|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الخميس 12/7/ 2012                                فلاح علي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

صور مُشرقة من المؤتمر التاسع
للحزب الشيوعي العراقي
(1)

فلاح علي

الصورة الاولى :

العلاقة بين رفيقات ورفاق الداخل والخارج :

يتميز الحزب الشيوعي العراقي عن غيره من الاحزاب بسعة الرقعة الجغرافية لتنظيماته الحزبية خارج الوطن, حيث تمتد تنظيماته في غالبية بلدان العالم ,وهذه الميزة أصبحت عنصر من عناصر القوة التي يمتلكها الحزب , والتي تساعده على انجاز مهامه , ويتجلى عنصر القوة الرافدة للحزب من المهام التي تقوم بها هذه المنظمات وهي :

1- العلاقات الواسعة لهذه المنظمات مع الاحزاب الشيوعية واليسارية والاشتراكية الديمقراطية ومنظمات حقوق الانسان اضافة الى البرلمانات وغيرها من المؤسسات في البلدان التي تعمل فيها , ساعدت هذه العلاقة منظمات الحزب في امتلاك امكانيات وقدرة في اداء النشاطات في مساحة واسعة من بلدان العالم والتحرك في اتجاهات عديدة منها تفعيل التضامن الاممي مع الشعب العراقي منذ فترة النضال ضد الدكتاتورية الى الآن , والتضامن مع الحزب وقوى اليسار والديمقراطية في العراق ودعم واسناد نضالها من اجل اقامة النظام الديمقراطي وتعزيز مؤسساته الديمقراطية .

2- تقدم منظمات الخارج الدعم المالي للحزب , من خلال حملات جمع التبرعات من اصدقاء وجماهير الحزب ومن دفع بدلات الاشتراك .

3- النشاط الاعلامي الواضح والمتميز الذي تقوم به هذه المنظمات .

4- النشاطات السياسية والجماهيرية والثقافية والاجتماعية في داخل كل بلد ,حيث توجد جاليات كبيرة في عدد غير قليل من البلدان التي تعمل فيها هذه المنظمات ,اضافة الى علاقة هذه المنظمات مع القوى السياسية العراقية ومع المنظمات والجمعيات والنوادي الاجتماعية, هذه النشاطات خلقت امكانيات تراكمية أكدت على حيوية هذه المنظمات في خارج الوطن .

5- دعم نضال الحزب في الداخل , وهذا الدعم تجلى في صور عملية كثيرة وملموسة .

هذه المهام وغيرها التي تقوم بها منظمات الخارج وسعة انتشارها في غالبية بلدان العالم , تؤشر ليس فقط الى ان الحزب يمتلك العديد من عناصر القوة , وانما تؤشر ايضاَ الى تأثيره السياسي وامتداده الى مساحات و في مناطق واسعة اينما توجد جماهير وجاليات عراقية , من هذا فأن هذه المنظمات في خارج الوطن تشكل روافد للحزب تصب في نهره العظيم وهذه هي طبيعة شكل تنظيم الحزب.

حال سقوط النظام الدكتاتوري توجه الكثير من رفيقات ورفاق الحزب الى داخل الوطن وساهموا بأعادة تنظيمات الحزب , واستشهد عدد غير قليل من هؤلاء الرفاق والاسماء كثيرة , بعض من هؤلاء الرفيقات والرفاق استقروا في الوطن , والبعض الآخر عاد الى الخارج ارتباطاَ بألتزامات عائلية والتزامات عمل , لكن الكثير منهم لم يقطع زياراته وتواجده لفترات محددة في الوطن .

ما الذي حصل بعد عام 2005 وبداية عام 2006 واستمر لفترة طويلة :

اشيع مفهوم رفاق الداخل والخارج (بعكس المفهوم الذي كان مستخدماَ وهو تنظيمات الداخل والخارج) في داخل كيان الحزب الشيوعي العراقي , كما ظهر مفهوم مثقفي الداخل والخارج (اني لا اتناول في هذه المقالة موضوع مثقفي الداخل والخارج ولكن اشرت له اشارة رغم ان له امتدادات ابعد تمتد الى فترة وجود النظام الدكتاتوري) .ولكن ما يهمنا هنا هو تسليط الضوء على العلاقة بين تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي , وعلى آليات العمل . في النظر للموضوع من زاوية التسمية تنظيمات الداخل والخارج فأنها حالة طبيعية لوجود منظمات تعمل في منطقتين جغرافيتين مختلفتين , ولكن منذ عام 2006 بعد تدهور الوضع الامني في العراق وغياب السلم الاهلي , توقف عدد غير قليل من رفيقات و رفاق الخارج بالتوجه للوطن وحتى اصدقاء وجماهير الحزب وقوى يسارية وديمقراطية , ارتباطاَ بحالة الفلتان الامني , هذا الوضع الامني أضعف التفاعل والعلاقات الميدانية بين رفاق الداخل والخارج , ولكن في الوقت الذي بقيت مهام منظمات الخارج تتطور بأتجاه دعم الداخل , ورغم ذلك تسربت الى خارج الوطن اشاعات سلبية ومنها على سبيل المثال ان رفاق الخارج لم يقدموا شيئ ملموس للحزب لانهم خارج الوطن , هنا بدأ يتساءل الكثير من الرفيقات ورفاق الخارج وبالذات الانصار منهم الذين تركوا الخارج وعادوا وحملوا السلاح في ظروف النضال المسلح ضد الدكتاتورية وبعضهم توجه الى عمق الوطن للعمل السري لاعادة بناء تنظيمات الحزب واستشهد المئات من هؤلاء الابطال , هذا ولد شعور لدى عدد غير قليل من الرفيقات والرفاق في الخارج انهم منسيون وان نضالهم همش وهمش دورهم , وكأنه طويت صفحة تأريخهم المجيد المشرق في صفوف الحزب الشيوعي العراقي , كما وصلت لرفاق الخارج تسريبات ان رفاق الداخل يصيبهم الاستفزاز وعدم الارتياح والهلع من وصول عدد من رفيقات ورفاق الخارج للمساهمة في نشاطات حزبية في الداخل خلال فترة تواجدهم, كما برر هؤلاء الرفاق السبب هو ان رفاق الداخل يخشون المنافسة على مواقعهم, البعض طرح هذا الرأي في كونفرنسات خارج الوطن, رغم اني لا اتفق مع هذا الرأي لسببين الأول هو ان رفاق الخارج يذهبوا للمعايشة لبضعة أشهر, والسبب الثاني هو ان المنافسة على المواقع الحزبية تخضع لآليات ديمقراطية , (الا في حالات نادرة يكون فيها تنسيب مؤقت).

أين يكمن الخلل :

ان الحالة التي تم الاشارة اليها في وجود شائبة في العلاقة لم يجري الاهتمام بها ولم تدرس حزبياَ لاجل تأكيد عدم صحتها ولمعالجة اسباب انتشارها ,ووضع آليات عمل جديدة ورؤية جديدة تقلل من تأثير وانتشار الحالة ولم يجري تناولها من الجانب الفكري وتقليل آثارها السلبية والتثقيف بميزة الحزب الشيوعي العراقي بأمتلاكة تنظيمات في مناطق جغرافية متنوعة وواسعة الانتشار , كما ان شكل تنظيم الخارج السابق لم يتمكن من معالجة انتشار هذه الحالة بين رفيقات ورفاق منظمات الخارج .

لكن الصورة الحقيقية الجميلة المشرقة المستقبلية ظهرت في المؤتمر التاسع :

اجاب المؤتمر بالملموس على هذا الاشكال الذي كان شائعاَ وحسمه, حيث للمرة الاولى بعد عدة سنوات التحم هذا العدد الكبير من رفيقات ورفاق منظمات الداخل والخارج , في فعالية حزبية هامة ستكون لها نتائج مستقبلية, وإني في الطريق الى شقلاوة كان في ذهني مهمة أخرى وهي رصد ومعاينة هذه الحالة والبحث والتدقيق العملي على ارض الواقع في حيثياتها واسبابها , الخطوة الاولى التي وضعتها هي الرصد والمعاينة فقط حول العلاقة والدراسة حول اسبابها سيكون لاحقاَ ان وجدت على ارض الواقع . كان اليوم الاول الذي سبق المؤتمر يوم توافد المندوبين من الداخل والخارج, في الساعات الاولى من الوصول , كانت جميلة رائعة لا تنسى وهي اللقاء بالرفيقات والرفاق , تعرفت على رفاق منظمة البصرة ثم العمارة والحلة وكربلاء والمثنى والموصل وكركوك ومندوبي الحزب الشيوعي الكردستاني وغالبية المحافظات , كان استقبالاَ ولقاءاَ حاراَ نادراَ حميمياَ صادقا ولم يكن بروتوكولياَ ,َ وحصلت عدة لقاءات و جلسات عفوية اجتماعية بين مندوبي ومندوبات منظمات الخارج والداخل هذه الجلسات واللقاءات والحوارات والمواقف في المؤتمر كانت بحق قد جسدت حقيقة واقع العلاقة العضوية التي لا تنفصم . وهذا ما عبر عنه رفاق الداخل من حب واعتزاز لرفاقهم في الخارج لما قدموه من نضال وتضحيات خلال فترة النضال ضد الدكتاتورية وسقوط العديد من الشهداء في فترة الكفاح المسلح الذي كان لرفاق الخارج دور اساسي فيها منذ الايام الاولى لانبثاقها الى نهايتها , واستذكر عدد من رفاق الداخل رفاقهم الذين قدموا من الخارج واستشهدوا في ظروف العمل السري , بحق ان التجربة المشرقة لقوات الانصار كانت هي احد المرتكزات الاساسية للتلاحم الوثيق والفاعل بين رفاق الداخل والخارج , كما اشار رفاق الداخل الى الدور البارز الذي تقوم به تنظيمات الخارج من حملات تضامنية سياسية واعلامية واممية مع شعبنا والقوى الديمقراطية واليسارية في الداخل ولما تقدمه هذه المنظمات من دعم ملموس للحزب . وكانت هناك العديد من الاسئلة من قبل رفاق الخارج لامست واقع نضال رفاق الداخل استفسروا عن ظروف عملهم والصعوبات والمعوقات التي تواجههم في ظل الاوضاع غير الطبيعية وقلة الامكانيات مع الانفلات الامني, وكانت اجاباتهم مفرحة بحق حيث في ظل هذه الظروف , ان تنظيماتهم في توسع وان نشاطاتهم المتنوعة في تنامي , وان بعض تجاربهم الناجحة في مناطقهم أوجدت لهم مرتكزات صلبة لتطور تنظيماتهم ونشاطاتهم , عايشت حقيقة العلاقة بالملموس خلال أيام أعمال المؤتمر الوطني التاسع , وتجلت هذه الحقيقة في اليوم الثالث لاعمال المؤتمر في نقطة جدول العمل ( انتخاب اللجنة المركزية ) . حيث رشح عدد من رفيقات ورفاق الخارج الى عضوية اللجنة المركزية وفازوا في الجولة الاولى من الانتخابات , بعضهم يمتلك قدرات تنظيمية وفكرية وتجربة , والبعض الآخر رشح لاول مرة وفاز , كل رفيقة ورفيق وقف امام المندوبين للتعريف عن نفسه وعن تأريخه السياسي والمحطات النضالية التي مر فيها خلال حياته الحزبية , كل مندوبات و مندوبي المؤتمر كانوا يستمعون بأنصات ويركزوا بدقة للتعرف عن قرب على كل رفيقة ورفيق رشح لعضوية اللجنة المركزية , هناك بضعة كلمات قالها بعض الرفيقات والرفاق رغم انهم رشحوا للمرة الاولى , كان لهذه الكلمات صدى وتأثير ووقع في قاعة المؤتمر وهي بالنص (لقد لبيت نداء الحزب في عام ........ وإلتحقت في قوات أنصار الحزب الشيوعي العراقي) .هذه الكلمات المعدودة شكلت بحق رصيد ورأسمال نضالي ثابت للرفيق او الرفيقة في قاعة المؤتمر, وكأن الكلمات تقول هذه هي هويتي النضالية لتشرفي بحمل عضوية الحزب ,كما أكدت على العطاء الملموس لهذا الرفيق أو الرفيقة وعظم نكران ذاتهم وتضحياتهم من اجل الحزب والشعب والوطن , وبهذا أكدت العملية الانتخابية على تطور في الوعي الانتخابي, وعدم التمييز بين رفاق تنظيمات الداخل والخارج , اني أشرت لهذا المثال رغم خصوصيته لأعكس الصورة الحقيقية الجميلة من الواقع الملموس , وخرجت بأستنتاج ( ان العلاقة لا يشوبها شائبة ) . وبعد المؤتمر إلتقيت بعدد من الرفاق في الداخل ,أكدوا بالملموس عدم وجود شائبة في العلاقة , ويكنون كل التقدير لرفاق الخارج ,وللرفيقات والرفاق الانصار الذين سطروا ملاحم تأريخية خالدة .

الأستنتاجات :

المؤتمر الوطني التاسع كان ناجحاَ ونتائجه ستنعكس لاحقاَ ايجاباَ على تطور عمل الحزب , ووضع المؤتمر حلول لبعض الاشكالات وأجاب على عدد من التساؤلات المطروحة , ومنها إشكال العلاقة وان ما دار في المؤتمر أكد عدم وجود اخلال أو شائبة في العلاقة , وبلا شك ان الوضع الفكري وتطويره على صعيد العضو او المنظمة له أثر كبير وعظيم في ذلك , وآليات العمل والاستراتيجية الواضحة في الجانب التنظيمي لها أثر كبير في هذا التفاعل وفي توظيف الطاقات والامكانيات , لغرض تطوير مجمل مفاصل العمل , وان الحزب بخير ولديه رفيقات ورفاق يقتحمون الصعاب ويذللونها ويطوعونها ويوظفونها لخدمة نضالهم , ان هذا الجهد المتفاني الملموس لرفيقات ورفاق الحزب في داخل الوطن وخارجه سيسهم في استعادة الدور السياسي التأريخي للحزب وتأثيره .

( يتبع)

5-7-2012

 


 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter