|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الخميس 12/7/ 2012                                فلاح علي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

صور مُشرقة من المؤتمر التاسع
للحزب الشيوعي العراقي
(2)

فلاح علي

الصورة الثانية

تركيبة المؤتمر :

حضر الى قاعة المؤتمر مندوبات ومندوبي المنظمات الحزبية التي تتمثل في عضويتها اعضاء من مختلف قوميات وأديان شعبنا العراقي , ومن مختلف طبقاته وفئاته الاجتماعية وبالذات الطبقة العاملة العراقية , كانت هذه تركيبة المؤتمر التي شكلت بحق اللوحة الجميلة النادرة المثال على ارض الواقع لحقيقة طبيعة بناء الحزب الشيوعي العراقي . وجسدت هذه التركيبة في قاعة المؤتمر الخريطة الطبيعية للعراق وشعبة المتميز بالتنوع القومي والديني وبتعدد فئاته وطبقاته الاجتماعية . وكانت احد عناصر هذه التركيبة الجميلة المتعددة الالوان هو ذلك الحضور المتميز لتلك البراعم المندفعة الواعدة في ربيعها الشيوعي المتمثلة في عنصر الشباب من كلا الجنسيين . أن تركيبة المؤتمر بهذه الصورة الحقيقية لواقع الشعب العراقي , تؤكد ان حزب فهد وسلام عادل هو حقاَ حزباَ للشعب العراقي وليس حزباَ لطائفة او قومية او طبقة او فئة اجتماعية , وبهذا فأن واقع تمثيل المندوبات والمندوبيين في المؤتمر أكد ان الحزب لا يماثلة اي حزب او كتلة كبيرة في العراق , وهذا يؤكد على حقيقة ان الحزب الشيوعي العراقي يمثل بحق جسد العراق أطرافه تمتد من زاخو الى البصرة وعلى طول البلاد وعرضها . ان هذه التركيبة الوطنية للمؤتمرالعابرة للطوائف والقوميات والاديان , تؤكد ايضاَ ان الحزب الشيوعي العراقي هو صمام الامان للوحدة الوطنية العراقية والضامن لمصالح الشعب والوطن , ولا بد من تبيان حقيقة ان هذه التركيبة الوطنية للمؤتمر مثلت العقل الجماعي للحزب . وهي التي رسمت سياسته الوطنية الديمقراطية الصائبة وحددت توجهاته وأقرت وثائقه, ارى ان الاستنتاج الذي يمكن استخلاصه من هذه التركيبة النادرة المثال في العمل الحزبي والسياسي في العراق ان الحزب الشيوعي العراقي هو حزباَ للعراق وشعبه , وانه يمتلك الخزين الوطني لتأريخ ونضالات وتطلعات الشعب العراقي ,ولديه عناصر قوة تتمثل في تمثيله وتبنيه لمصالح الشعب والوطن ولوحدته الوطنية ,وهذه توفر امكانيات وقدرات للحزب في خوض النشاطات الجماهيرية وتفعيل الحراك الجماهيري وفي التأثير السياسي في البلد , وأن التطبيقات العملية لنتائج المؤتمر ستؤكد صحة ذلك .

الصورة الثالثة

الحوارات وووجهات النظر وآليات حسمها :

المؤتمر التاسع للحزب لم يكن مؤتمراَ شكلياَ وانما كان مؤتمراَ نوعياَ تميزت فيه المشاركة الواسعة الفاعلة في اعمال المؤتمر وفي حواراته من قبل (العقل الجماعي في الحزب) المتمثل في مندوبات ومندوبي المؤتمر , وأكد المؤتمر بحق ان السياسة الحزبية رسمت بطريقة ديمقراطية , والدور الحاسم في رسمها ووضع التوجهات والخطط والبرامج والآليات يعود الى القاعدة الحزبية وممثليها في المؤتمر وتجلى ذلك في :

1- ما ميز الطروحات والحوارات النوعية بين الرفيقات والرفاق على وثائق المؤتمر , هي انها تحمل رؤى ووجهات نظر وتصورات منظمات الحزب (في داخل الوطن وخارجه) التي تهدف الى تطوير عمل الحزب وتنامي دوره وحضوره وتأثيره السياسي , وما تم تبنيه منها في المؤتمر اصبح بحق يُشكل تجديداَ لفكر الحزب ولسياسته ونشاطه التنظيمي ولآليات عمله .

2- تمثلت هذه الحوارات في العديد من القضايا الجوهرية , منها الازمة السياسية الخطيرة في البلاد وتبني الآليات الديمقراطية لحلها, وحاجات الشعب اليومية , وغياب الخدمات وبناء الاقتصاد الوطني وتطوير الصناعة والزراعة والتخلص من الاقتصاد الريعي والحفاظ على الثروات الوطنية , والتغيير الديمقراطي وبناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية , اضافة الى جوانب الحقوق والحريات وقضايا اجتماعية وثقافية , والوضع العربي والدولي وازمة الرأسمالية والحركة الشيوعية وحركة قوى اليسار وتناميها في العالم..... الخ هذا بعض ماعكسته وثيقتي التقرير السياسي والبرنامج . كما ركزت الحوارات على وثيقة النظام الداخلي و السياسة الحزبية الداخلية منها مبادئ وقواعد بناء الحزب ,وسيادة الديمقراطية في الحياة الحزبية وتطوير التنظيم وتوسيع قاعدته الجماهيرية والبحث عن آليات عمل جديدة, وتطوير العمل القيادي والميداني .

3- الحوارات والآراء والملاحظات التي طرحت على الوثائق , وما تضمنته الوثائق من قضايا جوهرية ورؤى وطنية ديمقراطية نابعة من الحاجات اليومية لواقع الشعب والوطن . أكدت على حصول تطور فكري في الحزب وهذا مؤشر لواقع التجديد في السياسة والفكر والتنظيم . وان تنمية هذا التطور الفكري من وجهة نظري سيؤدي الى خلق مرتكزات صلبة ثابته لنهوض الحزب وتفعيل دوره وتأثيره في الحياة السياسية, وهذا يرتكز ايضاَ على التطبيقات الميدانية العملية لنتائج المؤتمر وما يفرزه النشاط اليومي لمنظمات الحزب وقيادته من تراكم في المبادرة والابداع في مجمل النشاطات العملية .

4- أكدت هذه الحوارات على تطور في آليات أدارة الصراع الفكري .

5- لاسيما ان هذا الصراع او الخلاف في وجهات النظر حُسم بطريقة ديمقراطية, حيث طرحت في تقارير الورش الخمس عدد من النقاط والقضايا المختلف عليها , وفسح المجال لاثنان من المندوبين للحديث الى جانب الرأي او المقترح او الفكرة واثنان اخران للتحدث بالضد , وبعد ذلك خضع للتصويت بطريقة ديمقراطية , والرأي او المقترح او الفكرة التي حصلت على الاغلبية تم اعتمادها في المؤتمر , هذه كانت بحق ترجمة عملية للديمقراطية الحزبية .

6- كان لهذه الآلية الديمقراطية في ادارة الحوارات بين الرفيقات والرفاق دوراَ مهماَ في نجاح اعمال المؤتمر , كما انها من وجهة نظري كان لها أثر ايجابي في تنمية وعي المندوبين الجدد الى المؤتمر وبالذات الشباب منهم من كلا الجنسين .وعلى سبيل المثال شهدت قاعة المؤتمر حوارات غنية جداَ من حيث مضمونها ومحتواها السياسي والفكري في عدد من القضايا منها شعار المؤتمر , وكوتا الشباب والنساء ,ولجنة التنظيم والرقابة المركزية , وعدد الدورات في قيادة الحزب , والوحدة العربية او الاتحاد العربي , وحول الفيدرالية والادارة اللامركزية للمحافظات , وحول التطور الاقتصادي والقطاع العام ..... الخ , شارك الرفاق والرفيقات مندوبي المؤتمر في هذه الحوارات ,وبعضها شارك فيها عضوين من المكتب السياسي أحدهما يتحدث مع والآخر ضد ,عكست هذه الحوارات ليس فقط على تطور فكري وانما على ترسيخ الديمقراطية في الحياة الداخلية للحزب .

7- الوقت الأكبر لهذه الحوارات كان للرفيقات والرفاق المندوبين سواء في قاعة المؤتمر او في الورش ايضاَ , اما سكرتير الحزب او اي رفيق من قيادته لم يعطى لهم وقتاَ اضافياَ أو متميزاَ عن المندوبات والمندوبين , اي لم يأخذوا من وقت المؤتمر وحصلت حالات كانت ضرورية خلال ايام المؤتمر حيث طلبت هيئة رئاسة المؤتمر من سكرتير الحزب و بعض الرفاق مسؤولي الورش وبعض الاختصاصات بتقديم توضيح موجز لدقائق محدودة .

الصورة الرابعة

الثغرات والمعوقات والبحث عن سبل تطوير عمل الحزب :

من ضمن ما تضمنته مسودات الوثائق الخمسة المقدمة الى المؤتمر من قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية وعربية ودولية ..... الخ لكن الوثائق تضمنت أيضاَ قضايا جوهرية وهي الوقوف أمام المعوقات والثغرات والصعوبات الذاتية والموضوعية التي لا تزال تشكل عائق امام تطور تنظيم الحزب وتنامي نشاطاته ,وسبل معالجتها من اجل توسيع قاعدته الجماهيرية وتعزيز دوره في الحياة السياسية . وهذا هو الطبيعي في مؤتمرات الحزب الشيوعي العراقي اي البحث في الصعوبات والمعوقات ووضع حلول عملية لها , وهذا ما تضمنه التقرير الانجازي في الوقوف امام الثغرات الذاتية . اضافة لما تضمنته الوثائق من مقترحات وحلول .طُرحت في المؤتمر أفكار وتصورات ورؤى اضافية بروح نقدية من قبل المندوبات والمندبوين ,وهذا ساعد على خروج المؤتمر بمجموعة من الاستنتاجات مع العمل على تهيئة مستلزمات تطبيقها ومنها على سبيل المثال :

1- تفعيل النشاطات الجماهيرية , وتوسيع مشاركة الناس في هذه النشاطات السياسية الجماهيرية سواء كانت مطلبية اقتصادية وتوفير الخدمات وقضايا سياسية ومنها الحقوق والحريات واصلاح العملية السياسية ديمقراطياَ .

3- تطوير اعلام الحزب وأهمية وضع سياسة اعلامية تتلائم مع توجهات الحزب وحاجات تطور نضاله وتنوع مهامه , مع تشخيص الثغرات والصعوبات و جرى التأكيد على تطوير الخطاب السياسي للحزب مع وضوحه ورصد مزاج الجماهير .

4- تناول المؤتمر الوضع الفكري ووضعت رؤى وخطوات لتطوير الجانب الفكري في الحزب .

5- تم تناول الوضع التنظيمي ووضعت تصورات ورؤى في السياسة التنظيمية .

6- وضع المؤتمر تصورات لآليات عمل جديدة لتطوير نشاط الحزب مع اطلاق المبادرات وتعميم التجارب الناجحة , وما تؤكده التجربة العملية ان الاحزاب الشيوعية بحكم ما لديها من مهام متنوعة ذات ابعاد وطنية وديمقراطية واستراتيجية فأنها بحاجة دائمة الى ملامسة واقع الحياة اليومية للشعب وللحياة السياسية في البلاد والمنطقة والعالم وتطور حاجاتها , فأن هذه الاحزاب أكثر من غيرها تبحث في الواقع الداخلي والخارجي ليمكنها من تطوير سياساتها وفكرها مع تبني توجهات من الواقع ومتغيراته واكتشاف آليات عمل ذات قدرات ديناميكية تسهم في تطوير عمل الحزب ونشاطه وتأثيره الجماهيري والسياسي والفكري في البلد .

6- أكد المؤتمرون على تبني تاكتيكات مرنة ومتجددة ومتطورة , تنطلق من حاجات الواقع السياسي ومن مصالح الشعب والوطن والحزب .

7- فيما يخص التحالفات لم يطرح في المؤتمر الا تحالف واحد ديمقراطي هو التيار الديمقراطي , والتوجه الجاد لتطويره وتفعيل دوره وتأثيره وزيادة حجم المشاركة الشعبية فيه , ليكون قادر على خوض الانتخابات البرلمانية القادمة .

8- طرحت رؤى وأفكار حول وحدة العمل المشترك مع قوى اليسار , وحصلت نقاشات حولها وجرى التأكيد على اهمية النشاط الميداني المشترك لقوى اليسار والديمقراطية ,و توقف التقرير السياسي عند هذه الوجهة , وأهتم البرنامج الفكري المركزي الذي أعد بعد المؤتمر بهذه الموضوعة وطالب باعداد دراسات حول امكانية اقامة وحدة لليسار في اطر محلية او جهوية او عالمية , ووضع تصورات مع طرح تساؤلات هل يمكن صياغة استراتيجية بهذا الخصوص ؟, ماهي معوقات انبثاق هذا البديل وما هي امكانياته ؟ ان هذه الوجهة تؤكد بحق ان هنالك تطور فكري ونظري يؤكد على قناعة الحزب بتعدد قوى اليسار ومنابرها الاعلامية والفكرية والسياسية والتنظيمية .

9- ما ميز المؤتمر ايضاَ هو ذلك الحماس والحرص والاندفاع الواعي من قبل المندوبات والمندوبين على تطور الحزب ونشاطه وتفعيل دوره , وهذا يؤكد على وجود تحدي واصرار شيوعي على تطبيق توجهات ونتائج المؤتمر على ارض الواقع .

10- أخيراَ ان الحقيقة هي ناطقة دائماَ وان الشمس لا يمكن تغطيتها بغربال, وهي ان رسم سياسة الحزب الشيوعي العراقي ووضع تاكتيكاته , لا تخضع او تقرر على ضوء تصريح لرفيق قيادي في الحزب او رأي هيئة قيادية , التجربة العملية تؤكد منذ المؤتمر الخامس والى الآن , ان الحزب الشيوعي العراقي دون غيره من الاحزاب العراقية يتميز عنها بأن الدور الحاسم في آلية عمله يعود للقاعدة الحزبية المتمثلة في منظمات الحزب المنتشرة في مساحة جغرافية واسعة في داخل الوطن وخارجه , والتي تمثل العقل الجماعي للحزب , هي التي ترسم السياسة وهي التي توافق على تبني التحالفات . ان هذه الحقيقة الساطعة والصورة الديمقراطية المُشرقة تجلت في المؤتمر التاسع , وستبقى آلية ديمقراطية مستمرة كما هي عليه والى المؤتمر العاشر للحزب .

( يتبع)

20-7-2012

 

صور مُشرقة من المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي (1)
 


 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter