|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء  25 / 6 / 2014                                فلاح علي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

رسالة الى التحالف الوطني

فلاح علي

السادة في قيادة التحالف الوطني المحترمون

تحية عراقية

المعروض على حضراتكم : الوطن في خطر والجميع ينتظر منكم مبادرة سياسية عاجلة لأنقاذه .
كما تعلمون ترتسم الآن في نفوس واذهان وعقول وعيون جميع العراقيين حالات من الذهول و الرعب والخوف واليأس والاحباط والصدمة المفاجئة , لما آلت الية تطورات الاحداث المفاجئة في العراق ومن المخاطر الكثيرة التي تنتظرهم وتنتظر الوطن وتهدد مصيرهما : كخطر التقسيم , وخطر الحرب الاهلية ودمار الوطن والمواطن والاكثر خطورة هو الضحايا من الابرياء من ابناء شعبنا وقواتنا المسلحة التي ستقتل او تستشهد بفعل هذه التطورات الخطيرة , نتيجة سقوط مدينة الموصل بدون مقاومة على ايدي ارهابيي داعش وحلفائهم . وتمددهم وتوسعهم وسيطرتهم على مدن وبلدات اخرى . ومما يزيد من مخاوف العراقيين هو ضعف التوجه من قبل الكتل المهيمنة على السلطة السياسية , من القيام بأجراءات سياسية وقانونية تهيئ الأرضية لتعزيز الوحدة الوطنية , وتساعد على حل ازمات البلد , وتخلق اجواء الثقة بين اطراف الحركة الوطنية وتعبئ جهود وطاقات الشعب مع القوات المسلحة , لمواجهة هذه التطورات وتحرير مدننا من الارهابيين واصلاح العملية السياسية . ومما يزيد من قلق ابناء الشعب هو الخوف من ان تطول هذه الازمة الخطيرة , نتيجة استمرار الخلافات بين اطراف نظام المحاصصة , وبهذا ستأخذ الازمة السياسية ابعاد اخرى وقد تستمر لعدة سنوات كما حصل في سورية نتيجة تدخلات اقليمية ودولية . وهذا مما يعرض الوطن الى دمار اكثر ويعرض ثرواته الوطنية للسرقة وبالذات النفط حيث في الموصل وحدها توجد اربعة آبار نفط . وتزداد معها هجرة العوائل من مدنها ويزداد تدهور اوضاع الناس الاقتصادية والاجتماعية وغياب الامن والامان.

السادة المحترمون:
جراء هذه التطورات الخطيرة فأن مزاج غالبية الشعب العراقي اليوم يحملكم الوزر الاكبر لما آلت اليه الاوضاع من خطورة في البلد . وذلك بصفتكم الطرف الاساس في نظام المحاصصة الطائفية والماسك بالسلطة التنفيذية منذ قرابة عقد من السنين . كما تعلمون هنالك دول مرت بمراحل من الأنتكاسات والأزمات السياسية والاقتصادية وحروب داخلية وتدخلات خارجية , الا ان هذه الدول استخلصت دروس من تجاربها , وبهذا وصلت هذه البلدان الى ما هي عليه الآن من تقدم وازدهار ورقي وحققت الرفاه والعيش الكريم لشعوبها مع سيادة قيم العدل والمساواة والتسامح , وضمان الحقوق والحريات الديمقراطية وحققت العدالة الاجتماعية مع سيادة السلم الاهلي فيها وتماسك النسيج الاجتماعي. .ان هذه الدول تحترم شعوبها , وهي الدول المتحضرة الديمقراطية دون غيرها وبعضها نظامها السياسي فيدرالي اتحادي.ومن الدروس التي استخلصتها هذه الدول يمكن ذكر مثالين ارتباطاً بهذا الموضوع :

- اكدت تجارب هذه الدول انه لا يمكن بناء دولة المؤسات الديمقراطية الا بأعتماد مبدأ المواطنة , وتعزيز الوحدة الوطنية .

- وان الازمات السياسية الداخلية لا يمكن حلها فقط بالوسائل العسكرية والامنية , وانما مصالح الوطن والشعب تفرض على هذه الدول الديمقراطية اعتماد وسائل واجراءات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية واعلامية وقانونية ذات طبيعة ديمقراطية دستورية لأن بلدانهم قائمة على اساس دولة المواطنة .

السادة المحترمون :
الجميع يعرف تماماً انه ليس لديكم حلول عملية لتخليص البلد من هذه الازمة السياسية الخطيرة , ومع هذا سواء كنتم تعلمون او لا تعلمون , ان مصالح الوطن والشعب فوق مصالحكم وخلافاتكم الفئوية الذاتية . فأنتم اليوم امام اختبار تأريخي صعب, مضت قرابة عقد من السنين على نظام المحاصصة الطائفية , والبلد يخرج من ازمة ويدخل في اخرى اعقد منها واكثر خطورة , حتى الاجتماعات التي دعوتم اليها لمناقشة الازمة الحالية وايجاد تسوية لها قد فشلت لسبب بسيط لأنها اجتماعات نخبوية ذات طبيعة نابعة من المصالح الذاتية , لا توفر او تهيئ لأجماع وطني يضع وجهة او برنامج فيه مهام تضع مصالح الوطن والشعب في المقدمة , ويساعد على تعزيزالوحدة الوطنية , لمواجهة المخاطر المحدقة بالبلد . ما ينتظره الشعب العراقي منكم اليوم هو ليست معجزة , وانما اطلاق مبادرة سياسية توضع فيها مصالح الوطن والشعب فوق المصالح الفئوية الذاتية , لأجل انقاذ الوطن من ارهابيي داعش وحلفائهم ,وكل ارهاب آخروان تكون مبادرة متكاملة وشامله وعملية وليس اعلامية فقط .

السادة المحترمون :
ان الهدف من المبادرة السياسية الوطنية المتكاملة والعملية والعاجلة يكمن في :
1- لطمأنة نفوس جميع ابناء الشعب العراقي بكافة قومياته واديانه وطوائفه واحزابه وتياراته السياسية والفكرية انكم جادون بالعمل وبنية صادقة على انقاذ الوطن والشعب من هذه الازمة الخطيرة وانكم حريصون على مصالح الوطن عملآ وليس قولاً .

2- كما ان هذه المبادرة في حالة اطلاقها بلا شك سيكون لها بعد استراتيجي يكمن في عزل ارهابيي داعش عن محيطهم الاجتماعي , وسحب البساط من تحت اقدامهم , لأنه بفعل عوامل عدة منها الطائفية السياسية وسوء ادارة الازمات والملفات ...الخ , ساعدهم اعلامياً وطائفياً من تحويل جزء من هذا المحيط الاجتماعي الى حاضنة اجتماعية لهم ومكنهم من توسيع تحالفاتهم وتمددهم الى مناطق اخرى.

3- ومن اهداف المبادرة ايضاً هو التوجه بوحدة وطنية لتحرير مدينة الموصل من ارهابيي داعش وحلفائهم ومدن وبلدات العراق الاخرى , والقضاء على ارهابهم وعلى كل ارهاب . وهذا الهدف لن يتحقق الا بمبادرة سياسية وطنية تصحح مسارالعملية السياسية , واصلاحها وتغييرها بأتجاه ديمقراطي بعيداً عن الطائفية ومحاصصاتها , والوصول الى حكومة وحدة وطنية تطبق مبدأ المواطنة , وتبني مؤسسات الدولة الاتحادية الديمقراطية الفيدرالية لعراق موحد .

من هذا فأن اي مبادرة سياسية , لا يمكنها ان تتجاوز معالجة بعض المعوقات والثغرات التي تعيق دحر الارهاب وتعرقل التطور الديمقراطي للعملية السياسية ومن هذه الثغرات :

1- رئاسة الوزراء : ان الخطوة العملية الاولى المهمه هو عدم احتكار التمسك بالسلطة التنفيذية , لهذا المطلوب في بيان المبادرة السياسية اعلان مرشحكم الى رئاسة الوزراء , ففي هذه المرحلة الخطيرة لا بد ان يكون شخصية مستقلة وطنية جامعة تكنوقراط في هذه الدورة التي مدتها اربع سنوات , وهذه الخطوة السياسية العملية ستهدئ النفوس وستضعف تحالفات داعش , ويسهل من عزلهم والقضاء عليهم ,وستخفف من الاحتقان والشحن الطائفي وتحافظ على النسيج الاجتماعي العراقي , وتهيئ مستلزمات انهاء الطائفية السياسية في ادارة الدولة , وهذه الخطوة العملية الوطنية ان قمتم بها ستسجل لكم تأريخياً .

2- الخطوة الثانية والمهمة والتي سيبارك لها كل ابناء الشعب العراقي , وسيرضى عليها الله ودينه الحنيف والشعب والوطن , في ان تتضمن المبادرة العمل على (حل تكتل التحالف الوطني) . لأنه وحسب ما اكدته تجربة العراق طيلة عشر سنوات ونيف انه تحالف طائفي وليس تحالف سياسي . ويتحمل مسؤولية تاريخية في كل ازمات العراق وانه مدعوم اقليمياً ايضاً , وهذا التحالف الطائفي شجع على اقامة تحالفات طائفية اخرى مدعومة اقليمياً , من طرف السعودية وقطر وتركيا . وهنا يكمن جوهر الصراع في العراق وما تعرض له الوطن والشعب من ارهاب ودمار ومآسي جراء هذه الطائفية السياسية والتي تكمن في نظام المحاصصة . من هنا تأتي الاهمية التاريخية لمصلحة الوطن في حل تكتل التحالف الوطني .

3- ما ينتظره الشعب في مبادرتكم ايضاً هو القيام بخطوة عملية بتحويل المصالحة الوطنية الى واقع عملي وان تحرروها من اسرالسلطة التنفيذية التي استخدمتها لأجندات سياسية وكيدية , المصالحة التي يريدها الشعب هي ان تكون مشروع وطني للأصلاح والتغيير وللوحدة الوطنية, و تساعد على عملية التحول الديمقراطي في البلد , وتؤسس لدولة المواطنة ومؤسساتها الديمقراطية .

4- الخطوة الاخرى الاهم في المبادرة هو تحرير القضاء من سجانة السلطة التنفيذية , حيث عملت على تسييس القضاء وبهذا فقد أساءت السلطة التنفيذية للقضاء العراقي المعروف في العالم بنزاهته لكنه فقد استقلاليته ويسير القضاء الآن وفق رغبات السلطة التنفيذية , والامثلة كثيرة معروفة من قبل ابناء الشعب وقواه الوطنية . وبتسييس القضاء اصبح التعامل انتقائياً مع فقرات الدستور وجرى التجاوز على الحقوق والحريات , واذا كان هنالك من مثال يمكن تثبيته في هذه الفقرة هو :

اين هو موقف القضاء العراقي من هروب ما يقارب من 970 مجرم من عتات الارهاب من سجن ابو غريب وسبق وان صدرت بحقهم قرارات حكم . والتحاقهم مع ارهابيي داعش قبل معارك الفلوجة بحوالي ستة اشهر؟ , لم يحرك القضاء ساكناً في هذه القضية الخطيرة التي أضرت بمصالح الوطن وغياب الامن والاستقرار فيه والتي أدت الى تنامي وتوسع الارهاب والارهابيين . علماً ان وزارتي العدل والداخلية هما المسؤلتين عن السجون وعن الاحكام الصادرة من القضاء بحق المجرمين وعليهم تنفيذها . ولكن لم يفتح القضاء تحقيقاً في هذه القضية الخطيرة . من هذا ان مصالح الوطن والمواطن تتطلب تحرير القضاء , والعمل على الحفاظ على استقلاليته , هذه هي الخطوة الهامة في عملية التغيير والبناء , والا فأن الدولة ومؤسساتها ستتعرضان للانهيار ان لم يستقل القضاء .
5- اي مبادرة ستعلن من قبلكم لا بد ان تتضمن ايضاً الدعوة العاجلة لعقد مؤتمر وطني يحضره ممثلو كل قوى الشعب الوطنية وتياراته السياسية والفكرية والديمقراطية , وذلك انطلاقاً من مبدأ الحق الديني والطبيعي والقانوني اللذان يؤكدان ان الوطن هو ملك الجميع و ليس ملك لأحد او لفئات اولكتل طائفية , فازت في انتخابات برلمانية غير عادلة , وبتشريعها لقانون انتخابي ظالم , وبمفوضية للأنتخابات غير مستقلة, ما يقارب اكثر من 70% من منتسبيها هم من الاسلام السياسي الماسك بالسلطة التنفيذية. من هذا فان مصالح الوطن والتعبئة الوطنية لمواجهة الارهاب ودحره يتطلب عقد هكذا مؤتمر وطني عاجل , تنبثق منه رؤية وطنية لمواجهة الارهاب , ويضع برنامج لحكومة وحدة وطنية .

السادة المحترمون
ان التحالف الوطني اليوم امام مهمة تأريخية مصيرية لا تقبل التأجيل والتأخير والتسويف والمماطلة , مصالح الوطن والشعب تدعوكم لأطلاق مبادرة سياسية وطنية عاجلة وقبل فوات الأوان واليوم قبل الغد ., وان تكون عملية تجمع القوى وتقطع الطريق امام اعداء الوطن , وتضع حد امام اللعب بأوراق الطائفية السياسية , ومن اجل حماية الوطن والشعب من جحيم الحرب الطائفية , او تقسيمه على اساس طائفي وقومي , لتكن مبادرتكم السياسية المرتقبة تضع اللبنات الأولى لحكومة الوحدة الوطنية . التي ستسهم في تعميق الثقافة الديمقراطية في المجتمع والدولة , لأن الثقافة الديمقراطية تدعو الى التعايش المشترك , والتسامح وتقبل الآخر وانهاء التهميش والاقصاء والهيمنة والاستئثار , وتسهم في ازالة كل مظاهر الشحن والأحتقان الطائفي ومظاهر التوتر والكراهية بين ابناء الوطن الواحد . وتدعو لمحاربة الظلم والاستبداد واحترام الحقوق والحريات .

ان الثقافة الديمقراطية هي أمضى سلاح بيد الشعب والدولة للحفاظ على الامن والاستقرار , والسلم الاهلي وتعزيز الوحدة الوطنية , وتهيئ الوسائل الفكرية والسياسية لمحاربة الفساد وتساعد على تجفيف منابع الارهاب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية والاعلامية , لأنها تشجع على وضع برامج ذات طبيعة ديمقراطية .وتطلق الطاقات وتعبئها خلال عمليات التنمية والاعمار , ولا يمكن بناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد بدون تجذير الثقافة الديمقراطية ونبذ الخطاب السياسي الطائفي في الدولة والمجتمع .
 
في الختام ان الشعب ينتظر مبادرتكم السياسية الوطنية لأنكم الماسكون بالسلطة التنفيذية .


والسلام عليكم
 


24-6-2014



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter