| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فلاح علي

 

 

 

الأربعاء 15/10/ 2008



رؤية حول التوجه لبناء قطب يساري ديمقراطي فاعل ومبادر
ومؤثرفي عملية التغيير الديمقراطي في العراق
(2-2)

فلاح علي

في البدأ لا بد من إستحضار الحقيقة الماثله للجميع وهي أن قوى اليسار والديمقراطية ليست قضية مفتعله أو طارئه بقدر ماهي حاجة موضوعية وتأريخية فرضتها حاجات الشعب العراقي وتطلعاته . واليوم في ظل المتغيرات الدولية وإختلال الموازين فيها لصالح الرأسمال المتوحش وفي ظل تراكمات وظروف داخلية طارئه وأزمات بعضها مستعصية الحل فأن المجتمع العراقي اليوم أحوج إلى قوى اليسار والديمقراطية . أن هذه الحاجة هي طبيعية لكل مجتمع يتطلع إلى الحرية والتحرر والتقدم والسلم الأهلي والديمقراطية وأن المجتمع يدرك تماماً أن هذه القوى هي الضامنه لوحدة الشعب والوطن وتخليصه من أزماته السياسية والأقتصادية والأجتماعية والحقيقة التي لايختلف عليها إثنان وهي أن المجتمع لكي يتقدم فلا بد من حامل إجتماعي وأن قوى اليسار والديمقراطية هي التي منوط بها تقدم المجتمع لأنها هي الحاملة لمشروع التغييروكونها تعبر عن مصالح طبقات وفئات إجتماعية التي ترتبط مصلحتها بحركة تطور المجتمع إنها تعبر عن طموحات الشعب وبناء الوطن وإزدهاره .

ماهي المبررات الضرورية التي تؤشر إلى أهمية بناء قطب يساري ديمقراطي في هذا الظرف :

1- الطائفية هي ليست وليدة اليوم كثير من المجتمعات يوجد فيها تعدد طائفي وهي واقع إجتماعي تأريخي لكن المسألة في العراق قد تم إستغلالها سياسيا ولم يجني شعبنا منهاشيئ سوى التمزق ونزيف الدم وبالذات في الفترة منذ عام 2003 إلى 2007 فقد وظفها المتطرفون لأهداف لاتتصف بالبراءة وأيضاً محاولاتهم الخطيره لشرعنتها وفق أطر سياسية . ولقد إنتصر شعبنا على هذا الصراع الطائفي المفتعل والدخيل وفوت الفرصه على أعداء الوحدة الوطنية وهذا النجاح في تجاوز الصراع الطائفي الدموي يسجل للشعب أكثرمما هوللنخب السياسية المهيمنة التي هي في وسائل الأعلام تعلن عن نبذ الطائفية السياسية ولكن في الواقع هي حاملة في وعيها وسلوكها وفي الممارسة لهذه الطائفية . وبهذا الصدد يطرح السؤال التالي الذي يطرحه يومياً كل مواطن عراقي ولم يحصل على جواب من هذه النخب وهو ماهو سر تشريع وقوننة المحاصصة الطائفية والقومية في الدولة ومؤسساتها؟ أن هذا التوظيف السياسي للطائفية وهذه الشرعنة الخطيرة ستبقي الباب مفتوح أمام الصراعات وعدم الأستقرار كما أنها لا تؤسس لبناء دولة عصرية حديثة ذات نظام ديمقراطي تعددي .وتزداد حطورتها على وحدة الوطن في ظل الأحتلال والصراع على السلطة وشكل بنائها .

أن قوى اليسار والديمقراطية من خلال توجهاتها وفكرها وممارساتها هي القادرة ومعها القوى الوطنية غير الطائفية على إلغاء وإزالة الطائفية السياسية ليس من خلال الأعلام وإنما في الواقع كوعي وسلوك وأن برامج قوى اليسار والديمقراطية تؤكد على تعزيز مفهوم المواطنة ودعم مؤسسات أو منظمات المجتمع المدني وإنها تجسد وحدة الشعب وهي الأكثر وضوح وشفافية وواقعية وهي لا تعمل على هامش المجتمع بل في عمقه وتغوص في أعماقه في التحليل والرؤية والتعبير عن مصالحة وتدخل في بناء مكوناته الأساسية فهي تجسد وحدة الشعب وهي البديل لأنه لا يمكن تجاوز الحقيقة التالية وهي لايمكن الحديث عن السلم الأهلي و عن تقدم إجتماعي وتحرر وطني وبناء نظام ديمقراطي تعددي بدون قوى اليسار والديمقراطية ووحدة قواها وإنخراطها في عملية التغيير الديمقراطي وهي صادقة في توجهاتها .

2- ( الديمقراطية المحجبة) التي أنتجتها القوى الطائفية والقومية . إنها لا تبني الوطن ولا تؤسس لدولة عصرية حديثة ولا تقيم النظام الديمقراطي التعددي . بل زادت أزمات البلد تعقيداً وتداخلاً . فقد وافق الشعب وقواه الوطنيةعلى ( الديمقراطية التوافقية) أي تعني المشاركة من قبل الجميع في بناء الدولة وهذا يعني إنها تقوم على حل المسائل المستعصية من خلال التوافق السياسي مع ضمان حق المواطنه وحق الأقلية وعدم الأقصاء والألغاء . لكن قوى المحاصصة الطائفية والقومية وصراعهم على السلطة وتوجهاتهم الأنانية الخطيرة دفعتهم في التمادي في إقتسام الوطن والدولة ومؤسساتها فيما بينهم فقد تعمدوا إلى تشوية الديمقراطية فأنتجوا لنا ديمقراطية مشوهه وهي على حقيقتها ( ديمقراطية محجبة) إني لا أقصد هنا الحجاب الذي ترتديه المرأة ولكن ما أقصده بالديمقراطية المحجبة التي أنتجها المتحجبون فكرياً وسياسياً الذين يرفعون الشعارات ويملئون الدنيا بضجيجهم وبأظهار عضلاتهم وقوتهم وقدرتهم على حل أزمات الشعب والوطن وتوفير الخدمات وتحقيق الأزدهار وبناء دولة القانون ولكنه في الحقيقة هم يعملون لمصالحهم الأنانية وفرض السيطرة والهيمنه وإهمال متعمد لحاجات الشعب ولحق المواطنة وغياب القانون بسبب أن ديمقراطيتهم هي ديمقراطية المحصصة الطائفية – القومية وهي شكلية لا تحل الأزمات وإنما تتعايش معها وتحافظ عليها وتمارس التهميش والأقصاء ولا تضمن حقوق الأقليات وهي ديمقراطية منقوصة لأنها تعمل على أساس المحاصصة فهي ديمقراطية مشوهه وغير كاملة . أن دعاة المحاصصة الطائفية والقومية هم ديمقراطيون أمام وسائل الأعلام أما في الواقع فهم المحجبون المتحجرون أصحاب مصالح وسلطة وهم إستبداديون يوظفون الدين والمشاعر القومية لتمرير مشاريعهم إنهم يرتدون أقنعه ذات صلاحيات محدودة . وهم لا يدركون هذه الحقيقة وهي أن الطائفية السياسية لن تتمكن من الصمود أمام الأنتماء الوطني وأمام تنامي الوعي الديمقراطي والمتطرفون منهم ينتفخون في الظروف غير الطبيعية ويصورون أنفسهم هم عماد المجتمع وإنهم حصنه المتين الدائم ولكن في الحقيقه إنهم حصنٌ من القش سرعان ما تذرية الرياح عندما تفرض سلطة القانون وتمارس الديمقراطية الحقة ويكون الشعب فيها صاحب السلطة والقرار .

3- أن قوى اليسار والديمقراطية هي قوة تحديث إجتماعي على المستوى الوطني وهذه هي أحد عناصر قوة اليسار والديمقراطية فهي تياراً وطنياً ديمقراطياً يربط في نضاله ما بين الوطني والأجتماعي والديمقراطي ويتبنى مشروعاً وطنياً ديمقراطياً يدعم إستقلال الوطن وإنهاء الأحتلال ومناهضة الحروب والعدوان والعنصرية ويدعم حقوق القوميات ولدية توجهات في بناء الأقتصاد الوطني وتحقيق التنمية والحفاظ على البيئة ويدعوا للتوزيع العادل للثروات ومحاربة الفقر والبطالة وتحقيق الضمان الأجتماعي والصحي وضمان حقوق المرأة والطفل وضمان حقوق المواطنة وإستقلال القضاء وإقامة النظام الديمقراطي التعددي التداولي .من خلال تفعيل المؤسسات الديمقراطية وتطويرها والتي يكون تمثيل الشعب فيها حقيقياً بكل مكوناته الأثنية والدينية .

4- واليوم كل المعطيات تؤكد حاجة الشعب والوطن لتجميع القوى وتعبأة الطاقات من أجل بناء قطب يساري ديمقراطي قادر على تجاوز الأنقسام والتشتت وتوحيد القوى والطاقات لتفعيل النشاط والتحرك الميداني والمقصود ببناء القطب اليساري ليس بأندماج أطرافه بعضها بالآخر وإنما الحفاظ( على الأستقلال السياسي والفكري والتنظيمي لأطرافة) وإقامة حركة تنسيق واسعة على مستويات القاعدة والقيادة والأتفاق على برنامج الحد الأدنى وتكون حركة التنسيق هذه منفتحة على كل القوى والشخصيات ذات الأهداف الوطنية والديمقراطية وتأخذ طابعاً جماهيرياً. وتفتح آفاق جديدة أمام العراقيين بأرض الوطن وفي المهجر تمكنهم من لعب دورهم وتعمل على تلبية حاجة البلاد في الظرف الراهن إلى نقلة ديمقراطية في مضمونها السياسي والأقتصادي والأجتماعي . أن بناء القطب اليساري الديمقراطي يكتسي بأهمية إستثنائية في هذه الظروف الصعبة والمعقدة مع تداخل العوامل الخارجية التي تضعف الأستقرار الداخلي خاصة وأن الوطن سيشهد إنتخابات مجالس المحافظات وهي تمرين أولي للأنتخابات البرلمانية القادمة التي هي بحاجة إلى مبادرات وطنية ديمقراطية لأحداث نقلة نوعية في تجميع القوى وفي تغيير موازين القوى داخل المجتمع وفي إستنهاض المشروع الثقافي الوطني الكفيل بتنمية ثقافة وطنية تعتمد حرية التفكيروالأبداع ونشر المعرفة وتحرير الذهنيات من مختلف القيود وتساعد في سحق مشاريع قوى الظلام والتخلف وأن قوى اليسار والديمقراطية هي القادرة على قيادة حركة إجتماعية مطلبية تسعى لأيجاد حلول لمشاكل الشعب وتحقيق مصالح الفئات الأجتماعية المقهوره والمحرومة . إنها ستجمع حولها أوسع قطاعات الشعب لتشكل حركة نهوض تقوم على أساس تبني مطاليب متصاعدة من أجل تحسين شروط الحياة لكل المقهورين والمحرومين وفي نفس الوقت لا تهمل المطالب الوطنية والديمقراطية في صورتها الأكثر جذرية . فأن وحدة قوى اليسار والديمقراطية هي حاجة وطنية ملحة لتلعب دورها الفاعل والمؤثر في بناء الوطن الحروإنهاء الأحتلال والمساهمة في عملية التغيير الديمقراطي وإقامة الدولة المدنية الحديثه ونظامها الديمقراطي التعددي التداولي .


14-10-2008
 

¤ الجزء الأول
 

free web counter