|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأحد 11/11/ 2012                                فلاح علي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

العلاقات الدولية والاستراتيجيات لها مقاصد ولا تقبل
الجزئيات والثانويات في الرؤى والتوجهات
(1)

فلاح علي

العلاقات الدولية علم له علاقة وترابط وتداخل مع علوم عدة كالقانون الدولي والتاريخ هنا المقصود تاريخ الشعوب السياسي وتاريخ الدول الدبلوماسي ولها علاقة بعلم السياسة وعلم الاجتماع ومع الجغرافية .... الخ , لهذا فان العلاقات الدولية تخضع الى مبادئ متفق عليها في الميثاق الدولي للامم المتحدة ,لاالى الرغبلت او التمنيات والتكهنات والافتراضات الغير محسوبة ولا الى الجزئيات والثانويات , انها تعبر عن امن ومصالح دول ومستقبل شعوب العالم . في ظل غياب مبدأ التوازن الدولي بعد سقوط الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية , ساد استخدام القوة العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية في العلاقات الدولية من طرف القطب الاوحد . حيث لم يظهر في تاريخ البشرية نظاماً عالمياً قائماً على حكم القطب الواحد سوى في مرحلتين المرحلة الاولى ايام سيطرت فيها الامبراطورية الرومانية على العالم وحكمته بالقوة قبل عدة قرون , والمرحلة الثانية هي بعد سقوط الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية , ففسح المجال امام امريكا وسياستها النيوليبرالية للتحرك على المستوى الكوني , فاسقطت امامها جميع الحواجز والموانع , وفتحت الحدود امام قاطراتها العملاقة الشركات الراسمالية العابرة للقارات حامله معها السلع ورؤوس الاموال والتكنولوجيا وحتى الافكار لللعمل على اقامة سلطتها المطلقة الكونية , وفتحت جميع الاجواء الجوية والبحرية والبرية امام قوات المارينز ومعداتهم وطائراتهم وغواصاتهم مع اسلحتهم المتطورة وأقاموا قواعدهم العسكرية في الاماكن التي يختارونها وانتهكوا السيادات الوطنية لعدد من الدول واحتلوا بعضها, وبسطت امريكا هيمنتها على العالم ,وبدأت تصدر القرارات وتنفذها باسم الشرعية الدولية كما حصل في يوغسلافيا واستقلال كوسوفا وفي الصومال واحتلال العراق في عام 2003 بدون استصدار قرار ثاني من مجلس الامن , رغم معارضة فرنسا والمانيا وروسيا , وبهذا فانها أسرت مجلس الامن آنذاك وتعاملت مع الميثاق الدولي بما يخدم توجهاتها ومصالحها , وبدأت تحكم العالم وفق معاييرها وقد كتب كثير من المراقبين والمحللين الاستراتيجيين عن مفهوم سياسي جديد له علاقة بالعلاقات الدولية تم تداولة آنذاك وهو (امركة العالم ) من خلال ظاهرة العولمة الامريكية وتم هذا بعد انهاء التوازن الدولي بسقوط الاتحاد السوفياتي في عام 1991 , من هنا تكمن اهمية اعادة التوازن الدولي في العلاقات الدولية لضمان الامن والاستقرار في العالم واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية .

دمقرطة العلاقات الدولية :

العلاقات الدولية وميثاق الامم المتحدة بحاجة الى دمقرطة واصلاح , لأن العالم متنوع الثقافات والحضارات والنظم السياسية والامكانيات والقدرات .... الخ والعالم يتكون من عدد من الدول تجاوز ال 150 دولة وكل دولة حرة مستقلة في رسم سياساتها واختيار نظامها السياسي وتنمية ثرواتها مع تنوع ثقافاتها وتنوع قوميات واديان شعبها , من هذا باتت شعوب وبلدان العالم لا تقبل وحدانية وتفرد الطرف الامريكي في فرض ارادته بالقوة والتدخل في شؤون البلدان . ان نظام التعددية القطبية الذي تتعاون عدد من الدول من اجل اقامته كبديل هو القادر على اعادة التوازن في العلاقات الدولية ومنع هذه القوة الوحيدة من فرض ارادتها على بلدان العالم , وهو القادر على اصلاح ميثاق الامم المتحدة , بما يضمن عدم استخدام القوة في العلاقات الدولية , واحترام سيادة واستقلال البلدان وعدم التدخل في شؤونها وحق الشعوب في الحصول على استقلالها والتكافئ فيما بين الدول وعدم التمييز بين البلدان الفقيرة والبلدان الغنية ومساعدة البلدان الفقيرة على اقامة التنمية المستدامة وانهاء الفقر والتخلف .... الخ , اي ان شعوب العالم ومستقبلها بحاجة الى دمقرطة العلاقات الدولية .هناك من وجهة نظري ستة اقطاب دولية صاعدة لها دور مؤثر في السياسة الدولية وستعيد مبدأ التوازن الدولي في العلاقات الدولية : اضافة الى امريكا , الاتحاد الاوربي , وروسيا لاسيما انها دولة نووية قادرة على اعادة التكافئ في العلاقة مع امريكا واقامة التوازن الدولي من جديد الى كوكبنا , والصين, واليابان كقوة اقتصادية صاعدة , والهند .

ملاحظة: لقد نشرت في موقع الناس وعدد من المواقع (13) حلقة عن الدور الروسي الجديد في العلاقات الدولية , واشرت ان روسيا الآن هي قطباً دولياً ستسهم مع بقية الاقطاب الى اعادة التوازن في العلاقات الدولية لهذا لا تتحمل هذه المقالة الحديث ثانية عن الدور الروسي الجديد . وبهذا الخصوص لا بد من تثبيت الملاحظات التالية .

ملاحظات على تعقيب :

1- كتب السيد سنان احمد حقي في موقع الناس بتاريخ 5-11-2012 تعقيب رداً على ملاحظاتي على تعقيبه حول مقال كتبته ونشر في موقع الناس وعدد من المواقع يحمل عنوان (التواجد العسكري الروسي في البحر المتوسط) يقول السيد سنان احمد حقي في نقده لعنوان المقال اظن من الصواب ان نقول الوجود لأن التواجد لا اصل له في اللغة وحتى لو ارجعناها اي التواجد الى الوجد فانه الهوى والحب وهذا بعيد جداً عن الغاية.

ان السيد سنان احمد حقي في تعقيبة هذا ادخل نفسه في الجزئيات والثانويات وابتعد عن جوهر الموضوع , لان اولويات الكتابة والبحث والاستنتاج ورسم الرؤى المستقبلية الاستراتيجية تقام على اساس معطيات وليس جزئيات وثانويات وما تؤكده جميع العلوم الاجتماعية انها اي الجزئيات والثانويات والافتراضات الغير منطقية لا توصل الى النتائج المطلوبة . ومع هذا سأدخل معه في الجزئيات في هذه النقطة بالذات اولاً ان السيد سنان احمد حقي قد تناسا ان اللغة العربية هي من اللغات الغنية في العالم وكثير من المصطلحات والكلمات فيها لها اكثر من معنى واكثر من دلالة تعبيرية . من هذا فان التواجد له دلالتين الوجود و الحضور, وهنا كلمة التواجد مفهوم يستخدم في السياسة اكثر من مفهوم الحضور او الوجود , وعلى سبيل المثال كتبت كبريات الصحف العربية في اوائل التسعينات مقالات تحمل عنوان ( التواجد العسكري الامريكي في منطقة الخليج ) قبل واثناء حرب الخليج الثانية , واشارت الى التواجد العسكري عدد من وكالات الانباء ومحطات التلفزة , كما انه من حضر المحاكم العراقية سمع السؤال الاساسي من كل قاضي كان يوجهه للشاهد وهو : هل كنت متواجداَفي المكان لحظة وقوع (حصول) الجريمة ؟ هذا يؤكد ان كلمة التواجد هي صحيحة ولها معنيان الحضور والوجود ولاتعني الوجد في المقالة كما اشار السيد سنان احمد حقي , لان كلمة الوجد من وجدان – الوجدانية التي لها علاقة بالمشاعر , وفي مقالتي لم اقصد المشاعر بقدر ما قصدته السياسة والعلاقات الدولية والتوازن الدولي فالتواجد العسكري مفهوم صحيح . كما ان كلمة الوجود التي اقترحها السيد سنان احمد حقي بدلاً من التواجد ايضاً لها معنيان الاول الحضور والثاني يشير الى الكينونة او الكون , لهذا يقال : فلسفة الوجود – او الفلسفية الوجودية . وهذا دليل يؤكد للسيد سنان احمد حقي ان مصطلحة الوجود بدلاً من التواجد هو خاطئ ولا يؤشر الى المعنى او المدلول المقصود للمصطلح .

2- يذكرالسيد سنان احمد حقي في تعقيبه حول الاسباب التاريخية التي اشرت لها في مقالتي : يقول الانكفاء على الاصول التاريخية لا يساعد كثيراَ على توفير مبررات سياسية ودبلوماسية .. الخ . هنا يكون رايه صحيح اذا أخذنا الاسباب التاريخية لوحدها , ولكن لقد وضحت هذه النقطة في مقالتي حول التواجد الروسي في المتوسط وكررتها في التعقيب واعيدها الآن ارجوا ان ياخذها بالحسبان السيد سنان احمد حقي وهي : توجد علاقة بين السياسة والتاريخ وايضاَ توجد علاقة وترابط بين علم العلاقات الدولية والتاريخ . الدول والشعوب والاحزاب والمنظمات تاخذ التجارب من تاريخها السياسي والدبلوماسي والنضالي , لكي تستفاد منها لتتجنب الاخطاء ونقاط الضعف التي وقعت فيها وادت بها للهزيمة في مرحلة تاريخية سابقة , بلا خوض في الشرح والتفاصيل هنا المقصود بالاسباب التاريخية في مقالتي حول التواجد الروسي في البحر المتوسط , هي الاسباب التاريخية التي وقع فيها الاتحاد السوفياتي في ظل حصار بحري واقتصادي وتجاري خلال مرحلة الحرب الباردة وما قبلها ادت الى عزلته, لهذا استفادت روسيا من هذا السبب التاريخي عندما تبنت سياستها الخارجية الجديدة لتلعب دوراَ مؤثراَ في محيطها الاقليمي والدولي .

3- يذكر السيد سنان احمد حقي في مقالته (اهم شيئ برأيي ان روسيا اليوم ليست الوريث الشرعي الحقيقي للاتحاد السوفياتي السابق ........ الخ ويختتم هذه النقطة بعبارة ولكن الوضع الآن تغير تماماَ اذ لا مصلحة لقوى التقدم والاشتراكية والتغيير الاجتماعي والاقتصادي بمدى توسع نفوذ روسيا او اضمحلاله) ان الاجابة على هذه النقطة لا تحتاج الى جهد فكري , بأمكان اي انسان ان يميز بين الاتحاد السوفياتي كنظام سياسي اجتماعي آيدلوجي - اقتصادي - اشتراكي وبين روسيا اليوم ونظامها السياسي والاجتماعي فهي تسير باتجاه الراسمالية وهي دورها يحتلف عن دور الاتحاد السوفياتي ولكن ليس بالدولة الكولنيالية كما اشار السيد سنان احمد حقي . ولكن الحقيقة التي يعرفها كل متابع سياسي للعلاقات الدولية والسياسات الخارجية واحداثهما يدرك تماماَ انه بعد تفكك الأتحاد السوفياتي وانهيار التجربة الأشتراكية ظهرت روسيا بوصفها الوريث الشرعي له من الناحية القانونية حيث احتلت موقع الاتحاد السوفياتي في مجلس الامن , وذلك لأنها كبرى الجمهوريات المستقلة من حيث المساحة والسكان والناتج القومي والقوة العسكرية . ففي اجتماع للدول المستقلة عن الاتحاد السوفياتي والتي سميت بدول الكومنولث حيث اتخذ شكله الجديد ((في إجتماع عقد في الماآتا عاصمة كازاخستان يوم 21 كانون الأول 1991 ليضم كل جمهوريات الأتحاد السوفياتي عدا دول البلطيق الثلاث وانضمت كل من أذربيجان ومولدافيا وأرمينيا وجورجيا فيما بعد)) (1) وإتفقوا على قضايا أخرى منها ((إعطاء روسيا مقعد الأتحاد السوفياتي السابق في مجلس الأمن وأن يتحكم رئيس روسيا في شفرة إطلاق الأسلحة النووية بعد موافقة الدول النووية كازاخستان وبيلاروسيا وأوكرانيا وبعد التشاور مع باقي أعضاء الرابطة))(2).

القوة العسكرية :

أن روسيا كما هو معروف تمتلك قدرات عسكرية كبيرة , فأنها قد ورثت الأتحاد السوفياتي والذي كان يحتل القطب الثاني مع الولايات المتحدة الامريكية , والذي كان يملك ترسانة عسكرية ونووية ضخمة ((فقد ورثت ما يقارب 90% من القوات الأستراتيجية النووية و85% من قوات الدفاع الجوي الأستراتيجي و58% من قوات الأسلحة التكنيكية النووية و85% من القوات البحرية و58% من القوات البرية وسيطرت القيادة العليا الروسية على 12200 رأس نووي استراتيجي , منها ما هو موجود في أوكرانيا وكازاخستان وبيلاروسيا , كما سيطرت على 79% من الصواريخ العابرة للقارات و100% من الغواصات النووية))(3) .

هذه وقائع تأريخية لا يمكن لاي باحث حيادي ان يغض الطرف عنها او يلغيها بمقالة . وفي قول السيد سنان احمد حقي (ولكن الوضع الآن تغير تماماَ اذ لا مصلحة لقوى التقدم والاشتراكية والتغيير الاجتماعي والاقتصادي بمدى توسع نفوذ روسيا او اضمحلاله) مصلحة قوى القدم والاشتراكية والقوى الديمقراطية واليسارية وقوى التغيير الاجتماعي والاقتصادي وكل شعوب العالم لا يأتي من خلال توسع النفوذ لهذه الدولة ام تلك , لكن مصلحة هذه القوى تكمن في انهاء نظام القطب الواحد واقامة نظام متنوع متعدد الاقطاب ليضع حداَ للتوسع والهيمنة الامريكية وايجاد نظام اقتصادي عادل بعيداَ عن العولمة الامريكية المتوحشة التي في ظلها تم عولمة الفقر والجوع والجهل والامية والتهميش الاجتماعي في البلدان النامية .

هنا يوجه سؤال للسيد سنان احمد حقي هل تعتقد ان الهيمنة والتوسع الامريكي الذي حصل في العالم منذ عام 1990 والى الآن هو لصالح شعوب العالم وبالذات البلدان النامية ومنها شعوب الشرق والعالم الاسلامي والشعوب العربية ؟

 

11-11-2012

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter