| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

فلاح علي

 

 

 

الجمعة 10/10/ 2008



رؤية حول التوجه لبناء قطب يساري ديمقراطي فاعل ومبادر
ومؤثرفي عملية التغيير الديمقراطي في العراق
(1-2)

فلاح علي

في البدء لابد من التأكيد على حقيقة أن الهجوم الأعلامي الواسع الذي مارسته قوى ومنظمات ومؤسسات محلية ودولية عديده معادية للفكر الماركسي . وذلك بعد المتغيرات التي حصلت في العالم في عام 1991 نتيجة إنكسار التجربة الأشتراكية. ودعمت حملتها الشرسه والزائفه بحجج واهيه ومضلله وصور الهجوم الأعلامي هذا الأنكسار بزلزال سقوط الشيوعية وإنتهاء إزدهارها وتلاشئ إشعاعها وفشل التجربه الأشتراكية إلى الأبد. ومع هذا الهجوم الشرس ترافق معه صعود القوى الأصولية المتطرفة التي تحمل مشروعاً مناهضاً لتطلعات التحرر والأستنارة والتحديث والتنوير والحرية والتقدم كما إنها تشيع الأحباط واليأس والجهل والخوف والفقر ولكن الحقيقه أن الماركسية لم تندحر بقت متوهجه في تلك العتمه . وأن هدف الهجوم الأعلامي والآيدلوجي هو لأضعاف مواقع اليسار في العالم من خلال التأثير النفسي على معنويات وقتاعات مناضليه وعلى جماهيره . لكن الحقيقه بسبب التطورات الدولية تلك وحملات القمع المديدةعلى الصعد المحلية لقد حصل تراجع وإنحسار لقوى اليسار وإنسحاب بعض أعضائه وقياداته . وتوهم البعض من خرج من هذه الأحزاب بأن العولمة الرأسمالية حاملة لمشروع الديمقراطية والرفاة الأجتماعي وإنها طرف حاسم في الدفاع عن الديمقراطية . إن هذا الموقف الذي يحمل روح إنهزامية ناتج عن ضياع الرؤية الفكرية المبدئية والبعض الآخر تكيف مع القوى القومية المتطرفه والفكر الشمولي الأستبدادي وكلا الطرفان قد أبتعدى عن الماركسية وتحولا إلى مجاميع تحمل رؤيا عدمية وفاقدي المعرفة الدقيقة بالواقع وممارساتهم مضره باليسار. وهناك جمهره نظيفه من الأعضاء التي خرجت من ساحات النضال بقيت تحتفظ بتأريخها النظيف وتراقب ما يحدث من تطورات لتحسم وضغها لاحقاً وقد عاد الكثير منها وإستعاد شرف العضوية أماالجمهره الأوسع فواصلت النضال في تلك الظروف الصعبة والمنعطفات الحادة . ففي تلك الفترة المعتمة الدهماء كان لمعان الماركسية واضحاً رغم اليأس والتراجع الذي أصاب البعض بشكل مؤقت . واليوم وبعد 17 عام من التراجع والأنكسار تؤكد الوقائع أن العالم اليوم أحوج من أي وقت مضى للماركسية والماركسيين وللأشتركية . إرتباطاً بالأزمة الأقتصادية الدورية للرأسمالية المتوحشة ولأنتشار التوترات والحروب العسكرية والأمنية والسياسية في مناطق عديدة من العالم وإنعدام الأستقرار الدولي والتدخلات في شؤون الدول وإنتهاك مبدأ السيادة الوطنية للدول والتوسع والأحتلال والسيطرة على الثروات وإنتشار الفقر وإنعدام التنمية في البلدان النامية وتفجر الصراعات العرقية والأثنية والدينية في بلدان العالم الثالث وإتساع ظاهرة الهجرة وإنتشار الأمية والأمراض ......... إلخ كما أكدت التجربة فشل أحزاب الأسلام السياسي التي حكمت في عدد من البلدان من إقامة دولة العدل والقانون وأن هذه القوى المتطرفة لا تعطي للشعب والوطن سوى التخلف والأفقار والتجزأة والتفكك الطائفي والمحاصصة والهيمنة والتسلط والتهميش والأقصاء ومصادرة الحقوق ... إلخ , ورافق ذلك أيضاً فشل المشروع القومي .

لقد أكدت تجارب الشعوب أن قوى اليسار والديمقراطية هي ضرورة موضوعية وتأريحية لكل مجتمع تفرض نفسها لحاجة كل شعب للحرية والديمقراطية والعدالة الأجتماعية ودولة القانون .

وقبل التطرق إلى مبررات و ضرورات بناء قطب يساري ديمقراطي في العراق وتأكيد أهميته في الظرف الراهن لا بد أولاً من تثبيت بعض الملاحظات ومن وجهة نظر نقدية :

1- لا يوجد خطاب سياسي موحد لليسار العراقي . إضافة إلى ذلك هناك قوى وتجمعات يسارية يغلب على خطابها الجمود الفكري والسياسي والتشبث بترديد المقولات النظرية وهذا ما يعرضها للأنعزال عن الجماهير وتتحول إلى قوى هامشية في المجتمع والواقع يؤكد ذلك . لا بد من أن تقف هذه القوى وقفه جاده في إعادة النظر لقراءتها للواقع وتطوراته . ولا بد من التأكيد على حقيقة أن الحزب الشيوعي العراقي يمتاز بخطاب سياسي مرن منطلق من الواقع العراقي مستوعب للمتغيرات الداخلية والعربية والعالمية ويحمل الجديد في المتغيرات فهو خطاباً سياسياً واقعيأ عقلانياً ينطلق من الواقع وعلى معرفة دقيقة به ومتجدد وهذه هي سمة الماركسيون إنهم مع التجديد دائماً.

2- الخلل في ممارسة النقد وإختيار زمانه ومكانه المناسبين ولا بد من التأكيد أن النظرة النقدية التي تمتاز بها أحزاب اليسار كونها أحزاب ماركسية تساعدها في تشخيص الخلل وتمكنها من التطور ولكن ما يمكن تثبيته هنا أن بعض التجمعات اليسارية وبعض الأعزاء من الكتاب المحسوبين على اليساربين لا يجيدون ممارسة النقد , وما يؤكد ذلك بين الحين والآخر تظهر لهم تصريحات أو كتابات ليس لها علاقة بالنقد وإنما التهجم والأفتراءعلى الحزب الشيوعي العراقي ومحاولة تشويه سياسته و مواقفه الوطنية والأسائه إلى قياداته وتسعى للتدخل في شؤونه الداخلية وفرض آرائهم عليه متأثرين دون أن يعلموا بسلبيات العولمة. النقد شيئ والتشويه والأسائه شيئ آخر . ولابد من تأكيد حقيقة إنه لايوجد حزب عراقي يؤمن بالنقد كالحزب الشيوعي العراقي وأحياناً ينتقد نفسه قبل أن ينتقده الآخرون . لكن الأسائه والتشويه والتهجم هي مفاهيم غير سياسية . فكيف يسمح كاتب يساري لنفسه أن يمارس هذه المفاهيم ويبتعد عن ثقافة الحوار هذا أولاً وثانياً كيف يطالب الكاتب أو التجمع اليساري بوحدة قوى اليسار والديمقراطية وهو بنفس الوقت يسهم في الأسائه لقطب يساري له وزنه على الساحة العراقية وله تأريخ وطني مشهود له وثالثاً أن هذا الكاتب اليساري يسيئ إلى نفسه وإلى تأريخه وإلى مكانته وإلى صدق توجهاته دون أن يعلم وبنفس الوقت يضع نفسه بمستوى (كتاب العرايض) الذين يستلمون نقداً لكتابة العريضه أن كتاب العرايض توجهاتهم وأهدافهم معروفه وهم يكتبون بدون معرفه بالحزب الشيوعي العراقي مجرد على السمع والأشاعات كما أن بعضهم لم يكون في يوم ما مرشح أو عضو في صفوف الحزب . يبدوا أن البعض قد فقد الذاكره ونسى حقيقة لا يختلف عليها إثنان وهي إنه لا توجد قوة على الأرض قادرة على الأسائه لسياسة هذا الحزب وتأريحه ومواقفه الوطنية وتوهم نفسها من خلال كتاباتها إنها تستطيع أن تضع إسفين بين القاعدة الواسعه التي تسهم في رسم السياسة الحزبية والقيادة المنتخبة ديمقراطياً . فالمطلوب من القوى التي تحسب نفسها على اليسار وكتابها أن يمارسوا النقد بدل من التشويه والأسائه والنقد البناء يقرب من الحوار الفكري الهادئ.

3- أن وحدة اليسار أو بناء قطب يساري ديمقراطي . لايتم وفق رغبات وتمنيات وطروحات نظرية وإنما من خلال النشاط العملي الميداني الجماهيري , وأن تنسيق المواقف العملية يشجع على الحوارالذي تظهرفيه الرؤى المشتركة والخطوات الضرورية في التقارب ما بين أطراف قوى اليسار والديمقراطية والتي تعزز نضالهم المشترك وتقوي إلتحامهم مع الجماهير وبكل قضايا الشعب وهموم الوطن . فالتجربة العالمية تؤكد أنً تشكيل القطب اليساري الديمقراطي أو تحقيق وحدة اليسار والديمقراطية يكون ميدانياً وليس نظرياً. وأن حركة مدنيون التي تشكلت من الحزب الشيوعي العراقي والحركة الأشتراكية العربية والحزب الوطني الديمقراطي هي مثالاً حياً يعتز ويفتخر بها كل وطني صادق وكل يساري ناشط من أجل وحدة اليسارأن حركة مدنيون تشكل نواة لقطب يساري ديمقراطي وهي بتجربتها تجسد المسار السليم للتفاعل والتحرك المشترك في النشاط الميداني و يتجلى ذلك بأنهاتتهيئ الآن لأنتخابات مجالس المحافظات والبلديات بقوائم مشتركه في عدد من المحافظات وهذا العمل المشترك هو الخطوه الصائبه بأتجاه تعبأة الجماهير ورفع وعيها السياسي لتختار بشكل حر وديمقراطي من يمثلها وهي بنفس الوقت تسهم في تغيير موازين القوى في الوضع الجماهيري .

4- الأقرار بوجود إختلافات في الرأي وتنوع في الفكروالممارسه وهذه ظاهره ضروريه لابد من إحترامها والأتفاق على آلية ديمقراطية تخلق أرضيه للتعايش ما بين هذه القوى وتسساعد على وحدتها في إطار تنسيقي واحد وتقر بأهمية النقد .

5- الأتفاق على برنامج الحد الأدنى الذي يتضمن الترابط الديالكتيكي ما بين القضايا الوطنية والديمقراطية والأجتماعية .

6- اليسار الحقيقي الحامل للمشروع الوطني الديمقراطي هو القادر على تذليل الخلافات والسمو عليها من أجل القضايا الكبرى . رغم أن توحيد اليسار عملية صعبه لكنها غير مستحيله .

7- اليسار قبل غيره يعي الواقع وحاجاته من هذا تقع مسؤليه وطنيه على أطراف قوى اليسار والديمقراطية بتشخيص مواقع الضعف وتبني مبادرات تساعد في الألتحام مع الجماهير والسعي لبناء جسور الثقه وتواصل الحوار والأبتعاد عن كل ماهو ضار ومفرق لقوى اليسار والديمقراطية .

8- هناك حقيقه قد لا يلمسها البعض هو أن اليسار العراقي في نهوض وما يمكن تأشيره أن اليسار قد تجاوز إنحسارة بسبب إرهاب الدكتاتورية وقمعها وما يمكن ملاحظته هنا أن الحزب الشيوعي العراقي كقوة يساريه متميزه قد إستعاد العديد من مواقعه التي فقدها أبان النظام الدكتاتوري المقبور على سبيل المثال في الحقل الثقافي وفي صفوف العمال والشباب وله حضور ملموس لدى بعض فئات المجتمع في المدن والأرياف والحاجه لتعبأة كل الطاقات لأستعادة مواقع اليسار في الجامعات وفي صفوف النساء والكادحين .

9- ورغم أن مناضلي الحزب الشيوعي العراقي يشعرون بعدم الرضا على ما تحقق لحد الآن ولكن هذه هي سمة مناضلي اليسارالحقيقي العراقي فأنه بالوعي يحول عدم الرضا إلى عمل ملموس ونتاج متواصل وتطور تنظيمي ونشاط جماهيري وسياسي ويثبت ذلك في إلتزامات برنامجية على مستوى كافة هيئات الحزب في الوطن وفي الخارج .

10- ما يميز اليسار العراقي إصالته وتبنيه لمصالح الشعب والوطن ووضعها فوق أي إعتبار لهذا ليس غريباً على اليسار العراقي في أن يضع سياسته وتوجهاته وتاكتيكاته ويطورها على ضوء المتغيرات التي يوظفها لصالح الشعب والوطن وإسمحوا لي أن أذكر الحزب الشيوعي العراقي مثالآ لقدرته على التجديد وإستشراق المستقبل في أعقد الظروف . ففي فترة المتغيرات الدولية في بداية التسعينات من القرن الماضي وفي تلك الأجواء الملبدة والغامضه والعاصفه لقد تميز الحزب الشيوعي العراقي بالثبات الفكري والسياسي وكان مفخره لكل قوى اليسار الماركسي في المنطقه وفي العالم . ففي أجواء الأنكسار تلك وتحديداً في عام 1993 عقد الحزب مؤتمره الوطني الخامس وتبنى نهجاً جديداً يعتبر تجديداً للفكر الماركسي وسمية ( بنهج الديمقراطية والتجديد في الفكر والسياسة والتنظيم ) والحزب الآن أحد القوى الرئيسيه في البلاد . وأن البعض ينظر إلى الحزب الشيوعي أن له مقعدين في البرلمان فأنه حزباً صغيراً وغير جماهيري . ولكن الحقيقه هي عكس ذلك إنه متميز بأمتلاك مقومات القوة وذلك أن بنائه التنظيمي قائم على قواعد ومبادئ وعناصر ديمقراطية و يرتكز على هيكلية الخلايا والهيئات التي تشكل المنظمات الحزبية المنتشره في المدن والأرياف . وأن أعضاء منظماته تعيش في أعمق أعماق الجماهير وتناضل معها من أجل تحقيق مطاليبها وتلبية قضاياها وحاجاتها الأقتصادية والأجتماعية فهو حزباً جماهيرياً وفي الظروف غير الطبيعيه التي مر بها البلد به الأحتلال والتي رافقت العملية الأنتخابية وفي ظل عوامل عديدة داخلية وخارجية ساهمت في التأثير على الناخب وتؤكد تجارب الشعوب إنه في ظل هكذا ظروف وتعقيدات وتدخلات وفي ظل غياب الوعي يضطر الناخب الكادح والفقير والمضطهد أن يصوت لمن لا يمثله أو لمستغله أو لمرتشي أو لجاهل مدعوم مالياً . فجماهيرية كل حزب أو كتله تتغير بتغير الظروف وطالما أن اليسار هو يحمل مشروع المستقبل فأنه القادر على تعبأة الجماهير في برنامجه الوطني الديمقراطي لتحقيق طموحاتها وتطلعاتها.


يتبع


4-10-2008
 


 

free web counter