحي احزاب الاسلام السياسي , وهذا عجز ووهم وقصور وقع فيه التيار الديمقراطي طوعاً وليس مجبراً واهمال سياسي واعلامي . وتركز النشاط على المراكز لهذا كانت القوة التصويتية للتيار الديمقراطي هي في مركز بغداد ومراكز المدن , اما الارياف فلم يكن فيها نشاط ملموس او لم يتواصل نشطاء ومرشحي التيار الديمقراطي معها , وبهذا ساهم التيار الديمقراطي في الحصار المفروض عليه وكأنه تخلى عن هذه الاصوات المليونية التي اعطت اصواتها لقوى ومرشحي احزاب الاسلام السياسي ومرشحي رؤساء العشائر والقوائم الاخرى,لا لشيئ وانما لعجز نشطائه من التواصل مع الارياف , فحسمت الارياف والعشائر موقفها مع قوى الاسلام السياسي , اضافة للامكانيات المالية التي تتمتع بها قوى الاسلام السياسي وسيطرتهم على صنع القرار مما ساعد على انحياز الارياف والعشائر لقوى الاسلام السياسي والقوائم الاخرى في الانتخابات لها.

5- العنصر النسائي كان توظيفه ضعيفاً من قبل قوى التيار الديمقراطي , في الوقت الذي نجد نسبته عالية في المجتمع تصل الى 50 % , لم يتمكن التيار الديمقراطي من الوصول الى هذه القوة التصويتية التي تغير الموازين , فخضعت هذه القوة التصويتية لسيطرة وهيمنة قوى الاسلام السياسي . وليس لديّ معطيات دقيقة عن الشباب ولكن ما لاحظته ان النشطاء من الشباب في الحملات الانتخابية وجدته لدى قائمة المواطن بشكل فاعل وله حضور اكثر من القوائم الاخرى بما فيها التيار الديمقراطي الذي لديه حضور في مجال الشباب لكن لم يوظف هذا الحقل الهام في الحملات الانتخابية .

6- هناك اخطاء تاكتيكية وقع فيها التيار الديمقراطي في عدد من المحافظات وصل عددها الى خمسة محافظات او اكثر , وهذه الاخطاء التاكتيكية غير عادية وتحمل في داخلها مخاطر وان لم تكن مباشرة ولكن لها اضرار على مستقبل التيار الديمقراطي في هذه المنطقة او تلك , لا سيما وان التيار في طور النشوء والتكوين , وستؤثرعليه سلباً . كان يفترض من قيادات التيار تجنب هكذا اخطاء ومنها على سبيل المثال تحالف التيار الديمقراطي في هذه المحافظات مع جماعة الصرخي او ما يسمى بالصرخيين , مع الاسف استمعت بألم لمن يبرر هذا التحالف ويدافع عنه ويعتبره تحالف ايجابي لخدمة المواطن  , وتخلى عن التباين في البرامج والتوجهات والمواقف السياسية والفكرية والرصيد النضالي , وكأن الصرخيين قد تبنوا الديمقراطية بكل معانيها وقيمها السياسية والفكرية والقانونية والثقافية , في الوقت نفسه وجدت هناك غالبية من يعنيهم مستقبل التيار الديمقراطي ليسوا مع هذا التحالف , وهناك نساء عبرن بصراحة عن موقفهن الرافض للتحالف مع الصرخيين , حيث اكدن ان الصرخيين لديهم موقف من المرأة ومن حقوقها , كما انهم اي الصرخيين مع الحجاب المتطرف للمرأة. ارى من وجهة نظري ان قوى التيار الديمقراطي التي اتخذت قرار التحالف مع الصرخيين في هذه المحافظات , كانت واهمه ولم تقرأ الواقع بشكل علمي وصحيح , وأخطأت التقدير عندما توقعت ان للصرخيين مواقع جماهيرية تؤهلهم للفوز, وارى ان هذه التحالفات لا تخلوا من رغبات ذاتيه وراءها منافع شخصية لم تؤخذ مصالح التيار الديمقراطي بنظر الاعتبار .

7- ولم تكتفي بعض فروع التيار الديمقراطي في هذه المحافظات بخطأ التحالف مع الصرخيين وانما البعض منها , اعطى قيادة التحالف للصرخيين ووضع نفسه في المرتبه الثانية , وكأن القضية شخصيه وصاحبنا كريم وتخلى عن موقعه واهداه للصرخيين كثمن للتحالف, ما هذه العبقرية الفكرية والسياسية التي يمتلكها مثل هؤلاء الديمقراطيون , انها بحق ومن وجهة نظري سذاجه وعدم كفاءة فكرية وسياسية وعملية وجهل في قراءة الواقع والرؤية للمستقبل , وبهذا لم يدرك صاحب هذا القرار ان القضية تخص مستقبل التيار وحضورة الجماهيري وتأثيره السياسي والثقافي والفكري في هذه المنطقة او تلك , انها لم تعد اخطاء عمل او اخطاء تاكتيكية عابرة فحسب , رغم انه قد تكون هناك آراء مجتمعه تقف وراء هذا التحالف وتم وفق تقديراتهم وقراءتهم , لكنها تبقى اخطاء غير عادية وتحمل في طياتها نتائج سلبية ذات طبيعة مستقبلية ,لست بصدد الحديث عنها , ان تسليم قيادة التحالف في بعض المناطق للصرخيين , ما هو الا انتحار سياسي , ومن وقف وراءه بحاجة الى اعادة تربية فكرية وسياسية , حيث ظهر انه ليس فقط يعيش الخواء الفكري وانما عدم الكفاءة السياسية ولا تنطبق عليه اي من سمات القائد السياسي الميداني , هناك تقديرات بأن يذهب المقعد الواحد في بعض المحافظات التي حصل عليه التيار بعد ظهور النتائج النهائية من قبل المفوضية الى كوتا النساء وهذا شيئ مفرح في حالة عدم تمكن احد مرشحي التيار الحصول عليه , ولكن الخشية من ان يكون هذا المقعد الذي تم الحصول عليه في بعض المحافظات سيذهب لرئيس التحالف الصرخي في بعض المحافظات الذي حمل الرقم او التسلسل (1) واحد.

8- بعض قوى التيار الديمقراطي قدمت اكثر من مرشح عن قائمتها , ولكن في الممارسة العملية اثناء الحملات الانتخابية وضع التنظيم السياسي لهذه القائمة او تلك ثقلة على مرشح واحد ,دون غيره واعتبره مرشح القائمة ودعمه مالياً واعلامياً وتنظيمياً , ولم يحصل المرشحون الآخرون وهم من نفس القائمة على فرص متكافئة للدعم وتحركوا بجهودهم الشخصية , ولكن في النتيجة النهائية توزعت الاصوات بين المرشحين ولم يحصل اي منهم على النسبه المطلوبه التي تؤهله للفوز , وكانت خسارة للتيار او للتنظيم المعني المنضوي ضمن التيار .

الاستنتاجات :

اشرت في مقالتي الى بعض الملاحظات والتي تحمل في محتواها بعض النواقص والثغرات التي كان بالامكان ملاحظتها في الحملة الانتخابية وقد يكون بعضها يتكرر في كل انتخابات لانها ذات طبيعة موضوعية وهي نقص في الامكانيات مثلاً, ولكن المقالة اشرت الى بعض الثغرات العملية التي وقعت في هذه المنطقة او تلك والتي ادت الى الوقوع باخطاء ذات طبيعة فكرية وسياسية كما ادت الى التفريط بالقوى والامكانيات وكأنها اسهمت في تشتيت القوى وفي وضع حواجز بينها وبين الجمهور . ولكن المهم في الموضوع هو الوصول الى رؤية مستقبلية  , تكمن الرؤية المستقبلية باني من خلال المقالة استخلصت استنتاجين فيما يخص الحملات الانتخابية القادمة للتيار الديمقراطي وضعتهما على صيغة سؤالين :

السؤال الاول :

هل ان نسب التصويت حسب الجدول اعلاه والذي يشمل بغداد والمحافظات تمكن التيار الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية القادمة من الحصول على مقعد او عدد من المقاعد في البرلمان ؟ لا سيما وان الانتخابات البرلمانية تقام على اساس الدوائر الانتخابية والقاسم الانتخابي لا يقل عن 25 الى 30 الف صوت بلا شك مع الاخذ بالحسبان هناك متغيرات كثيرة ستؤثر على تغيير خارطة الانتخابات وعلى نوعية القوائم والمرشحين , وهذه المتغيرات وارده وتؤخذ في الحسبان ولكن بالعودة الى السؤال من خلال النظر للجدول اعلاه , يلاحظ هناك صعوبه في الوصول الى العتبة الانتخابية في كل المحافظات , ولم تتمكن جميعها من تصعيد مرشح لها الى البرلمان ولكن ومن خلال المعطيات التي يمكن ملاحظتها على الجدول نجد ان محافظة بابل مرشحة وقادرة على ايصال مرشح للتيار الى البرلمان وكذا الى حد ما محافظة بغداد والناصرية والسماوة والبصرة وديالى , وهذا لا يمكن تحقيقه من خلال زيادة نسب التصويت للتيار الا بالاستفادة من النواقص والثغرات وبذل جهود ونشاط متفاني ومتواصل ذات طابع اجتماعي و جماهيري من الآن لحين الانتخابات .

السؤال الثاني :

هل الواقع العراقي او البيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقومية والدينية مهيئة لعمل ونشاط  التيار الديمقراطي ليكون قادر على استقطاب اوسع جماهير الشعب او ان يكون هو البديل المرتقب لهذه التحالفات الطائفية ؟ ان الجواب على هذا السؤال لا بد من معرفته من الوضع الحالي الذي تمر به البلاد , الازمة السياسية الخطيرة والتي سببها المحاصصة الطائفية والاثنية وطبيعة التحالفات الطائفية , وما نتج عنها من تهيئة فرص للتدخلات الاقليمية وتنامي الصراعات الطائفية ونقص الخدمات وتنامي الارهاب والفساد والبطالة ...... الخ هذه المشكلات وغيرها تدفع بجماهير الشعب بالتطلع لقوى سياسية اخرى لتخلصها من الاوضاع الخطيرة التي وصلت اليها البلاد في ظل التحالفات الطائفية ومحاصصاتها . والقوى المرشحة بلا شك هي قوى التيار الديمقراطي , هي البديل للخلاص من كل الازمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وهي التي تنهي ثقافة الصراعات الطائفية والتدخلات الخارجية وتحافظ على وحدة الوطن والهوية الوطنية وتقيم دولة المواطنة .  الواقع العراقي اليوم اكثر من اي وقت مضى مهيأ لاحتضان قوى التيار الديمقراطي ومشاريعها وخططها وفكرها , لكن تبقى الحاجة الى آليات جديدة تساعد في الوصول الى اعمق اعماق الجماهير والتواصل والتعايش معها , وفهم حاجاتها ومشاكلها وتبنيها , والى وحدة في العمل والتنسيق والنشاط والتحرك بين كل قوى اليسار والديمقراطية والليبرالية والشخصيات والوجوه الاجتماعية في المدن والارياف .

 

1-5-2013 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter