|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس  18  / 8 / 2016                                 ذياب مهدي آل غلاّم                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

دربونة المدللون ... دربونه لفئة ممتازة لا والحظ ...!؟

ذياب مهدي آل غلآم
(موقع الناس)

مخطوط كتاب ( درابين وعكود الاطراف الاربعة ، النجف 1916 / 2016 )

حينما زرت العراق وهي زيارتي الأولى بعد عقود من سنوات العذاب والغربه والعشق للعراق في المهاجر، في آذار 2013 ، تمتعت بحفاوات كثيرة وكبيرة من اهلي ورفاقي واصدقائي وكل معارفي رغم التقصير مني لعدم اكمال لقائاتي معهم جميعا لمشاغل العائلة واستحقاقات المواطنة ( كلها بالريش !؟ ) المهم ، كوني ليس من أهل ( الدمج !! ) ومن ضمن زياراتي ذهبت الى اعزاء من اصحابي في كربلاء . وحينما دخلت للحضرة الأمام الحسين "ع" وعند الباب ، اعترضني رجل كهل يكابد عرجته وبدأ عليه تعب المشيب وضيم السنين العجاف ، التي يمر بها العراق ما بعد السقوط لنظام البعثفاشستي وطاغيته ...

انها ليلة الجمعة والزائرين متلازمة من الباب للمحرب كما يقولها أهل المثل . طابور طويل ننتظر دورنا في التفتيش الروتيني للوافدين على زيارة ضريح الحسين . إلتفت لي شايب الخير وفي وجهه لاح اثر الغضب والانزعاج : ألا تنظر سيدنا إلى هؤلاء الشبان الساده والشيوخ . أنهم جاءوا بسياراتهم الخاصة والفارهة إلى باب الصحن ودخلوا إلى الضريح من باب خلفي بدون تفتيش فمن هؤلاء يا سيدنا ؟؟ قلت له : إن هؤلاء تابعون للمرجعيات المباركة ! أولادهم وأحفادهم وأسباطهم ومن حولهم ..

قال : سيدنا هل هؤلاء من فئات الشعب الممتازين ؟ ما دواعي وأسباب تفضلهم على الناس ؟ ألا تنظر إلى الزوار وفيهم عجزة ومرضى وكبار بالسن ومعوقون وهم يسلكون كيلومتر مشياً على الأقدام لزيارة الحسين ويمرون بطوابير التفتيش ويشاهدون في نفس الوقت شبابا مدللين يأتون بسياراتهم الخاصة ولديهم بطاقات دخول ( باجات ) يجتازون الحواجز ويتحدّون مشاعر الناس المتعبة وكأنهم يتباهون ويتفاخرون ، فمن الذي يعطيهم هذه الامتيازات وما هي كفاءاتهم ومؤهلاتهم وما هي خدمتهم للمجتمع وللعراق الوطن ؟؟؟ شلون اطلابه يالحسين ؟ زيارتي المسموح بها 6 اسابيع وهذا الرجل الملجوم والمهضوم يتقد غلياناً وعلى ما يبدو يملك وعياً ثقافياً هكذا خمنته وانا على مضض .. فلقد اوصل لي هذا الرجل مختصراً التعبير عما في نفسه من آلم وأسف لهذا التبعيض واستغلال العناوين واحتكار المحسوبيات والمنسوبيات !! لقد صبرّته وهدأته وقلت له بالحرف الواحد : إن هؤلاء لا هم أطباء ولا هم ذوو كفاءات وليست لهم أي خدمة للمجتمع والوطن إن هؤلاء يعيشون عقدة في نفوسهم بأنهم ( شعب الله المختار ) ثم قلت لهذا الرجل المسكين الذي بدأ مذهولاً من كلامي .

قلت له : إن هؤلاء ليسوا الآن فقط وإنما هم هكذا في كل زمن ومع أي كيان .. لقد كانوا أيام طاغية العراق صدام متلائمين معه ويعيشون هذه الامتيازات وهؤلاء ينطبق عليهم المثل العراقي المعروف ( من أين ما تميل تغرف ) فمع نظام البعثفاشستي وصدام ومع نظام الشاه في إيران ومع النظام الجديد في العراق ومع النظام في إيران بولاية الفقيه الخمينية وأنهم على هذه القاعدة ( يا هو أخذ أمي صار عمي ) ويلتمسون لذلك الأعذار الشرعية .. إن هؤلاء يعيشون هاجساً وهو أن الله نص على أحقيتهم في الحياة المترفة والمرهفة دون سائر الناس لذلك يا عم أقول لك بصراحة أن الطفل من هؤلاء يكبر ويتزوج ويشيخ وهو لا يعلم كم سعر المواد الغذائية طالما أن الأخماس بمتناول أيديهم بلا حدود !!؟ والشاعر يقول :

ومن أخذ البلاد بغير حرب ٍ *** يهون عليه تسليم البلاد

لقد مر الشعب العراقي والإيراني بحرب ضروس ولم يبق بيت في البلدين إلا وفيه نوائح على ضحايا وعاش شعب العراق حالة فزع وإرعاب . في حين لم يدرك هؤلاء ما يدور في البيوت من أنين الثكالى والأمهات المفجوعة . واليوم تراهم منذ سقوط الطاغية وهم في كل سنة يذهبون للحج بلا قرعة ولا دور ولا استحقاق سوى أنهم ينتسبون لهذا المرجع أو ذاك ويسطون على حقوق الآخرين .

فكم من أم ٍ لشهداء وكم أبٍ لشهداء وكم من أرملة شهيد مجاهد ومناضل وكم من مشرد ٍ وسجين لعقود ، فكل هؤلاء يحرمون من الحج بحجة القرعة والدور وغير ذلك والسبب هو تجاوزات هؤلاء الفتية الممتازة . لذا قلت ُ لهذا شايب الخير والقهر الزائر المذهول يا عم فتش بنفسك ودقق في الأمور فإن وجدتني صادقاً فأذكرني بالخير وإذا الأمر بالعكس فالعني لعناً وبيلاً . وأخيراً أذكر ما جاء في المروي عن رسول الله "ص" ( صنفان من أمتي إذا صلحا صلح الناس ، العلماء والأمراء ؟؟؟ ) واستغفر لكم ولي .

ملاحظة ؛ اعتمد في مدونتي هذه ، على ذاكرتي وما عاصرته خلال خمسة عقود من السنين ، وعلى المصادر الشفويه و مقالات منشورة على النت ... وكذلك بعض وثائق خاصة مثلا كتب السيد محمد حسن الكشميري وغيره من مدوني الذاكرة النجفية ...

وارجو لمن يملك بعض من هكذا تاريخ مسكوت عنه ان يسعفنا به من اجل توثيقه ومن بعد ذلك نستعد لطبع كتابنا هذا ولكم الشكر والتقدير سلفا .
 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter